مرافعة (الدفاع) أولاش بارداكجي

0 44
image_pdf

إن هذه المرافعة (الدفاع) لعام 1971 عن رسيح أولاش بارداكجي، المكتوبة في محاكم الأحكام العرفية للطغمة الفاشية في 12 مارس/آذار، تعتمد على نظرية الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية، والتي كانت أطروحة الفترة الأولى قبل تحديد إعلان THKP-C (حزب تحرير شعي ترركيا-الجبهة) عن استراتيجية الثورة (الثورة المتواصلة II-III)، في بيان ماهير چايان، على النحو التالي: “بما أن الرأسمالية الاحتكارية في بلادنا لم تتطور مع ديناميكياتها الداخلية والبرجوازية الاحتكارية المحلية قد ولدت مندمجة مع الإمبريالية منذ البداية، فهدفنا الاستراتيجي هو ثورة معادية-للإمبريالية ومعادية-للأوليغارشية”.

مرافعة (الدفاع) أولاش بارداكجي

أيها السيد القاضي، أود أن أجيب على السؤال الذي لم أجب عليه في الجلسة السابقة إن كنت أثق بهيئة المحكمة أم لا. لا أعرف أحداً من الأعضاء الذين هم ضمن هيئة المحكمة. لهذا السبب ليس هناك موضوع ثقة أو عدمها. لكن الحقيقة هي: محكمتكم غير مؤهلة لتصبح محكمة مستقلة. وفقاً لهذا الوضع، يتوجب عليكم الاستقالة. أما بالنسبة لهويتي التي لم أجب عنها، فأنا اسمي أولاش بارداكجي. لقد ولدت عام 1947. أنا مقاتل في THKP (حزب تحرير شعب تركيا) وTHKC (جبهة تحرير شعب تركيا).

لقد قرأت مذَكّرة الادعاء؛ حيث بدأت المقدمة من حرب الاستقلال والدستور حتى الأحداث الشبابية، وتم أخذ أجزاء من مقالاتنا في وسائل الإعلام وما قمنا به من عمليات. ونتيجةً لهذه العمليات، تطالب بمعاقبتنا بسبب انتهاك الدستور.

أود أن أتطرق إلى بعض القضايا للتعبير عن آرائي بشأن مذَكّرة الادعاء.

إن جوهر مذَكّرة الادعاء التي قرأتها يهدف إلى إثبات أن العمليات التي قمنا بها كانت عمليات تهدف إلى ديكتاتورية البروليتاريا. ومن أجل تعزير هذا الادعاء، قدّم المدعي العام اقتباسات نظرية غير مكتملة من الكتب الماركسية الكلاسيكية ومنفصلة عن مقالاتنا، معتمدةً على مقالات غير عائدة لنا، وأُعِدَّت مذَكّرة الادعاء هذه وكأنها حاشية. ما يريد فعله هو إثبات أن الهدف الاستراتيجي لأولئك الذين يناضلون من أجل الاستقلال والديمقراطية هو دكتاتورية البروليتاريا وتحقيق نصر رخيص. اختار المدّعي العام الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية أساساً لمذَكّرة ادّعائه وخلطَ الأمور، لأنه كان يروّض خيله في منطقة لا يعرفها جيداً. وبما أنه كان يتصرف بفكر ميكانيكي، فقد اعتقد أنه يستطيع أن يثني هذه الوظيفة عن طريق أخذ جمل من تلك المقالة وهذه المقالة وزيادة الإضافات واحدة تلو الأخرى. لكنك كنت مخطئاً في هذا أيها السيد المدعي العام.

لا يمكنكم تفسير الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية بتسلسل جمل مأخوذة من هنا وهناك. لا يمكنكم أن تتهموننا باختيار دكتاتورية البروليتاريا كهدف استراتيجي دون أن تعرفوا ما هي الثورة المتواصلة. أنتم لا تعلمون هذا؛ يختار الثوري أسلوب الإنتاج على مستوى أعلى من نمط الإنتاج الذي تعيش فيه البلاد، كهدف استراتيجي. إن نمط الإنتاج أمام تركيا في الوقت الراهن ليس نمط الإنتاج الجماعي لديكتاتورية البروليتاريا، بل هو نمط إنتاج تقوم فيه الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية بتطهير جميع العناصر الأجنبية والاحتكارات والتروستات التي تحتل البلاد والطبقات والشرائح الطفيلية التي تمنع تطور الإنتاج والقوى المنتجة. يختار نمط إنتاج في مستوى أعلى من نمط الإنتاج الذي تعيش فيه البلاد، كهدف استراتيجي. بالإضافة إلى ذلك؛ إن الدولة في الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية ليست دولة دكتاتورية البروليتاريا للطبقة العاملة، بل هي دولة تشمل جميع الطبقات والشرائح القومية من الشعب. لا يوجد هنا مكان قَطْ، لحفنة من الأوليغارشية المالية للإمبريالية والمرابين-التجار الذين ظلوا حليفاً لها منذ زمن طويل.

شيء آخر لا تعرفونه أو لا يناسبكم هو؛ أن الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية هي نهاية حرب الاستقلال والديمقراطية التي نعيشها حالياً، عندما نقول بأن استراتيجيتنا هو استراتيجية الثورة القومية (الوطنية) الديمقراطية، ما نعنيه هو حرب الاستقلال والديمقراطية.

لقد أعلنّا استراتيجيتنا بوضوح في كل من مقالاتنا وخطاباتنا. لقد أنهينا كل بيان من بياناتنا بعبارة “تركيا الديمقراطية المستقلة بشكل تام”. لقد كان سبب مناقشاتنا دائماً هو المبادئ الأساسية لحرب الاستقلال. كان أساس منشوراتنا هو تكتيكات حرب الاستقلال. وقد تناولت جميع دراساتنا النظرية هذا الموضوع. وهذا ما شكل أساس انفصالنا عن غيرنا من الثوار.

لكن لم يسمعنا أحد نناقش دكتاتورية البروليتاريا. لم يرنا أحد قط ونحن نكتب تكتيكات دكتاتورية البروليتاريا. لم يقرأ أحد ما كتبناه بأن “استراتيجيتنا هي دكتاتورية البروليتاريا”.

لقد كتبنا كل شيء بوضوح. لقد أعلنّا أننا نشهر السلاح ضد الإمبريالية والأوليغارشية المحلية. لقد أعلنّا أننا نناضل من أجل تركيا المستقلة والديمقراطية الحقيقية. يعلم الجميع، صديقاً كان أم عدواً، بأننا قمنا بحماية دستور 1961 ضد الرجعيين. وسُفِكت الدماء الثورية من أجل تطبيق الدستور. قدمنا ​​شهداء. لماذا يتم تقليم دستور 1961؟ لماذا يعد تغيير الدستور أول “إصلاح” لأريم؟ لماذا أصبح الدستور “ترفاً” لتركيا؟

سببه واضح. يُعتبر دستور عام 1961 الأساس القانوني لحربنا من أجل الاستقلال والديمقراطية. هذا هو السبب.

دعونا نأتي إلى الأتاتوركية التي يتحدث عنها المدعي العام دائماً.

الإمبريالية هي التي تتهم الثوار الذين حملوا السلاح ضد الإمبريالية، وليس الشعب التركي المضطهد. نحن متهمون هنا ليس من قبل الشعب التركي، بل من قبل مقام الادعاء الذي هو الدرك الإمبريالية.

وكم هو محزن أن الدرك، المدعي العام، يتفوهون بـ اسم مصطفى كمال الذي حمل السلاح ضد الإمبريالية.

كم هو محزن أن مصطفى كمال الذي سلط الضوء على الأمم المضطهدة، يصبح راية للمستعمرة. كيف يحدث هذا؟

وليتعلم الجميع هذا: إن الإمبريالية وحكامها يجعلون من ثوار العصر العظماء قدّيسين وأولياء، ويبطلون الجوانب الثورية في عقائدهم، ويظهرون جوانبهم الثابتة والمحافظة، ويعلنون عن جوانبهم المقبولة لديهم. يولولون وينوحون خلفهم ويتم بث البرامج على الراديو. ولم يعد الفقيد ثورياً بل قدّيساً ووليّاّ. يتم تقديم الثوريين الذين تم التخلص منهم بهذا الشكل، إلى الشعب في كل فرصة. فهو لم يعد منقذ الشعب، بل واجهة الطبقات الحاكمة.

هذا بالضبط ما حدث لمصطفى كمال. رحل زعيم ثورة الأناضول، وحل محله عملاق أزرق العينين. لم يعد ثورياً يناضل من أجل تركيا مستقلة، بل خياط عظيم يغير القبعات والسترات والسراويل.

لعقود من الزمن، قرأتها أجهزة الراديو، وأجبر الأطفال على حفظها، وتم سرد قصص “والدة وطن دورسون”.

يجب الانتباه للمدعي العام. سيُرى إلى أية حالة أوصل إليها أتاتورك وروح النضال القومي. وأقتبس أدناه فقرة واحدة فقط من الأمثلة العديدة التي سترد في مذَكّرة الادّعاء. “إن روح النضال القومي (يدّعي المتهمون أنهم يشنون حرب تحرير ثانية من خلال استثمارها) تعني أن الأمة بأكملها ستتكاتف في الجهود المبذولة لإنقاذ الوطن وتحمل جميع أنواع التضحيات عن طيب خاطر”. ولكن؛ كما سأشرح بعد قليل في تحليل حرب التحرير القومي الأولى، لم يتم تحرير الوطن بوحدة الأمة بأكملها.

تم الإعلان على أن البعض منهم خَوَنة وحكم عليهم بالإعدام. إن الحديث عن تعاون الأمة بأكملها يكشف عن الجهل أو الخيانة أو على الأقل نوايا خفية. ليس لدينا ما نقوله للمدعي العام عن أتاتورك غير ذلك.

قبل الانتقال إلى ما حدث بعد عام 1960، إذا لخصنا البنية الطبقية لتركيا منذ حرب التحرير، فسوف نوضح المسألة أكثر.

من أجل فهم سبب أحداث اليوم والتمكن من التحقيق فيها، من الضروري مراجعة ما حدث منذ حرب التحرير.

كان هذا هو المشهد الذي رأيناه في تركيا مع الحرب العالمية الإمبريالية الأولى. فمن ناحية؛ يخضع القصر وما حوله لسيطرة البرجوازية التجارية في اسطنبول التي قبلت الاحتلال الإمبريالي وعلاقاتها الاقتصادية مع الإمبريالية، وبعبارة أخرى على حد تعبير مصطفى كمال، التي تهدف إلى الحفاظ على دور الدرك للرأسمال الأجنبي في تركيا. من ناحية أخرى؛ فإن الضباط الثوريين التقدميين الذين خططوا لحركة مقاومة ضد الاحتلال الإمبريالي واعتمدوا الاستقلال الكامل كمبدأ، وعندما حان دور تركيا لإعادة التقسيم، رأى الضباط الذين خططوا لحركة المقاومة أنه من المناسب العبور إلى الأناضول. بدأ تنفيذ قرار شن الحرب ضد الإمبريالية. أخذوا طبقة النبلاء الأناضولية والتاجر المرابي معهم كحلفاء. سرعان ما تطورت حروب العصابات التي بدأت في الأراضي المحتلة إلى حروب جيش نظامي. في النهاية؛ تم كسب المعركة. أسس مصطفى كمال زعيم ثورة الأناضول، دولة تقوم على طبقة النبلاء الأناضولية، التاجر-المرابي، البرجوازية الإصلاحية.

إن الوضع الاقتصادي المتدهور دفع تركيا قبل الحرب العالمية الإمبريالية الثانية إلى تلقي المساعدات الخارجية. أدى اندلاع الحرب إلى إغراق الاقتصاد المهتز. وقد أبرمت أولى اتفاقات الائتمان والمساعدة الثنائية خلال هذه الفترة.

لقد تحرك الرأسمال المالي الذي كان يزدهر بشكل متزايد منذ حرب التحرير، لإنشاء توازن طبقي جديد تحت ضغط اقتصادنا المتعثر. تحالف التاجر المرابي مع وجهاء المدينة وطرد البرجوازية الإصلاحية من السلطة. هذه هي الحركة المضادة-للثورة التي دخلت التاريخ في خمسينيات القرن العشرين بـخديعة “الحركة الشعبية 1950”. هذا التحالف الذي تبلور في شخص مندرس، لم يفشل في الهتاف بشعارات ملفتة للنظر. تم تحفيز خيال الجماهير بسهولة. تم بناء القلاع الورقية. يانصيب البضائع، حل محل شعار المليونير لكل حي. إن الاستغلال الذي يتم بشكل حقير وغادر يكاد يصبح سمنة على عسل. استمر شهر العسل هذا من الرأسمال المالي والتاجر المرابي، البرجوازية التجارية الأناضولية من 4-5 سنوات. حتى أبسط سياسة اقتصادية لم يتم تحديدها. لم يتم القيام باستثمارات في مجال الزراعة، ولم يتم اتخاذ تدابير لطمأنة الاقتصاد الذي زاد الإنتاج مثل البذور والآلات الزراعية، ولم يتم القيام باستثمارات قوية لجعل جيشنا العاطل عن العمل المتزايد بسرعة منتجاً نتيجة للسياسة الزراعية المفلسة في الصناعة، ولم تنشغل أدمغتهم بقضية التعليم. تم إبرام اتفاقيات ثنائية اقتصادية وعسكرية وثقافية واحدة تلو الأخرى. فلسفة ذاك اليوم؛ دعوا المساعدات الخارجية تأتي، فلتنتفخ خانة الديون. من ناحية أخرى؛ هناك استغلال متزايد، وغلاء المعيشة الذي لا يطاق، وانخفاض قيمة النقود. عندما حلّ عام 1958، كان الوضع لا يطاق. كان استياء الجماهير في ازدياد، والذي وجد تعبيراً عنه في القسم الأكثر ديناميكية في المجتمع، أي الشباب. إن حركات 28-29 أبريل/نيسان، التي لا يتم الاحتفال بها اليوم، هي رد فعل مجسد للشعب الذي انتفض ضد هذا النظام الفاسد، وضد هذا الاستغلال المثير للاشمئزاز. كل رجس يجلب بديله. ثورة 27 مايو/أيار هي حركة ضابط راديكالي، حركة برجوازية إصلاحية لوضع الحد لكل هذا. في هذه المرة، إن الرأسمال المالي دفع وجهاء المدينة والتاجر-المرابي الذي يمثله مندرس بعيداً وساند راديكاليي البرجوازية الصغيرة والبرجوازية الإصلاحية. الآن ولدت حقبة طبقية جديدة، حيث أُسقِط النظام الذي جعل حتى أبسط المؤسسات الديمقراطية غير صالحة للعمل والذي نظّم قوانين قمعية خسيسة، وأطلق النار على الشباب. الذي لا يعيق تطوير وتعزيز الرأسمال-المالي، مقابل ذلك لا يمنع أي حملة تقدمية حيث يزيد من تحديث الاستغلال. في الواقع؛ كانت ثورة 27 مايو/أيار حركة تقدمية استجابت للمطالب الديمقراطية للجماهير وضخّت شراب القوة في الرأسمال-المالي مع التوازن الطبقي الجديد الذي خلقته. إن الأقلام الراديكالية للبرجوازية الصغيرة التي اكتسبت مرة أخرى نفوذاً في السلطة، جلبت معها مؤسسات وأفكاراً ديمقراطية. كان الدستور الذي تم إعداده دستوراً إصلاحياً وديمقراطياً وتقدمياً. إن وسط الحرية والمناقشة-البحث التي أحدثته الاستجابة لجميع أنواع مطالب الجماهير الديمقراطية، كشف عن العديد من السرية والغموض. حيث أظهر الوجه الودود للإمبريالية الأمريكية (!) التي تصادر كل ثروتنا، ومواردنا في باطن-الأرض وسطح-الأرض، ونحاسنا، وكرومنا، ونفطنا، وجميع القيم التي أنشأها شعبنا، والتي تدوس على كرامتنا، وهي السبب الوحيد لفقرنا. لقد رأينا العدو اللدود، وعرفناه.

ومع نهاية هذا التوازن الجديد للقوى في الساحة السياسية التركية، بدأ اليسار في الظهور. وقد انعكس ذلك على الجزء الأكثر يقظةً وديناميكيةً في المجتمع، ألا وهو الشباب. لقد ساعدتنا طبيعتنا المتعلمة-الباحثة على الخروج من ظلام العصور الوسطى. كنا نفهم كل ما نقرأه، ونرى الاستغلال المقزز، والبطالة المتفشية، والجوع، والأوبئة، وكل الحقائق. كنا نعلم أن الثنائي الرأسمال-المالي والتاجر-المرابي كانا يقدمان البلاد للإمبريالية من أجل مصالحهما القذرة. وباتفاقيات ثنائية مع حلف شمال الأطلسي، كانوا يحملون كل ثرواتنا والقيم التي خلقناها إلى الخارج، وكانوا يأخذون نسبة من هذا الاستغلال. وكان عقل الإدارة يعمل للقضاء على المعارضين الذين يعيقون إيجاد سبل مواصلة الاستغلال. ولم تدم فعالية راديكاليي البرجوازية الصغيرة، البرجوازية الإصلاحية طويلاً. أظهرت تحالفات AP (حزب العدالة)عودة التاجر-المرابي ووجهاء المدن إلى الإدارة. في هذه السنوات، نرى توازناً جديداً للقوى. تم تقاسم السلطة بين الرأسمال-المالي، والبرجوازية الإصلاحية، والتاجر-المرابي، ووجهاء الأناضول. لكن للأسف؛ بدأت البرجوازية الإصلاحية تفقد فعاليتها، وبدلاً من ذلك بدأ التاجر-المرابي يكتسب المزيد والمزيد من الفعالية. لا يمكن تفسير الحركات الجماهيرية، ومسيرة المعلمين، وجنازة عمران أوكتيم التي جرت في ظل حكومة حزب العدالة، إلا من خلال فهم التوازن الطبقي المذكور أعلاه. في الأيام الأخيرة من حكم دميرال، تطورت الحركات الديمقراطية للعمال والشباب والفلاحين بين عامي 1968 و1970. إن تطور اليسار في تركيا، وبداية الحركات الديمقراطية للجماهير، ومحاسبة الطبقات الحاكمة باستخدام حقوقها الدستورية، أخافت أوساط الاستغلال والمصلحة. إن الإمبريالية الأمريكية وشركاءها الذين لم يتحملوا حتى أدنى معارضة، بدأوا يجدون أن إدارة حزب العدالة غير كافية. ولم تكن التدابير المتخذة تضمن تنفيذ عمليات السطو والنهب بصمت. كان سخط الجماهير يزعج حفنة من الرأسمال-المالي الذين كانوا يتذمرون من استغلالهم بلا رحمة، وبشكل صارخ. وينبغي اتخاذ إجراءات صارمة، وإسكات التذمر الذي يجعلهم لا ينامون الليل، ولا ينبغي إضافة الماء البارد إلى وجباتهم المطبوخة.

يمكن ضمان هذا فقط من خلال قوة الرأسمال-المالي وحده. وضعت حركات العمال والشباب والفلاحين في عام 1970 حكومة دميرال في مواقف صعبة، حيث أصبحت غير قابلة للإدارة في مواجهة الاقتصاد المتعثر، والعجز المتزايد في التجارة الخارجية، والميزانية التي تحولت إلى بقجة مرقّعة، والليرة المنخفضة القيمة والضرائب الجديدة التي لم تنقطع بل يُضاف إليها. لم يترددوا في تطبيق العلاج الوحيد الذي رأوه لتحسين وضع الرأسمال-المالي، أي السلطة بدون شركاء. مذكّرة 12 مارس/آذار هي الإعلان الذي يقرأ ديكتاتورية الرأسمال-المالي في تاريخ الجمهورية. في 12 مارس/آذار، تخلص الرأسمال-المالي من الصفراء وشكّل حكومة خالية من شركائه الآخرين في السلطة، أي من راديكاليي البرجوازية الصغيرة، والبرجوازية الإصلاحية، والتاجر-المرابي. أصبحت أجهزة الدولة تحت سيطرة الرأسمال-المالي بلا منازع وأصبحت متكاملة. قرر إنشاء شبكتهم الفاشية. الوضع الحالي هو وضع يمارس سلطته بدون شريك، ولا يسكت اليسار فحسب، بل حتى الراديكاليين. إنه وضع تسود فيه الفاشية البرلمانية التي ترسل حتى الأساتذة الذين استشارَتْهم لتعديل الدستور قبل يوم، إلى السجن في اليوم التالي، وقد أعدت سلطة حفنة من أوليغارشية الرأسمال-المالي التي تطارد الثوار، تعديلات دستورية وقوانين قمع وألغت جميع القوى التي من شأنها أن تضع حداً لاستغلالها الشنيع. الإدارة الحالية هي نظام فاشي ينفذه الجناح العسكري للأوليغارشية تحت قناع حكومة وبرلمان أريم. لقد تهالَك جناح دميرال للأوليغارشية وتم استبداله بالجناح العسكري للأوليغارشية. إن الأوليغارشية المالية بجنودها وشرطتها ومحاكمها، التي سارت ضد مقاتلي الاستقلال بكل قوتها، تحاول إسكات هذا الصوت العالي.

وهكذا يمكن تلخيص ما حدث في تركيا من حرب التحرير حتى عام 1971.

أما بالنسبة للأحداث المذكورة في مذَكّرة الادّعاء، كما فعل المدّعي العام، فعلينا أن نأخذ الأمر من البداية، وأن ننزل إلى الأحداث الشبابية الأولى وحتى إلى ثورة 27 مايو/أيار. إن أخذ الأمور من هنا أمر ضروري لفهم من يقوض الدستور والبيئة الديمقراطية الحرة، ومن يحاول حمايته وتأسيسه على حساب حياتهم. دعنا نعود إلى 27 مايو/أيار1960.

قلنا إن ثورة 27 مايو/أيار كانت حركة قامت بها الراديكالية البرجوازية الصغيرة والبرجوازية الإصلاحية ضد حكومة لم تستطع إيجاد حل لاقتصادنا المنهك، وكسبت كراهية الشعب بالاستغلال الذي لم تستطع إخفاؤه، والجوع والبؤس الذي خلقته.

في 27 مايو/أيار، تحت تأثير البرجوازية الراديكالية، تم اتخاذ خطوات نحو الديمقراطية، وتم ضمان الحقوق والحريات الأساسية، وتم تأسيس القانون الوضعي على أسس متينة. بالإضافة إلى ذلك؛ تم دعم جهاز الدولة من قبل مؤسسات ديمقراطية مهمة وتم ضمان حرية الرأي في الجامعات. بعد عام 1960 مباشرة، اكتسب راديكاليو البرجوازية الصغيرة نشاطاً.

كانت هذه سنوات التعلم-البحث والدراسة، باختصار؛ التخلص من الظلام ونقص أفكار الشباب الذين لم يكن مرتبطين بحبل سري مع الإمبريالية. ومن المفيد تلخيص المسافات المكتسبة مع دستور عام 1961 على النحو التالي:

إن حق العامل في العمل والتعاقد والإضراب، كان أساس الحركات الديمقراطية العمالية، ومنح العامل موطئ قدم.

لقد لوحظ أن النضال ضد الرأسمال المنظم ممكن فقط من خلال الحركات الجماعية، وأن النضال من أجل الإضراب وإنشاء منظمة نقابية قد تعزز أكثر من خلال الحق في “التعبير عن أفكارهم وآرائهم بحرية بالكلمات والكتابة” الذي اكتسبه مع الدستور.

تم إنشاء محاكم دستورية مستقلة في وضع يمكّنها من إثبات عدم دستورية القوانين التي سيتم سنها والتي تفوح منها رائحة الفاشية.

منح المجموعات المهنية المختلفة الحق في التنظيم والمقاومة، وأعطى الجماهير الحق في التعبير عن سخطها بشكل فعال، والمقاومة إذا لزم الأمر.

كل هذه القرارات الفعالة والتقدمية أدت إلى إمكانية السيطرة والتأثير والإشراف على الكوادر الإدارية.

وكان مدى ملاءمة القرارات والممارسات المتخذة لمصلحة الشعب محض نقاش. كل هذه الخطوات المتقدمة والحقوق والحريات المعترف بها، فتحت بيئة نقاش واسعة، وبدأت مناقشة القرارات المناقضة لمصالحنا بعمق وبطريقة يمكن فهمها في جميع الأوساط. لقد تبنت الجماهير كل حق ينص عليه الدستور وجعلته ملكاً لها.

المثقفون الذين بدأوا في دراسة المزيد والمزيد من القضايا مع التيارات الفكرية المتنامية، والمجموعات المهنية التي نظمت واستخدمت الحق في المقاومة عند الضرورة، فتحت المناقشات، وخاصة الشباب الذين أعطوا الأولوية لقضايا شعبهم بقدر ما أعطوا الأولوية لقضاياهم، كل هذا زعج الرأسمال-المالي وجعله غير مستقر وغريب الأطوار.

هذه السنتين أو الثلاث سنوات من نشاط البرجوازية الإصلاحية بدأت تعوقها الرأسمال-المالي من خلال التاجر-المرابي وجهاء المدينة. في مواجهة هذا التطور الذي حققه شعبنا في السنتين أو الثلاث سنوات الأولى، كان الرأسمال-المالي خائفاً وغض النظر عن التاجر-المرابي الذي دفعه إلى السوق في عام 1960، وسمح له بالظهور من جديد وإقامة توازن طبقي جديد وبدأ في تنظيم مقاومة منظمة ضد الحركات الجماهيرية الديمقراطية وحرب الاستقلال المتنامية. وبما أن الرأسمال-المالي في تلك الحقبة لم يكن قوياً بما يكفي لمواجهة ومنع هذا النضال، هذه الحرب وحدها، فقد واجهنا بالتاجر-المرابي. بدأ في تنفيذ الحركة المضادة للثورة التي خطط لها بأدق التفاصيل. هذا هو السبب أنه في تلك الفترة، إلى جانب الحركات الديمقراطية، والمنظمات التقدمية للمجموعات المهنية وعمليات الشباب، انتشرت كالفطر دورات القرآن، وحملة مدارس الإمام الخطيب، والوحدات المقاتلة، ودورات الكوماندوز، والجمعيات المناهضة للشيوعية التي نظمها نبلاء الريف. تم تعزيز وتشجيع التاجر-المرابي المنظم بالفعل، وسلّطهم علينا. في هذه الأثناء، كان الرأسمال-المالي يستجمع القوة وينتظر اليوم الذي سيضرب فيه كلاًّ من التاجر-المرابي والبرجوازية الإصلاحية و”اليسار” المتنامي.

هذا الموقف الإيجابي المؤكد للجماهير تجاه الدستور وقبول الدستور من قبل الجماهير يشمل الشباب أيضاً. أصبح الشباب الذين حُرموا منذ فترة طويلة من مختلف وجهات النظر العالمية والحرية، أول قوة تمارس حقوقهم الدستورية. وبدأوا يتفاعلون مع السياسات الداخلية والخارجية للطبقات الحاكمة، وقراراتها الاقتصادية والسياسية الحالية والسابقة، ويعارضون تنفيذها. حاولوا قدر استطاعتهم تغيير ما يتعارض مع مصالحنا. مارسوا حقهم في المقاومة عند الضرورة. قاموا بمظاهرات. نظموا مسيرة. شاركوا ودعموا جميع الحركات الجماهيرية التقدمية والديمقراطية. تعاركوا وتعرضوا للضرب واعتُقلوا. تم تطبيق أكثر أنواع التعذيب التي عفا عليها الزمن. كل هذا لم يفعل شيئاً سوى تقوية تصميم الشباب على القتال. حاربوا الاستغلال. أطلقوا حملة النفط المحلي. فضحوا معاهداتنا الثنائية المخصية. حموا مناجمهم. ساندوا الفلاح الذي لا يملك أرضاً. حرسوا العامل في الإضراب.

بعد عام 1965، اكتسبت عمليات الشباب زخماً. الآن كل حركة ديمقراطية، كل مقاومة محقة، كل انتفاضة ضد الاستغلال، كان مصحوباً بالشباب الذين يناضلون من أجل الاستقلال والديمقراطية. كان الهدف من هذه الحرب هو جعل كل جملة مكتوبة في الدستور مناسبة وفي خدمة الجماهير. حاولت القوى الفاشية إسكات العمليات الشبابية التي تطورت، وكفاحنا من أجل الاستقلال. حقيقة أن مقاتلي الاستقلال بدأوا تدريجياً في الفوز في انتخابات الجمعيات في كل كلية، أظهرت أن الخميرة كانت تترسخ. التقدم الذي أحرزه الشباب خلال عام أو عامين والعمليات التي قدموها، تبنتها الجماهير على الفور، وأصبح مبدأ “الحق لا يعطى، بل يؤخذ” صالحاً. في الواقع؛ نتيجة لعمليات الشباب التي هي محرك المجتمع، بدأت أولى مظاهرات ومسيرات العمال والفلاحين. وتدريجياً اكتسب الكفاح من أجل الديمقراطية والاستقلال زخماً.

في مواجهة حركتنا الاستقلال المتنامية كالسيل، بدأت الطبقات الحاكمة تشعر بالقلق. احتضنت الجماهير كل حركة من حركاتنا ووجهتها في نضالها. كان موقف حكومة دميرال تجاه هذا واضحاً. سيتغير الدستور، وستُفرض عقوبات أشد، وسيتم إيقاف هذه الحركات. ولكن في مواجهة الاقتصاد المهزوم وتطور الحركات الجماهيرية، بدأت سلطة دميرال تفقد قوتها. دفعه هذا العجز إلى الطغيان. من الآن بدأت الطبقات الحاكمة في تأسيس القوات المسلحة المأجورة. كل مظاهرة وكل مسيرة وكل حركة نحو الاستقلال قوبلت بالرصاص وسبّبّ استشهاد الشباب. كما تأثرت الحركات الديمقراطية للعمال والفلاحين بحملة الإرهاب هذه، وتعرض قادتها الذين ناضلوا من أجل الاستقلال لإطلاق النار.

في مواجهة حملة الإرهاب هذه، ظل الثوار في حالة دفاع عن النفس لفترة من الوقت. لقد حملوا السلاح للدفاع عن حرب الاستقلال ووجودهم. الآن في الساحة؛ من ناحية كانت هناك إدارة حزب العدالة التي عملت كـ درك للإمبريالية والرأسمال المالي المحلي، وشكلت فُرَقاً مسلحة لتنفيذ مهمتها، ومن ناحية أخرى؛ الثوريون حملوا السلاح لمطاردة الإمبريالية والأوليغارشية المالية والدرك وحماية وجودهم. في مواجهة القوة المنظمة للطبقات الحاكمة، شُعِرَ بالحاجة الملحة للتنظيم في الجبهة الثورية. وقد تم تنظيمها. الآن يتم اللعب بالأوراق الرابحة بشكل واضح.

قلّت جداً فرص الثوار للعمل بشكل علني. كان علينا أن نتعافى دون السماح للإمبريالية المسعورة بسحقنا، وكان علينا أن نشن حرب استقلالنا بالأشكال المناسبة للشروط المتغيرة.

مارس الثوار حقهم في حمل السلاح ضد الإمبريالية من أجل استقلالهم.

مارست THKC ومقاتلوها حقهم في حمل السلاح ضد الإمبريالية من أجل الاستقلال. سيستمرون في ممارسة هذا الحق حتى موت آخر محاربيهم.

إن العمليات المذكورة في مذَكّرة الادّعاء والتي يقال أن جبهتنا نفّذتها، ليست سوى ممارسة لحقنا في حمل السلاح من أجل الاستقلال.

أعربت THKC عن توق شعب تركيا للاستقلال وأشعلت الشرارة الأولى للتحرير.

من الآن فصاعداً ستواصل THKC نضالها من أجل تحرير شعب تركيا وستنتصر.

عاش أولئك الذين يناضلون من أجل تركيا مستقلة وديمقراطية.


-المكتب الإعلامي لجبهة الثورة في الشرق الأوسط-

ترجمة من تركي ألى عربي محمد كمال

image_pdf
Bunları da beğenebilirsin

Cevap bırakın

E-posta hesabınız yayımlanmayacak.