ماهر جآيان : الرائحة الحادة لتحريفية (۱)

0 53
image_pdf

 الرائحة الحادة لتحريفية (۱) *

كما هو معلوم فأن تركيا بلد شبه إقطاعي- شبه مستعمر. أن النضال في مثل هذا البلد، هو نضال من أجل الديمقراطية والاستقلال. وبعبارة أخرى، النضال الثوري اليوم هو نضال من أجل بناء تركيا مستقلة تماما ذات ديمقراطية وطنية، حيث يتم تطهيرها من الإمبريالية وامتداداتها وحلفائها.إن النضال من أجل إقامة تركيا مستقلة ذات ديمقراطية وطنية هو نضال مشترك ليس فقط للثوريين البروليتاريين، ولكن لجميع الوطنيين في تركيا.

لهذه الأسباب، فإن هذا المقال ليس اقتراحا لتركيا، لأنه يحتوي على مسائل تتعلق بعملية إنشاء الدولة البروليتارية.الشخص الذي يعرف القليل عن العلوم الاجتماعية يرى هذا بوضوح.كتب هذا المقال لكشف تحريف النظرية الماركسية للثورة من أجل إقامة الدولة البروليتارية، وفي العلوم الماركسية.

بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى الحقيقة التالية مهمة بشكل خاص؛” سواء تشارك أو لا تشارك نظام فكري معين، هذا الاختيار تعود إليه ويمكنه أن يقوم بعملية ذهنية بحرية.لكن، إذا أردنا أن نبقى ضمن ’النزاهة العلمية’، سواء قبلناها أم لا، فنحن مجبرينعلى طرح قوانين وأطروحات الأنظمة الفكرية دون تحريف. . وهذا لا يكفي لـ “النزاهة العلمية”، بغض النظر عن نظرته للعالم، حتى لو لم نقبله ذاتيا يجب التدخل في التحريف الذي تم إجراؤه على أعمال أستاذة هذا الفكر، فنحن بحاجة إلى إثارة القضية بموضوعية وتصحيح التحريف الذي تم إجراؤه.

لو كان كنعان سومر قد حرف عملاً رئيسياً لأي نظام فكري آخر، وليس الماركسية، لكنا تدخلنا فيه وطرحنا بموضوعية التفسير الذي قدمه السيد سومر والذي ’يتعارض مع روح الاثر’. (بما أن الأمانة العلمية تتنبأ بذلك).

1-       

يعرف أساتذة الاشتراكية العلمية الحرب الثورية بأنها صراع اقتصادي وسياسي وأيديولوجي.

القوى الظلامية التي تمتلك جهاز الدولة والأيديولوجية والثقافة …الخ التي هزمت في مواجهة الاشتراكية العلمية، من أجل منع تطور الاشتراكية البروليتارية، التي لا يمكنهم منعها من التطور واكتساب القوة بالقوة والحرب ، يحاولون التسلل إلى صفوف الاشتراكيين البروليتاريين وإحداث تشوهات وتخريب في النظرية الاشتراكية البروليتارية وخلق اضطراب في صفوف الثوريين.

“إن جدلية التاريخ هي أن انتصار الماركسية يجبر معارضيها على التنكر في زي الماركسية”(1).

في النظرية الاشتراكية العلمية، لا يتم فعل تحريفوتشويه العقول  ليس من الضروري أن يكون بوعي وبنية سيئة.الشخص الذي ينطلق بالأهداف السامية لسعادة البشرية وحريتها…الخ هو الفشل في التطهير عقله من البقايا المثالية لألفي عام أونتيجة عدم قدرته على فهم النظرية الثورية-التمسك الخانع بكلمات النظرية الاشتراكية البروليتارية، ما يسمى بالاشتراكي الذي فشل في إحداث ثورة في الغريزة الطبقية، الفردية الذي لم ينضم إلى الممارسة العملية… إلخ- من خلال تحريفات في النظرية الاشتراكية العلمية يقدم خدمة لطبقات الرجعية. تسمى هذا النمط في الادب ب” العميل الموضوعي”.

لقد رأى أساتذة الاشتراكية العلمية الخطر منذ البداية وناضلوا طوال حياتهم مع امتدادات هذه القوى الرجعية في الصفوف الثورية تحت كسوة علمية.بمعنى الآخرلقد تطورت الاشتراكية العلمية وتعززت بسرعة من خلال النضال الطويل ضد هذه الانحرافات.الرجعيين في الصفوف الاشتراكية إنهم أكثر خطورة بكثير من أولئك الذين يأخذون علنا الصفوف المعارضة.

إذا لخصنا باختصار، فإن تخريبات في النظرية الاشتراكية العلمية من قبل القوى المعادية للاشتراكية، تتم من خلالالتسلل إلى صفوف الثورة، يسمى هذا السلوك بـ”الانتهازية” في الادبيات.الانتهازية مثل الحرباء. يعمل كل شي، يلبس كل اشكال لاجل تحقيق أهدافه.

“تظهر الانتهازية داخل الحركة الاشتراكية بأشكال مختلفة.إن مظهر الانتهازية تحدده البنية الاقتصادية والاجتماعية لذلك البلد، ودرجة التطور – مستوى الوعي السياسي وتنظيم البروليتاريا، التي لها روابط لا تنفصم مع درجة التطور – وبالتالي طبيعة مرحلة الثورة  التي وصل إليها البلد.باختصار، وفقا للتناقضات السائدة والثانوية في العالم وفي البلاد ، تتشكل الانتهازية، وتعدل الوان لباسها.إن السمة الثابتة للانتهازية، بغض النظر عن المرحلة الثورية التي تعيشها، وبغض النظر عن المظهر الذي ترتديه، هي الهروب من الصراع الأيديولوجي.مضاد الانتهازية هو الصراع الأيديولوجي. لا يمكن للانتهازية أبدا مواجهة النظرية الثورية علنا”(2).

والمقصود بحقيقة أن الانتهازية لا يظهر بشكل  واضح هو؛الامتناع عن المناقشات النظرية العلنية، وإعطاء أهمية للممارسة وحدها بتقليل من أهمية النظرية الثورية، في الظروف وإمكانيات المتاحة رفض تعلم الاشتراكية العلمية وعدم قبول التدريب الاشتراكي داخل الحزب، استخدام مفاهيم تتعارض مع النظرية الاشتراكية العلمية بالقول إن ظروف البلاد غير مناسبة وقول أشياء مخالفة وحسب رأينا اهم شيء هو،الاختباء وراء أساتذة الاشتراكية العلمية، وقيام بتحريفات في النصوص الأساسية للاشتراكية العلمية،و الدفاع عن أطروحاتها الانتهازية كأنها أطروحات الاشتراكية العلمية.

آخر شيء قلناه هو أن الانتهازية، تقومبتحريف أعمال أساتذة الاشتراكية العلمية ، أعمال الأساتذة الاشتراكية العلمية، استنادا إلى الممارسة الاجتماعية التي أرستها الظروف المنفصلة والخاصة لبعض البلدان في الفترة التي عاشوا فيها،الأطروحات الاستثنائية المطبقة على تلك البلدان، على أنها اطروحات كونية يمكن تطبيقها في كل مكان، أو قيام بسلوكٍ  معاكس تماماً رغم إستمرار التناقضات الحادة، بإعتبار الأطروحات الاساسية ذات خاصية كونية بأنه ولت زمانها تعود إلى الماضي،والقول بإنه لا ينطبق على الفترة المعاشة، تقوم الانتهازية بخلق التشوه في العقول وتعرض أطروحاتها الخاصة بخلسة, تعتبر النوع أكثر دهاء وحذراً أو بالأحرى الأنتهازية أكثر خطورة.

خاصة، نتيجة ترجمة الاعمال الاساسية للاشتراكية العلمية في فترة زمنية قصيرة، حيث لم يكون  هناك وعي أشتراكي على مستوى عالي، تم تمرير الانتهازية بأسم الاشتراكية. من أجل الوصول بالحركة الاشتراكية إلى طريق مسدود، وإن كان مؤقتا، في نظر الجماهيروخلق التشاؤوم بقيادة حزب أشتراكي(!) التي يقوده زمرة الانتهازية.يصبح الأمر أكثر أهمية في بلد شبه مستعمر حيث توجد برلمانية محدودة، مثل هذا النوع من الانتهازية.

لهذا السبب، من الضروري الانتباه إلى مقدمات تعريفية لكتب  كنعان سومر، الذي يقول إنه قام بتعريف الأعمال الرئيسية للماركسية في مجلة(أمك)Emek.

يحاول سومر إثبات (!) أفكاره الانتهازية بأعمال لينين وماو، وليس الأعمال الأساسية للماركسية.يفعل هذا في معضلة مثيرة للاهتمام؛من ناحية قيام بتشويه المنهج الديالكتيكي الماركسي، من خلال تحويل مبدأ “التحليل الملموس للحالات الملموسة” عن غرضه، وهو ديناميكية المنهج الماركسي، إهمال الانتقال من التحليل الملموس للوضع الملموس إلى التجريد العلمي، أي تعطيل أحد المبادئ الرئيسية للديالكتيك والتي هي “الرابط الداخلي بين طريقتي المعرفة، من الخاص إلى العام، من العام إلى الخاص” من ناحية أخرى، ويغض النظر عن مبدأ “التحليل الملموس للحالات الملموسة”، الذي طرحه ماركس لظروف منفصلة ومحددة للغاية في رأسمالية ما قبل الاحتكار،لكن في فترة الرأسمالية الاحتكارية، اللينينية أعتبرتها غير صالحة.السيد سومر، في محاولة لإنكار الماركسية -اللينينية بإعتبار أنهاماركسية الفترة الرأسمالية الاحتكارية، من خلال التأكيد والنظر إليهاكأنها صالحة في الوقت الراهن.

يحاول سومر، خاصة، من خلال الانتهازية زرد رماد على صلاحية نظرية الثورة في عصر الإمبريالية والتي هي الماركسية-اللينينية إلا وهوهدم الديكتاتورية البرجوزية وتحويلها إلى ديكتاتورية البروليتاريةبالثورة.

في هذه المقالة، فقط سنقومبإظهار كيف تمت محاولة تحريف النظرية اللينينية للثورة أثناء تعريف بالكتاب”الدولة والثورة”، والتي تعد واحدة من الأعمال الرئيسية للينينية.

2-       

“فيما يتعلق بمسألة التحقيق السلمي للثورة الاشتراكية، هناك أولئك الذين، الذين يخلطون القش بالتبن، يشمون رائحة حادة من التحريفية.”(أمك عدد 5،ص6).

في الواقع، منذ تأسيس الاشتراكية العلمية وحتى اليوم، الماركسيين كانت أنوفهم دائما حساسة لمسألة الانتقال السلمي إلى الاشتراكية.وقد تم توجيه الانتباه دائما إلى ما إذا كان هناك انحراف أم لا.

في الفترة الإمبريالية، جاءت رائحة تحريفية حادة إلى أنوف الماركسيين من هذه العبارة.

قبل الخوض في تفاصيللماذا تنشرهذا البيان رائحة التحريفية الحادة في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية، يجب توضيح للوهلة الأولى بماذا تذكرنا  هذه العبارة.

تخبرنا هذه الكلمات بكلمات أغنية قديمة، برنشتاين، بليخانوف، كاوتسكي، توراتي، جوريس، أي إنه يذكرنا بكلمات تلك الأغنية الشهيرة التي غنتها الأممية الثانية. اسم هذه الأغنية هو “الانتهازية” والاشتراكية اليمينية.

على الرغم من أن السيد سومر لا يقول هذا بصراحة وشجاعة، بين الأعمال التي يدعي بتعريفها، يقوم بخبث ويثرثرفي فمه نفس الاغنية.يفعل ذلك من خلال السير على خطى أساتذة، مدعيا كالبرنشتاينية بأن كلمات الاغنية تعود إلى ماركس.

3-       

ماذا يعني الانتقال “سلميا” إلى الاشتراكية؟ دعنا نشرح باختصار.

إن التحول إلى الاشتراكية بالوسائل السلمية يعني رؤية أنه من الممكن الانتقال إلى الاشتراكية من خلال البرلمان البرجوازي.والانتقال إلى الاشتراكية بالوسائل السلمية لا يرى ضرورة بناء دكتاتورية البروليتاريا.إنه يتصور سباقا برلمانيا بين الطبقات وبهذه الطريقة يتمالانتقال إلى الاشتراكية في النهاية.إن جميع الأحزاب الاشتراكية البرلمانية التي تقبل أن الاشتراكية يمكن أن تتحقق سلميا في عصرنا قد أعلنوابصراحة أنهم لن يقيموا  دكتاتورية البروليتاريا عندما يصلوا إلى السلطة.(3)

4-       

“بالنسبة لمثل هؤلاء الناس – بالنسبة لأولئك الذين يشمون رائحة حادةللتحريفية بشأن مسألة الانتقال إلى الاشتراكية من خلال مسار سلمي في فترة الرسملة الاحتكارية – ربما يكون من المفيد التحدث بإيجاز عن تاريخ هذه المسألة. في الواقع، يبدأ هذه المسألة كذلك مناسم ماركس. في الحقيقة، تحدث ماركس في تجمع حاشد في أمستردام، بعد مؤتمر لاهاي للأممية الأولى في عام1872، وقال إنه في ظل ظروف معينة يمكن للعمال تحقيق أهدافهم بالوسائل السلمية. عبر ماركس عن نفس الفكرة من قبل، على سبيل المثال في مقابلة مع صحيفة أمريكية تسمى “العالم” (3 تموز 1871)، حيث قيل إن التمرد المسلح سيكون حماقة كبيرة عندما يكون من الممكن تحقيق الهدف بسرعة أكبر وامانة أكثر من خلال التحريض السلمي. مرة أخرى، قال ماركس، بعد خطابه الشهير في أمستردام،  بوسيلة القانون المناهض-للاشتراكية الذي تم سنه في ألمانيا في عام 1878، يمكن أن يظل التقدم التاريخي سلميا ما لم يتم اللجوء إلى العنف من قبل من هم في السلطة، ولكن إذا لجأ أولئك الذين لديهم مصلحة في النظام القديم إلى العنف، يمكن أن تتحول الحركة السلمية إلى عنف”يقول كنعان سومر.(أمك العدد5 ص16)(4)

هناك تشابه مدهش بين العمل الذي يقوم به كنعان سومر والعمل الذي قام بها قادة الانتهازية للأممية الثانية.

منذ اكثر من نصف قرن، الوجبة التي قدمها قادة الانتهازية الاممية الثانية على طاولة ماركسية بما أن انقضت وقتها واصبحت”فاسدة”، وبالتالي لا يمكن تناولها ولهذا السبب لا مكان لهذه الطعام البايت على مائدة الماركسية حيث صرح به لينين مراراً بشكل صريح، قيام السيد سومر بتقديم هذا الطعام البايت(وخاصة في مقدمة تعريف بكتاب “الثورة والدولة”) بكل جرأة وشجاعة ملفت للنظر يدهش المرء.(5)

إن مهمتنا هنا هي توضيح وتفسير كلمات أساتذة الماركسية، الذين يدحضون مقترحات الانتهازية هذه، حول هذه المسألة.

في التمهيد، من الضروري أن نوضح أنه في مقال عن الماركسية – وكذلك في مقدمة “الدولة والثورة” – ناهيك عن أن ماركس تصور إمكانية لاوضاع  وظروف استثنائية محددة بحتة، والتي فقدت أيضا أهميتها في تلك البلدان مع اللينينية، والتي لم يتم ذكرها بإسهاب في أي من أعماله الرئيسية بخصوص’ تحول إلى الاشتراكية بسبل السلمية’ وإعطى كل هل الأهمية لهذا الموضوع ، وعدم حديث ولو بجملة عن تصور ماركس وإنكلس تصورا بأن الثورة تقام على أساس “العنف” كقاعدة عامة. هذا ليس سوى تشويه لماركس وإنكلس.

صرح ماركس بصراحة إلى أن هذه الطريقة استثنائية، مشيرا إلى أن “الانتقال بطرق السلمية إلى الاشتراكية ممكن في ظل ظروف معينة وحيث يكون من الممكن تحقيق الهدف بسرعة أكبر وبشكل اكثر اماناً من خلال التحريض السلمي”.

تصور ماركس “الانتقال السلمي إلى الاشتراكية” كإمكانية لبريطانيا وأمريكا، اللتين كانتا مختلفتين تماما عن تلك الموجودة في أوروبا السوداء ولهما خصائص مختلفة تماما.

أولاً، في هذا الوقت كانت الرأسمالية في كلا البلدين في فترة “الرقابة الحرة” كما هو الحال في بلدان أخرى في أوروبا السوداء. ثانيا، بريطانيا، على وجه الخصوص، نتيجة للحرية السياسية التقليدية للبلاد، لديها طبقة رأسمالية صاحب تقليد التسوية – الذي يمكن شراؤه بسهولة – إلى جانب وجود طبقة بروليتارية ذات مستوى عال من الثقافة وحجم كبير من السكان مقارنة بأوروبا السوداء، حيث أن طبقة بروليتارية منظمة بشكل جيد في النقابات العمالية. بالإضافة إلى هذه الصفات ، بسبب وجود بيروقراطية وعسكرية ضعيفة غير نامية أدت إلى إعطاء لبريطانيا مكانة خاصة في تقيم ماركس(وضع في الامريكا شبيه بريطانيا تماماً).  في بريطانيا، حيث تملك طبقة بروليتارية قوية جدا من حيث الكمية والنوعية وبيروقراطية وعسكرية ضعيفة، لذا فأن تحقيق الثورة لا تتطلب ’ ثورة’، من الممكن من خلال الوسائل السلمية، وفقا لماركس.

قال لينين: “كانت هذه هي الظروف التي خلقت في ذلك الوقت فكرة أنه كان من الممكن للعمال إخضاع الرأسماليين الإنجليز سلميا” (6).وبقوله إنه في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية، فقدت هذه النظرة التي كانت صحيحة لفترة ما قبل الرأسمالية الاحتكارية قيمتها، وأكد بأن الظروف قد تغيرت في هذه الفترة وأن النزعة العسكرية والبيروقراطية في هذه البلدان لم تعد مختلفة عن بلدان أوروبا السوداء، وبالتالي فإن الشرط الأساسي للثورة الاشتراكية في أمريكا وإنجلترا، كما هو الحال في بلدان أخرى، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال استخدام “العنف”، من خلال كسر “آلة الدولة” وإقامة دكتاتورية البروليتاريا(يشرح لينين بالتفصيل في ’الدولة والثورة’ 51، 52، 53، 84).

“كان التقييد، أو بالأحرى الاستثناء، الذي منحه ماركس لإنكلترا وأمريكا، مناسبا ما لم تكن هناك نزعة عسكرية متقدمة وبيروقراطية متطورة في هذه البلدان.من وجهة نظر لينين، يتم إزالة هذا الأستثناء في ظل ظروف الرأسمالية الاحتكارية عندما وصلت النزعة العسكرية والبيروقراطية في بريطانيا وأمريكا إلى تطور لا يقل، إن لم يكن أكثر، عن البلدان الأخرى في القارة الأوروبية. هذا هو السبب في أن الثورة البروليتارية الكبرى هي شرط مسبق أكيد لتطور الاشتراكية في جميع الدول الإمبريالية دون استثناء “. (7) (ستالين، حول الانحرافات بين اليمين واليسار، خاتمة “حول الانحرافات الاشتراكية الديمقراطية في حزبنا”، 3 تشرين الثاني 1926، ص 76)

دعونا نأتي إلى ما قاله ماركس عن “القانون المناهض- للاشتراكية” الذي سن في ألمانيا عام 1878.

أولاً، يفسر الماركسيون التكتيكات والأساليب المقترحة لأي موقف في أي فترة من تاريخ، حسب تلك الفترة وظروف ذلك البلد.قال ماركس هذه فكرة لما كان النزعة العسكرية الألمانية قوية جدا في ذلك الوقت، وأنه على الرغم من أن “Gousehalks” قد فقدوا نشاطهم السابق بشكل كبير، إلا أنه كانواولا يزالون لديهم تأثير على البروليتاريا وأن هذه الجماعات الفوضوية يمكن أن يسببوا هزيمة من خلال قيام بشيء فجائي في حين لم يكون الظروف الذاتيةمناسبة.تم إلغاء هذا القانون، الذي نص على حظر جميع المنظمات الاشتراكية، والمنظمات العمالية الجماهيرية، والصحافة الاشتراكية، في عام 1890 نتيجة للحركات العمالية الجماهيرية، أي ليس بشكل سلبي، ولكن من خلال المقاومة النشطة.

ثانيا، إن قول ماركس بأنه “لا ينبغي استخدام العنف ما لم يستخدم العنف” هو القاعدة العامة للماركسية.إن الماركسية لا تحتوي على العدوان والعنف. لكنه يرد على القوة بالقوة. والماركسيون لا يخلون بالدساتير(الشرعية) ما لم تخل بها البرجوازية.

حتى كلمات ماركس الواضحة وغير القابلة للتحريف قد تم تحريفها.أنه “طالما لم يتم اللجوء إلى العنف، يمكن أن يظل التطور التاريخي سلميا”. في تلك المرحلة كذلك كما يفعله السيد سومر اليوم ، فقد أمسك الانتهازيين بحذافيرهم بها.انتقد إنكلس بشدة تحريف الانتهازيين بإقتباسهم لقول ماركس.ومن الحقائق المعروفة للاشتراكيين كيف أن “نقد مسودة برنامج إرفورت” ، الذي تضمن انتقادات إنكلس للانتهازية في 19 يونيو 1871، فقد وضعها كاوتسكي تحت السجادة ومن بعد عشر سنوات قام بنشره في الأزمنة الحديثة(Neue-Zeitung.

في كتابه “نقد مسودة برنامج إرفورت” ، يدين أنكلس بأشد العبارات الانتهازيين الألمان ، الذين يتشبثون باقتراح ماركس لطريقة سلمية بسبب قوة النزعة العسكرية الألمانية – حيث لم يقترح ماركس أبدا المسالمة-  ويحاولون استخدامها كأدوات لصالح إصلاحهم البرجوازي، حيث يتهم من خلال قوله:“.. ولكن بغض النظر عن أي شيء، يجب دفع الأمور إلى الأمام. وتظهر ضرورة ذلك بوضوح في الانتهازية التي بدأت تنتشر (einreissende) في جزء كبير من الصحافة الاشتراكية الديمقراطية اليوم. فالحزب، خوفا من تجديد القانون ضد الاشتراكيين، أو تذكر بعض الأفكار التي انتشرت موسميا أثناء سريان القانون، يطلب منه الآن قبول النظام القانوني القائم في ألمانيا باعتباره كافيا لتنفيذ جميع مطالبه سلميا…” (لينين، الدولة والثورة، ص 90).وبعد ذلك يواصل لينين. «إن تصرف الاشتراكيين الديمقراطيين الألمان خوفا من تجديد القانون الاستثنائي هي حقيقة أساسية وضعها أنكلس في المقام الأول و أدانهم دون تردد باعتبارها انتهازية»(لينين، الدولة والثورة، ص 91).

كما يرى، أن القضية واضحة جدا. إن كلمات ماركس “فيما يتعلق بالانتقال بالوسائل السلمية إلى الاشتراكية” لظروف تاريخية استثنائية للغاية وكإمكانية لأمريكا وإنجلترا قبل الاحتكار، اللتين تتمتعان بخصائص خاصة جدا، تقبلها اللينينية على أنها صحيحة لفترة ما قبل الرأسمالية الاحتكارية، لكن غيرصالحة وغير صحيحة لمرحلة الرأسمالية الإحتكارية.

وضد النظرية الماركسية- اللينينية، احتضن الانتهازيون هذه الكلمات بأذرع مفتوحة وحاولوا تغطية ديماغوجيتهم بكلمات ماركس هذه.

يقو ل السيد سومر بأن هذه المسألة تبدأ باسم ماركس، لنغمر أفكار سومر في افكار معلمي الأشتراكية،  مثل غمر ورقة عباد الشمس في الحموض، سيظهر نوعية أفكاره ولنختتم بكلمات ستالين:”إن الانتهازيين في جميع البلدان، الذين يتشبثون بتحديدات ماركس المشروطة ويؤكدونها ضد دكتاتورية البروليتاريا، بالتالي يدافعون عن قضاياهم الانتهازية، وليس عن الماركسية».(8)

إن “الصراع الطبقي”، الذي هو الإطار الرئيسي للعقيدة الماركسية، هو فكر كان معروفاً قبل ماركس ومقبولة من قبل المؤرخون والاقتصاديون البرجوازيون وتم فحصه من قبلهم.ما فعله ماركس هو أن يوضح أن هذا الصراع الطبقي سيصل بالضرورة إلى الاشتراكية  بثورة عنيفة لم يسبق مثيلهابتفكيك جهاز الدولة البرجوازي  من خلال بروليتاريا ديكتاتورية.

كما وضح لينين لا ماركس ولا إنكلس لم يقيدوا أنفسهم بأساليب تحقيق الثورة، يعني بقضايا الشكل- قد يظهر حالات مختلفة وفي مرحلة ثورة أيضاً قد تشهد تغييرات مختلفة بشكل يومي. كذلك كما وضحه لينين فأن أساس فكر ماركس وأنكلس هو “الثورة  مبنية على العنف”. وهذه تعتبر مبدأ عام.

” أن العقيدة المتعلقة بأن لا مفر من ثورة مبنية على العنف لـ ماركس وأنكلس” تتعلق بالدولة البرجوازية. فأن الدولة البرجوازية لا تترك مكانه لدولة بروليتارية( ديكتاتورية بروليتارية) بطريقة ’إنحلال’، وكالقاعدة العامة هي، فقط وفقط من خلال ثورة مبنية على العنف يمكن أن تترك السلطة.إن مدح أنكلس للثورة مبنية على العنف يتفق تماما مع العديد من تصريحات ماركس.(دعونا نتذكر خاتمة بؤس الفلسفة والبيان الشيوعي، الذي أعلن بجرأة وصراحة حتمية الثورة العنيفة، وكذلك من بعد ثلاثين عاما، في عام 1875، عندما قام ماركس بإنتقادات لازعة لمحتوى الانتهازي لبرنامج غوتا (تذكر نقد برنامج غوتا).هذا الثناء ليس بأي حال من الأحوال نتيجة “الاختناق”، والابتذال، والحماس غريب الأطوار للمناقشة.يقول لينين: “إن فكرة الثورة العنيفة هذه، وضرورة إسناد هذه الفكرة نفسها بشكل منهجي إلى الجماهير، هي شيء يكمن في صميم عقيدة ماركس وأنكلس بأكملها” (الدولة والثورة-ص. 31).

إن رد ماركس على برودون، الذي جادل بأن الصراعات الطبقية يمكن تسويتها سلميا من خلال منح  مجاني للعمال من خلال “بنك الشعب”، لا لبس فيه.

“… لكن لما يكون في نظام لا توجد فيه طبقات وتناقضات طبقية، حيث التطورات الاجتماعية طبيعية ولا محللثورات سياسية. حتى ذلك الحين، عشية التغيير والتصحيح في جميع ميادين المجتمع، ستكون الكلمة الأخيرة للعلوم الاجتماعية، إما النضال أو الموت أو الحرب الدموية أو الانقراض “.(9)

“هذا هو رأي أنكلس في هذا الشأن”، يقول لينين، نقلا عن أنكلس (من كتاب ’ضد دورينغ’). (10)”…لكن تلك العنف تلعب دورامغايراً (كونها مصدرا للشر)، دورا ثوريا، في التاريخ. العنف بمثابة القابلة لكل مجتمع قديم حامل بالجديد، على حد تعبير ماركس؛لا توجد كلمة واحدة في السيد دورينغ عن الحركة الاجتماعية التي تقوم بدحر وتفكيك الأشكال السياسية المتحجرة منتهية العمر.فقط من خلال التنهد والوعظ يعترف بإمكانية أن تكون العنف ضرورية للإطاحة باقتصاد الاستغلال …”

ينتقد أنكلس دوهرنغ لأنه لا يذكر كلمة واحدة من نظرية ماركس حول الثورة، كما رأينا، ويقبل دورنغ العنف، خارج المسار السلمي.

ماذا عن كنعان سومر؟ مع تقديم “الدولة والثورة” في صفحتين أو ثلاث صفحات، رغم أن أفكار ماركس حول الثورة واضحة جدا، لمييذكر كلمة واحدة من فكرة ماركس حول الثورة، التي قبلها ماركس كمبدأ عام، فإن إقتباس بعض كلمات ماركس حول الاستثناء والانتقال من خلال المسار السلمي في أحدى خطاباته وتصريحهالصحفي – حيث يذكر لينين في الكتاب الذي يقدمه سومر بأن هذا موضوع لم يعد جائزاً بسبب تغير الظروف في الحقبة الإمبريالية –  أتساءل ماذا يعني فصل ثلاث عمود من الصفحة كما لو كان يكتب مدائح! لهذا الموضوع.

لقد أظهر التاريخ حتى الآن للماركسيين  حول التحول السلمي وبدون أي سبب -خاصة- بعيداً عن الذين لا يعملون شي، لا يتجوز كلامهم الفارغ عن الثورية وعندما يتم تنقيته من بعض  كلمات بسيطة من الأبجدية الماركسية لم يتبقى سوى تحريفية حادة.”… الثورة بالمعنى الذي استخدمه ماركس للتحريفية – بمعنى الثورة – أصبحت الآن مجرد حلم وخيال لهم. ما الذي بقي من الهدف السياسي الوحيد؟ تأمين أكثر من 50٪ من الأصوات فقط…” (11)

لذلك كان من الاجدر لكاتب أمك(Emek) أن يتوقع بشكل طبيعي بأن أنوف الماركسيين حساس  جداً تجاه روائح. وأن ملاحظة رائحة كريهة حادة للتحريفية من أقوال” التحقيق الثورة بطرق سلمية”  ليست إختلاط القش بالتبن. بالعكس لأجل عدم تخليط القش بالتبن؛ من أجل الفصل بين الأشتراكية العلمية والتحريفية.

5-       

عندما يقول الماركسيون إن “الدولة البروليتارية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الثورة”، فإنهم لا يهملون الاستفادة من إمكانيات العلانية-الدستورية، إمكانيات البرلمانية البرجوازية. لقد أوضح لينين في كتابه “مرض الطفولة للماركسية، استراتيجية الثورة” بشكل واضحبأن الماركسيين يمكنهم العمل حتى في أكثر البرلمانات رجعية.

حسب ذلك، البرلمانية ليست الغاية بل هي الوسيلة. لهذا السبب، العمل البرلماني بمثابة إمتحان للماركسيين. أنه خط رفيق جداً.إن مقولة لينين الشهيرة واضحة: “يمنح العمل البرلماني لبعض الأشخاص – الذين يعتبرون أنفسهم ماركسيين-لقب الخادمولبعض الأشخاص النفي والسجن الشديد “. (12)

 يلاحظ من أن النظرية الماركسية-اللينينية  في عصرالتي تلفظ أنفاسها الأخيرة الرأسمالية، حيث البيروقراطية والعسكرة في أوج قوتها، حتى عند العمل في البرلمانية، لا ينبغي أن ننسى للحظة أنه من المستحيل إقامة الدولة البروليتارية بالوسائل البرلمانية.

” بدون توقف تتحول الأشياء من وضع الأولى إلى الثاني. لكن الصراع  داخل التنقاضات موجودة في كلا وضعين. هذا هو السبب في أننا نقول بأن وحدة الأضداد مشروطة ومؤقتة ونسبية، في حين أن الصراع بين الأضداد مطلق “. (13)

في المجتمعات الطبقية، تتطابق أضداد مثل الحرب والسلام في ظل ظروف معينة.وإذا تغيرت الظروف، فإن هذه الأضداد المتطابقة تتحول إلى بعضها البعض.بالطبع، إذا تغيرت ظروف معينة. إذا أصبحت الثقل التوازن في البرلمان البرجوازي بطبيعة الحال لن تتغير الشروط  وستدوم السلام الظاهري السطحي.

” نعم للتحريفية، لا للإشتراكية العلمية…”

هذا الشعار الأساسي للبرلمانية البرجوازية.

لكن يجب أن نتذكر مرارا وتكرارا أن الماركسيين وحدهم هم الذين يعاملون الديمقراطية البرجوازية بأقصى درجات الاحترام.

«إن بروليتاريا العالم في بحر من الدماءلأجلنيل حقوق الديمقراطية البرجوازية، وسوف تناضل بالطبع بكل قوتها للاحتفاظ بهذه الحقوق». (14)

يتخلى الأشتراكييون الدستورية البرجوازية، عندما يقوم البرجوازية بإزالتها. إن القول أنكلس ” أولاً أنت قم بفتح النار يا سيد البرجوازي”  في غاية الإحترام لدستورية البرجوازية من قبل ماركسيين. هذا هو السبب في أن الظروف الموضوعية للثورات لا يتم إعدادها من قبل الثوريين، بل من قبل البرجوازية من خلال فرض الضغط والإكراه والعنف.

في عصر الثورات الاشتراكية التي بدأت مع فترة الرأسمالية الاحتكارية، نرى هذه الحقيقة بوضوح تماماً عندما ننظر إلى جميع الثورات البروليتارية.

6-       

«سيكون من الخطأ  تقييم الجوهر النظري’ للدولة والثورة ’ بشكل منفصل عن الممارسة السياسية في تلك اللحظة التي كتب فيها، على سبيل المثال، الاعتقاد بأن الثورة الاشتراكية ليس لها طريقة أخرى غير الثورة. بعد 52 عاما من كتابة “الدولة والثورة” ، أنإعتبار هذا الكتاب نوع من خطة العمل، لا يمكن توضيحها إلابضيق أفق البرجوازية- الصغيرةوسيكون انحرافاً يتعارض جوهريا مع المفهوم الفكر العلمي والماركسي اللينيني نفسه. (… ) (ولكن بما أن الكتاب تم نشرها من بعد ثورة أكتوبر، لم يكن له أي تأثير مباشر على الثورة)”. (أمك عدد: 5، ص: 14-16)

وكما حاولنا أن نوضح منذ بداية مقالتنا، فإن جهود الكاتب أمك(Emek) لتحريف اللينينية تتجسد بشكل جيد في هذه الكلمات.يتم التحريففي شعوذة جادل بسيط. من اقتراح اشتراكي صحيح، يتم إجراء “استنتاج” تحريفي.الاقتراح الصحيح “عدم تقييم الجوهر النظري للدولة والثورة بمعزل عن الممارسة السياسية للحظة التي كتبت فيها”يليه الانحراف “سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الثورة الاشتراكية ليس لها طريقة أخرى غير الثورة”يتم الكشف عن التحريفية المخفية من خلال هذا الاستنتاج.

كما هوالمعروف فأن الماكسية هي حركة، عقيدة متحركة وليست جامدة. قام ماركس، أنكلس ولينين وغيرهم من أساتذة الماركسية، بمراعاة الظروف الممارسية الاجتماعية الذي يعيشون فيها، قاموا بتحليل ملموس لواقع ملموس، ومنها استنتجوا تعميم علمي شامل.

انتقل ماركس وإنكلس من التحليلات الملموسة لممارسة الاجتماعية لرأسمالية ما قبل الاحتكار إلى تصورات مجردة.وبما أنهم كانوا يعلمون أن العملية الثورية المستقبلية ستتغير، فإنهم لم يقترحوا أبدا أساليب محددة غير المبادئ الرئيسية. لكنهم اقترحوا قاعدة عامة.

هذه القاعدة العامة هي الانتقال إلى الاشتراكية عن طريق تدمير الدكتاتورية البرجوازية “بالقوة” إلى دكتاتورية البروليتاريا.

في القرن 20 تم إنتقال من الرأسمالية التنافسية الحرة إلى الرأسمالية الاحتكارية، وبالتالي تم استبدال خصائص وشروط الفترة التنافسية الحرة بخصائص وشروط الفترة الاحتكارية.كان من المستحيل على ماركس وإنكلس، اللذين عاشا في فترة ما قبل الاحتكار للرأسمالية ، التنبؤ بخصائص فترة ما بعد الاحتكار.لذلك سيكون من الخطأ والعبث أن نتوقع من ماركس وإنكلس أن يتوقعا قوانين وأساليب خاصة للفترة الاحتكارية.

لهذه الأسباب، استكملت الماركسية باللينينية في فترة الرأسمالية الاحتكارية.

لقد سبق أن ذكرنا بالتفصيل أن اللينينية تعتبر الاستثناء الذي توقعه ماركس إمكانية لبريطانيا وأمريكا غير صالحة في الحقبة الإمبريالية.لقد ذكرنا أيضا نظرية لينين للثورة، ولا حاجة لخوض في تفاصيل بأن طول مرحلة الإمبريالية، تكون نظرية الثورة هذه عالمية وفقا للماركسية وهي دليل للعمل من أجل الانتقال إلى الاشتراكية.

«إن الأشكال البرجوازية للدولة متنوعة للغاية. لكنها تملك نفس الصفات. كل هذه الدول هي، في نهاية التحليل، بهذا شكل أو ذاك، ولكن حتماً، دكتاتورية البرجوازية. بالطبع، أن الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية كذلك لها أشكال متنوعة وغنية سياسياً- العملية الملموسة للصين وفيتنام وكوبا والدول الاشتراكية الأخرى- لكن كلهم تملك نفس الجوه؛ دكتاتورية البروليتاريا (…) في الواقع، هذه الفترة – الانتقال إلى الاشتراكية في المرحلة الإمبريالية – تحمل بالضرورة طابع الصراع الطبقي، الذي في نهاية الأمر، ستتخذ أشكالا حادة ولم يسبق له مثيل بعنف غير مسبوق – غير سلمي وليس سلميا “. (15)

لذلك، في فترة المنافسة الحرة، عندما لم يكن العالم مقسما من قبل المجموعات المالية، عندما لم تكن الرأسمالية في فترة سقوط  بل في النمو كما هي اليوم، فإن “الانتقال بطريقة سلمية إلى الاشتراكية” الذي اقترحه ماركس لأماكن استثنائية أمر مستحيل بالنسبة للماركسية، كما قال لينين.

إن اقتباس ماركس وإنكلس دون الأخذ بعين اإاعتبار أعمال ماركس وإنكلس، حسب مكان وعمق أفكارهم  في ظل التطور التاريخي، هو خيانة للماركسية وتعتبر حركة مشتركة لجميع الانتهازيين لدحض الماركسية.وكما أشرنا من قبل، يرى بوضوح في تاريخ النضال الاشتراكي أن جميع الانتهازيين دافعوا عن انتهازيتهم، متشبثين، على حد تعبير ستالين، “بأربعة أيادي بتحديدات ماركس المشروطة”. هناك العديد من الأمثلة على ذلك كحقائق معروفة. تروتسكي، على سبيل المثال …

في ظل غياب الإمبريالية وقانون “التطور غير المتكافئ للرأسمالية”، ولم يكون هناك إمكانية لوجودها، أطروحة ماركس وخاصة إنكلس بأن الثورة الاشتراكية ليس في بلد واحد، في قارة  أوروبا  بأكملها من الممكن أن تصل إلى النجاح. في فترة رأس المال الاحتكاري، إلى جانب إكتشاف قانون “التطور غير المتكافئ للبلدان الرأسمالية” ،هناك إمكانية انتصار الاشتراكية في بلد واحد،وكما أن تروتسكي “المحتضن” غارقا في الانتهازية، فإن أولئك الذين تشبثوا في نفس الفترة باستثناء الانتقال إلى “الاشتراكية بالوسائل السلمية”، التي لم تعد مقبولة من قبل اللينينية، دفنوا في مستنقع الانتهازية حتى حناجرهم.

في مقولة “اعتبار هذا الكتاب نوعا من خطة العمل، بعد 52 عاماً من كتابة الدولة والثورة” أن كلمة “”خطة العمل” في مفرداتها مجردة للغاية، وهي كلمة ليست واضحة بشكل ملموس ما تعنيه بمفردها.هذا هو السبب في أنه من الضروري تعميق وفتح هذه الكلمة “خطة عمل” من أجل تجسيدها في عيون القارئ.

إن تحديد التناقض الرئيسي من التناقضات في سيرورة المجتمع الذي تعيش فيه، وتحديد طبيعة تلك المرحلة التي يحددها هذا التناقض الرئيسي ، (تحديد المرحلة الثورية) وتأليف الشعارات الثورية المناسبة لهذه النوعية يسمى “الاستراتيجية” في الأدب الماركسي.الاستراتيجية، التي هي في الواقع مفهوم عسكري، تعني فن الفتح. تتضمن المرحلة التي يحدد بها التناقض الرئيسي طبيعته – المراحل المختلفة الموجودة في فترة تطور أي شيء – تتضمن عدة مراحل في داخلها. وكل مرحلة تحتوي على الظروف مختلفة. وبالطبع فأن الظروف المختلفة تتطلب خصائص مختلفة. وهنا تظهر أهمية إعطاء شكل مناسب لمرونة التكتيك. التكتيكات هي فن رسم المواقف وفقاً للظروف، مما يجعل قيامبحركات المعزولة وفقا للظروف، وفقا للظروف المختلفة للمراحل المختلفة للمرحلة  التي يحدد فيها طبيعة التناقض الرئيسي (في بعض الأحيان قد يتداخل التناقض الثانوي مع التناقض الرئيسي، وأحيانا يتم حل بعض العناصر الجزئية للتناقض الرئيسي).

هذه هي تعريفات “الاستراتيجية” و “التكتيك” في الأدب الماركسي (بالمناسبة، نحن نعرف مدى فهم كنعان سومر للتكتيك والاستراتيجية (!)، من مقالته حول “تكتيكان” بقوله “استراتيجيات الثورة الديمقراطية”).السبب في أننا نتحدث عن “التكتيك” و “الاستراتيجية” هنا هو لأجل وضع كلمة “خطة عمل” على أرض الواقع وتجسيد معنى الجملة التي تستخدم فيها.

إذا كان من الممكن تسمية عمل تحديد طبيعة وشعارات المرحلة الثورية المعاشة بـ “التخطيط الأعظمي للحركة” (تحديد الاستراتيجية)، يمكننا أن نسمي الخطط الواردة في المخطط الأعظمي للحركة والمرسومة وفقا للانحناءات المتعرجة والصعود والهبوط، وبعبارة أخرى، مراحل الحركة، والتي لا تصلح إلا لتلك المراحل، “الخطط الصغرى للحركة”. (16)

الآن يجب أن يسأل، ما المقصود بخطة العمل هذه؟ هل الخطة الأعظمي (التخطيط الاستراتيجي) للحركة أم تعني التخطيط الصغرى (التخطيط التكتيكي) للحركة؟

وعندمت نقو بالاختزال إلى الواقع، فإن كلمة “خطة العمل” لوحدها ليست لهامعنى. ويبقى في الوسط  كمفهوم مطاطي. لذلك، لا يوجد خيار سوى تفسير كلمة “خطة عمل” هذه من خلال إنشاء روابط عضوية مع كلمات المؤلف السابقة في الجملة المستخدمة فيها.

وبما أنه من الواضح منذ بداية مقال المؤلف أنه صاحب موقف مسبق، بأنه يبذل قصارى جهودهللبحث عن أساس لإمكانية “التأسيس السلمي للدولة البروليتارية” في الفترة الاحتكارية للرأسمالية (ومحاولاته المتكررة، وبدون أن برف له جفن بأن هذه الجهود موجهة نحو تحريف الماركسية-اللينينية) ، فمن الممكن بناء الجملة على النحو التالي ؛” أن نظرية الثورة لدى لينين في كتابه ’ الدولة والثورة’ من بعد 52 عاماً على كتابته بإعتياره طريقة ثورة بروليتاريا، فقط يمكن توضيحه بـمنطق الضيق لبرجوازية الصغيرة، وهي في الأساس معادي لمفهوم الماركسية –اللينينية و الفكر العلمي.”( إذا كان فهمنا غلط،  عليهم تصحيح شكل الجملة ونحن  نقوم بتقديم نقدنا على ذاك الأساس).

كما ذكرنا مرارا وتكرارا منذ بداية مقالتنا أنه من الضروري، في فترة الأزمة الأولى للرأسمالية، ذكر لينين أن بيروقراطية وعسكرتارية الدولة البرجوازية أصبحت أقوى بكثير مما كانت عليه في فترة ما قبل الاحتكار مع دخول الرأسمالية إلى الفترة الاحتكارية، ووفقا لهذه السمات والظروف الجديدة للرأسمالية، اقترح “النظرية اللينينية للثورة” من خلال تعميق ماركس وإنكلس.

في النصف الثاني من القرن 20، فإن الأساتذة الماركسيين في هذه الفترة، الذين قالوابإن الرأسمالية قد دخلت فترة الأزمة الثالثة وأنها تلتزم بشدة بـ بيروقراطية وعسكرتاريتها أكثر بكثير من فترة الأزمة الأولى من أجل أن تكون قادرة على إطالة موتها إلى أبعد من ذلك نوعاً ما، وأعلنوا بشكل واضحبأن نظرية لينين اكتسبت أهمية أكبر بكثير وذو خاصية عالمية في هذه الفترة، وأن ما يسمى بالماركسيين الذين لا يقبلون هذه خاصية العالمية يتم إتهامهم بالخيانة لماركسية اللينينية (17)، وهذا النوع من الفكر، في تناقض صارخ مع تفسير كنعان سومر، وفقا لأساتذة الماركسيين في الفترة التي نعيش فيها، ويعتبر انحراف يتعارض بشكل أساسي مع الفكر الماركسي اللينيني.

“النظرية الثورة الماركسية اللينينية، في نهاية المطاف، هي نظرية مواجهة الحرب ضد الشعب بحرب شعبية”. (18)

باختصار، يقوم  “الدولة والثورة”بتعميق “نظرية الدولة” الماركسية، التي أنشأها لينين من خلال تعميق مفهوم ماركس للدولة، وكذلك فكرة ماركس عن “الصراع الطبقي ودكتاتورية البروليتاريا”، من خلال إدارة حزب طليعي مؤلف من عدد صغير من الثوريين المحترفين، بنظام إنضباط  فولاذي، مع قدرة عالية على المناورة، الذين قبلوا النظرية الثورية كدليل للعمل، من خلال الإنتقال إلى الأشتراكية من خلال تفكيك جهاز الدولة البرجوازي بالقوة وتأسيس بدلاً عنهاديكتاتورية بروليتاريا وبهذا يوضح  “نظرية الثورة”.

لذلك، فإن رفض هذا العمل بالقول إنه “يتضمن فقط تكتيكات عام 1917، والآن تغيرت الظروف” وتركها بجانب هو الاستقالة من الماركسية- اللينينية على حد تعبير أساتذة الماركسية.ووفقا لهؤلاء الأساتذة، فإن عمل “الدولة والثورة” ليس فقط نتاج الثورة الروسية، كما يحاول سومر إظهاره ، بل أنه تحمل في طياتها خصائص عصرنا.لأن أهم مبادئ اللينينية، التي استكملت الماركسية في الفترة الاحتكارية، مدرجة في هذا العمل.

لهذا السبب، وفقا للنظرية الماركسية، يجمع الماركسيون بين الحقائق العالمية للينينية والممارسات الملموسة لبلدانهم ويرسمون خططهم الاستراتيجية والتكتيكية، أو كما يسميها سومر بـ “خطط عملهم”.. خلاف ذلك، لم يقوموا بغض النظر بشكل غير محترم لعمل “الدولة والثورة، بالقول إن “52 عاما مرت منذ ذلك الحين، كانت صالحة وقتها، لكنها الآن فقدت صلاحيتها”، حيث تحتوي على أهم الأطروحات العالمية للينينية.

مثل هذه الفكرة هي عرض ملموس للنظرة عامة لبرجوازية- الصغيرة ضيقة الأفق وفقا لأساتذة الماركسية- اللينينية.

فيما يلي آراء أساتذة الماركسية وها هي  تفسير كنعان سومر العلمي (!).

بعد كل هذه التصريحات، نشعر بالحاجة إلى قول بضع كلمات للسيد سومر حول “نزاهاته العلمية”:

أن المثقف الصادق لو لم يقبل بنظرية الذي يقوم بتقديمه، فعليه أن يكون صادقاً مع محتوى الاثر ويقدم نظرة الكاتب كماهو موجود في العمل.

قد لا تؤمنوا بفكر الماركسي، قد لا تقبلوا نظرة الماركسية حول العالم كنظرة لكم ياالسيد سومر. حسب دستورنا فأن لكل حرية الفكر والقناعة. وأنتم أحرار في دفاع عن أي فكر أو عقيدة.

لكن لا يحق لكم تحريف أي عقيدة. أن دفاع عن رأي حول العالم شيء، وقيام بتحريف الرأي المضاد لتلك الرأي شيء آخر.

إذا كان الشخص يحترم نفسه والعلم، فإنه لا يذهب للدفاع عن أفكاره الخاصة عن طريق تحريف وجهات النظر المعارضة لنظرته للعالم والأعمال التي توجد فيها هذه الآراء.بل على العكس من ذلك، فهو يذهب “إلى طريق الرفض”من بعد ما يقوم بطرح نظام الفكر الذي يعارضه وأساليب هذا النظام، أطروحات وأساليب أصحاب ذلك النظام الفكري، ثم أطروحات وأساليب فكره الخاص.

أنت تبذل جهودا في هذا الاتجاه بطموح مذهل وعمى لدرجة أنه حتى شخص متوسط الذكاء،لا يعرف الماركسية يمكن أن يجعلك تقول شيئا سخيفا مثل “بما أن الكتاب قد تم نشره من  بعد ثورة أكتوبر،لذا لم يكن له تأثير مباشر على الثورة”.

ماذا يمكن أن يقال مقابل تصريح كنعان سومر هذا؟ أعتقد أن أفضل شيء نفعله هو الضحك على هذا المنطق البائس وإجتيازه.

هذا الكتاب، الذي ألفه لينين، والذي تضمن نظريات “الدولة و الثورة” للينينية، لم يكن له تأثير مباشر (!) على ثورة أكتوبر، التي قاده لينين من البداية إلى النهاية. هيهأت على مثل هذا المنطق. إن الإسهاب أكثر في هذا البيان السخيف سيكون عدم احترام، على الأقل للقارئ.

7-       

الماركسية هي عقيدة الحركة المتحركة.على حد تعبير أنكلس، إنها ليست دغما يتم حفظها ويتكرر ميكانيكياً،بل نظرية للتطور.

لا يحتوي الماركسية على حقيقة مطلقة، نهائية. الحقيقة تكون نسبية وديناميكية و مؤقتة.

لا يمكن الحصول على معلومات حول الطبيعة الخاصة لأي تحليل خارج التحليل الملموس للمعرفة الماركسية.

لقد استخدم أساتذة الماركسية دائما هذا المبدأ الثابت للديالكتيك الثوري. الماركسية هي أيضا في تطور مستمر.لأن معرفتنا تقتصر على النتائج الحالية للعلوم الطبيعية. لذلك ، لذلك ماهو كافٍ اليوم غير كاف غدا. الماركسية هي نظرة عالمية تتجاوز وتجدد نفسها باستمرار …

“تطور ينطوي في نفس الوقت الذي يتم فيه تعميق العقيدة على تطبيق المنهج على الحقائق الناشئة حديثا أو المحللة التي تم وضعها جانبا، أنه تختلف كلياً عن تحريف المبادئ.” (19)

أن المسألة عندما يقال بأن “نظرية الثورة ” و”نظرية الدولة في الماركسية” اللتان تعتبران سلفاً للعملية والتأسيس الماركسي-اللينيني و تم تعميقهما من قبل لينين وأنهما صالحة في تلك الظروف، وعدم قبول “نظرية الدولة في الماركسية” التي الأطروحة الكونية الديناميكية من نظرية الديناميكية  بأنها صالحة في العصر الأمبريالية وكذا عدم قبول “نظرية الثورة” كدليل العمل في العصر الأمبريالية ليست سوى تحريفية. حسب الأساتذة الماركسية.

الأساس الفلسفي للتحريفية ليس سوى اللاأدرية.(يعالج التحريفيون المشاكل ويفسرونها بطريقة “انتقائية” انتقائية. ومع ذلك، فمن الواضح أن أساس “انتقائيتهم” هو اللاأدرية “عدم المعرفة”).

من أجل تقديم المسالة للقارئ بشكل أكثر ملموساً، دعونا نفتح قليلا عن “اللاأدرية” هنا.

كما هو معروف، فأن الحقيقة ملموسة في كل مكان. هذا هو السبب في أن طريقة تحليل الماركسية هي دائما “التحليل الملموس للحالات الملموسة”. لا توجد طريقة أخرى خارجها للحصول على معلومات موضوعية.

ولكن لمجرد أنني أستخدم الطريقة الجدلية “التحليل الملموس للأوضاع الملموسة”، وتوقفت عن التحليل الوضع الملموس فهذا يعني أنك ابتلعت حب.في تلك اللحظة يتحول المنهج الديالكتيكي إلى ميكانيكاً، ونظرتك للعالم إلى عدم معرفة، وما زلت تعتقد أنك تقترب من مسائل بطريقة ديالكتيك ماركسي.

باختصار، المكان الحتمي الذي سيسقط فيه الرؤوس  الميكانيكية ذات سطح محدود، الذين يحاولون استخدام “التحليل الملموس للمواقف الملموسة”  الذين يجهلون الديالكتيك، هو “اللاأدرية”.  رغم أن الديالكتيك الماركسي يتحول من “التحليل الملموس للأوضاع الملموسة” إلى النظرية الموضوعية للمعرفة.

إن ما يسمى بالماركسي، الذي يجهل نظرية الديالكتيك الموضوعية للمعرفة، لا يختلف عن الشخص الذي ينظر إلى واحة ويعتقد أن الصحراء كلها خضراء أيضا.

مثلما ينعكس الكل مع الاختلافات في الكمية في أجزائه، تنعكس الأجزاء في الكل بنفس الطريقة.أي أن هناك صلة وثيقة بين الخاص والعام ، والعام والخاص.أن الاختزال هذه الرابطة، هذه الطريقة المزدوجة للمعرفة، إلى واحد هو بمثابة قول “وداعاً” للديالكتيك الماركسي.

لا يمكن تحقيق وجهة نظر الحقيقة إلا من خلال الانتقال من تحليل الملموس إلى التجريد العلمي. من هذا التجريد، يمكن صياغة المفاهيم والعلوم المجردة ولكن القائمة على الواقع (ملموس) ويمكن الوصول إلى أطروحة ماركسية عامة.(تقتصر عالمية أي أطروحة ماركسية على استمرار العملية التي تتعلق بها تلك الأطروحة). في الطبيعة المعقدة بلا حدود للواقع فقط بهذه الطريقة يمكن للمرء أن يصل إلى الحركات والقوانين التي ينعكس بوضوح أو ضمناً.

دعونا نجعل حديثاً هذا ملموسا بمثال؛ رأى لينين، الذي حلل الظروف الملموسة لروسيا القيصرية، بأنه من الممكن إقامة ديكتاتورية البروليتاريا عن طريق تحطيم السلطة الرجعية من خلال حزب طليعي يتكون من عدد صغير من الأشخاص ذوي الانضباط الحديدي.

ولكن إذا تركنا المشكلة ضمن الحدود الضيقة لهذا الكلام الضيق، فإننا نترك اثنين من الأرجل الأربعة للطاولة خارجاً.

هل تختلف السمات العالمية للفترة الرأسمالية الاحتكارية تماما عن تلك الخاصة بروسيا القيصرية التي كانت دولة إقطاعية عسكرية؟ بالطبع لا. هذا الوضع ليس سوى انعكاس للعام  في الخاص من خلال الاختلافات في الكمية.

انعكست جميع تناقضات الإمبريالية في إنكلترا وفرنسا وأمريكا وألمانيا ودول غربية أخرى حيث كانت الرأسمالية متطورة للغاية،في بداية القرن 20. لكن، هذه التناقضات في الاختلافات مختلفة، مثل أشعة الشمس التي تنكسر وتتخذ ألوانا مختلفة عن طريق ضرب المشور الثلاثي. يظهر انعكاس تناقضات الرأسمالية الاحتكارية باللون الأحمر في روسيا القيصرية، على الرغم من أنه يظهر باللون الوردي في إنكلترا في هذه الفترة.ما يحدد تغير لونه هو التطور التاريخي لذلك البلد، ومستواه الاقتصادي والثقافي، وتكوين قوة ووعي الطبقي، والاختلافات في قدرات قادة الطبقات وخصائصهم الإقليمية.

عندما قام لينين بتحليل ملموس للوضع الملموس لروسيا القيصرية، قام أيضا بتحليل الفترة الإمبريالية إرتباطاً مع ذلكوانعكاستها على روسيا، في بداية القرن 20.

في الواقع  المعيار الرئيسي الذي ميّز البلاشفة عن المناشفة والاشتراكيين الثوريين هو أنهم أستخدموا الديالكتيك الماركسي كطريقة صحيحة للتحليل.

لقد ذهب الاشتراكيون الثوريون (20) إلى طريق إنكار الأطروحات العالمية للماركسية من خلال إجراء تحليل ملموس للوضع الملموس بطريقة خاطئة. (الخطأ الأول الذي ارتكبه كنعان سومر لا يختلف كثيرا عن الخطأ الذي ارتكبه الاشتراكيون الثوريون). قائلين إن الأطروحات الماركسية لا تتوافق مع وضع وظروف روسيا القيصرية، جادلوا بأن الإقطاعية والرأسماليةستنهار في روسيا في نفس اللحظة معاً.

إن المناشفة، الذين نسوا أن الماركسية هي عقيدة الحركة المتحركة، كرروا كلمات الماركسية بطريقة ميكانيكية. على سبيل المثال، قالوا نفس الأشياء التي قالها برنشتاين وغيره من التحريفيين الذين تبنوا الانتقال إلى “الاشتراكية بالوسائل السلمية” (التي ذكره ماركس على وجه التحديد أنها استثنائية حتى بالنسبة لرأسمالية ما قبل الاحتكار) التي تصورها ماركس لرأسمالية ما قبل الاحتكار.

 (الخطأ الثاني الذي ارتكبه كنعان سومر هو أنه يكرر الكلمات الماركسية بطريقة ميكانيكية). لقد دافعوا عن دعم البرجوازية، بحجة أن روسيا القيصرية لم تكن مستعدة لثورة اشتراكية. “ألم يتوقع ماركس أنه ستكون هناك ثورة في بلد صناعي قوي متطور كماً ونوعصاً؟” لذلك،  فإن المناشفة الذين قالوابإن روسيا القيصرية حتى أن تصبح مثل هذا البلد، لم يروا أن ظروف روسيا القيصرية في عام 1917مناسبة لثورة إشتراكية. ونتيجة لذلك، وقفوا إلى جانب الاشتراكيين الثوريين في الاتجاه المعاكس ودعموا السلطة البرجوازية.

لا عجب من أن المناشفة والاشتراكيين الثوريين جاءوا إلى نفس المكان على أساس أهداف ومسارات متناقضة تماما. إذا لم يتم التعامل مع المشكلات وفحصها في البداية بالطريقة الديالكتيكية، أو إذا تم استخدام الطريقة الجدلية بشكل غير صحيح، فإن الإجراءات القائمة على هذا التحليل الخاطئ، سواء من اليمين أو من اليسار، تتزامن في النهاية مع بعضها البعض.

هذا هو السبب في أن الاشتراكيين الثوريين والمناشفة غنوا نفس الاغنية من مواقع منفصلة، طوال الثورة بأكملها.

ملاحظات:

* نشر هذا المقال لأول مرة في 12 آب 1969 في العدد 91 من مجلة اليسار التركي.

(1) كارل ماركس، حياته وأعماله II، هنري لوفيفر، ص. 145، منشورات الأناضول.

(2) لمزيد من المعلومات، انظر: “طبيعة انتهازية آرن”، اليسار التركي، عدد، 88. ص 14-15-16.

(3) أولئك الذين يدافعون عن هذا الطريق في عصرنا لا يرون ضرورة دكتاتورية البروليتاريا. على الرغم من أن رأه كأحتمال إستثنائي وضئيل فإن ماركس يتوقع بالضرورة دكتاتورية البروليتاريا نتيجة لهذه الطريقة.

(4) الكتابات بين الفواصل تعود لنا.

(5) لا ينبغي المبالغة في شجاعة سومر. لأن سومر ليس الوحيد الذي يقترح هذا المسار. جميع مزوري الماركسية في البلدان الرأسمالية الغربية ينشرون باستمرار بهذه الطريقة. ويردد مقولة في بلد متخلف معروف في العالم: “هذه هي المرة الأولى التي نحاول فيها مساراً غير مختبر في العالم. هذه هي مساهمتنا في الماركسية” وصيحات الصراخ لمجموعة من المزورين الذين يدافعون عن هذا الطريق لا يزال يتردد صداها في آذان أولئك الذين يعرفون الأمر.

(6) “مسألة الأرض”، ” حول الضرائب العينية” ، ص. 150 ، لينين ، منشورات اليسار.

(7) النثر هو عائد لنا.

 (8) “الانحرافات بين اليمين-اليسار” (“خاتمة ل “حول الانحرافات الديمقراطية الاشتراكية في حزبنا”) 3 نوفمبر 1926، ص 76، ستالين، منشورات اليسار، أنقرة.

(9) “بؤس الفلسفة”، كارل ماركس، ص 195، منشورات اليسار. “اقتباس جورج ساند الشهير ليس مكتوبا بوضوح في الترجمة إلى التركية. الأصل بهذا الشكل”.

(10) “الدولة والثورة”، لينين، ص 30، “منشورات العلم والاشتراكية”.

(11) “لينين ، حياته وأعماله”، ص. 29، هنري لفيكري، منشورات الأناضول، (محتويات الواصلة عائد لنا).

(12) “الاشتراكية”، ص. 52، لينين، دار هابورا للنشر، (محتويات الواصلة عائد لنا).

(13) “النظرية والتطبيق”، ماو تسي تونغ، ص 67. منشورات اليسار.

(14) “الجبهة المتحدة ضد الفاشية”، “الموقف ضد الديمقراطية البرجوازية”، ص. 167، ديميتروف

(15) “الدولة والثورة”، لينين، ص 47-48، “منشورات العلم والاشتراكية”.

(16) مفاهيم “الأعظمي” و “الأصغري” هي مفاهيم غير موجودة في الأدبيات الماركسية. لذلك، لا ينبغي استخدامه. السبب في أننا نستخدمها هنا هو توضيح بيان سومر حتى نتمكن من تقديم المشكلة للقارئ في شكل ملموس.

(17) في أعمال ماو تسي تونغ ولين بياو، تم وضع القضية بطريقة واضحة للغاية ولا جدال فيها.

(18) “عاش انتصار الحرب الشعبية”، لين بياو، ص 60، “منشورات العلم والاشتراكية”.

(19) “كارل ماركس – حياته وأعماله” هنري لوفيفر، ص 144، منشورات الأناضول.

(20) لقد رفض “الاشتراكيون الثوريون” في روسيا الاشتراكية العلمية ورفضوا الروابط التي لا تنفصم بين الاشتراكية والطبقة العاملة. . “الحزب الاشتراكي الثوري” هو منظمة شعبوية وفوضوية لا علاقة لها بالماركسية.


ترجمة من تركي ألى عربي محمد كمال

image_pdf
Bunları da beğenebilirsin

Cevap bırakın

E-posta hesabınız yayımlanmayacak.