ماهير جايان : الثورة المتواصلة 2-3
الثورة المتواصلة 2-3 *
المدخل
كما هو معروف؛ كانت التحريفيةعاملاً فعالاً وتوجيهياً في اليسار التركي لسنوات عديدة بتحليلاتها الفكرية التي لا تلقي الضوء على الممارسة وأسلوب عملها الموجه نحو الذيل وعلاقاتها المثيرة للاشمئزاز.
إنّ الحقوق الديمقراطية المحدودة التي أنشأها دستور عام 1961 خلقت بيئة مادية لهذه الحركة، لم تكن موجودة في أي فترة تاريخية.
إن الحركة الثورية، التي جّروهاإلى مسارٍ ثوريٍّ-قومي؛ أُعِيدَتحت رعايتها اكتشاف التحليلات السياسيةالتي كتبها ورسمها أساتذة الاشتراكية قبل سنوات عديدة على المستوى الفكري، وكان كل منها نتاج ممارسة ثورية معينة،من خلال التعديلات التي قام بها “المنظّرون” المحليون (!). لقد مرت السنوات دون كتابة أي شيء ملموس فيما يتعلق بالنضال الثوري في البلاد لتوضيح مسألة “من أين وكيف نبدأ؟”. أصبح نشر الكتب والنشرات (الممزوجة بالتجارة) عملاً لهمبـحد ذاته.
الأجيال الشابة من الثوريين الذين نشأوافي هذه البيئة؛ تلقوا أيضاًغذاؤهم الاشتراكي ضمن هذه البيئة وعلاقاتها.
لقد نشأت حالة مثيرة للاهتمام للغاية في البلاد، والتي ربما لا توجد في أي بلد مستعمر آخر. على مستوى رهيب (!). في حين اجتاحت الجدل النظري والتكهنات الأيديولوجية (التي صنعها بالفعل الأساتذة منذ سنوات) اليسار، ظلت الممارسة هي الأفعال الشبابية لثلاث أو خمسة طلاب جامعيين بالمعنى البرجوازي-الصغير.
مع المفهوم التحريفي؛ يتم اكتشاف الأمريكيتين من جديد، حيث أنّ الظروف التاريخية للبلاد والتي يمكن لأي شخص بـمستوى معين تقييمها بدقةإلى حد ما تقريباً،تقفز غوصاً فيها “كوادر نظرية رائدة”.أولاً وقبل كل شيء؛هل كان نمط الإنتاج الآسيوي أو نمط الإنتاج الإقطاعي المهيمن في الإمبراطورية العثمانية، ثم في تركية الستينات؟، هل كان الإقطاع أو العلاقات الرأسمالية هي المهيمنة، أم كانت علاقات الإنتاج القائمة هي علاقات رأسمالية بذاتها؟ غطت نقاشات اليسارتدريجياً.
اختلافات حول؛ الإقطاع هو المهيمن؛أم الرأسمالية هي المهيمنة؛أصبحت حرب الفصائل في المجلات التي تنشر فيها مسلسلاتها واستمرت لسنوات بشدة أكبر. والاتهامات بالتحريفية والانتهازية قد أثارت ضجة.كل مجلة تظهرتدّعيبـأنها ممثلة لحركة “جادة” تطرح وجهات نظرها حول المواقف السياسية تجاه هذه الدولة أو تلك، داخل الكتلة الاشتراكية وعملية تطوير علاقات الإنتاج منذ عثمان غازي،كانت بـ 80-100 صفحة (الذين لم يكتفوا أكثروا من عدد الصفحات) على شكل كتيبات في أعدادها الأولى. (في الواقع، كان تقييمها جميعاً متطابقاً إلى حد ما في الجوهر، باستثناء الاختلافات في المصطلحات والفروق الصغيرة). بشكل عام العناصر الصميمية التيفي اليسار، كانت مشروطة أيضاً بهذا الجو. كان الجميع ينتظرون باستمرار اكتشاف أمريكا جديدة في المجلات كل يوم وفي كل انفصال جديد. ومع العلم؛ لم تكتب الحركة الثورية بداية في أي بلد في العالم آلاف الصفحات في المستوى النظري ثم وُضِعَتْ موضع التنفيذ. من كثرة كتابات “العلماء”، أصبحت العناصر الصميمية في حيرة من أمرها فيما يجب القيام به. (1)
في هذا الجو؛ تحت تأثير هذا الجو؛ وجدنا الخط الصحيح بالمشي رويداً رويداً لأن أقدامنا كانت في هذا المستنقع. بدأنا بنفس البطء بالخوض في الممارسة العملية. (قرأنا وتعلمنا النظرية للقيامبالثورة. ومع ذلك؛ لا ينبغي تفسير هذا بمعنى أننا علماء. نحن تعلمنا من الاشتراكية. وسيستمر تعلُّمنا هذا مدى حياتنا).
وقد بيّنا هذه الحقيقة في العدد الأول من كورتولوش(التحرير) على النحو التالي:
“لقد نبتت هذه الحركة وتطورت في بيئة كانت التحريفية فيها نشطة لسنوات عديدة. لذلك؛ سوف تحمل بقايا التحريفية (الغير نشطة) فيها لفترة معينة من الزمن. سيتم التخلصمن هذه الآثار في معركة الحرب “.
(نظراً لأنّه لم يكن لدينا النص، فـلم نكتب كلمة بكلمة، ولكن كتبنا بقدر ما تذكرناه). (*)
في ذلك العدد أيضاًقلنا أنّ الكتابات النظرية التي ستكتب من الآن فصاعداً ستكون كتابات قصيرة وموجزة وواضحة، وأن التقييمات النظرية لن تُطرَح على الطاولة، إلا من خلال التجارب والخبرات الغنية التي تنبثق من الممارسةسيتم إتقانها على ضوء الماركسية-اللينينية.
في الوقت الراهن؛ وبينما نطرح المبادئ الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية والاستراتيجية لحزبنا، والتي سبق أن تم تحديدها بشكل عام، ستكون نقطة انطلاقنا هي نقطة التصميم الثورية هذه.
من الممكن تماماً؛ طرح هذه المبادئ في مئات الصفحات من النصوص بين الكثير من الحقائق العامة والكلمات الماركسية،كما سيكون هذا موضع تقدير. ومن الممكن تماماًتوليف الكثير من الأحكامعلى الطاولة التي ستلقي الضوء على ما يسمى بالممارسة.
لكن لا! لا مكان لمثل هذه التحليلات الفكرية (النخبوية) في حزبنا. يجب أن تكون لغتنا ومصطلحاتنا وتحليلاتنا نتاج الممارسة الثورية العالمية بشكل عام، ولممارستنابشكل خاص.
يجب أن نعالج مشاكلنا المتعلقة بخطنا العام بوضوحٍ وإيجازٍ كي تلقي الضوء مباشرةً على ممارستنا.
حزبنا؛ هوحزب لينيني تأسس على مبادئ المادية الجدلية والتاريخية.
وبـدليل الماركسية اللينينية؛ حدد حزبنا استراتيجية الحرب العسكرية المسيسةكاستراتيجية الثورة التي تستند إلى التحديد الثوريلـتناقضات وعلاقات فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية وانعكاس هذه التناقضات والعلاقات على تركيا (الخصائص التاريخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية لبلدنا).
هذا الخط الاستراتيجي هو الخط الذي يتعامل مع الريف والمدينة، والدعاية المسلحة وغيرها من أشكال النضال السياسي الجماهيريككل بـشكل جدلي.
وكما هو معروف، فإن مفهوم حرب الكريلالوحدها لا تحددالنوعية.
يمكن للطاغية المحلي من شن حرب الكريلاضد السلطة المركزية، والجيش الذي هُزِمَتْ قواته النظامية ضد عدوه. إن شن حرب الكريلا لأغراض سياسية ثورية، كوسيلة للحملة لشرح الحقائق السياسية، أي كـنضال جماهيري سياسي، تسمى استراتيجية الحرب العسكرية المسيسة. المصادر النظرية لخط استراتيجيةالحرب العسكرية المسيسة، خط الحركة، هي في التحليل الملموس للحالات الملموسة. وبعبارة أخرى؛ فإن الخصائص المميزة لفترة الأزمة الثالثة للإمبريالية بشكل عام، وهذه التناقضات والخصائص بشكل خاص؛ تكمن فيالانعكاس على ظروف تركيا.
إن المبدأ التنظيمي للمنظمة التي تصوغ استراتيجية الثورة بـمبدأ وحدة القيادة السياسية والعسكرية، هو المبدأ التنظيمي لهذا الخط اللينيني.
قبل شرح هذه الأسس النظرية باختصار وإيجاز، نرى أن بعض التفسيرات الأولية للنظرية الماركسية-اللينينية ستكون مفيدة لتجسيد المسألة.
الفصل الأول
ملاحظات تمهيدية
1.
الماركسية–اللينينية هي الدليل للعمل
“الماركسية عقيدة عميقة للغاية ومعقدة للغاية“.
الماركسية هي عقيدة تعمق وتثري نفسها وتطورها ذاتياً باستمرار في مواجهة حقائق الحياة الجديدة. ما هو أساسي في الماركسية ليس الكلمات، بل المحتوى. الشيء الوحيد الذي لم يتغير في الماركسية هو الطريقة الديالكتيكية التي هي بمثابة روحها الحية على حد تعبير لينين.إذا لم تؤخذ مفاهيم الزمانوالمكانبعين الاعتبار، واللذان هما العنصران الأكثر فعالية في الديالكتيك، فـ كان من الممكن التحدث عن تحريفية لينين وفقاً لماركس وإنكلس، وماو تسي تونغ وفقاً لـ لينين وستالين، والثوريين البروليتاريين المنتصرين في فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية وفقاًلماو.
الانتهازية في كل مكان وتلجأ دائماً إلى طريقتين لتحريف الاشتراكية العلمية. إما دون مراعاة مفاهيم الزمان والمكان، فإنهاتحتضن الأطروحات التي طرحها أساتذة الماركسية لظروف تاريخية أخرى والتي أصبحت بالية في الفترة الحالية وتحاول جعل هذه الأطروحات أساساً لانحرافها. أو أنهاتُحرّف الماركسية، قائلة:أطروحات الماركسية-اللينينية الصالحة في جميع الظروف– تغيرالزمان والمكان، لذا فهي غير صالحة».(انظر الثورة المتواصلة 1).
تتعامل التحريفية والانتهازية مع النظرية على أنها دوغماء وعقيدة. هكذا تتعامل التحريفية مع المشكلة ليس فقط في مفهوم الثورة، والجمع بين الطبقات والتنظيم، بل أيضاً في أساليب العمل. إن وجود أساليب النضال التي وصفها الأساتذة في الفترة الماضية، وفقاً للانتهازيين، هو تحريف للنظرية. على سبيل المثال، خلال فترة انتفاضة 1905-1907، في مرحلة تراجع الموجة الثورية، اتُّهم البلاشفة الذين لجأوا إلى حرب الكريلا، بالفوضوية والنارودنيةوالبلانكوية من قِبَل الكاديت(الحزب البرجوازي) والمَناشفة. جادل المناشفة بأن هذا الشكل من النضال لم يكن موجوداً فيأعمال ماركس وإنكلس.
في الثورة الصينية، حيث لم تلعب بروليتاريا المدن دوراً رئيسياً (التي لن تصل للانتصار بالانتفاضة، بل بالحرب الشعبية)، فـ على نحو مماثل؛ اتبع ماو خطاً مختلفاً عن نموذج الثورة السوفييتية على أساس حرب الكريلا. لذلك المستسلمين اتهموا ماو بأنه ليس لينينياً، وبأنه نارودنيكي، وبإخضاع اللينينية للانحراف. المبرر هو أن تنبؤات ماو حول طريق الثورة وأساليب النضال؛ غير موجودة في كتب لينين وستالين.
في فترة الكساد الثالث، لا تزال اعتراضات المستسلمين كما هي. بالنسبة للانتهازيين الذين لا يأخذون الوضع التاريخي المتغير بعين الاعتبار، فإن خط الماركسيين-اللينينيين الذين يأخذون النظرية بشكل ديالكتيكي ويطبقونها على الممارسة، وأساليب النضال النشط التي تم تطويرها في الممارسة العملية، هي معادية لـ اللينينية، وخط الانحراف اليساريوالفوضوية، لأنها ليست موجودة في كتب لينين وستالين وماو.
في كل فترة تاريخية، إنّ الانتهازية اليمينية تُجمّد النظرية من الجانب “الأرثوذكسي”، وتتجاهل الروح الحية للماركسية؛ التحليل الملموس للأوضاع الملموسة، وتتشبث بكلماتها لا بجوهرها.
2.
الأطروحات العالمية لـ اللينينية
دون التوسع في الموضوع والتسبب في الإسهاب(الإطالة)، يمكننا أن نذكر المبادئ العالمية للممارسة السياسيةعلى النحو التالي:
باختصار، تكمن هذه المبادئ في نظريات الثورة والحزب والدولة.
دعونا نلخص بالترتيب:
-جهاز الدولة؛بـبيروقراطيته وعسكرته، هو منظمة قمعية للطبقات الحاكمة ككل.
-الثورة هي الاستيلاء على السلطة السياسية بمبادرة ثورية من الشعب من خلال تفكيك جهاز الدولة القائم من القاعدة إلى القمة، ومن خلال هذه السلطة – من القمة إلى القاعدة – تنظيم نظام إنتاج أكثر تقدماً.
لذلك:
1) وجود أزمة وطنية (قومية)
2)وجود الطليعة
3) ضرورةمشاركة الجماهير في الحرب بـوعي وتنظيم.
-في الفترة الإمبريالية؛ يمكن أن تكون الثورة في بلد واحد. في هذه الفترة فقدت البرجوازية طابعها الثوري. لا يمكنها أن تبني ثورتها. هذا هو السبب في أنّ البروليتاريا في البلدان-المتروكة للتخلف؛ تواجه المهمة الثورية المزدوجة في مرحلة واحدة. (روح الثورة الدائمة).
-لا يمكن أن تكون هناك ثورة بروليتارية بدون الحزب السياسي للبروليتاريا.
-حزب البروليتاريا هومفرزة طليعيةللبروليتاريا، الذي يناضل على ثلاث جبهات: أيديولوجية واقتصادية-ديمقراطية وسياسية، والذي تأسس على أساس المادية الجدلية والتاريخية.
-الثورة دائمة ومتواصلة. إنها لا تنتهي فقط بالاستيلاء على السلطة وترتيب البنية التحتية، بلتستمر أيضاًإلى أنْ تختفي التناقضات الخاصة بالمجتمعات الطبقيةفي البنية-الفوقية. (الثورة الثقافية)
أولئك الذين يدّعون أن أيّاً من هذه الأطروحات العالمية لـ اللينينية قد عفا عليها الزمن، وبالتالي غير صالحة، هي تحريفية؛وهم معادون لـ اللينينية، سواء كانوا يأتون من اليسار (ديبراي) أو اليمين (التحريفية الكلاسيكية).
3.
مراحل التطور–الثورة وأسلوب العمل
نظر ماركس وإنكلس ولينين إلى النضال الثوري على مرحلتين: مرحلة التطور، مرحلة الثورة.
“صاغ ماركس وإنكلس النضال الثوري للبروليتاريا على مرحلتين: مراحل التطور والثورة. في كلتا المرحلتين تختلف التكتيكات الثورية للبروليتاريا. مرحلة الثورة هي فترة قصيرة. هذه المرحلة هي مرحلة اضطراب النظام الاجتماعي المعين. في هذه المرحلة القصيرة تكتيك البروليتاريا وطليعتها هو الهجوم. هناك بند واحد فقط على جدول الأعمال: الانتفاضة. إن تكتيك البروليتاريا في هذه الفترة هو تأسيس السلطة الثورية للبروليتاريا عن طريق تفكيك آلية الدولة الموجودة. أطلق ماركس وإنكلس على هذا التكتيك اسم “التحدثبالفرنسية“، مستوحى من الاختراقات والتقاليد الثورية للفرنسيين (..)..هذا هو تكتيك البروليتاريا في مرحلة الثورة”. (انظر الثورة المتواصلة1)
مرحلة التطور هي فترة طويلة. إن مهمة حزب البروليتاريا في هذه المرحلة هي رفع وعي البروليتاريا وحلفائها وتنظيمهم وتهيئة الظروف الاجتماعية والنفسية لمرحلة الثورة.
طرح ماركس وإنكلس نمط العمل الثوري لمرحلة التطور هذه؛ على النحو التالي:
«إن النضال الثوري في هذه المرحلة الطويلة يشمل جميع أشكال العمل (الغير مسلح)، من شن نضال أيديولوجي لا هوادة فيه ضد الانتهازية في الداخل وتنظيم النضال اليومي للجماهير، من النضال النقابي للبروليتاريا إلى النضال الاقتصادي والديمقراطي لجماهير الشعب، إلى توجيه المعارضة السياسية ضد النظام الرجعي الموجود، وأخذ مكانه في أقصى يسار المعارضة الديمقراطية. أطلق ماركس وإنكلس على اللغة الثورية للبروليتاريا في هذه المرحلة خطاباً ألمانياً بسبب المستوى الأيديولوجي النظري العالي للبروليتاريا الألمانية وقدرتها على جذب جماهير الشعب إلى صفوفها. (انظر. الثورة المتواصلة 1)
«إن مسألة مرحلة التطور عند ماركس وإنكلس، مرحلة الثورة والظروف الموضوعية للثورة، تصبح واضحة في تحليلات لينين. لا شكَّبـأنّ الفترة التي عاشها لينين هي عصر الثورات البروليتارية، وأن لينين قد مر بتجربتين ثوريتين، لعبت دوراً رئيسياً في ذلك.
وفقاً لـلينين؛ في المرحلة الإمبريالية؛ هناك شروط موضوعية للثورة البروليتارية في جميع البلدان حسبمفهوم الثورة المتواصلة. إن المستوى الذي وصلت إليه القوى المنتجة على الصعيد العالمي قد حان للثورة. إنّالظروف الذاتية للثورة؛ هي التي غير جاهز. أساس اللينينية هو إعداد الشروط الذاتية للثورة… أجرى لينين تغييرات في تمييز ماركس وإنكلس بين مراحل التطور والثورة بسبب الاختلاف في المواقف الملموسة.
وفقاً لماركس وإنكلس؛ عندما تنضج الظروف الموضوعية للثورة على نطاق عالمي، يجب أن تكون لغة الاشتراكيين فرنسية.
كما هو معروف؛ فإن الحقبة الإمبريالية هي الحقبة التي تنضج فيها الظروف الموضوعية للثورات في جميع أنحاء العالم. وفقاً للمنطق المستقيم؛ فإن النتيجة الطبيعية لمقترحات ماركس وإنكلس؛ أنّ مهمة الاشتراكيين في هذه الفترة هي التحدث بالفرنسية باستمرار. أي هجومٌ بلا توقفوبلا هوادة.
لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للمنطق الديالكتيكي. الثورة العالمية لن تكون في نفس الزمن أبداً. أولاً سيكون في بلد واحد أو عدة بلدان. لذلك؛ فإن تحرير كل بلد سيكون من عمل بروليتاريا البلد نفسه. لا يمكن استيراد الثورات أو تصديرها.
ولكي تكون هناك شروط موضوعية للثورة في بلد ما، بالإضافة إلى الأزمة العامة للرأسمالية على الصعيد العالمي، يجب أن يمر ذلك البلد أيضاً بأزمته الوطنية (القومية).وفقاً لتمييز اللينينية، لكي تكون في مرحلة الثورة: أ) يجب أن يكون مستوى وعي البروليتاريا وتنظيمها كافيين للثورة. (يجب أن تكون الظروف الذاتية للثورة ناضجة). ب) من الضروري أن تكون هناك أزمة وطنية (قومية)؛ تؤثر على كل من المضطّهِد والمضطّهَد. (..).
مرحلة الثورة هي لحظة وجيزة. مرحلة التطور هي فترة طويلة …” (انظر الثورة المتواصلة 1)
وفقاً لـلينين؛ فإن أسلوب العمل البلشفي فيما يتعلق بمرحلةالتطور؛ هو كما يلي:
“لغة الخطاب الثوري في الفترة التطورية هي الألمانية. لا يوجد مجال للقفزة الثورية في الفترة الناطقة بالألمانية. إن أسلوب العمل الثوري في هذه المرحلة هو رفع وعي البروليتاريا، وتنظيمها، وتوثيق الروابط بين البروليتاريا وطليعتها، ورفع الوعي الطبقي للبروليتاريا والشعب العامل، والسير إلى أقصى يسار المعارضة الديمقراطية، وفضح الطبقات الحاكمة بدعاية سياسية مكثفة”.
إذا لم يكن حزب البروليتاريا قد تشكل بعد، فإن المهمة الرئيسية هي تشكيل مفرزة طليعية للبروليتاريا. في المرحلة التي لا يوجد فيها حزب طبقي للبروليتاريا، حتى في حالة الوضع الثوري، لا يمكن أن تكون اللغة الثورية فرنسية. يلخص لينين أسلوب العمل الثوري البروليتاري في هذه الفترة على النحو التالي:“الدعاية والتوعية والتوعية والدعاية كانت تُدفَع حقاً إلى الواجهة بسبب الظروف الموضوعية في ذلك الوقت. بدء العمل من أجل نشر صحيفة سياسية، والتي بدتْ مثالية لنشرها أسبوعياً في جميع أنحاء البلاد في ذلك الوقت؛ يُعتبر حجر الزاوية في عمل التحضير للثورة.(وما العمل؟ كان يطرح المسألة بهذا الشكل). كان شعار رفع وعي الجماهير (بدلاً منالعمل المسلح) وشعار إعداد الظروف الاجتماعية والنفسية للانتفاضة (بدلاً من الانتفاضات المحلية) الشعارات الصحيحة الوحيدة للثورية–الديمقراطيةالاجتماعيةآنذاك“. (تكتيكان)”. (انظر. الثورة المتواصلة 1)
لينين الذي طرح مرحلة التطور وأسلوب العمل بهذه الطريقة، يقول ما يلي في مرحلة ثورة 1905:
“… الآن تجاوزت الأحداث هذه الشعارات، وأصبحت قديمة، وقد تم استخدامها، وهي أشياء أكملت خدمتها لأن الحركة أحرزت تقدماً(أي أنها تتعلق بمرحلة التطور) “. (تكتيكان)
حتى في المرحلة القصيرة من الثورة، فإنّ التكتيكات والشعارات البلشفية ليست انتفاضة فورية.
“تنقسم هذه الفترة القصيرة أيضاً إلى ثلاثة أجزاء: الدورة الانتقالية والدورة الهجومية التكتيكية والدورة الهجومية الاستراتيجية.
أ) فرنسية الدورة الانتقالية: تبدأ في نهاية الفترة التطورية. إنها تكتيك فترةالنطق بالفرنسية، حيث ترتفع موجة الثورة تدريجياً وتبدأ في هز الجماهير، ويتحول إيمان الجماهير إلى أفعال جماهيرية.
خلال ثورة 1905، كانت لهجة الخطاب الفرنسي على النحو التالي: الإضرابات السياسية المحلية، والاستدعاءات، والإضرابات السياسية العامة، ومقاطعة الدوما. (..).
ب) الدورة الهجومية التكتيكية: هذه الفترة القصيرة هي الفترة التي تتعلم فيها الطليعة عمليات المدينة وبالتالي تكون قادرة على قيادة جماهير الشعب وتُعلِم جماهير الشعب التكتيكات الصحيحة للانتفاضة.هذه هي المرحلة التي ترتفع فيها الإمكانات الثورية للشعب بشكل كبير، وتقترب فيها موجة الثورة من أعلى مستوياتها، وتشتد الهجمات التكتيكية للطليعة قبل الهجوم النهائي. الهدف الرئيسي في هذه الفترة هو خلق الإحباط والذعر في صفوف العدو، وتفكيك جبهة الثورة-المضادةودفْعها نحو الانقسامات.
التكتيكات الثورية للفترة الهجومية التكتيكية لثورة 1905؛ حروب المتاريس (معارك الشوارع) وكريلا المدن. يتكون كريلا المدن من بروليتارياالمدن.
كواحدة من المهام المختلفة لـ كريلا المدن، في مقالته الدروس المستفادة من انتفاضة موسكو بخصوصانتفاضة جماهير الشعب يقول لينين: “إن حرب الكريلا وأعمال العنف الرهيبة التي تجري في روسيا منذ ديسمبر/كانون الأول؛ ستساعد بالتأكيد الجماهير على تعليم التكتيكات الصحيحة حول الانتفاضة“.
ت) الدورة الهجومية الاستراتيجية والانتقال إلى الجيش النظامي والانتفاضة: في 10 يونيو/حزيران 1905، قال لينين: “توهجات(تأججات) – مظاهرات – معارك شوارع، وحدات جيش ثوري – هذه هي مراحل تطور الانتفاضة الشعبية. لقد وصلنا الآن إلى المرحلة النهائية“.
لقد تعمقت الأزمة الاقتصادية والسياسية ووصلت إلى أعلى مستوى. الانتظار أكثر من ذلك، على حد تعبير لينين؛يُعتبر جريمة. وكانت الانتفاضة هي البند الأول على جدول الأعمال. يتم تنفيذ الهجوم الاستراتيجي بالجيش النظامي، بالجيش المنتظم. بالنسبة للهجوم النهائي، يتم تجميع كل القوات المتناثرة معاً أولاً. يتم إنشاء الجيش الأحمر (الجيش الأحمر هو الجيش البروليتاري). تم الآن استبدال حروب المتاريس وتكتيكات كريلا المدن بتكتيكات انتفاضةالجيش الأحمر “. (انظر الثورة المتواصلة 1)
هكذا وضع لينين المرحلةالثورية للبروليتاريا وتكتيكاتها في روسيا، إحدى الدول الست المستعمِرة فيالعالم.
في كتابه مبادئ اللينينية، يسمي ستالين تكتيكات مرحلة ثورة 1905 بـ تكتيكاتمرحلة المدللثورة.
ويقول أنّ بعد هزيمة ثورة 1905، دخلت فترة طويلة من التطور مرة أخرى،وبدأتمرحلة الجزرللثورة.
يمكن أن نرى، عند ماركس وإنكلس ولينين؛ مراحل الثورةوالتطور وتكتيكاتهما؛ منفصلة تماماً بخطوط واضحة.
هذه الفترة التي حللها ماركس وإنكلس؛ تتعلق بالمجتمع البرجوازي، بينما تتعلق فترة لينين بـروسيا القيصرية؛ واحدة من أكبر ستة بلدان مستعمِرة في العالم، حيث توجد رأسمالية ضعيفة نسبياً مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، ولكنها تتطور مع ديناميكياتها الداخلية.
كذلك؛ كما يمكن أن يُرى بوضوح في كلتا المرحلتين؛ يختلف العمل الثوري والشعار والتكتيك. الشعارات والأساليب التكتيكية المتوخاة في مرحلة التطور؛ تنشأ باللغة الألمانية. والعمل المسلح ليس أبداً الطريقة الأساسية للنضال في المرحلة التطورية. في مرحلة الثورة؛ بالتوازي مع صعود الموجة الثورية؛ يصبح العمل المسلح هو الأساس.
في الماركسية اللينينية؛ تتنوع أشكال النضال السياسي. في الأدبيات؛ يتم النظر في هذه الأشكال تحت عنوانين هما: أ) العمل المسلح، ب) أشكال النضال خارج العمل المسلح. في البلدان التي تنقسم فيها المرحلة الثورية على أسس صارمة مثل التطور والثورة؛ تختار الأحزاب الماركسية-اللينينية دائماً أحد هذين الشكلين من النضال وفقاً لهاتين المرحلتين والآخر تابع (ثانوي) له. (في هذه المرحلة الراهنة؛ ينطبق هذا التمييز المخطط بدقةعلى البلدان الإمبريالية-الرأسمالية).
حيثأنّ الحرب الشعبية الطويلة والمتعرجة من أجل الثورة؛ محطة ضرورية،فـإنّ الممارسات الملموسة للبلدان-المتروكة للتخلفالخاضعةللهيمنة الإمبريالية قد غيرت العلاقة بين هذه الفتراتمن المرحلة الثورية.
أي في البلدان الخاضعة للهيمنة الإمبريالية (سواء في البلدان الإقطاعية وشبه-الإقطاعية حيث كانت الهيمنة الإمبريالية في فترة الأزمة الثانية ظاهرة خارجية.سواء في البلدان-المتروكة للتخلف التي تهيمن عليها علاقات الإنتاج الرأسمالية-الإمبريالية، حيث كانت الهيمنة الإمبريالية ظاهرة داخلية في فترة الأزمة الثالثة)لا يمكن الفصل بين مراحل التطور والثورة عن طريق الديناميكية الداخلية، (وإن كانت ضعيفة، كما هو الحال في روسيا القيصرية)، كما هو الحال في البلدان التي تتطور فيها الرأسمالية.
في مثل هذه البلدان؛ مرحلة الثورة ليست مرحلة قصيرة، بل مرحلة طويلة جداً. يكاد يكون من المستحيل تحديد أين تنتهي مرحلة التطور وتبدأ مرحلة الثورة. كلتا المرحلتين متشابكتان.
وبما أن الهيمنة الإمبريالية في هذه البلدان تمنع تطور برجوازية قومية مستقلة، حتى لو كانت البلاد بلداً رأسمالياً، فإنّ الرأسمالية القائمة؛ مشوهة ومتشكلة وفقاً للإمبريالية لأنها لا تستطيع أن تتطور بديناميكيتها الداخلية. وبما أن الهيمنة الإمبريالية تمنع تطور المجتمع بديناميكيتها الداخلية، فإنّ البلاد في أزمة قومية، من علاقات البنية التحتية إلى البنية الفوقية.
هذه الأزمة القومية ليست ناضجة تماماً. ولكن موجودةبدرجة أو بأخرى. إنّ تعميق ونضج هذه الأزمة القائمة؛مرتبط كلياًبـثوار ذاك البلد.
إذا قلنا باختصار؛في جميع البلدان-المتروكة للتخلفالخاضعةللهيمنة الإمبريالية، الأزمة القومية موجودة حتى لو لم تكن ناضجة تماماً.وهذا يعني الوجود المستمر لحالة الثورة، وتشابك مراحل التطور والثورة، أي وجود شروط موضوعية للعمل المسلح.
إن حزبنا الذي يواصل حرب التحرير المسلحة في تركيا، البلد الخاضع للهيمنة الإمبريالية، قد طرح تقييمه لمراحل التطور والثورة في ضوء هذه الحقيقة على النحو التالي:
«يدّعي المستسلمون في بلدنا أننا في مرحلة التطور، لذا فإنّ الظروف الموضوعية للحرب المسلحة غير موجودة في المرحلة الحالية. هذه الادعاءات معيبة وخاطئةمن الأساس. الغرض الوحيد من مثل هذه التحليلات هو تلبيس الاستسلام بـستار أيديولوجي. في البلدان التي تحتلها الإمبريالية، لا يمكن الفصل بين مراحل التطور والثورة كمابـطريقة السكاكين. هذه المراحل متشابكة(متداخلة). بالإضافة إلى ذلك؛ فإنّ احتلال الإمبريالية يعني لجوئها إلى القوة والعنف والسلاح. وهذا يعني وجود ظروف موضوعية للحرب المسلحة.
حزبنا الذي يناضل من أجل السلطة، ليس في قوةومرحلةالاستيلاء على السلطةحالياً. لكن في مرحلة الجيوش النظامية، من الممكن التحدث عن الاستيلاء على إدارة البلاد بأكملها. ونحن لا ندّعي أبداً أننا نعيش هذه المرحلة اليوم. نحن ندّعي فقط أن حرب الكريلا ضرورية لحرب شعبنا الثورية من أجل الوصول إلى هذه المرحلة، ونحن نقاتل لـهذا الغرض“. (انظر الاستراتيجية الثورية لـ THKP”حزب تحرير شعب تركيا” بيان الحزب رقم 1)
إن معارضة هذا التقييم الثوري ليست حكراً على المستسلمين في بلادنا. هذا تقييم يعارضه بشدة المستسلمونفي يسار جميع البلدان-المتروكة للتخلفالخاضعةللهيمنة الإمبريالية.
هذا هو جوهر المسألة. يتشبث المستسلمون في جميع البلدان-المتروكة للتخلف (بما في ذلك أولئك الذين يقولون نعم قولاً ولكنهم يعارضونها فعلاً) بتعريف لينين الكلاسيكي. هذه المسألة في ضوء مفاهيم الزمان والمكان؛ هذا الأسلوب الثوري من الكلام؛ هو بالنسبة لهم مغامرة، فوضوية، فوكويزم، إلخ.
المبرر هو عدم وجود أزمة قومية في البلاد تتوافق مع تعريف لينين الكلاسيكي.
دعنا نعطي مثالاً في هذا الصدد. في الوقت الذي حمل فيه الثوريون البرجوازيون-الصغار السلاح في الجزائر وشنوا الحرب الشعبية ضد الإمبريالية الفرنسية، تبنى الحزب الشيوعي الجزائري تعريف لينين الكلاسيكي بكل قوته قائلاً: لا توجد شروط موضوعية لحرب التحرير المسلحة في البلاد وأنهم يعيشون مرحلة التطورواتخذوا أشكال نضالمرحلة التطور.كما هو معروف؛ انتصرت الحرب الشعبية الجزائرية تحت قيادة الراديكاليين البرجوازيين-الصغار، وليس الحزب الشيوعي الجزائري. بعد الحرب؛إنّ النقد الذاتي الذي قام به بشير حاجي علي، سكرتير الحزب الشيوعي الجزائري؛كان مثيراً للاهتمام. بشير حاجي علي يقول في هذا الموضوع:
“أحد الأسباب الذي يتبادر إلى الذهن على الفور هو عدم استطاعتنا في تقييم الوضع بشكل صحيح … أي تقييماتنا كانت سطحية لتطور الوضع الثوري. ما اعتقده الحزب الشيوعي؛ هو أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 1954 لم تكن الظروف قد وصلت إلى مرحلة النضج لأجل شن حرب تحرير وطني. لأننا نسينا أن الشروط التي وضعها لينين كانت مرتبطة بالبلدان الرأسمالية وأن العمليات العسكرية والانتفاضة العامة؛ كانتا مختلفتين“. (انظر بوميروي، حرب الكريلا والماركسية).
هذا هو الاعتراف المأساوي للاستسلام بعد فوات الأوان!
الفصل الثاني
الأزمة الثالثة للإمبريالية والخط اللينيني
1.
الفترة الثالثة من أزمة الإمبريالية
خرجت الإمبريالية الأمريكية من حرب إعادة التقسيم الثانية باعتبارها الدولة الإمبريالية الأقل تأثراً والأكثر ربحية. وبفضل الصادرات والتحويلات الرأسمالية التي قامت بها على مستوى لا يضاهى بالفترات الماضية؛ وضعت اقتصادات البلدان الرأسمالية-الإمبريالية الأخرى تحت هيمنتها.تولّتْدور الدرك في الكتلة الإمبريالية ضد الحروب الشعبية والكتلة الاشتراكية. ربما لن يكون من الخطأ القول إن الكتلة الرأسمالية العالمية تحولت إلى الإمبراطورية الأمريكية في هذه الفترة. (تمثل الولايات المتحدة 2/5 من الإنتاج العالمي الرأسمالي).
في هذه الفترة التي تسمى فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية؛ شهدت العلاقات والتناقضات الإمبريالية تغييرات في الشكل على جبهتين أساسيتين.
1) إنّ المنافسة الإمبريالية البينية (تناقضات لا يمكن التوفيق بينها) اختفت إمكانيتها بأنْتؤدي إلى حرب إمبريالية داخلية لإعادة التقسيم.
2) لقد تغير شكل الاحتلال الإمبريالي.(يبدو الأمر كما لو أنه لم يعد هناك تقريباً أي بلدان من النوع الاستعماري الكامل في العالم اليوم. لقد أفسح الاحتلال المفتوح؛ المجال للاحتلال السري).
بعد حرب إعادة التقسيم الثانية، دخل العالم حقبة يسميها الباحثون البرجوازيون “الثورة الصناعية الثانية” ويسميها الباحثون الماركسيون “الثورة العلمية والتقنية”.
“لا أحد يشك اليوم في أن البشرية قد دخلت حقبة من الثورة العلمية والتقنية، والتي تعتمد على استخدام الطاقة الذرية، وغزو الكون، وتطوير الكيمياء، وأتمتة الإنتاج، وغيرها من الإنجازات الهائلة للعلوم والتقنية.”
بالإضافة إلى التطور الهائل للكتلة الاشتراكية العالمية، وصلت الإمبريالية، وخاصة الإمبريالية اليانكية، إلى مستوى تدمر فيه العالم بقواها النووية الضاربة – الكتلة الاشتراكية العالمية لديها أيضاً هذه القوى – باستخدام التقنيات والاكتشافات العلمية، عن طريق زيادة الإنتاج إلى حد ما. (2)
(هذه “الثورة العلمية والتقنية”، وفقاً للمنطق المستقيم للاقتصاديين البرجوازيين، كانت دواء لأزمة الرأسمالية.علماً؛أنّ العكس هو الحال.إنّ “الثورة العلمية والتقنية” تُصدع إطار العلاقات الرأسمالية من خلال رفع التناقضات القائمة المتأصلة في النظام الرأسمالي إلى مستوى غير مسبوق.إن التكثيف المتزايد للإنتاج، وتمركز رأس المال، وتداخل الاحتكارات الخاصة واحتكارات الدولة (العامة)، والنقص الغير طبيعي في الطلب؛ قد خلقوا فوضى رهيبة).
إن التكثيف والتمركز الرهيب لرأس المال من جهة، وخروج 1/3 من العالم من الاستغلال الرأسمالي من جهة أخرى؛ قد أدى إلى انكماش رهيب للأسواق خارج المتروبولات بالنسبة للرأسمالية.
هذا هو السبب في تفاقم أزمة الرأسماليةفـأصبحت قوة مسعورة ومستعرة. وقد أدى ذلك إلى زيادة حدة التناقضات الإمبريالية البينية وتَعمّقهاإلى مستوى رهيب.
“إن إيقاع تطور الاقتصاد الرأسمالي؛ تحدده حالة السوق الرأسمالية”.
إن المستوى الذي وصلت إليه القوى النووية الضاربة على الصعيد العالمي، وكمحددٍ رئيسي؛ وجود الكتلة الاشتراكية العالمية العملاقة؛تمنع تحوّل التناقضات التي لا يمكن التوفيق بينها والتي وصلت إلى مستوٍحاد بين الإمبرياليين؛ من المستوى الاقتصادي إلى المستوى العسكري.من ناحية تزداد حدة التناقضات وتتعمّق، ومن ناحية أخرى؛ تتجه نحو الاندماج.
إنّ وصول التناقضات التي لا يمكن التوفيق بينها ضمنالإمبرياليينإلى مستوٍحاد، وبما أنهم لا يستطيعون حل هذه التناقضات مؤقتاً من خلال حرب إعادة التقسيم،وتوجههم قسراً نحو الاندماج؛يعني أن أزمة الرأسمالية تمر بالمرحلة الأكثر فتكاً وهلاكاً.
اليوم؛ الإمبريالية اليانكية في أزمة تامة. علماً؛ أنّ في السنوات التي أعقبتْ حرب إعادة التقسيم الثانية؛ تمكنتْ الإمبريالية اليانكية التي وضعت أصدقاءها الأوروبيين واليابانيين تحت السيطرة الاقتصادية الكاملة؛ من الحفاظ على “استقرار” اقتصادها لفترة طويلة وإملاء مطالبها الاقتصادية والسياسية عليهم لفترة طويلة. في العالم الرأسمالي؛ ظل الدولار وحدة(عملة) ثابتةلاتتغير.
إنّ قانون التنمية الغير متكافئ للرأسمالية؛الذي كان يعمل طوال هذا الوقت، أوصلَ الإمبريالية الأوروبية واليابانية إلى نقطة تُهدد فيهاالهيمنة الأمريكية.دخل الاقتصاد الأمريكي –العامل بموجب قوانين الرأسمالية – في أزمة واسعة النطاق على مدى العقد الماضي، وفي السنوات الأخيرة؛ وصلت هذه الأزمة إلى مستوٍ حاد.لقد تصاعدت الأزمة في الاقتصاد الأميركي إلى الحد الذي جعل اليانكيينرغماً عنهم-تأخرت لمدة عامين–رفع الحصانة عن دولارهم الأسطوري. في حين أنّه كان يجب أن تَنخفض قيمة الدولار الأمريكي في عام 1969؛أجبروا أصدقاءهمبتأخير ذلك لمدة عامين، ولكن لم يحصلوا على نتيجة إيجابية وانخفضتْ قيمته في عام 1971،بصرف النظر عن بعض التنازلات.
لولا الميزة المذكورة أعلاه في فترة الكساد الثالث؛ لما كان اليانكيون راضين عن تنازلات أصدقائهم، ولـ فضّلوا حل مشكلة السوق بـطرق السلاح.(وهكذا كانوا سيقتلون عصفورين بحجر واحد، لأن الحرب في الوقت نفسه هي علاج لمرض افتقار الرأسمالية إلى الطلب). لكن وجود الكتلة الاشتراكية العالمية والمستوى الهائل من التطور الذي وصلت إليه التقنية؛ يذكرهم بـأنّ هذا النوع من السياسة يعني أيضاً نهايتهم.(يجب أيضاً أن تؤخذ في الاعتبار؛ المكانة الاستثنائية التي اكتسبتها الاشتراكية في هذه الفترة بين الطبقات العاملة في المتروبولات والمستعمرات. هذا العامل مهم للغاية أيضاً).
في مواجهة الانكماش الشديد للأسواق الداخلية والخارجية للإمبريالية في هذه الفترة، وعدم القدرة على حل المشكلة من خلال حرب إعادة التقسيم؛ لجأت الإمبريالية بشكل عام والإمبريالية اليانكية بشكل خاص إلى طريقتين؛ داخلياً وخارجياً.داخلياً؛عسكرَتْ اقتصادها، خارجياً؛ بالإضافة إلى الطريقة القديمة للاستعمار؛ بدأ الاستعمار-الجديد.
كما هو معروف؛ إنّ السوق الداخلية ممكنة من خلال زيادة الاستهلاك الفردي للعاملين. يمكن أن تتوسع السوق الداخلية فقط مع الزيادات الأساسية في الدخل الحقيقي للسكان العاملين.لكن هذا يتعارض مع طبيعة الرأسمالية. السعي لتحقيق أرباح متزايدة هو طبيعة الاحتكارات.
يؤدي تكثيف رأس المال وتمركزه إلى انخفاض الدخل الحقيقي للطبقات العاملة والكادحة في المجتمع الرأسمالي. منذ عام 1952 فصاعداً؛ انخفض الدخل الحقيقي للبروليتاريا الأمريكية باستمرار.
في مواجهة انكماش السوق الداخلية؛ إن الصيغة التي وجدها اليانكيونلـ افتقار الطلب هي صيغة المزيد من عسكرة الاقتصاد. (3) (لقد أظهرت الحياة اليوم أن هذه الصيغة أيضاًلا يمكن أن تنقذ الرأسمالية).
إنّ التكثيف والتمركز الغير عاديَيْن لرأس المال قد حوّلا الرأسمالية الاحتكارية حرفياً إلى رأسمالية الدولة الاحتكارية.(4) وهذا يعني أن قوة الاحتكارات وقوة الدولة متداخلتان وتتحولان إلى آلية واحدة.(كما هو معروف؛يصف لينين؛ مرحلة رأسمالية الدولة الاحتكاريةبأنها المرحلة التي تكون فيها الظروف المادية في قمة نضجها للانتقال إلى الاشتراكية. وبعبارة أخرى؛ فإن تناقضات الرأسمالية التي لا يمكن التوفيق بينها هي في أقصى حالاتها).
زادت الإمبريالية اليانكية التي عسكرَتْ اقتصادها بشكل غير عادي من عدوانها وغضبها على نطاق عالمي كنتيجة طبيعية لهذا الوضع، وحشد البنتاغون جميع قواه لتحويل البلدان التي تخوض فيها حروب التحرير القومي إلى جحيم مع ضمان إقامة أنظمة عسكرية من خلال وضع الديمقراطيات التمثيلية في البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة على الرف بمؤامرات وكالة المخابرات المركزية.
هذا هو معنى القول؛ بأن الإمبريالية التي تنهار في المستوى الاستراتيجي؛ تزيد من قوتها وهجومها في المستوى التكتيكي.
في عصر “الثورة العلمية والتقنية”؛ قلنا أنّ الرأسمالية الدولية قد أدخلت تغييرات على أساليب الاستغلال القديمة خارجياً من أجل القضاء مؤقتاً على أزمتها التي وصلت إلى مستوى رهيب بسبب نقص السوق. (لا ينبغي تفسير ذلك على أنها تخلّتْ عن أساليبها القديمة). اليوم؛ كِلا النموذجين يعملان معاً. لكن الثقل والأهمية في أشكالها الجديدة).
دعونا نتناول بإسهاب هذه المسألة التي تشكل شاغلاً رئيسياً لممارستنا.
في فترتَي الكساد العام الأول والثاني؛ لم تتقلص أسواق الرأسمالية الدولية بقدر ما تقلصت خلال فترة الكساد الثالث. كما ذكرنا من قبل؛ لم يكن تكثيف التكنولوجيا ورأس المال وتمركزهمافي هذا المستوى.لذلك؛ تمكنت الرأسمالية الدولية من حل مشكلة السوق بتصدير الأمتعة إلى البلدان المستعمرة وتصدير ونقل رأس المال النقدي. هذا هو السبب في أن العالم قد صَغُرَ كثيراً (تقلصت الأسواق) ولم يصل افتقار الطلب إلى المستوى الرهيب الذي هو عليه اليوم.في هذا الصدد؛ لم يكن لدى الإمبريالية مشكلة توسع السوق في البلدان المستعمرة. من خلال الحفاظ على البنية القائمة – بالطبع مع حل الإقطاعية إلى حد ما وإنشاء – البرجوازيةالكومبرادورية – تمكّنتْالإمبريالية التي دخلت في تحالف مع الإقطاعية، بأن تواصل استغلالها بسهولة.
إنّ نضال الثوريين البروليتاريين الذين نظموا انتفاضات وثورات عفوية للشعب الذي استغلته العصا الإقطاعية، وخاصة الفلاحين الذين كانوا بوضع الأقنان تقريباً – كانت التناقضات حادة جداً – ضد الإقطاعية، حين لم يتمكن الحكم الكومبرادوري الإقطاعي الطاغي – السلطة المركزية الضعيفة – من عرقلته؛ اتخذ الاحتلال الإمبريالي شكلاً علنياً.خاصة في هذه البلدان؛احتفظت الدول الإمبريالية بالسيطرة الفعلية؛من خلال إبقاء قواتها العسكرية في أماكن استراتيجية، خاصة في الموانئ ومراكز الاتصالات الرئيسية، لأجل حماية شؤونها التجارية آمنة ومنع البلدان الإمبريالية الأخرى من الاستيلاء على أسواقها. (كان الوضع الفعلي للإمبريالية موجوداً في المراكز الاستراتيجية للبلاد).
لكن خلال فترة الكساد الثالث، كانت هناك تغييرات في العلاقات الإمبريالية البينية.
ثانياً؛إنّ “افتقار الطلب“الذي شكله التكثيف الشديد لرأس المال وتمركزه فيالمتروبولات، وخاصةالتيارات القوميةومناهضة الإمبرياليةالتيغطت الفترة التي تلت حرب إعادة التقسيم الثانية؛ أحدثَ بالضرورة تغييرات في طريقة استغلال الإمبريالية.هذه التغييرات هي أساليب الاستعمار-الجديد التي تهدف إلى إخفاء الوجه القبيح للإمبريالية وتوسيع السوق في البلدان المستعمرة.
وعلى أساس الأساليب الاستعمارية-الجديدة؛ أدى توسع سوق السلع في البلدان المستعمرة استجابةًلـ سياسات الاستغلال الجشعة للاحتكارات الإمبريالية، وحقيقة أن “الرأسمالية من القمة إلى القاعدة” هي نمط الإنتاج المهيمن في هذه البلدان؛ إلى هيمنة السلطة المركزية القوية.
تم تنفيذ “الثورة الديمقراطية من القمة إلى القاعدة” إلى حد ما. بينما يتم الحفاظ على العلاقات الإقطاعية بشكل عام في البنية الفوقية (يتم الحفاظ على الاستغلال الإقطاعي للعمل والحفاظ على الأيديولوجيات الإقطاعية)، أصبحت الرأسمالية العنصر المهيمن في البنية التحتية (الإنتاج لأجل السوق).
وهذا يعني إنشاء الصناعات الخفيفة والمتوسطة في هذه البلدان، فضلاً عن تشكيل وتطوير البرجوازية الاحتكارية المحلية (باعتبارها الحليف الأكثر ملاءمة للإمبريالية). ومع ذلك؛ فإن البرجوازية الاحتكارية-المحلية النامية لم تتطور بالديناميكيات الداخلية، بل بالاندماج مع الإمبريالية منذ البداية. وهكذا؛ إنّ الإمبريالية التي كانت ظاهرة خارجية لهذه البلدان في فترات الأزمة العامة الأولى والثانية، أصبحت ظاهرة داخلية في هذه الفترة. (5) (معنى الغزو السري)
دعونا نلخص بإيجاز طريقة الاستعمار-الجديد للإمبريالية؛ والتي أدت إلى النتيجة التي ذكرناها أعلاه.
طورت الإمبريالية اليانكية؛خاصة بعد عام 1946، طريقة الاستعمار-الجديد. وقد ابتكرت سياسة الاستعمار الجديد هذه؛ مع نظريات ترومان ومارشال والأحلاف العسكرية والاتفاقيات الثنائية.
ويستند جوهر هذه السياسة إلى استجابة مشاكل الإمبريالية التي وصلت إلى مستوى أعلى، وبتكلفة أقل، وتوفير فرص أسواق واسعة، وأكثر منهجية ولن تؤدي إلى حروب وطنية. الطريقة الأساسية هي التغيير فيإخراج رأس المال وتكوين النقل.يتم إنشاء نسبة جديدة بين 5-6 عناصر من رأس المال.أي؛ في حين أنّ إصدار رأس المال النقدي قبل الحرب كان يشغل مساحة أكبر بكثير من العناصر الأخرى لرأس المال مثل الاسم وحقوق براءات الاختراع وقطع الغيار والمعرفة التقنية والموظفين التقنيين وما إلى ذلك، في فترة ما بعد الحرب، وخاصة بعد عام 1960، انعكست هذه العملية، واكتسبت عناصر رأس المال عدا إصدار رأس المال النقدي مكانةً، كما ذكرنا أعلاه.
اليوم في البلدان-المتروكة للتخلف؛ هناك العديد من المؤسسات الصناعية حيث نسبة رأس المال النقدي الأجنبي صغيرة جداًمقارنة برأس المال النقدي المحلي، ولكنها تعتمد بشكل مطلق على رأس المال الأجنبي.(على سبيل المثال؛ صناعة السيارات) ويجري إنشاء العديد من المرافق الصناعية الأساسية المعتمدة على الخارج مائة في المائة، وإلى حد ما يجريتطوير الصناعات الخفيفة والمتوسطة التي من المقرر أن تعتمد عليها.(6) (أساس هذه المؤسسات الصناعية هو عناصر رأس المال الأجنبي عدا رأس المال النقدي).
هذا الأسلوب من الاستعمار-الجديد الذي لخصناه بإيجاز؛ أدى من ناحية إلى حقيقة أن الإمبريالية أصبحت راسخة في البلاد (أي أن الإمبريالية لم تصبح ظاهرة خارجية فحسب، بل أصبحت أيضاً ظاهرة داخلية)، ومن ناحية أخرى؛ زاد الإنتاج الاجتماعي والازدهار نسبياً في البلدان-المتروكة للتخلف بالتوازي مع توسع السوق إلى حد ما؛ مقارنة بالفترات الماضية – مقارنة بالفترة الاستعمارية القديمة، عندما كانت الإقطاعيةنشطة.
ونتيجة لذلك؛ يبدو أن التناقضات داخل البلد-المتروك للتخلف قد خفّت (مقارنة بالفترة الإقطاعية) وتم إقامة توازن مصطنع بين رد فعل جماهير الشعب ضد النظام والأوليغارشية.منذ أن تم إخفاء الاحتلال الإمبريالي – وأصبحت الإمبريالية أيضاً ظاهرة داخلية – تم تحييد ردود الفعل القومية لجماهير الشعب، والحساسية تجاه الكفار(الأجانب).أصبح جهاز الدولة المركزي قوياً جداً مقارنةً بالفترة الماضية وتم عسكرته مع الأخذ في الاعتبار؛ مشاريع التحالف والاتفاقيات الثنائية وعلاقات الميثاق العسكري وجهاز الدولة الأوليغارشية والحرب الأهلية الثورية. (3/4 من المساعدات الإمبريالية تتكون من مساعدات عسكرية).
بالتوازي مع توسع السوق داخل البلاد؛ تطور التمدن والاتصالات والنقل كثيراً وأحاطوا بالبلاد مثل الشبكة. تم استبدال السيطرة الإقطاعية الضعيفة على الشعوب في الحقب الماضية – لم تكن حالة الإمبريالية الفعلية في جميع أنحاء البلاد، بل فقط في المراكز التجارية وأماكن الاتصال الرئيسية – بسلطةِالدولة الأوليغارشيةالأقوى بكثير.لقد فرض الجيش والشرطة وجميع أنواع أدوات التهدئة والدعاية للدولة الأوليغارشية؛ هيمنتها في كل ركن من أركان البلاد.
كل هذا؛ لا يمكن مقارنته بفترات الأزمة العامة الأولى والثانية، من الضروري أن نضيف حقيقة أنّ الإمبريالية والأوليغارشية في هذه البلدان قد أوصلتا وسائل الدعاية إلى مستوى رهيب، وطورتا أساليب التهدئة وبلإضافة إلى الخبرة التي اكتسبتهما من حروب التحرر القومي في الفترات الماضية.
لقد وصل جهاز الدولة الأوليغارشية في البلدان-المتروكة للتخلف إلى مستوى يمكّنه من الحفاظ على علاقات الإنتاج القائمة لفترة طويلة – لن يكون من الخطأ تسميتها علاقات إنتاج إمبريالية لأن الرأسمالية في البلاد لا تتطور مع الديناميكيات الداخلية – ومن خلال تهدئة ردود فعل جماهير الشعب وخاصة الجماهير العريضة من العمال في هذه البلدان؛ قد تم إنشاء توازن مصطنع بين ردود الفعل هذهوالأوليغارشية.(وهذا يشكل الأساس المادي للاستسلامية والتحريفية في هذه البلدان).
2.
ديكتا (ديكتاتورية)الأوليغارشية
إن الإدارة في البلدان الرأسمالية-الإمبريالية التي مرت بالثورة الصناعية، والإدارة في البلدان- المتروكة للتخلف؛ كلاهما حكم أوليغارشي.لكن الرأسمالية في البلدان الرأسمالية-الإمبريالية متطورة وراسخة ليس بطريقة رجعية (ليس من القمة إلى القاعدة)، بل بمعناها الثوري، في ديناميكيتها الداخلية.لذلك؛ سادت العلاقات البرجوازية الديمقراطية وتم القضاء على العلاقات الإقطاعية.ليس فقط في البنية التحتية ولكن أيضاً في البنية الفوقية. لكن في فترة الاحتكار؛ دفعت الرأسمالية؛مبادئ المنافسة الحرة والقومية والإدارة الديمقراطية جانباً، واستبدلتهابالاحتكار والكوزموبوليتية وديكتاالأوليغارشية.
ولكن في الماضي؛ كانت البروليتاريا والجماهير الكادحة تمتّعا بحقوقهما وحرياتهما الديمقراطية من خلال نضالات دموية طويلة. الطبقات العاملة قوية نوعاً وكماً.هذا هو السبب في أن الأوليغارشية في هذه البلدان قادرة على الحد من الديمقراطية والحريات البرجوازية الكلاسيكية إلى حد ما، لكنها لا تستطيع أبداً لمس جوهرها. طبيعة الأوليغارشية في هذه البلدان هي الأوليغارشية المالية.
إن ديكتا الأوليغارشية في بلدان مثل بلدنا لا تتميز فقط برأس المال المالي. لأن الرأسمالية في البلاد قد تطورت من القمة إلى القاعدة، وليس من خلال ديناميكيتها الداخلية. لذلك؛ تطورت البرجوازية الاحتكارية المحلية منذ البداية، واندمجت مع الإمبريالية،وهي في حالةنواة.(الإمبريالية موجودة في هذه الأوليغارشية لأنها أصبحت ظاهرة داخلية). ومع ذلك؛ فإن هذه البرجوازية-الاحتكارية النامية ليست قوية بما يكفي للحفاظ على علاقات الإنتاج الإمبريالية من خلال بقاء تحالفها مع الإمبريالية وحدها. لذلك فهي تتقاسم السلطة مع البرجوازية الزراعية والبقايا الإقطاعية، التي تعتمد بالضرورة على الاحتكارات الأجنبية والمحلية.
داخل الحكمالأوليغارشي؛ ليست البرجوازية الاحتكارية-العميلة هي الطبقة المحلية الوحيدة التيتحافظ على علاقات الإنتاج الإمبريالية.على الرغم من أنها الدعامة الأساسية للإمبريالية.
يمكن للحكمالأوليغارشي في بلدان مثل بلدنا أن يحكم البلاد بسهولة بديكتا كاملة حيث لا يتمتع فيها العمال والجماهير الكادحة بحقوق وحريات ديمقراطية. يمكننا أيضاً أن نسميها فاشية من النمط الاستعماري.هذا الحكم إما أن يمارَس من قبل “الديمقراطية التمثيلية” (الفاشية السرية) التي لا ترتبط لا عن قريب ولا عن بعيد بالديمقراطية البرجوازية الكلاسيكية، أو يتم تنفيذها علناً دون احترام الديمقراطية الانتخابية. لا يمكنإجراؤه العلنيباستمرار. عادة ما تكون طريقةً يلجأ إليها عندما يفتقد طرف الخيط.
3.
الخط الثوري والتحريفية
باختصار؛ لقد ذكرنا خصائص فترة الكساد العام الثالثة، واختلاف الإمبريالية عن الفترات الأخرى للكساد العام.
خلال هذه الفترة؛ ظهرت التحريفية والانتهازية بـ شكلين في اليسار.
أولاً؛ بالنظر إلى خصائص هذه الفترة؛ طرحوا نظريات الثورة السلميةوالاستسلامية، مدّعين أن الأطروحات العالمية لـ اللينينية؛ والتي ستستمر حتى تنهار الإمبريالية كـنظام؛ قد فقدت صلاحيتها.
علماً أنّ جوهر الإمبريالية لم يتغير. بلإنّ العلاقة البينية للإمبريالية وشكل استثمارها هي المتغيرة. وفي هذا الصدد؛إنّ الأطروحات العالمية لـ اللينينية التي هي ماركسية الفترة الإمبريالية؛ صالحة حتى تنهار الإمبريالية كـنظام.
النوع الثاني من الخط الإصلاحي الاجتماعيالذي يتجاهل النمط المتغير للعلاقات واستثمار الإمبريالية، لا يأخذ النظرية كـدليل للعمل، بل كـدوغماءتام.بالنسبة لهم؛ لا يمكن أن يكون شكل الدعاية المسلحة هو النضال الأساسي. لا يوجد مثل هذا الشكل من أشكال الدعاية في اللينينية. الدعاية المسلحة لا يمكن قيامها بالتنظيم. التعامل معها بهذا الشكل هو النظر إلى كل شيء من فوهة البندقية، إلخ …
دعونا نتناول هذه المسألة قليلاً.
كما هو معروف؛ قال ماركس وإنكلس في النصف الثاني من القرن 19؛أنّ النضال البروليتاري -البرجوازي يمكن أن ينتقل إلى مرحلة أخرى، ويمكن أن تحدث أول ثورة بروليتارية في العالممن خلال حرب كونية بين الرأسماليين. (انظر الثورة المتواصلة 1).
في الفترة الإمبريالية؛ قام لينين والبلاشفة بأول ثورة بروليتارية في العالم؛بـملاحظته العبقرية.
في وقت مبكر منسنوات 1900 (قبل وقت طويل من كتابة كتابهالإمبريالية)، قال لينين إن قانون التطور المتقطع وغير المتكافئ للرأسمالية سيؤدي بالضرورة إلى حرب إمبريالية بينية والتي من شأنها أن تؤدي إلى ثورة في روسيا، الحلقة الأضعف للرأسمالية.في أساس شكل الثورة الذي تصوره لينين؛ تكمن وجهة النظر القائلة؛ بأن التناقضات بين الإمبرياليين ستنعكس حتماًعلى المستوى العسكري. (انظر الثورة المتواصلة 1 ومبادئ اللينينية).
كما هو معروف؛ في الحرب العالمية الأولى بين الامبرياليين؛ في هذه المرحلة من الفوضى؛ حققت الحركة البروليتارية العالمية قفزة نوعية إلى الأمام وأصبح 1/6 من العالم اشتراكياً.في مرحلة الاضطرابات التي خلقتها الحرب العالمية الثانيةللامبريالية؛ أصبح 1/3 من العالم اشتراكياً، وحققت الاشتراكية هيبةكبيرة في جميع أنحاء العالم.
بعد حرب الكون الثانية؛ دخلت الرأسمالية فترة جديدة من الأزمة. في هذه الفترة؛ من المستحيل أن يؤدي التناقض الإمبريالي البيني إلى الحرب. (للأسباب التي ذكرناها سابقاً).
إن طريقة عملالثورة الكوبية؛ من حيث المسار الذي اتبعته؛ هي نتيجة لخصائص هذه الفترة التاريخية. وبعبارة أخرى؛ إنها نتيجة تطبيق الماركسية-اللينينية على ممارسة هذه الفترة التاريخية. (كل الثورات؛ باستثناء الثورة البروليتارية الكوبية؛ كانت في اضطرابات حرب الكونين).إن اعتبار الدعاية المسلحة هي الشكل الأساسي للنضال،أوحرب الطلائع الثورية للشعب؛ هي الخط البلشفي للثوريين البروليتاريين في جميع البلدان الخاضعة للهيمنة الإمبريالية، ظهر نتيجة لتطبيق الأطروحات العالمية للماركسية-اللينينية على ممارسة هذا الوضع التاريخي الملموس.
إن حزبنا الذي يتخذ الدعاية المسلحة أساساً له، والذي قرر أن ينتصر النضال الثوري بـحرب شعبية من خلال جذب الجماهير الكادحة إلى جانب الثورة بحربها الطليعية، قد اتخذ هذا القرار بـإرشاد الماركسية-اللينينية في ضوء علاقات وتناقضات الوضع التاريخي وانعكاس هذه التناقضات على بلدناالذي يعيشه.
رد المستسلمون؛ سواء في بلادنا أو في العالم؛ على نضال المنظمات الثورية التي تواصل حربها الطليعية باتخاذ الدعاية المسلحة كـشكل أساسي للمواجهة، قائلين: “هذه مبارزة حفنة من الرجال مع الطبقات الحاكمة. هذا هو خط الأناركيةوالنارودنية، ولم يكن لدى لينين مثل هذا الشكل من التصادم.التعامل مع المشكلة بهذه الطريقة هو النظر إلى كل شيء من فوهة البندقية … إلخ…”. في الواقع؛ هذه الادّعاءات التي ليست سوى ستار أيديولوجي للاستسلام؛ ليس لها ما يجب أن تؤخذ على محمل الجد. يكفي القول أنّه؛ كانت هناك ثورة في هذه الفترة. وأولئك الذين صنعوا هذه الثورة بدأوا بـحرب الطليعة، متخذين الدعاية المسلحة كـشكل رئيسي للقتال.وعلى أساس هذا النمط اللينيني من العمل لهذا الوضع التاريخي، تكتب الحركات الثورية اليوم؛ ملحمة تحرير الشعوب في المناطق الريفية من العالم. إنّالمستسلمون؛ باعتبارهم حفنة من المجموعات التي تشكل امتداداً للإمبريالية والأوليغارشيةفي اليسار في بلدنا والعالم؛ فـهم منخرطون في مبارزة كلامية ضد أولئك الذين يكتبون ملاحم التحرير بالدم والنار ضد الإمبريالية.
يقدم لينين أفضل إجابة لهؤلاء المستسلمين الذين يقولون إن هذا الشكل من المواجهة ليس موجوداً في لينين.
دعونا نترك الأمر للينين:
” تتطلب الماركسية فحصاً تاريخياً بحتاً لمسائل أشكال التصادم. إن التعامل مع هذه المشكلة بشكل منفصل عن الوضع التاريخي الملموس؛ يظهر أن أساسيات المادية الجدلية ليست مفهومة بشكلٍ كافٍ. في مراحل مختلفة من التطور الاقتصادي؛اعتماداً على التغيرات في الظروف الحياتية السياسية-الوطنية-الثقافية؛ تنشأ أشكال مختلفة من النضال، وتكون لها الأشكال الرئيسية للتصادم،ثانياً؛ ارتباطاً بذلك؛ تتغير الأشكال المتممة للنضال أيضاً “. (لينين)
نعم؛ أولئك الذين يحددون أساليب العمل الميكانيكية المنفصلة عن أعمال ماركس وإنكلس ولينين وستالين وماو؛ دون مراعاة التغيرات في الظروف الحياتية السياسية-الوطنية-الثقافية في الوضع التاريخي الملموس (فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية) وفي مراحل مختلفة من التطور الاقتصادي (الإمبريالية)، يمكن أن يكونوا ماركسلوجيينجيدين، لكن لا يمكنهم أبداً أن يكونوا ثوريين بروليتاريين.
ينشأ الفرق الأساسي بين جميع أشكال الانتهازية والخط الثوري في اختيار الشكل الأساسي للنضال. كما هو معروف؛ إنّ النضال الثوري البروليتاري ضد الطبقات الحاكمة؛ متعدد الأوجه. يتم تجميع هذا التعدد تحت عنوانين رئيسيين في الأدبيات:
(أ) أساليب الكفاح السلمي (لا تعني المساوم)
(ب) أساليب العمل المسلح.
كيف سيُخاض النضال ضد الإمبريالية والأوليغارشية في البلدان التي تحتلها الإمبريالية؟ على أي أساس سيتم الإخلال بالتوازن المصطنع بين الأوليغارشية وعدم رضا الشعب وردود أفعالهم؟ ما هي طريقة النضال التي سنختارها كأساس لجذب الشعب إلى صفوف الثورة؟ ما هو شكل النضال الذي سيكون الوسيلة الرئيسية لحملة واسعة لأجل شرح الحقائق السياسية؟
هذا هو المقياس الأساسي الذي يميز الخط الثوري عن الخط الانتهازي، والنظرية الثورية عن لفظنة”الأرثوذكسي”الأيديولوجي-السياسي.
جواب التحريفية الدولية والاستسلاميةالدولية الذي يفصل النضال الثوري في الفترة التي نعيشها بـخطوط عريضةلـمراحل التطور والثورة، هو كما يلي: (بغض النظر عن الاختلافات بينهما؛ من الذين يتخذون المدن أساساً إلى الذين يتخذون الريف أساساً).
“الدخول بين الجماهير، والتنظيم والعمل بين الجماهير حول الاحتياجات الملحة للجماهير، وجلب الوعي السياسي للجماهير وتنظيمها، أي تنظيم الجماهير حول الحقوق والتطلعات الاقتصادية والديمقراطية للجماهير الكادحة وقيادتها إلى الهدف السياسي”.
في جميع البلدان-المتروكة للتخلف حيث لا يمكن ممارسة الحقوق والحريات الديمقراطية -أي وُضِعَت على الرف – وبعبارة أصح؛ لا “تسمح” الأوليغارشية بممارستها، حيث يتم اتباع سياسة التنكيل التامضد الجماهير العاملة، بجيشها وشرطتها وقواها الأخرى، فإن التنظيمات التي تريد تحويل النضال الاقتصادي والديمقراطي إلى صراع سياسي بـهذا الشكل من “العمل الجماهيري” الكلاسيكي؛ ستقع في الضعف أمام التفوق العسكري للعدو وقمعه، وسينزلقون تدريجياًنحو اليمين.
هذا المسار “سيدوم استمرار التوازن المصطنع القائم بين ديكتاتورية الأوليغارشية وضغط الشعب بدلاً من الإخلال به”. (تشي)
نعم؛ سوف تدوم. بالطبع عندما يتم اتخاذ هذا المسار؛ سيكون هناك بعض التقدم في الظاهر. لكن أنصار هذا المسار حتى لو كانت لديهم في البداية صفات قتالية؛ سيفقدون هذه الصفات ويصبحون فاسدين وبيروقراطيين تدريجياً. الروح الثورية التي فُقِدَتْأوخمس أو عشر عمال مستسلمين؛ هذه هي طريقة الرؤية عند تبسيطها. (7)
التنظيمات القائمة على هذا الشكل من النضال؛ ستخضع بشكل متزايد تحت ذراع القوميين الثوريين، وتعتقد أن حكمهم سيضمن الحقوق والحريات الديمقراطية في البلاد، وفي هذه البيئة سوف تنظم وترفع وعي الجماهير حول النضالات الاقتصادية والديمقراطية.
على سبيل المثال؛ فإنّ مجموعة (x)في بلادنا حاولت التجمع حول جهاز إعلامي يشرح الحقائق السياسية وحاولتالتمركز في المصانع…إلخ؛ودخلتبين حركات جماهيرية اقتصادية وديمقراطية، وسعت لـ جذب الجماهير إلى صفوف الثورة من وجهة النظر هذه، أي استندت إلى هذا الشكل من النضال، من ناحية أخرى؛من أجل توفير المال لتنظيماتهاقامت بـعملية سطو أو اثنتين وحاولت القيام بـ تخريب أواغتيال واحد أو اثنين. (لكن هذه الأعمال المسلحة ليست دعاية مسلحة).
وكان نمط العمل هذا لـمجموعة (x)قد ربط كل آماله على الطُغمة العسكرية الثورية-القومية. لأن هذه الطغمة العسكرية ستفعّل دستور 27 مايو/أيارلـحكم الأمر الواقع، وتلغي 141-142 وتخلق بيئة مناسبة لشكل النضال الذي اتخذوه كأساس لها.
الرأي الثوري:
الدعاية المسلحة هي الطريقة الأساسية للنضال من أجل الإخلال بالتوازن المصطنع القائم بين الأوليغارشية وعدم رضا الشعب عن النظام وردود أفعاله اللاواعية في كثير من الأحيان، لجذب الجماهير إلى صفوف الثورة.
يتم قمع النضالات الاقتصادية والديمقراطية للجماهير الكادحة بشكل إرهابي من قِبَلْ ديكتاتورية الأوليغارشية – ولو في مظهر تمثيلي – حيث يظهر الجيش والشرطة وما إلى ذلك من السلطة المركزية كـ “عملاق” قوي لجماهير الشعب، حيث يوجد احتلال سري في هذه البلدان، فإن الطريقة الأساسية للنضال لإقامة اتصال مع الجماهير وكسبها إلى صفوف الثورة من خلال حملة شرح الحقائق السياسية؛ هي الدعاية المسلحة.
الدعاية المسلحة هي صراعاً سياسياً وليس عسكرياً. إنها ليست فردية؛ بل شكلاً جماهيرياً من النضال. وبعبارة أخرى؛ فإن الدعاية المسلحة قطعاً ليست إرهاباً، كما يدّعي المستسلمون. وهيتختلف في الغرض والشكل عن الإرهاب الفردي.
إن الدعاية المسلحةالتي تنطلق من استراتيجية ثورية معينة؛ تنتقل إلى الجماهير الكادحة عن طريق الإجراءات المادية الملموسة والمرئية. من خلال شرح الحقائق السياسية حول الأحداث المادية؛ فإنه يرفع وعي الجماهير ويظهر لهم أهدافاً سياسية.إن الدعاية المسلحة تثير استياء الناس من النظام، وتحررهم من تأثير غسل الدماغ الإمبريالي. إنهاتهز الجماهير أولاًثم ترفع وعيهم تدريجياً. إنهاتبين أن السلطة المركزية ليست قوية كما تُرى، وأن قوتها تستند قبل كل شيء إلى الضجة، التخويف والديماغوجية.
إن الدعاية المسلحة؛ أولاً وقبل كل شيء؛ تلفت انتباه الجماهير الذين ضاعوا في المتاعب اليومية للمعيشة…إلخ، المشروطون بالإعلام الإمبريالي، الذين علقوا “أملهم” على هذا الحزب أو ذاك من النظام؛ بالحركة الثورية وخلق التحركات بين الجماهير المخدرة والمستسلمة.
في المرحلة الأولى؛ وتحت تأثير الدعاية اليمينية المكثفة (بما في ذلك المنشورات الانتهازية)، يتحول ارتباك وتردد الجماهير تدريجياً إلى تعاطف مع الحركة الثورية، وفي مواجهة العملياتتضعالأوليغارشية قناع “العدالة” عن وجههاجانباً، ويرون الوجه القبيح لهاوالتي تزيد من اضطهادها وإرهابها على الشعب إلى درجة غير مسبوقةويتحولون إلى مسار مضاد للأوليغارشية.
يصبح التنظيم القائم على الدعاية المسلحة؛تدريجياً المصدر الوحيد للأمل للمضطهدين. فمن ناحية؛ في حين أن البطالة المتزايدة والتكاليف المرتفعة تؤدي إلى تفاقم استياء الشعب، فإن الأوليغارشية التي تزيد من اضطهادها وإرهابها في مواجهة الدعاية المسلحة وتضع تدريجياً جميع الحقوق الديمقراطية للشعب جانباً؛ تعاني من فقدان القيمة في نظر جميع الناس، وخاصة المثقفين. بعد أن نجح الحزب في خوض حرب الكريلا، سيجمع حوله أولاً قطاعات يقظة من الشعب الذي وقع تحت تأثير مختَلَف الفصائل الانتهازية في اليسار، وسـيزيل تدريجياً الطفيليات في اليسار.العناصر التي أربكها المستسلمون – العمال والفلاحون والطلاب – سوف تتجمع بشكل متزايد حول الدعاية المسلحة. وبعبارة أخرى؛ فإن الدعاية المسلحة سوف تحشد اليسار أولاً. سيتم جمع العناصر الصادقة التي كانت في البداية تحت تأثير الاتجاهات المختلفة؛ حول استراتيجية واحدة.
تشمل الدعاية المسلحة؛إلى جانب حرب الكريلافي الريف والمدن؛ الحرب النفسية وحرب الاستنزاف.
بالطبع؛ هذا التعاملمع الشكل الأساسي للنضال لا يعني إهمال أشكال النضال الأخرى. ويتعامل التنظيم الذي يقوم على الدعاية المسلحة؛ مع أشكال أخرى من النضال بقدر قوته. لكن أشكال النضال الأخرى هي ثانوية. الدعاية المسلحة هي الشكل الأساسي للنضال. هذا لا يعني أن يكون متفرجاً على الحركات الجماهيرية الاقتصادية والديمقراطية. يحاول التنظيم بما يتناسب مع قوته؛ تنظيم الجماهير حول الحقوق والمطالب الاقتصادية والديمقراطية. ويعمل في توجيه جميع أنواع ردود الفعل ضد الأوليغارشية. لكنه في البداية لا يركض أبداًإلى كل مكان، ولا يدخل في حركات جماهيرية لا يمكن تأمينها بأسلحة تتجاوز قوته.وبما يتناسب مع قوتهخارج الدعاية المسلحة؛ فإنه يتعامل مع زيادة الوعي والتثقيف السياسي والدعاية والتنظيم.
يتبع النضال الجماهيري السياسي الكلاسيكي والدعاية المسلحة بعضهما البعض ويعتمدان على بعضهما البعض، ويؤثر كل منهما على الآخر.
أشكال أخرى من النضال السياسي والاقتصادي والديمقراطي خارج الدعاية المسلحة؛ تخضع للدعاية المسلحة ويتم تشكيلها وفقاً للدعاية المسلحة.(تتشكل أشكال النضال الثانوية وفقاً للشكل الأساسي للنضال. بمعنى آخر؛ يتم تشكيلها وفقاً لأساليب الدعاية المسلحة).
الاستراتيجية الثورية التي تتعامل مع الدعاية المسلحة كـشكل أساسي وغيره من أشكال النضال السياسي والاقتصادي والديمقراطي، التابعة لهذا الشكل الأساسي من النضال؛ تسمى استراتيجية الحرب العسكرية المسيسة. (تنظيم هذه الاستراتيجية أيضاً؛ لا يتعامل مع الصراع الأيديولوجي كأداة جدالية؛ إنه يتعامل مع الصراع الأيديولوجي على أنه تعليم سياسي لكوادره).
في فترة الكساد الثالث؛ هذه هي وجهة نظر الخطوط الثورية والتحريفية في يسار البلدان الواقعة تحت احتلال الإمبريالية. للتلخيص باختصار: هناك نوعان من الانحرافات في هذه البلدان تحت اسم “الثورية البروليتارية”.
1) الخط التحريفي،”الأرثوذكسي”الكلاسيكي: (الخصائص)
رؤية الجانب العسكري والجانب السياسي في مواجهة بعضهما البعض والتقليل من شأن الجانب العسكري. المبالغة الحادة في الوظيفة السياسية لبروليتاريا المدن في ضوء النموذج السوفيتي الذي لعبت فيه البروليتاريا الدور الرئيسي. هذه التنظيمات التي عانت من فقدان هيبتها في اليسار مقابل هيبة الدعاية المسلحة؛ فتحت في وقت لاحق شعبةً للـكريلا. بالطبع؛ كانالكريلا حكاية.
العفوية؛ اتخاذ أساليب النضال السلمي كأساس، والفصلبين مراحل التطور والثورة بـخطوط صارمة،ورفض حرب الطليعة؛رغموجود أزمة قومية في البلاد.
2) الخط اليساري المناضل؛النظرة الفوكوية:الذي ظهر رداً على هذا الرأينتيجة سوء تفسير الثورة الكوبية؛ هو وجهة نظر لا ترى العلاقات بين المدن والريف والدعاية المسلحة وغيرها من أشكال النضال كـكلٍّ دياليكتيكي، وتأخذ الريف والدعاية المسلحة وحدها كـكل، ولا تهتم بالدور الثانوي للمدن وغيرها من أشكال النضال.أساس وجهة النظر هذه هو أنّ التقييم الأكثر نضجاً للأزمة القومية في البلدان-المتروكة للتخلف،يكمن في فكرة أنه مع نضال الطليعة، سيحمل الفلاحون السلاح على الفور وستتحول الحرب قريباً إلى حرب شعبية.
هذا الخط عفوياً “يسارياً” أيضاً. لكن؛ أنصار وجهة النظر هذه؛ الذين أدركوا أن تفسيرهم للحياة كان غير واقعي في مواجهة الحقائق؛ سرعان ما تخلوا عن وجهة النظر هذه. لا توجد اليوم تنظيمات دعاية مسلحة في العالم؛تتبنى فهم فوكوي تقريباً.
الفصل الثالث
الخصائص التاريخية-الاجتماعية-الاقتصادية لـتركيا والمشاكل المتعلقة بممارستنا
1.
الدولةالعثمانيةالإقطاعيةالمركزية
يجبتناول الدولة العثمانية في مرحلتين:أ) الإمبراطورية العثمانية الإقطاعية المركزية العسكرية. ب) الدولة العثمانية الكومبرادورية-الإقطاعية.
على الرغم من أن المجتمع العثماني لم يكن لديه هيكل إقطاعي كلاسيكي،كانت الدولة إقطاعية.بالمعنى الأصح – وخاصة بعد القرن الخامس عشر-كان الهيكل الاجتماعي؛هيكلاً عسكرياً إقطاعياً مركزياً.وينتج رعايا مرتبطةبالأرض. تم الاستيلاء على فائض المنتج من قبل السلطة المركزية من خلال الإقطاعيين الثانويين (المرؤوسين).حقيقة أن طرق التجارة الاستراتيجية كانت في أيدي الإقطاع العثماني والنهب الخارجي ضمنت أن النهب الداخلي – الاستغلال الداخلي – لم يكن حاداً.
هذا الوضع، وحقيقة أن الهيكل الإقطاعي الحالي لم يكن من النوع الكلاسيكي، خفف من التناقضات الداخلية إلى حد ما. (أي أن التناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج الإقطاعية لم يكن حاداً لدرجة كافية إلى أقصى الحدود في فترة زمنية قصيرة).بينما كانت الرأسمالية قد بدأت تتبرعم ببطء وكانت التناقضات في طور الحدة، تم منع ذلك من خلال التدخل الخارجي للرأسمالية الأوروبية ولم تتمكن الرأسمالية المحلية أن تتطور. (8)
لا شك أن هذه الديناميكية الذاتية الضعيفة لعبت دوراً مهماً في تحولها إلى ساحة للاستغلال للرأسمالية الأوروبية.
في نهاية القرن الثامن عشر أصبح المجتمع العثماني سوقاً مفتوحاً للرأسمالية الأوروبية. (تم إضفاء الطابع الرسمي على هذا الوضع بموجب اتفاقية ميناء الفأس (بالتا) لعام 1838.) كانت هذه السنوات أيضاًهي السنوات التي ضعفت فيها السلطة المركزية وزادت الوحدات المحلية الإقطاعية من قوتها.
دخل المجتمع العثماني في مرحلة مستعمَرة سريعة منذ القرن الثامن عشر، وسرعان ما أصبحت الدولة كومبرادورية، واحترقت الرأسمالية المحلية في حالة الرُشَيم التي لم تكن قادرة على الصمود أمام منافسة الرأسمالية الأوروبية، وكان للاقتصاد هيكل إقطاعي كومبرادوري.
تتمثل إحدى السمات الهامة لهذا الهيكل الاقتصادي الإقطاعي الكومبرادوري في غياب برجوازية ثورية قوية بما يكفيللقيام ببناء الأمة، التي ليس لديها القدرة على تحريض جماهير الشعب النائم تحت تأثير التكوين الاجتماعي والنفسي والثقافي الناشئ عن طابع المجتمع الإقطاعي أو شبه الإقطاعي وتقاليده وعاداته، ونشر الفكر التقدمي والديمقراطي.يتم وضع هذه المهمة بالضرورة على عاتق البرجوازية-الصغيرة (9). بعبارة أخرى؛ فإن الديناميكية الذاتية الضعيفة الناتجة عن عدم وجود بنية كلاسيكية للإقطاع العثماني؛ هي قدرة البيروقراطية الكبيرة المتميزة التي شكلتها المركزية الصارمة للدولة الإقطاعية العسكرية على التصرف كطبقة تقريباً.
في القرن الثامن عشر؛ فقدت الدولة الإقطاعية المركزية تدريجياً نفوذها المركزي في الداخل، وزادت قوة الطاغية المحلية، ودخلت الدولة الإقطاعية المركزية الغير قادرة على الصمود في تحالف مع التدخل الخارجي، وظهر التحول الكومبرادوري، أدى ذلك إلى خلق تيارين داخل زمرة كابيكولو(خادمي الباب) صاحبة الامتياز هذه. سرعان ما أصبحت الطبقات العليا المتميزة في كابيكولو، التي أخذت أسهماً من الرأسمالية الأوروبية؛ كومبرادور مع عائلة السلطان. شكّل مصرفيو غالاتا وكومبرادورية القصر والقسم العلوي من كابيكولو (الدولة الكومبرادورية الإقطاعية) تحالفاً رجعياً امتيازياً حصل على حصص مهمة جداً من الاستغلال الغربي.
هذه الطائفة من كابيكولو التي كانت تفقد بسرعة امتيازاتها السابقة مع نهب رأسمالية أوروبا الغربية وتتوق إلى فترتها السابقة “المجيدة” وصاحبة امتياز، لم تكن راضية عن هذه المرحلة الجديدة للدولة. (كما أنّ زيادة قوة الطاغية المحلية لها دور فعال في ذلك). وشوقاً للأيام الامتيازية القديمة، اتخذوا موقفاً ضد التيار الإقطاعي الكومبرادوري أولاً تحت “العثمنة”، ثم تحت راية “التتريك” بتأثير التيار القومي الذي تطور في أوروبا. لكن؛ نظراً لطبيعة هذه الزمرة، فإن أهدافها غير واضحة دائماً، وعملياتها ليست أفعال تؤدي مباشرة إلى النتيجة. غالباً ما كانت الرأسمالية الأوروبية قادرة على العثور على وكلاء داخل هذه الزمرة وتوجيهها بسهولة إلى أهداف ثورية زائفة – طورانية وما إلى ذلك – التي توسعت بشكل أساسي في استغلالها. من وقت لآخر؛ كانت قادرة على استخدام هذه الزمرة كوسيلة للتهديد، ضد ردود فعل الإقطاعية.
النتيجة:
1) في مرحلة انتقال أوروبا إلى الرأسمالية من خلال الاستفادة من اكتشافاتها الجغرافية والتقنية، تأخرت الدولة العثمانية بسبب ضعف ديناميكيتها الذاتية. لذلك؛ تحولت إلى مستَعمَرة.
2) بسبب طبيعة الإقطاع العثماني (حقيقة أن العلاقة بين القن والإقطاعي بالمعنى الكلاسيكي لم تكن واضحة وقطْعية، وأن الاستغلال الداخلي كان رخواً وسرياً)، لم يصبح التمرد تقليداً بين العمال. نظراً لأن الدولة الإقطاعية المركزية كانت قائمة على النهب الخارجي ونفذت الاستغلال الداخلي بشكلٍ سري ورخو نسبياً، فقد تمكنت من الظهور لشعب الأناضول كـ حامٍ وأبٍ عظيم.
3) حقيقة أن السلطة الإقطاعية المركزية القوية جداً (الطاغية المحلية ضعيفة جداً) وضعت فكرة سلطة الدولة “لا تقهر” و “لا تُقاوَم” عند الجماهير بـدرجة “التفكير الثابت”.
باختصار، في الفترة التي سبقت فترة ما قبل الكومبرادور للدولة الإقطاعية، بدت الدولة للجماهير على أنها “أب للشعب” و “الدولة الكريمة”. في فترة الدولة الإقطاعية الكومبرادورية، ظلت صورة الدولة للجماهير طغياناً مستبداً، لكن فكرة “عدم مقاومتها” و “عدم قابليتها للتدمير” استمرت.
لكن، خلال فترة حرب التحرر القومي الأول، دمرت الأعمال الناجحة للقوات-القومية(قوائي-ميللي) ضد الدولة الإقطاعية الكومبرادورية، التي كانت علناً إلى جانب العدو المحتل، مظهر الدولة العثمانية التي كانت “غير قابلة للتدمير”، “لا تُقاوَم”، “أخذت قوتها من الله”.
4) لم تستطع أن تتطور البرجوازية الثورية التي ولدت من رحم الإقطاع وتأثرت بالديناميكيات الداخلية والخارجية. اضطر المثقفون البرجوازيون-الصغار تولي هذه المهمة.
2.
الكمالية
الكمالية هي راية التحرر القومي للثوريين-القوميين في بلد تحت احتلال الإمبريالية. جوهر الكمالية هو اتخاذ موقف ضد الإمبريالية. من الخطأ تماماً اعتبار الكمالية أيديولوجية برجوازية، أو أيديولوجية البرجوازية- الصغيرة بأكملها أو زمرة المثقفين العسكريين-المدنيين.
الكمالية هي الموقف المناهض للإمبريالية للجناح اليساري الأكثر راديكالية من البرجوازية-الصغيرة على أساس القومية. لذلك؛ الكمالية يسارية; هي التحرر القومي. الكمالية هي الموقف السياسي الراديكالي للقوميين الثوريين تجاه الإمبريالية. (10)
في هذا الصدد؛ فإن القوميين الراديكاليين الذين شنوا حرباً شعبية منتصرة ضد الإمبريالية في فترة لا توجد فيها حركة طبقية ثورية قومية راديكالية ضد الإمبريالية في البلاد، ولا توجد كتلة اشتراكية عالمية تدعم حروب التحرر القومية مثل اليوم. هي أصالة من بلادنا، متجذرة في تقدمية البيروقراطية العثمانية الدنيا. بالنسبة للكماليين، يمكننا أن نسميهم اليعاقبة من الزمرة المثقفة العسكرية-المدنية في بلادنا.
3.
ثورة 1923، فترات 1923-1942و 1942-1950
كانت ثورة 1923 ثورة قومية عكست طابع الطبقة القيادية.لقد تم تحطيم الاحتلال الإمبريالي، وتصفية البرجوازية الكومبرادورية، على الرغم من بعض الامتيازات الممنوحة لرأس المال الأجنبي، وتم القضاء على استثمار الإمبريالية بشكل عام، وتحطيم القوة الأيديولوجية والسياسية للإقطاعية.
هذه ثورة ذات محتوى برجوازي. (أطلق ستالين وماو على حملة الأناضول 1919-1923بالثورة. وبالمثل، يستخدم ماو مفهوم الثورة القومية الديمقراطية للثورة الجزائرية، والتي لا تختلف كثيراً عن ثورة الأناضول عام 1923 من حيث المحتوى).ومع ذلك؛ نظراً لطبيعة الطبقة القيادية، لم يكن من الممكن جعل هذه الثورة دائمة، فقد تعرضت للركود وحتى الانتكاسات، وأخيراً دخلت البلاد في المرحلةالمستَعمَرة من جديد.
من المخالف للحقائق القول أن زعيم حرب الاستقلال القومية الأولى وثورة الأناضول عام 1923 كان البرجوازي-الكبير.(11) لأنه في المرحلة الإمبريالية، فقدت البرجوازية طابعها الثوري والقومي والديمقراطي في جميع أنحاء العالم.لم تعد أيديولوجيتها قومية بل كوزموبوليتانية(عالمية). ألقى راية الوطن والأمة من عنابيالسفينة إلى الأسفل.يرفع الثوريون البروليتاريون هذه الراية على أساس الأممية والوطنية في الفترة الإمبريالية، والعناصر الراديكالية البرجوازية-الصغيرة على أساس القومية.
في الجمهورية التركية القومية العلمانية التي تأسست عام1923، تكون الإدارة هي الإدارة المشتركة للبرجوازية-الصغيرة وجميع فصائل البرجوازية، بما في ذلك الكماليون في المستوى الأعلى من القاعدة الهرمية.
تم قمع الطاغية الإقطاعي، لكن قوته الاقتصادية لا يمكن القضاء عليها، على الرغم من تحطيم قوته السياسية والأيديولوجية.
باختصار؛ أصبحت دكتاتورية البرجوازية-الصغيرة تحت حكم الحزب الواحد؛ هي المهيمنة،بدلاً من آلية الدولة الإقطاعية الكومبرادورية المفكَّكة من قِبَلها.
يحدد لينين خصائص الإدارة التي تكون فيها البرجوازية-الصغيرة على قمة التسلسل الهرمي على النحو التالي:
“… وضع السلطة وسلطة الدولة تحت تصرف هذه الطبقة على رأس التسلسل الهرمي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وإقامة دكتاتورية البرجوازية-الصغيرة بدلا من الإقطاعية ودكتاتورية رأس المال المتحالفة مع الإمبريالية، ولهذا السبب يتم وضع آلية الدولة القمعية في خدمة مصالح وأيديولوجية هذه الطبقة “.
هذا هو الطابع الأيديولوجي والسياسي لإدارة الجمهورية التركية في عام 1923.
إن إدارتها في الخطة الاقتصادية هي باختصار على النحو التالي: تم إنشاء اقتصاد قوميفارغ فيأساسه، يعتمد على الإنتاج الصغير، القائم على الملكية الخاصة والربح ( وإلا فإنه يتعارض مع طبيعة الأشياء التي تكون على خلاف ذلك)، الذي يوسع تنظيمه الطبقي والاقتصادي ويهدف بشكل متزايد إلى تنمية طبقة “البرجوازية القومية”.
فيما يتعلق بهذا النوع من الاقتصاد، يقول لينين:
“… إن إقامة الاقتصاد المتمدن على أساس الصناعات الخفيفة، أو بالأحرى إقامة اقتصاد استهلاكي في المناطق الريفية والمدن (هذا اقتصاد قائم على مبدأ “كل مايتم إنتاجه يتم اسستهلاكه” والذي هو في المقام الأول في خدمة احتياجات الاستهلاك البرجوازي-الصغير؛ البرجوازية-الصغيرة لديها قوة شرائية كبيرة نسبياً، لأنها تمتلك جزءاً كبيراً من فائض- القيمة الذي تستمده من قوة البروليتاريا والقرويون الفقراء)”.
تردّد الكماليون الذين كانوا على رأس الإدارة في عام 1923، في البداية عن العلاقات مع الإمبريالية في الخطة الاقتصادية.فمن ناحية؛ بينما يتم القضاء على البرجوازية-الكمبرادورية، امتداد الإمبريالية، يتم تأميم العديد من المؤسسات الإستراتيجية المتعلقة بالاحتكارات الأجنبية من خلال الشراء مع توخي الحذر الشديد في الاقتراض، من ناحية أخرى؛ من خلال المشاركة في العالم الرأسمالي، يتم منح بعض الامتيازات لرأس المال الأجنبي.لا يمكن المساس كثيراً بالقوة الاقتصادية للإقطاعية التي تحطمت قوتها في المجال الأيديولوجي والسياسي. أي أن النظام البرجوازي-الصغير، بسبب طابعه الطبقي، لا يمكنه التخلص من جميع الجسور مع الإمبريالية والإقطاعية.
“… توسيع تنظيم البرجوازية-الصغيرة، إلى جانب إقامة جسر يحمي علاقاتها الطبقية والسياسية بالإقطاع”. (لينين)
زعيم هذه الإدارة، جنرال مصطفى كمال، الذي كان يدرك حقيقة أن الطريق إلى الاستقلال الكامل في تركيا، يمر عبر الاستقلال التام في كل مجال، كان شديد الحساسية تجاه الاقتصاد القومي.إن إدارة الجمهورية التي تحاول خلق طبقة رأسمالية قومية من حيث الحماية الجمركية، والتأميم، والالتزامات باستخدام السلع المحلية، وما إلى ذلك، قد استخدمت واستغلت جميع فرص الدولة لتطوير الرأسمالية القومية لهذا الغرض.ومع ذلك، فإن تنظيم البرجوازية-الصغيرة في تطوير الخطة السياسية والاقتصادية باستمرار قد خلق تدريجياً برجوازية بيروقراطية تتعاون مع البرجوازية التجارية وتستخدم إمكانيات الدولة في هذه المجالات.
على سبيل المثال؛ كان مؤسسو بنك العمل الذي تم إنشاؤه لدعم الاستثمارات الوطنية الخاصة وتقديم القروض، من التجار والنبلاء والسياسيين الذين شاركوا في حرب التحرر القوميةفي فترة الجمهورية. (انظر. الدفاع)
حقيقة أن بنك العمل تم تأسيسه كنوع من بنك السياسيين، كان بداية وباء القول المأثور للفترة الجمهورية.(ف. ر. أتاي ، انظر. دوغان أفجي أوغلو، نظام تركيا) أدى تحول بعض الإداريين الجمهوريين إلى بيروقراطيين – برجوازيين وقاموا باستثمارات اقتصادية جنباً إلى جنب مع البرجوازية-التجارية وطبقة النبلاء إلى زيادة تدريجية في سلطتها السياسية على الدولة، والتي كانت ضد التكتلات الاحتكارية الخاصة والثقة في الاقتصادومساعدة رأس المال الأجنبيوالعمالة. تدريجياً؛ سن البرلمان قوانين ذات امتياز بشأن هذه المسألة، وتطور “التعاون” مع رأس المال الأجنبي، وبدأ الاقتصاد يتجه نحو الاحتكار نتيجة للتعاون بين البرجوازية-الإصلاحية والبرجوازية-البيروقراطية.
“في الواقع؛ حقيقة أن مجموعة بنك العمل التي تهيمن على الصناعة، قامت باستثمارات كبيرة وحصلت على احتكار، فضلاً عن إنشاء شركة وراء الكواليس، واستيراد منتجات تلك المصانع وطرحها في السوق بأسعار المصنع المرتفعة التي تحافظ عليها، أدت إلى تناقص واحتكار جناح من البرجوازية-الإصلاحية داخل بنك العمل.المجموعة الأكثر فعالية في بداية تكوين البرجوازية-الاحتكارية في تركيا كانت مجموعة بنك العمل”. (انظر. الدفاع) (12)
باختصار:
يمكننا تلخيص هذه المرحلة في ثلاث فترات:
1) فترة 1923-1932: المرحلة التي تكون فيها البلاد مستقلة واقتصادها اقتصاداً استهلاكياً قومياً.
مرحلة ولادة البرجوازية-البيروقراطية. هذه هي المرحلة التي يكون فيها الكماليون هم الأكثر هيمنة في الإدارة.
2) فترة1932-1942: هذه هي المرحلة التي تندمج فيها البرجوازية-البيروقراطية مع البرجوازية-التجارية والاحتكارات الأجنبية وتبدأ تدريجياً في التحول إلى البرجوازية-الاحتكارية.استفادت هذه المجموعة بشكل كبير من الصدمة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة العالمية لعام 1932 وبدأت في الازدهار. (انظر، قانون الحماية القومية لعام 1932، الدفاع).
3) فترة1942-1950:خلال سنوات الحرب، وخاصة خلال فترة ساراج أوغلو، أدى إصدار إدارة ساراج أوغلو للأسعار إلى تضخم كامل في البلاد، تحت ستار مساعدات مارشال وترومان، دخلت الإمبريالية الأمريكية البلاد تماماً وتم توفير امتيازات واسعة لرأس المال الأجنبي. (بداية المرحلة المستَعمَرةفي البلاد).
4.
فترة 1950-1971
كانت هذه هي السنوات التي تركت فيها الإمبريالية الأمريكية بصماتها على البلاد من اقتصادها إلى سياستها، ومن ثقافتها إلى فنها،وعندما أخذت مكانها داخل الأوليغارشية نفسها.(الإمبريالية تصبح ظاهرة داخلية). خلال هذه السنوات، سيطرت علاقات الإنتاج الإمبريالية على أقصى ركن من البلاد.
وبعبارة مختصرة؛ فإن الاقتصاد القومي البرجوازي-الصغير قد تحول بطريقة تستجيب للاستثمارالإمبريالي وتحول إلى اقتصاد غير قوميللأوليغارشية التي تهيمن عليها علاقات الإنتاج الإمبريالية.لقد تم استبدال دكتاتورية البرجوازية-الصغيرة بدكتاتورية الأوليغارشية، وأفسحت الأيديولوجية والسياسة القومية للبرجوازية-الصغيرة المجال للأيديولوجية والسياسة غير القوميةللأوليغارشية.
حدث التطور والتوسع الحقيقيان للبرجوازية-الاحتكارية المحلية، التي ولدت ككل مندمجة مع الاحتكارات الإمبريالية، في هذه الفترة.خاصة بعد عام 1960، وبالتوازي مع التوسع العميق لعلاقات الإنتاج الإمبريالية، كانت البرجوازية-الاحتكارية المحلية أيضاً الدعامة الأساسية للإمبريالية داخل الأوليغارشية.
ومع ذلك؛ في هذه الفترة؛ على الرغم من كل شيء، استمر التوازن النسبي بين الأوليغارشية والبرجوازية-الصغيرة في البلاد. بعبارة أخرى؛ فإنالأوليغارشيةلم تهيمن بشكل كامل على الدولة في هذه الفترة. لذلك؛ إلى حد ما؛ تمكن الثوار القوميون، وخاصة في البيروقراطية والجيش، من مواصلة أنشطتهم في هذه الفترة.ولكن؛ خاصة بعد عام 1963، مع تزايد مركزية وتركيز رأس المال المحلي والأجنبي في بلدنا ودخول الإنتاج البضاعي وصولاً إلى القرى؛ زادت الأوليغارشية تدريجياً من قوتها، وأخيراً في عام 1971، من خلال جذب الجناح اليميني والأوسط من البرجوازية-الصغيرة إلى جانبها، وجهت ضربة كبيرة لسلطة الكماليين في الجيش والبيروقراطية.
5.
12 آذار/مارس والتغيير في علاقة الطبقات
مع انقلاب 12 آذار/مارس؛ كان هناك تغيير كامل في التركيبة الطبقيةللبلاد. لقد اختل التوازن النسبي بين القوميين-الثوريين والأوليغارشية في البلاد، وهيمنت الأوليغارشية بالكامل على جميع مؤسسات الدولة.إن التقليد الثوري البرجوازي-الصغير للجيش التركي الذي استمد جذوره من الدولة العثمانية والحكم البرجوازي-الصغير في السنوات الخمس والعشرين من الفترة الجمهورية، قد وصل الآن إلى نهايته، وأصبح الجيش أداة مباشرةللسياسة الاستعمارية للإمبريالية والأوليغارشية.(لا ينبغي أن يفسر هذا على أنه يعني عدم بقاء ثوريين-قوميين في الجيش التركي. فالأحداث الاجتماعية لا تأتي من فراغ.سيبقى الجيش والبيروقراطية مأوى للقوميين-الثوريين لبعض الوقت. لكنهم الآن فقدوا قوتهم السابقة. وسيتم تصفيتهم تدريجياً بسرعة متزايدة).
ليس من قبيل المصادفة أن يكون هناك انقلاب عسكري في 12آذار/مارس في بلادنا. هذا هو نتيجة انعكاس الأزمة الثالثة للإمبريالية على بلادنا التي يحتلهااليانكيون بشكل عام، والأزمة الرهيبة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي بشكل خاص منذ عام 1967.إن عسكرة النظام في بلادنا وزيادة عدوانه هما انعكاسان لحقيقة أن الإمبريالية الأمريكية التي زادت من عسكرة اقتصادها بشكل غير عادي وزادت من إرهابها في الداخل والخارج،على “أمريكا الصغيرة”.
بلغت الأزمة الشديدة للإمبريالية الأمريكية ذروتها وزاد جشع الاستغلال للاحتكارات في بلادنا، وأصبحت علاقات الإنتاج الإمبريالية عميقة الجذور.وقد أدى ذلك إلى تعميق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بلادنا.لقد رخُصَتْ قيمة أموالنا. ارتفعت الأسعار إلى مستوى غير مسبوق. لقد وصل فقر وبؤس الشعب العامل إلى ذروته.
قدمت الولايات المتحدة توصيتين إلى حكومة سليمان ديميريل في تركيا. وأوصى باتخاذ سلسلة من تدابير “الترشيد” (وبالتالي لصالح البرجوازية العميلة-الاحتكارية) التي من شأنها أن تزيد من استغلاله في البلاد (انظر. تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) ونصحته بقمع النضال الديمقراطي سريع التطور من خلال دمج الجيش في السلطة.
وبما أن إحدى مراحل إدارة سليمان ديميريل كانت قائمة على البرجوازية الأناضولية الاستغلالية والبقايا الإقطاعية التي لا يمكن احتكارها، فإنها لم تستطع تنفيذ هذه التدابيربشكل صحيح. لم تستطع توفير “الاستقرار” للاحتكارات.
لذلك تمت الإطاحة به. وتم تأسيس الديكتاتورية العسكرية. وهكذا؛ من جهة، سيتم تنفيذ سلسلة من “الإصلاحات” التي من شأنها أن تزيد من استغلال الاحتكارات الجشعة واستغلال الانضباط على حساب الطبقات والمجموعات الحاكمة الأخرى، ومن ناحية أخرى؛ سيتم تطهير القوميين-الثوريين في الجيش والبيروقراطية إلى حد كبير وسيتم منع ردود الفعل على البؤس المتزايد لشعبنا عن طريق الإرهاب، كان من الممكن توفير”الاستقار” للاستغلال الجشع للاحتكارات.
ويمكننا أن نلخص نتائج ومراحل الانقلاب العسكري في 12 آذار/مارس على النحو التالي:
1) إن الديكتاتورية العسكرية في بلادنا هي الشكل النهائي لاحتلال الإمبريالية الأمريكية لبلادنا.وهذا يعني التخلي عن الديمقراطية التمثيلية وتقليل أو تقليص دور أحزاب النظام.لقد أصبح الجيش التركي الآن أداة مفتوحة ومباشرة لسياسة القمع التي تمارسها وتنتهجهاالأوليغارشية ضد شعبنا. (13)
لكن القومية هي التي تحدد شخصية الضباط ذوي الرتب الدنيا في الجيش التركي.ويأتي معظمهم من المدارس الثانوية العسكرية، وأغلبهم من أصولكادحة برجوازية-صغيرة.على مدى عشر سنوات، كانت الإمبريالية تعمل بشكل منهجي، وغيرت إلى حد كبير التقاليد الثورية البرجوازية- لصغيرة للجيش وذهبت إلى تصفيات واسعة مع 12آذار/مارس. يمكن رؤية آثار التقاليد الثورية لفترة من الوقت في الجيش التركي الضخم الذي ليس لديه تشكيل مناسب للحرب الأهلية كما هو الحال في أمريكا اللاتينية. لكن سرعان ما قامتالأوليغارشية، من خلال عمليات التطهير وإعادة تنظيم الجيش إلى جيش حرب أهلية، بتحويله إلى قوة ضاربة مباشرة.
2) نفذت الأوليغارشية انقلاب 12 آذار/مارس آخذةً في الحسبان قوة البرجوازية-الصغيرة في بلادنا بشعارات مثل “الأتاتوركية” و “القومية” و “التقدمية” و “الإصلاحية”. التي لن تتعارض معهم، وأولت حكومة أريم الأولى اهتماماً خاصاً للظهور كحكومة إصلاحية.
هذا لتخريب تحالف الجناح الراديكالي للمثقفين العسكريين-المدنيين مع الجناح اليميني،إنها طريقة يطبقونها لعزلها، على الأقل تحييدها بهذه الشعارات، وجذب الجناح “المحايد” واليميني للبيروقراطية والجيش إلى صفوفهم.لأن الجيش التركي، نتيجة للتطور التاريخي للبلاد، لم يصبح بعد القوة الضاربة للأوليغارشية مثل جيوش أمريكا اللاتينية والتي لم تكن منظمة بهذه الطريقة.من أجل استخدام هذه الآلية كأداة مباشرة لسياسته الخاصة، كان عليه أن يدير أعماله بمثل هذه الشعارات.
بالإضافة إلى ذلك؛ احتاجت الإمبريالية الأمريكية إلى دعم المثقفين البرجوازيين-الصغار في البيروقراطية والجيش من أجل زيادة توسيع استغلالها (وبالتأكيد لصالح البرجوازية الاحتكارية-العميلة)، أي لضبط الاستغلال.
أي أن هذا العمل التأديبي من الاستغلال،هو أمر مزعج للغاية للطبقات والجماعات الرجعية الأخرى – البرجوازية التجارية والزراعية وبقاياها الإقطاعية – الذين لا يزالون يشكلونويتمتعون بقوة معينة، وخاصة تلك التي تشكل أغلبية كبيرة في البرلمان،حتى لو فقدوا نشاطهم السابق داخل الأوليغارشية.لهذا السبب واجهوا في البداية هذه “الإصلاحات” الصفراء بمعارضة شديدة. تلخص صحيفة ميلِيت، التي ظهرت فيها نظرية الإمبريالية والبرجوازية الاحتكارية -العميلة، هذه الحقيقة على النحو التالي.
“… المجموعة ، التي تشكل النواة القيادية للبرجوازية الكبرى، لديها أيضاً آراء ووجهات نظرأكثر تقدماً من بعض شرائح القطاع الخاص.قبل كل شيء؛ إن المطالب مزعجة للغايةلرؤوس الأموال التجارية والزراعية التقليدية (لأنها ستؤثر على قوتها في بيئة ما قبل الرأسمالية).ومع ذلك، فإن نمط الإنتاج الرأسمالي الناجم عن الظروف القائمة يستلزم اعتماد تدابير أكثر عقلانية في تركيا.في الأيام الأولى من عام 1970، أوصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بسلسلة من تدابير الترشيد في هذا الاتجاه لتركيا “. (عليكيفكيليلي، الرأسمالية التركية وتطلعاتها الجديدة)
لقد حاولت حكومةأريم الأولى (نهاد أريم رئيس وزراء تركيا عام 1971-1972) التي هي القوة الخالصة للإمبريالية والبرجوازية الاحتكارية المحلية، تحطيم ردود فعل هذه الطبقات والجماعات ما قبل الرأسمالية ضد “الإصلاحات” الهادفة إلى ضبط الاستغلال، تحت ستار “التقدمية، الأتاتوركية، الإصلاحية”، من خلال الحصول على دعم أوساط المثقفين البرجوازية-الصغيرة، واستخدام هذه الحلقات كعنصر ضغط على هذه الجماعات.وفي الفترة الأولى؛ تمكنت من الحصول على دعم حتى الجناح البرجوازي-الصغير الأكثر راديكالية في هذه القضية.
3) ومع ذلك؛ كشفت الدعاية المسلحة عن الوجه الحقيقي وطموحات حكومة أريم الأولى، النظام الأكثر رجعية والأكثر شراسة وإرهاباًللأوليغارشية.وهكذا؛ من خلال إفشال لعبة الإمبريالية الأمريكية والبرجوازية المحلية العميلة، أسقطت قناعها وعطلت خطتها تدريجياً.من خلال الولادة المبكرةللفاشية المفتوحة تحت ستار “التقدمية، الإصلاحية، الأتاتوركية”، فتحت أعين الرأي العام، بما في ذلك أوساط المثقفين البرجوازية-الصغيرة.
واليوم؛ فإن جميع المثقفين الثوريين البرجوازيين-الصغار فهموا بوضوح طبيعة حكومة أريم الأولى.
4) بعد أن فقد الثنائي البرجوازي الإمبريالي-العميل (الاحتكاري) دعم الرأي العام المثقف البرجوازي-الصغير، قد تنازلا الآن بالضرورة عن سلسلة من تدابير الترشيد (الإصلاحات الصفراء) التي تهدف إلى ضبط الاستغلال، واتفقا مرة أخرى حول القواسم المشتركة مع الطبقات والجماعات الرجعية الأخرى التي ستعاني من هذه التدابير.
اليوم؛ يسود جو احتفالي في الأوليغارشية. وحكومة أريم الثانية هي حكومة هذا الاتفاق والسلام بين الرجعيين.
هذه هي التغييرات التي حدثت في تركيبة الطبقات في بلادنا منذ 12 آذار/مارس.
ما يعنيه كل هذا، بكلمات تقريبية، هو أن بلادنا أصبحت بلداً لا يختلف عن بلدان أمريكا اللاتينية.البيئة الديمقراطية المحدودة في الفترة 1961-1970 أصبحت الآن شيئاً من الماضي، وقد اختل وتدهورالتوازن النسبي.لقد أصبحت تركيا بلداً يتم فيه الاحتلال والاستغلال الإمبرياليمن خلال الجيش التركي، حيث يتم إسكات جميع أنواع الحركات الاقتصادية والديمقراطية بواسطة الإرهاب، حيث يتمإغلاق جميع الطرق العلنية، ويتم إسكات السياسة الثورية بالأسلحة.
من الآن فصاعداً، ولأن جميع الطرق العلنية قد تم سدها واتبعت سياسة القمع الأكثر وحشية ضد الجماهير الكادحة، فإن الشكل الأساسي للنضال من أجل الحوار مع الجماهير وجذبها إلى صفوف الثورة هو الدعاية المسلحة.
الاختلافات الرئيسية لبلادنا من دول أمريكا اللاتينية وغيرها من البلدان-المتروكة للتخلف هي كما يلي: (بالإضافة إلى هذه العوامل الأساسية، يمكن حساب العديد من العوامل الثانوية الأخرى).
1) الوضع الجيوسياسي لبلادنا:
دعنا نقول هذا، بقدر ما هي مشكلة عسكرية وتكتيكية، يعتبر الوضع الجيوسياسي لبلادنا ميزة مهمة للغاية بالنسبة للثوار.
العيب هو أن الدعاية المناهضة للشيوعية تستند إلى “عداء موسكوف” التاريخي.
2) الميزة التي كونتها التنمية التاريخية والاجتماعية:
نظراً للسمات المميزة للبنية الإقطاعية العثمانية (مركزيتها الصارمة، وجهاز الدولة القوي والديناميكية الذاتية الضعيفة)، فقد تم ترسيخ مفهوم الدولة في أذهان شعب الأناضول كمفهوم لا يقاوم ولا يمكن تدميره.وبالمثل؛ فإن هيمنة البرجوازية-الصغيرة من القمة إلى القاعدة على دكتاتورية البرجوازية-الصغيرة التي حكمت البلاد حتى عام 1950، وآليتها البيروقراطية الواسعة وعقلية الحزب الواحد، عززت الفكرة التي تعود إلى قرون بأن سلطة الدولة هي قوة “لا تُقاوم ولا تقهر ولا يمكن تدميرها”.
بالإضافة إلى ذلك ؛ فإن سكان الأناضول الذين تعرضواللاضطهاد والأزمات تحت ضغط سلطة الدولة المركزية، مع فكرة “لقد جاء على هذا النحو، وسيسير على هذا النحو ” أدى إلى استسلام سياسييضمن الأنماط الجامدة لفكرة القدر الجبري.(إن التوازن المصطنع الذي تأسس في فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية على ردود الفعل بين الأوليغارشية والجماهير الشعبية ضد النظام في البلدان-المتروكةللتخلف هو أكبر بكثير في بلادنا بسبب تاريخها وخصائصها الاجتماعية).منذ أن تم خداعهم وإهانتهم لسنوات، لم يعد بإمكانهم تصديق الكلمات والأحاديث وما إلى ذلك، لذا فهملايصدقونحتى يروا أن ما يُقال لهم يُنفذ من قِبل من يقوله).
أدت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية (التي خلقها الاحتلال الأمريكي السري) بعد حرب إعادة التقسيم الثانية، وخاصة بعد عام 1960، إلى تفاقم الاستقطاب بين الطبقات في البلاد واستياء الجماهير العاملة.
اليوم؛ في أجزاء كثيرة من الأناضول، فقدت الطبقات اليقظة من الشعب؛ الأمل من جميع أحزاب النظام وأصبحت تدرك أن السبيل الوحيد للخروج من هذا البؤس هو الانتفاضة.إن الطبقات اليقظة من شعبنا تدرك كيف أن الآغوات والرؤساء والمرابين (صانعي الأموال) الذين يتعاونون مع “الكافر” الأمريكييستغلونهم حتى النخاع.العداء للثراء بين الجماهير في ذروته. الشيء الوحيد الذي يفشلون في فهمه هوالتعفن والفساد والفراغ في جهاز الدولة الأوليغارشية،الذين يتغاضون عنه باعتباره قوة لا تقهر.( إنالأوليغارشية تتعامل باستمرار مع هذا الموضوع على وجه الخصوص، بالصخب والترهيب واستعراض القوة والديماغوجية، من أجل تعزيز فكرة “الدولة التي لا تُقاوَم” إلى درجة الجمود الفكري في وعي الجماهير).
هذا هو السبب في أن خمسة أو ستة أعمال عسكرية ثورية (على الرغم من عدم الترويج لها) أثارت دهشةً وتعاطفاً عميقين بين الجماهير.لم يكن في أي بلد-متروكللتخلف، بما في ذلك بلدان أمريكا اللاتينية، صراع حرب الكريلا، الذي لا يزال في مرحلة التخمير، فعالاً ومرموقاً على الجماهير بهذه الدرجة.
أسباب ذلك واضحة.
قبل كل شيء، الفكرة الخاطئة القائلة بأن “الدولة لا يمكن مقاومتها لأنه لا يمكن هزيمتها” في أي بلد-متروك للتخلف لم تتبلور كما في أذهان شعب الأناضول بنفس الطريقة التي تشكلت بها.
ثانياً، إن الحساسية من الدعاية الخطابيةواللفظ والكلام الغير لبق الصادرة منالبرلمان والأحزاب المؤسسة والسياسيينوصلت إلى مستوى لا يضاهى في أوساط الجماهير الكادحة في بلادنا مما هو عليه عند الجماهير في غيرها من البلدان-المتروكة للتخلف تقريباً.
ثالثا، لقد سئمت الطبقات اليقظة من شعبنا من “اليساريين” المستسلمين الذين لديهم أسلوب عمل شبيه بالتبعية وفهموا أنه لن يأتي منهم أي خير.لسنوات كانت هذه الطبقة تتوق إلى منظمةحربية مقاتلة تأخذ قضية الثورة على محمل الجد ويمكنها أن تعلق آمالها عليها (هذا هو مصدر هيبة ومكانة حزب تحريرشعب تركيا -الجبهةTHKP-Cاليوم).
لهذه الأسباب، فإن الترويج للدعاية المسلحة أمرٌ لابد منه وضروري لبلادنا أكثر من كل البلدان-المتروكة للتخلف، بما في ذلك بلدان أمريكا اللاتينية، من أجل أن تكون الدعاية الثورية فعالة، ولكي يتم جذب الجماهير إلى صفوف الثورة.
من أجل ترجمة استياء وتململ الجماهير ضد النظام إلى أفعال، يجب علينا أن نكون مقنعينأولاً.ويجب أن نظهر لهم ما نقوله من خلال أفعالنا.فمن ناحية؛ يجب على الثوريين أولا وقبل كل شيء أن يظهروا للجماهير من خلال أعمالهم العسكرية أن التنظيم القمعي للطبقات الحاكمة ليس كما تم تشكيله في أذهانهم منذ قرون، وأنه في الواقع فاسد وفارغ، وأن كل قوته تتكون من الصخب والترهيب والديماغوجية.من ناحية أخرى؛ من أجل جعل الجماهير منفتحة على الدعاية الثورية وبهذه الطريقة لجلب الوعي الثوري إليهم وجذبهم إلى صفوف الثورة، يجب عليهم معالجة الدعاية القائمة على الأعمال العسكرية.
دعونا نلخص بإيجاز ما قلناه ، وإن كان في شكل تكرار:
نتيجة للتطور الاقتصادي والاجتماعي والتاريخي لبلادنا، وبعبارة أخرى، نظراً لطبيعة الدولة في الفترات الماضية، تم دائماً الحفاظ على توازن مصطنع بين ردود فعل شعبنا والدولة.إن التغيير الذي أحدثته الإمبريالية في أسلوب الاستغلال خلال فترة الأزمة الثالثة يهدف إلى إقامة مثل هذا التوازن المصطنع.
في هذا الصدد؛ وجدت الإمبريالية الأمريكية أرضية جيدة جداً في بلادنا. وفي هذا الصدد؛ فإن الطريقة الأساسية للنضال من أجل الإخلال بالتوازن المصطنع، الذي هو أقوى بكثير من التوازن في جميع البلدان-المتروكةللتخلف، بما في ذلك بلدان أمريكا اللاتينية، ليست أشكالاً سلمية للنضال، بل دعاية مسلحة.لا يمكن لأشكال النضال الاستسلامية والتحريفية أن تفعل شيئاً سوى الحفاظ على هذا التوازن المصطنع.
ولجميع الأسباب التي عددناها منذ البداية، ونتيجة لأعمال حرب كريلاالمدن في شباط/فبراير وأيار/مايو، تحول عدم الرضا والاستياءمن النظام في الطبقات اليقظة من شعبنا إلى تعاطف ثوري.(14) كل جديد يقابَل أولاً برد فعل. يتم تضمينه واعتماده بشكل متزايد. على الرغم من أن الدعاية المضادة التي قامت بها الأوليغارشية في جميع أنحاء البلاد كانت فعالة إلى حد ما من قبل، إلا أنها فقدت الآن فعاليتها السابقة.وصلت كراهية شعبنا ضد النظام إلى درجة أن 5-6 حركات عسكرية ضد الأوليغارشيةخلقت فجأة هيبة كبيرة لصالح الثوار.
في المرحلة التي كان فيها توجه ملموس لجبهة الثورة المسلحة وبينما كان النضال سيحقق قفزة نوعية كاملة، تعرضت الدعاية المسلحة إلى ضربة وهي في مرحلة الرُشيم.
مهمتنا الآن هي طمأنة الجماهير بأن تغيير النظام ضروري بشكل أو بآخر، وأن مثل هذا التغيير ممكن.يمكننا أن نخلق هذا الضمان من خلال إظهار الجماهيرالغير منظمة والتي من منظور الفكر المثالي، ترى سلطة الدولة الأوليغارشية قوية ولا تقهر “مثل العملاق”، من خلال إظهار الممارسة الثورية نفسها أن السلطة المركزية ليست قوية كما تبدو، بل أنها فارغة، وأن كل قوتها هي الصخب والترهيب.
نعم، نحن بحاجة إلى أن نظهر للجماهير أن جبهة الثورة المسلحة التي تقاتل ضد الأوليغارشية قوية، وبمعنى من المعاني، نحن بحاجة إلى إنهاك العدو وإحباط معنوياته من خلال استعراض القوة.الطريقة الوحيدة هي من خلال سلسلة من الانتصارات العسكرية للطليعة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي لا تضيع بها الإمكانات المقدمة، ولكنها تتوسع تدريجياً. لا يمكن لجهازالنشر المركزي الثوري أن يحدث إلا بعد سلسلة من العمليات العسكرية. (لا ينبغي تفسير هذا على أنه يعني أن النشر الثوري سيتم تعليقه خلال هذا الوقت).في غضون ذلك؛ بالطبع؛ سيتم بث برامج ثورية للجماهير، على أساس العمليات العسكرية. لكن في هذه المرحلة لن يكون هذا دورياً. كما ستكون هناك كتيبات تسلط الضوء على ممارستنا الهادفة لتدريب الكوادر السياسية).
يجب أن يستند التحريض والدعاية، سواء من خلال النشر أو من خلال الترويج، إلى شيء موجود بالفعل.اليوم؛يظهر العديد مما يسمى بأجهزة الإعلام الثورية. يتم توزيع منشورات لمختلف الفصائل “اليسارية” تدعو الجماهير إلى حمل السلاح من وقت لآخر.ما هي التأثيرات؟ ليس له تأثير. لأن هذه مجرد دعاية.تريد الجماهير أن ترى نفسها وأولئك الذين يدعونهم بسلسلة من الكلمات الحادة والانتفاضة وحمل السلاح في الحرب. فإن الشعب التركي؛ على وجه الخصوص؛ لا يعطي أي تقدير للدعاية المجردة، “- سوف نفعل، – سنحطم”.لقد اعتادت الجماهير على هذا النوع من المجلات والمنشورات منذ عام 1961.”لا تبحرسفينة الجبن بالكلمات “. تريد الجماهيرأن ترى قائدها بالذات في الحرب.عندما يتم رؤيتك؛ يصدقون صميميتك.هذا لا يكفي أيضاً.سيؤمنون بأنك قوة مهمة حتى يميلون نحوك، وسيتحول تعاطفهم إلى ثقة، وستتحول ثقتهم تدريجياً إلى دعم.
“العمليات المتخذة تخلق التعاطف بين الجماهير، هذا كل شيء …”.في بلادنا، يقولالمستسلمين هذا بشكل خاص.
صحيح. على الرغم من أن الجماهير متعاطفة معنا، إلا أنها لا تدعمنا بإيجابية بعد ولا تشارك في النضال. هذا طبيعي للغاية. إذن ما الذي كان متوقعاً؟ هل هي نتيجة ل 5-6 عمليات عسكرية، هل الجماهير تنتفض وتحدث ثورة في البلاد؟
هذا دليل على أن المستسلمون ينظرون إلى النضال الثوري على أنه عملية قصيرة ويجهلون التكوين الاجتماعي.
الطريق إلى الثورة وعر ومتعرج وشديد الانحدار. إنه صراع ونضال عقود؛لقد قلنا هذا حتى اليوم وما زلنا نقول ذلك.اليوم ما زلنا في بداية الحرب. وحتى هذا التعاطف مع الجماهير في مرحلة التخمير هو مكسب كبير للجبهة الثورية المسلحة.لأن طريقة الدعم هي من خلال التعاطف والثقة. ستتعاطف الجماهير أولاً مع جبهة الثورة المسلحة. لكن بسبب سلطة الدولة المركزية التي أثارتها في نظرها، فإنها ستتابع العمليات بتردد وفضول كبير بفكرة أن جبهة الثورة المسلحة ستُسحَق.عند الإدارة الناجحة لحرب الكريلا، سترى أن جبهة الثورة المسلحة هي قوة مهمة. لا تنهار ولا تختفي. ثم يتحول تعاطفها إلى ثقة. هذه هي المرحلة الثانية.العودة إلى الثقة لا تعني الفوز بدعم الأغلبية. لكن بعد أن تصبح حرب الكريلا دائمة ومستقرة، ستعود الثقة تدريجياً إلى الدعم.
كل شيء يعتمد على قتالنا الحازم والمخلص والمستمر. يجب ألا نستسلم أبداً. الانقلابات والهزائم ليست إحباطاً، بل على العكس من ذلك، يجب أن تزيد من حدة إيماننا الثوري وغضبنا. وينبغي أن تمكننا من القتال بشكل أكثراتساقاً وثباتاً وبأخطاءٍ أقل.
3) الميزة التي كونتها البنية الاقتصادية لبلادنا أو بالأحرى التنظيم السياسي والاقتصادي للبرجوازية- الصغيرة:
إن التنظيم الاقتصادي والسياسي للبرجوازية- الصغيرة في بلادنا أقوى مما هو عليه في غيرها من البلدان-المتروكة للتخلف تحت الاحتلال الإمبريالي. في هذا الصدد؛ قامت الأوليغارشية في بلادنا بشؤونها حتى اليوم، بالقوة دون معارضة هذه المجموعة كثيراً.حتى بعد 12آذار/مارس، وعلى الرغم من تزايد غضبها وإرهابها، فإنهامازالت لا ترفض علناً الشرعية والديمقراطية مثل الأنظمة الرجعية في باكستان أو اليونان أو البرازيل، لكنهاتقدم ظاهرياً بعض التنازلات الطفيفة.
ثانيا، إن بلادنا هي بلدٌ ذو صناعةمتوسطة وخفيفة قوية جداً، وإن كانتتعتمد بنسبة مائة في المائة على البلدان الخارجية، أكثر من معظم البلدان-المتروكة للتخلف الخاضعة للاحتلال الإمبريالي.
في الميزة الأساسية الثانية، إلى جانب العامل التاريخي- الاجتماعي- السياسي والعامل النفسيالتي ذكرناها، يلعب هذان العاملان أيضا دوراً أساسياً في تهدئة الانفعالات العفوية للجماهير.
وهذا بدوره مبرراً لما يسمى بالنضالات الاستسلامية والتصالحية للتحريفيين والمستسلمينفي اليسار.يصف المستسلمون موقفهم التصالحي والاستسلامي بأن “بلادنا ليست مثل بلدان الشرق الأقصى أو أمريكا اللاتينية;فهناك يوجد تقليد متمرد بين الجماهير.ومع ذلك؛ فإن الوضع مختلف في بلادنا، لا يوجد مثل هذا التقليد. لذلك؛ دعونا أولاً نرفع الوعي وننظم الجماهير بأشكال نضالية أخرى غير العمل المسلح، أي دعونا نوفر الحد الأدنى (!) من تنظيم الكفاح المسلح، وبعد ذلك سنبدأ الكفاح المسلح”.(15) وهذا بدوره، إلى حد ما، يخلق ضبابية في اليسار، حتى لو لم يكن مهماً. وبما أن هذا التفسير التحريفي والاستسلامي منطقي للغاية (!) وفقاً للمنطق المستقيم، فإنه يربك أولئك الذين لا يستطيعون بعد النظر إلى الأمور في ضوء المادية الدياليكتيكية(الجدلية).
يوضح جيفارا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لبلدان مثل بلادنا يشكل أساساً ماديا للتنظيم الثابت (المؤسساتية) للتحريفية والاستسلامية:
” من الصعب تشكيل مجموعات الكريلا في البلدان التي يوجد فيها تمدين مكثف وصناعة خفيفة ومتوسطة متطورة إلى حد ما، إن لم يكن التصنيع حقيقي.التأثير الأيديولوجي للمدن يحد من حرب الكريلا من خلال خلق الأمل في حروب جماهيرية منظمة بالطرق السلمية.وهذا يخلق نوعاً من “التنظيمية” أو “المؤسساتية” (التنظيم التحريفي، والذي يمكن وصفه بحقيقة أنه في الفترات التي قد يكون “طبيعياً” إلى حد ما، فإن سبل عيش الناس ليست قاسية مقارنة بالحالات الأخرى “.
4) الميزة التي كونتهاحركة 1919-1923:
إن المشاعر المعادية للإمبريالية، والحساسية تجاه الأجانب أكثر شيوعاً بين شعب تركيا، الذي عانى من الاحتلال الإمبريالي المفتوح، وانتصروا على الإمبريالية، وخاضوا حرب تحرير ضد الإمبريالية، أكثر من دول أمريكا اللاتينية.
هذه المشاعر هي إمكانات مهمة جداً للثوار. يمكن للتنظيم القائم على الدعاية المسلحة القادرة على معالجة روح الاحتلال السرية بشكل جيد، أن تبني الإمكانات الناتجة عن هذا الشعور والحساسية على أساس طبقي.(إذا لم يتم استغلال هذه الإمكانات بشكل جيد، يمكن للأوليغارشية استخدامها ضد الثورر كأداة للسلاح الديماغوجي لمعاداةالشيوعية.في الواقع، تحاول الأوليغارشية اليوم التعامل مع هذه القضية على وجه الخصوص.بالإضافة إلى ذلك؛ تستخدم الأوليغارشية هذه القضية كأداة للاستثمار من أجل تأليب الشعبين التركي والكُردي في بلادنا ضد بعضهما البعض).
هذه هي السمات الأساسية لبلادنا؛ والتي تسلط الضوء على ممارستنا الثورية؛ كما هو الحال مع معظم البلدان-المتروكة للتخلف، التي تخضع للاحتلال الإمبريالي السري، وباختصار؛ هذه هي السمات الأساسية التي تختلف عنها، والتي تنفرد بها.
الفصل الرابع
هدفنا الاستراتيجي:
الثورة المناهضة-للإمبريالية والمناهضة-للأوليغارشية
حتى يومنا هذا؛في اليسار التركي، لطالما أسيء فهم الاستراتيجية، مما أدى باستمرار إلى الخلط بينالهدف الاستراتيجي وخطة الاستراتيجية والاستراتيجية نفسها.
إن الهدف الاستراتيجي، كما هو معروف، هو منهاج الحل الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي للتناقض الأساسي بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج.
وبما أن الرأسمالية الاحتكارية في بلادنا لا تتطور بديناميكيتها الداخلية، وبما أن البرجوازية الاحتكارية المحلية ولدت مندمجة مع الإمبريالية منذ البداية، فإنّ هدفنا الاستراتيجي هو الثورة المناهضة-للإمبريالية والمناهضة-للأوليغارشية. (لا يختلف مفهوم الثورة المناهضة-للإمبريالية والمناهضة-للأوليغارشيةكثيراًعن مفهوم الثورة القومية الديمقراطية MDD)) ومع ذلك، فإنه يحدد طابع ومحتوى أوسع.هذا المفهوم أكثر اتساقاً من حيث أنه يشير إلى شكل الاحتلال الإمبريالي لفترة الكساد الثالث للإمبريالية.يميز مفهوم الثورة الديمقراطية القومية بشكل عام الفترة التي كانت فيها؛ بأنّ أساليب الاستغلال القديمة للإمبريالية؛ أساسية).
قبل حرب إعادة التقسيم الثانية، في البلدان-المتروكة للتخلف نتيجة لطريقة الاستغلال الإمبريالي، كان إقطاع الطبقة الحاكمة المحلية هو حليف للإمبريالية.(البرجوازية-الكومبرادورية ليست سوى امتداد للإمبريالية).وكما ذكرنا بالتفصيل في الفصل الثاني، فإن السيطرة الإمبريالية والوضع الفعلي كانا عادة في المناطق الساحلية والموانئ والأماكن الاستراتيجية ومراكز الاتصالات الرئيسية.كانت السلطة المركزية ضعيفة جداً. كان 3/4 من البلاد والسكان تحت سيطرة الدويلات المحلية الإقطاعية الضعيفة، والتي كانت لها أيضاً تناقضات فيما بينها.كان التمدن والنقل والاتصالات ضعيفة لأن الرأسمالية لم تكن مهيمنة ومسيطرة.بالنسبة للبلاد؛كانت الإمبريالية ظاهرة خارجية وكانت العملية الاجتماعية عملية إقطاعية.لذلك؛ كان التناقض والصراع الرئيسي في البلاد بين الوحدات الإقطاعية الضعيفةالتي سيطرت على ثلاثة أرباع البلاد وسكانها، والفلاحين الذين كانوا شبه أقنان.(النضال الديمقراطي) في المرحلة التي كانوا فيها قد نظموا نضالات عفوية وتحريض للفلاحين، وجلبوا لهم الوعي الثوري البروليتاري، وقامت قوى جيش الفلاحين الذين تحت قيادة حزب البروليتاريا؛ بتحطيم السلطات الإقطاعية المحلية الضعيفة، وبدأوا في إنشاء مناطق قاعدية وبدأوا تدريجياً في السيطرة على البلاد، كانت الإمبريالية تغزو البلاد كـكل. من أجل الحفاظ على استغلالها.في ذلك الوقت، كان التناقض الرئيسي للبلاد بين الإمبريالية والأمة بأكملها باستثناء حفنة من الخونة.(النضال القومي) في فترة الحرب الأهلية، عادة ما تتم الحرب بالشعارات الطبقية والمخطط الطبقي، بينما في فترة الحرب القومية الثورية، تتم الحرب بالشعارات القوميةوالمخطط القومي.
في فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية، في بلدان مثل بلادنا، فإن المرحلة الاجتماعية ليست مرحلة إقطاعية.إن حقيقة أن علاقات الإنتاج الإمبريالية تمتد إلى أقصى أركان البلاد؛ جعلت في الوقت نفسه من الإمبريالية ظاهرة داخلية.تم استبدال المستبدين المحليين الإقطاعيين الضعفاء بسلطة الدولة الأوليغارشية القوية، بما في ذلك الإمبريالية نفسها.لدرجة أن الإمبريالية يمكن أن تقوم بجميع أنواع التدخلات والترتيبات في هذه البلدان، من تغيير السلطة بين منظمات وكالة المخابرات المركزيةCIA) )ومكتب التحقيقات الفيدرالي ((FBIوغيرها ومختلف فصائل الأوليغارشية بما يتماشى مع مصالحها الخاصة، إلى توجيه سياسة التنكيل التي تقوم بها الأوليغارشية ضد شعبنا.في هذا الصدد؛ في عصر القوة النووية الضاربة هذه، فإن السيطرة الإمبريالية ليست اقتصادية فحسب، بل سياسية وأيديولوجية وعسكرية في طبيعتها أيضاً لهذه البلدان.على سبيل المثال؛ في تركيا التي هي جزء من منظمة حلف الشمال الأطلسي العسكرية (الناتو)، أنشأت الإمبريالية الأمريكية هيمنة كاملة على الاقتصاد في البلاد دون توجيه ديكتاتورية الأوليغارشية.(روح الاحتلال الخفية) في هذا الصدد؛ من المستحيل عملياًالفصل بين الطبقات الحاكمة المحلية في بلادنا والإمبريالية الأمريكية بخطوط عريضة.
التناقض الرئيسي في بلادنا هو بين الأوليغارشية وشعبنا.(16) بما أن الإمبريالية نفسها تحدث داخل الأوليغارشية، فإن الحرب الثورية لن تستمرعلى المخطط الطبقي فقط.ستستمر الحرب على المخطط الطبقي والقومي. مما لا شك فيه إلى أن تصبح القوة العسكرية لجهاز الدولة الأوليغارشية غير كافية وتشارك الجيوش الأمريكية علناً في الحرب، فإن الجانب الطبقي سوف يسود ويهيمن.
إن التحريفيين والمستسلمين في بلادنا، الذين يتجاهلون التغيير في أساليب الاستغلال التي أحدثتها الإمبريالية بعد حرب إعادة التقسيم الثانية، أي الاقتصادي والسياسي والأيديولوجي وروح الاحتلال العسكري الخفي، فإنهم يعتبرون الإمبريالية كظاهرة خارجية ويفصلونها بخطوط عريضة عن الطبقات الحاكمة، كما فعل ثوار البلدان-المتروكة للتخلف في الفترات التي كانت فيها طريقة الاستغلالالقديمة للإمبريالية هي السائدة.وسواء كان الانتهازيون هم الذين يحددون التناقض الرئيسي بين الإقطاع والفلاحين، أو الانتهازيين الذين يحددونه بين البرجوازية الاحتكارية المحلية والجماهير الكادحة، فإنهم يدهنون رغيف الإمبريالية الأمريكية بهذه الأساليب.المحتلون الأمريكيون أنفسهم يحاولون إخفاء احتلالهم باستخدام كل قوتهم، وباستخدام جميع أنواع الأساليب الدقيقة.إن هذا التمييز الحاسم ليس سوى تعزيز لجهود الإمبرياليين الأمريكيين في هذا الاتجاه من “اليسار”.
لا يتم حل المشكلة بتحديد الهدف الاستراتيجي. الهدف الاستراتيجي هو تحديد اتجاه الضربة الكبرى للثورة.أي أنها ليست سوى جزء من الخطة الاستراتيجية.لذلك؛ لا تنتهي المشكلة فقط بالتحديد الصحيح للهدف الاستراتيجي؛ بل من الضروري أيضاً تحديد الأساس، الطليعة واحتياطاتها بشكل صحيح.
ستنتصرثورتنا من خلال حرب الشعب. ولكن كما ذكرنا من قبل، نظراً للوضع التاريخي الذي نعيش فيه وخصائص بلادنا، فإن حرب الشعب ستمر عبر مرحلة حرب الطليعة.
في ضوء الاستراتيجية المسيَسة للحرب العسكرية، سيتبع المسار الثوري الخط التالي:
المرحلة الأولى: إنشاء كريلا المدن
المرحلة الثانية: تطوير كريلا المدن،
وإنشاء كريلا الريف واستعراض القوة.
في هاتين المرحلتين، سيسود جانب الاستنزاف النفسي للحرب.
المرحلة الثالة: انتشاركريلا المدن،
تطويركريلاالريف
المرحلة الرابعة: هي مراحلانتشاركريلا الريف.
لماذا تم بدأ حرب الكريلابكريلاالمدن؟
هناك سببان لبدئناالحرب بكريلاالمدن.
أ) الأسباب الموضوعية:
أ) الإعلان للجماهير؛ عن وجود منظمة محاربة، تكون أكثرإمكانية في المدن.
لأنه؛ من حيث الدعاية وفرص الاعتراف العام، كانت المدينة في البداية أكثر فائدة من الريف.
ب) حتى بالمعنى البرجوازي-الصغير، فإن الحركاتالثورية العنيفة والأعمال الجماهيرية التي قام بها الشباب-الثوري في المدن الكبرى خلقت بيئة مناسبة لا يمكن أن تكون فيها العمليات المسلحة الأكثر عنفاً وعالية المستوى؛ أمراًمستبعداً.
ب) السبب الذاتي:
وبسبب تراخينا في التعامل مع الأمور خلال فترة التحضير استعداداً للدعاية المسلحة، وتأخرنا في حمل السلاح، فقد افتقرنا إلى الشروط المادية والمعنوية المسبقة لكريلا الريف، مثل المعدات والخبرة والذخيرة.
وبسبب هذه الظروف الموضوعية والذاتية بالتحديد بدأ حزبنا حرب الكريلابكريلا المدن.
من الآن فصاعداً، سيتبع حزبنا هذا المسار المحدد مسبقاً. (بعد فترة طويلة من عدم النشاط)
وفقاً لاستراتيجية الحرب العسكرية المسيّسة، يمكننا سرد القوى والقيادة الأساسية للثورة على النحو التالي:
القوة القيادية: هي البروليتاريا.
فيما يتعلق بمسألة قوة القيادة، اعتمد حزبنا على القيادة الأيديولوجية للبروليتاريا، لأنه قرر أن الثورة ستنتصرمن خلال الحرب الشعبية.(بمعنى الريف هو المنطقة الأساسية)في مرحلة حرب الطليعة، لا يوجد تمييز في حزبنا بين العاملين وغير العاملين. الشيء المهم هو أن المحاربين هم ثوار محترفون.مع توسع الحرب، يتم إيلاء اهتمام خاص لهيمنة العمال، بما في ذلك على المستويات الإدارية.
القوى الأساسية: هم القرويون. (جميع عناصر الفلاحين باستثناء البقايا الإقطاعية والبرجوازية الزراعية) على التوالي:
البروليتاريا الريفية
شبه-البروليتاريا الريفية
القرويون الفقراء
القرويونالمتوسطو الحال
البروليتاريا الحضرية هي بالطبع من بين القوى الجماهيرية الأساسية للثورة. لكن حسمها في الثورة هو في مرحلة تصاعدية من الثورة. وستكون لها الكلمة الأخيرة.
“النضال (حرب الطليعة) الذي بدأته نوى المحاربين الصغار تنضم إليه باستمرار قوى جديدة،وتبدأ الحركات الجماهيرية في الظهور، والنظام القديم يتآكل ويتلاشى تدريجياً وينهار؛ في هذا الوقت بالتحديد تقرر الطبقة العاملة وجماهير المدن مصير الحرب“. (تشي جيفارا)
الاحتياطات الغير مباشرة:
-أوساط المثقفين الكمالييين
-الكتلة الاشتراكية العالمية
– حركات التحرر القومي في البلدان المستعمرة، وخاصة في الشرق الأوسط.
الاحتياطات المباشرة:
– الجناح الأيمن للبرجوازية-الصغيرة.
– الدول الغربية الديمقراطية والرأي العام.
– تناقضات داخل الأوليغارشية نفسها.
يختلف ترتيب التسلسل في كل من الاحتياطياتالغيرمباشرة والمباشرة وفقاً الظروف.
الفصل الخامس
اليسار التركيبعد 12آذار/مارس
كما ذكرنا في المقدمة، كانت التحريفية والسلمية العناصر النشطة والتوجيهية في “الجبهة الاشتراكية” نتيجة للظروف الموضوعية والتاريخية للبلاد.
نظراً لحقيقة أن التنظيم الاقتصادي والسياسي للبرجوازية-الصغيرة في تركيا قوي وواسع الانتشار، وأن بلادنا كانت بلداً تحت ديكتاتورية البرجوازية-الصغيرة حتى عام 1946 وكانتللبرجوازية-الصغيرة درجة معينة من النشاط والتأثير في البيروقراطية والجيش حتى 12 آذار/مارس، فإن الثورة البرجوازية-الصغيرة لها مساحة واسعة في بلادنا.
بسبب المكانة العالمية للاشتراكية في الربع الثالث من القرن العشرين، تشارك البرجوازية-الصغيرة الراديكالية في الساحة السياسية تحت اسم الاشتراكية في البلدان-المتروكة للتخلف.
لقد أدت قوة راديكالية البرجوازية-الصغيرة في بلادنا وتأثيرها على الدولة إلى ظهور آمال في الاعتماد على الاستسلامية وراديكالية البرجوازية-الصغيرة بشكل أو بآخر وإلى ظهور “الجبهة الاشتراكية”.
في هذه البيئة، لا يمكن للحركة الاشتراكية في بلادنا أن تكون مستقلة، بل كانت متشابكة باستمرار مع راديكالية البرجوازية-الصغيرة وحاولت التطور تحت مظلة علنية البرجوازية-الصغيرة. في هذه البيئة وقع الانقلاب العسكري في 12 آذار/مارس وتحطم التوازن النسبي الذي كان مستمراً منذ عام 1923 (أولاً لصالح الجبهة الثورية، ثم ضدها بعد عام 1946)، وحطّمتْالأوليغارشية في البلاد القوة السياسية للبرجوازية-الصغيرة وهيمنت على جميع مؤسسات الدولة وشتّتْ اليسار بسياسة القمع والعنف.
اليسارية، التي كانتتنتمي إلى سبعة أو ثمانية فصائل قبل 12 آذار/مارس، تنقسم الآن إلى معسكرين رئيسيين:
– جبهة الثورة المسلحة
– الامتداد اليساري للأوليغارشية، الجبهة الاستسلامية
البيئة قبل 12 آذار/مارس، عندماكان ينطق الجميع تقريباً بكلمات الحرب والقيام بعمل مسلح، حيث كان يُعتبر القتال ضد الدعاية المسلحة وحرب الكريلاخيانة، تختلف عن البيئة بعد 12 آذار/مارس كـ عالمين منفصلين.إن “خبراء حرب الكريلا” البارعين في العديد من الفترات العلنية، الذين يفهمون أفضل ثوري على أنه يظهر بشكل حاد، والذين لا يسقطون الدعاية المسلحة، والذين يتهمون كل من لا يدافع عن الدعاية المسلحة بالخيانة، ليس لديهم خيار سوى حمل السلاح قبل 12 آذار، وبعد 12 آذار قالوا إن الدعاية المسلحة لم تكن منظِّمة، وأنها كانت خاطئة، وأنهم لم يعرفوا القضايا جيداً من قبل، وأنهم تعلموا النظرية بعد 12 آذار/مارسولم يفكروا جيداً في مسألة الثورة،في الواقع تشبثوابخط التحريف الدولي الذي كانوا قد لعنوهُ سابقاً على أنه استسلامي.
هذا طبيعي تماماً. لأن كل انقلاب يكشف عن ميول يمينية واستسلامية. (عززت هزيمة عام 1905 مؤقتاً خط المناشفة).
بعد 12 آذار/مارس؛ كان هناك تطوران متعارضان في اليسار التركي.
أولاً؛ في حين أن العديد من العناصر الجديدة وذات المبدأ؛ عادة تكون من قطاعات مختلفة من السكان عدا الطلاب؛ احتشدوا حول الدعاية المسلحة، فإن بعض “السمعة المغرية” الحادة في المرحلة العلنية قد جندت طواعية على جبهة المستسلمة، قائلة إنهم أساؤوا التفكير في الماضي.
لقد أثر هذا التشكيل اليساري أيضاً على حزبنا، وأصبحمجموعة صغيرة داخل حزبنا امتداداً للجبهة المستسلمة داخل الحزب، واصفاً وجهات نظر وأفعال حزبنا الأيديولوجية والنظرية والاستراتيجية بنظرية وممارسة الناروديةوالأناركية.
وفقاً لهذه العناصر اليمينية؛
منشورات الحزب والجبهة رقم 1، التي تشرح الأسس الأيديولوجية-الاستراتيجية ل THKP-C، وكذلك المقالات حول “وضع الطبقات في الثورة” في صحيفة التحرير، هي نظريات الأناركيةوالفوكويةوالنارودية.
-إنّ حركات الكريلا في فبراير/شباط ومايو/أيار، أي العمليات الثورية المسلحة التي تقدم حزبنا إلى الجماهير، هي ممارسات هذه الإيديولوجية النارودية. في أساسها أيديولوجية اليسار الانتهازي.
-إنّ حرب THKP للطليعة الثورية الشعبية؛ هي مبارزاتحفنة منالرجال مع الأوليغارشية.
– استراتيجية الحرب العسكرية المسيسة هي استراتيجية فوكوية. الدعاية المسلحة خاطئة، فهي ليست منظِّمة، ولا يمكن أبداً اتخاذها كـأساس.
-إنّ المهمة الثورية في المرحلة الحالية؛ هي التنظيم حول المنشور المركزي وتوجيه النضالات الاقتصادية والديمقراطية للعمال.
بإيجاز؛ هذه هي الانتقادات التي طرحهاالخط اليميني في حزبنا.هذه الانتقادات السلبية هي بالضبط نفس تلك الموجهة إلى حزبنا من قبل قفلجملي ومجموعات شافاقالاستسلامية. (الانتقادات لهذه الآراء الاستسلامية هي هذه المقالة التي تشرح وجهات نظر حزبنا).
هذه المجموعات التي اتبعت مساراً مخالفاً للمبادئ الأيديولوجية العملية لحزبنا، طُرِدَتْ من الحزب بأغلبية أصوات أعضاء اللجنة العامة للحزب. كما نرى أنّ انتقاد الاعتراضات واحداً تلو الآخر جهد غير ضروري.
إنّ قرار اللجنة العامة للحزب هو الخط الثوري البروليتاري الذي شكله خط حزبنا، أي تطبيق الماركسية-اللينينية على الظروف الملموسة للعالم وبلدنا. وعملياتهم هي انعكاس عملي لهذا التثبيت الأيديولوجي والسياسي اللينيني.
ومهما زاد إرهاب وعنف الأوليغارشية، سيواصل حزبنا حرب الكريلا.طريق حزبنا هو طريق الثورة. طريق الثورة هو طريق حزبنا.
ستستمر الحرب من حيث توقفت بعد انقلاب مايو/أيار.إن العمل الثوري؛ هو الذي يجعل التنظيم تنظيماًويقدمهللجماهير، وليس البرامج أو الكلمات المذهبة.
عاشت حرب التحرير المسلحة لشعبنا!
عاش حزب تحرير شعب تركيا-الجبهة! (THKP-C)
الحرب حتى التحرير(الخلاص)!
الحواشي(الملاحظات) السفلية
* “الثورة المتواصلة 3-2“؛ إنها وثيقة برنامجية تكشف عن وجهات النظر الأيديولوجية والسياسية والاستراتيجية ل THKP-C بشكل منهجي وكلي. كتبه ماهيرجايان في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 1972 بعد فرار مالتابه في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1971.
(1) في هذا الجو، جاء انقلاب 12 مارس/آذارللأوليغارشية وشتّتكل المصارعين الزائفين، و”الدونكيشوتيينالحازمين” في الوسط.
(*) النص الرئيسي هو بالضبط كما يلي: “لقد ازدهرت هذه الحركة وتطورت وتعززت في بيئة نشطت فيها التحريفية لسنوات عديدة.لذلك؛ بغض النظر عن مدى إحكام الأمور، فإنها ستحمل آثار هذه البيئة إلى حد ما في البداية. التفكير عدا ذلك هو المثالية. سيتم التخلص من هذه الآثار في الحرب، في المعركة تدريجياً”.
(2) من هذا المنطلق، تدّعي التحريفية الدولية أن جوهر الإمبريالية قد تغير، وبالتالي فإن أطروحة “الثورة القائمة على العنف”، التي هي واحدة من الأطروحات العالمية لـ اللينينية، غير صالحة (باطلة). علماً؛ أنّ الذي يتغير ليس الجوهر؛بل الشكل. وإلى أن تنهار الإمبريالية كـنظام؛ ستبقى الأطروحات العالمية لـ اللينينية صالحة.
(3) نمَتْ آلة الحرب الأمريكيةبشكل غريب ومفرط.في أكتوبر/تشرين الأول 1961، نشرت مجلة American Nationبحث فريد كوك “Jaggemsut :الدولة تتوجه نحو الحرب” في عدد خاص.
“إن المزيج الصناعي-العسكري، أي مجموعة الجنود المدربين والرأسماليين الذين أصبحوا أثرياءمن خلال مواد الحرب، يحددونالسياسة الأمريكية بشكل متزايد.المليارات المتدفقة؛ تمنح البنتاغون قوة اقتصادية تمتد في جميع أنحاء البلاد.والمخزون النشط للقوات المسلحة؛ أكبر بثلاث مرات من إجمالي شركة الولايات المتحدة للحديد، وشركة الهاتف والتلغراف الأمريكية، وشركة المتروبوليبين للتأمين على الحياة، وشركة جنرال موتورز، وشركة ستاندارت أويل في نيوجيرسي.عدد الأشخاص الذين يتلقون الأجور والرواتب من وزارة الدفاع؛ أعلى بثلاث مرات من العدد الإجمالي للعمال وموظفي الخدمة المدنية العاملين في هذه الشركات الكبيرة”.
وفقاً لكوك؛ تم إنفاق ما يقرب من 21 مليار دولار من الميزانية العسكرية 1960-1961؛ على شراء العتاد الحربي والمعدات العسكرية. هذه الأوامر والمبادرات تجعل الاقتصاد الأمريكي يعتمد بشدة على البرنامج العسكري.
كان هذا هو الحال في 1960-1961. ولكن في العقد الماضي، وصلت عسكرة الاقتصاد إلى مستوى رهيب.
(4) في هذه المرحلة؛ لا تكفي المنظمات مثل البنوك “المشاركة في ألعاب المال” للأوليغارشية المالية. في هذا الصدد؛ تعمل منظمات مثل صناديق التقاعد وصناديق التوفير وشركات التأمين على زيادة قوتها.
(5) وفقاً لما يسمى بالتحليلات “الاشتراكية” التي لا تأخذ هذا التغيير بعين الاعتبار، فإنّ تركيا ليست مثل البلدان المستَعمَرة الأخرى. بالنسبة للبعض؛ الاحتلال نسبي. بينما يستمد البعض استراتيجيات الثورة الاشتراكية من هذا التقييم الخاطئ ،فـ يرسم آخرون صوراً للثورة وفقاً للنموذج السوفييتي.
(6) التغيير الذي أحدثته الإمبريالية في أسلوب الاستغلال؛ أي استعمارها الجديد في فترة الكساد الثالث، وصفه تشي غيفارا؛ أحد الثوريين البروليتاريين المنتصرين في هذه الفترة الذي نشر في مجلة فيردي أوليف في عام 1961 تحت عبارة “كوبا:استثناء أم طليعة للحرب ضد الإمبريالية؟” تنص مقالته على مايلي:
“.. من مصلحتهم (الإمبرياليين أيضاً) الإطاحة بالهياكل الإقطاعية القديمة التي لا تزال قائمة وتشكيل تحالف مع العناصر الأكثر تقدماً في البرجوازية القومية.ليس لديهم اعتراض على بعض الإصلاحات المالية، على بعض التغييرات في نظام ملكية الأراضي، ويفضل أن يكون ذلك للتصنيع المعتدل، الذي تعتمد تقنيته ومواده الخام على السلع الاستهلاكية المستوردة من الولايات المتحدة.
الصيغة الأكثر مثالية هي أن تتعاون البرجوازية القومية مع المصالح الأجنبية. بحيث يؤسسون معاً صناعات جديدة في ذلك البلد، ويحصلون على تخفيضات جمركية لهم، وبالتالي القضاء على البلدان الإمبريالية المنافسة تماماً، وكذلك ضمان خروج الأرباح المحققة من البلاد تحت رعاية لوائح الصرف الأجنبي الرخوة.
بفضل نظام الاستغلال الجديد هذا والأكثر حكمة، تتولى الدولة (القومية) حماية المصالح الأمريكية من خلال إصدار تعريفات تفضيلية تسمح بأرباح هائلة.(بطبيعة الحال، يعيد الأميركيون هذه الأرباح إلى بلدانهم). وهكذا يتم تحديد سعر السلعة من قبل الاحتكارات عندما لا يكون هناك شيء اسمه منافسة.وينعكس كل هذا في مشروع التحالف من أجل التقدم.إنّ هذا التحالف ليس سوى محاولة من قبل الإمبريالية لتوزيع جزء صغير من الأرباح بين الطبقات القومية المستغلة من أجل وقف تطور ظروف الثورة في البلاد.الهدف هو جعل هذه الطبقات حليفة ثابتة للإمبريالية ضد الطبقات الأكثر استغلالاً.وبعبارة أخرى؛ التحالف هو محاولة للقضاء على التناقضات الداخلية قدر الإمكان”.
بعد قوله هذا؛ يقول تشي إنه من المستحيل حل التناقضات الإمبريالية البينية من خلال الحرب في الفترة الحالية، وأن الأزمات الرهيبة للإمبريالية وحلفائها المحليين (يستخدم تشي مصطلح “قومي” بدلاً من “محلي”) تشكل الشرط الموضوعي الضروري كـأزمة سياسية واقتصادية مصيرية لبلدان مثل بلدنا. “في الوقت الحاضر؛ العنصر الحاسم هو اندماج الإمبريالية والبرجوازية القومية في جبهة واحدة”.
(7) سياسة توعية جماهير هذا الخط:
– منشور دوري مركزي (كوسيلة لحملة من أجل شرح الحقائق السياسية)
-الكتيبات
– تحديد المستويات البيروقراطية للمنظمة من خلال أخذ الوحدات المحلية في شبكة التوزيع للمنشور المركزي الذي يقوم بمهمة النقل.
– والحد الأدنى من تنظيم ما يسمى بالحركات العسكرية (وليس الدعاية المسلحة).
كل هذا يسمى التنظيم الاستراتيجي من قبل التحريفيين. أولاً؛يعملون من أجل هذه المنظمة الاستراتيجية المزعومة.
لكن في ظل الظروف القاسية لسياسة القمع والتنكيل الثقيلة التي تنتهجها الأوليغارشية:
– إصدار الدوريات والكتيبات المركزية؛
– خلق “قوى جديدة” للثورة من خلال ما يسمى بالعمل الجماهيري الكلاسيكي.
وتعتزم نشر وتوزيع مجلات وكتيبات لـعمل المدراء والأعضاء القياديين في المنظمة؛ والتي لا تزال في طور التكوين ولم تصل أبداً إلى مرحلة التنظيم الاستراتيجي.
في ظل الظروف القمعية للثورة-المضادة؛ لا يمكن للمنظمة أن تصل إلى مستوى حمل السلاح. الوقت يمر.شروط الحد الأدنى من التنظيم لن تكون جاهزة.تصبح المنظمة غارقة تماماً في مستنقع البيروقراطية تدريجياً.تضيع روح المحارب ضمن الأعضاء (إن وجدت)؛ يعود العناصر إلى أكشاك بيع الصحف في انتظار خروج المنشور المركزي.تتحول “لجان المقاطعات العمالية الفلاحية” في شكل أكشاك بيع الصحف التي يصعب توزيعها ولديها القليل من القراء؛ إلى آلية بيروقراطية للثرثرة والنقاش الفكري وأخذ التقارير من اثنين أو ثلاثة ممن يسمون بالمستسلمين الإداريين.
السرية المفرطة والتراخي يسيران جنباً إلى جنب. عجلات اللاعلنية تدور باسم الاستسلام. إذا كان هناك عمل ابتزاز مالي جاهز من حينٍ لآخر، يعين المركز عدة أشخاص وينظم العمل الذي يجب القيام به.وهكذا؛يُستنتَج أن التنظيميقوم بعمل متعدد الأوجه بنجاح.يتم قضاء أسابيع وأشهر مع قصة إكمال التنظيم الاستراتيجي والحد الأدنى من التنظيم للأعمال العسكرية، والثرثرة والكتابة في جو “يتم التخطيط لأشياء كبيرة”.
هذه هي طريقة عمل الاستسلام، التي يفترض أنها تقول نعم للكفاح المسلح.كل ما يفعله هو انتقاد الثوريين الذين يخوضون النضال الثوري للشعب ضد الإمبريالية والأوليغارشية تحت ستار النضال الأيديولوجي، ومحاولة التشهير بهم، ومحاولة تبديد التعاطف الذي توفره الدعاية المسلحة عن طريق إرباكهم.هذه هي الروح القائلة بأن الانتهازية هي امتداد للإمبريالية في اليسار.
(8) في القرن 18؛ تجلى تشكيل الرأسمالية التي كانت نمط إنتاج أكثر تقدماً مقارنة بنمط الإنتاج الإقطاعي؛ في المجتمع العثماني، على الرغم من غياب العوامل المعوقة المتعلقة بالديناميكيات الداخلية للمجتمع.
أ) تم فصل الزراعة والحرف والتجارة عن بعضها البعض، وحدث تراكم معين لرأس المال التجاري والربوي؛
ب) تطورت العقلية تجاه الاستثمارات الفعالة و
ت) ولدت قوة عاملة حرة.
ث) البرجوازية المحلية، التي تحمل تراكماً معيناً لرأس المال وتميل نحو الاستثمارات المنتجة ، أصبحت نواة صغيرة.
يمكن القول إن الديناميكية الذاتية للمجتمع العثماني، على الرغم من أنها لم تكن قوية، كانت مواتية للتطور المستقل للرأسمالية والثورة الصناعية.يمكننا تلخيص أسباب عدم إمكانية الانتقال إلى النظام الرأسمالي ولماذا أصبحت الرأسمالية الأوروبية مجالاً للاستغلال على النحو التالي:
أ) حقيقة أن الأناضول؛ التي هي محور التجارة العالمية، تفقد هذه الميزة مع اكتشاف طرق بحرية جديدةواكتساب التجارة البحرية أهمية ؛
ب) التراكم الهائل لرأس المال الذي اكتسبته أوروبا من خلال نهب القوى العاملة والموارد الطبيعية في آسيا وأفريقيا وأمريكا والهند؛
ت) إنشاء جيوش محترفة في أوروبا ذات قوى ضاربة كبيرة، مجهزة بالأسلحة النارية، إلخ.
في حين أن كل هذه كانت نقطة انطلاق للقفزة إلى الأمام في الهياكل الاجتماعية لبلدان أوروبا الغربية وتشكيل الرأسمالية الحديثة؛ إلا أنها شكلت عقبة خارجية أمام انتقال المجتمع العثماني إلى النظام الرأسمالي. (لمزيد من المعلومات، انظر الدفاع)
(9) إن البرجوازية الصغيرة، التي ليست طبقة اجتماعية حديثة، تفتقر إلى القدرة على إيقاظ جماهير الشعب العامل، إلا في ظل ظروف الاحتلال المفتوح، وخلق حركة ثورية قوية تحررها من السبات الإقطاعي على مر القرون. وفي هذا الصدد، كانت تحركات المثقفين العسكريين المدنيين القوميين العثمانيين نحو أهداف قومية وثورية غير واضحة دائماً ضعيفة وغير قوية، ولم يكن لها تأثير كبير على جماهير الشعب، وكانت الجماهير عموماً متفرجة على هذه الحركات.
(10) إن تثبيت هذه المشكلة بهذه الطريقة مهم للغاية لسياسة تحالفات حزبنا الذي يواصل حرب الكريلا في تركيا عام 1972 (في مرحلة حرب الطليعة الثورية التي نحن فيها).من هم حتى يكون لديهم حد أدنى مشترك في الأوساط الفكرية للبرجوازية-الصغيرة؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في التعريف الصحيح للكمالية.بالإضافة إلى ذلك؛ هذا التحديد مهم أيضاً من حيث تحديد خط الجماهير.بعبارة أخرى؛ إذا اعتبرنا الكمالية أيديولوجية، أيديولوجية الزمرة المثقفة العسكرية-المدنية، فإن الخط الجماهيري الذي يجب اتباعه مختلف. إذا اعتبرنا الكمالية هي الموقف السياسي التحرري القومي للجناح اليساري للزمرة المثقفة العسكرية-المدنية ضد الإمبريالية وعلى أساس القومية، فسيكون الأمر مختلفاً.بسبب هيبة الاشتراكية في عصرنا على الصعيد العالمي وحقيقة أن الاتحاد السوفييتي هو الدعم الرئيسي للحركات القومية الثورية الراديكالية، فإن القوميين الثوريين اليوم يقدمون أنفسهم أيضاً على أنهم اشتراكيون.لهذا السبب؛ فإن العديد من الكماليين في بلدنا اليوم يسمون أنفسهم اشتراكيين. وكما هو معروف؛ فإن طبيعة البرجوازية-الصغيرة في البلدان-المتروكة للتخلف تختلف عن طبيعة البلدان الرأسمالية-الإمبريالية.إن موقف هذه الطبقة من الإمبريالية والطبقات الحاكمة المحلية ليس متجانساً. من حيث الموقف؛ من الضروري النظر في هذه الفئة في ثلاث مجموعات.إحدى هذه المجموعات هي جزء من التحالف الرجعي؛ وأحدهم يصعد إلى “برج المراقبة” وينتظر النتيجة.المجموعة الثالثة تشارك في حركة الطبقات “الوطنية الراديكالية”. إنها تتخذ موقفاً مناهضاً للإمبريالية على أساس القومية.
الكمالية هي الموقف السياسي التحرري القومي للجناح الأكثر يساري؛ الأكثر مثقفاً في البرجوازية-الصغيرة.
هذا هو الجناح الكمالي في حرب الطليعة حيث يمكننا أن نكون في الحد الأدنى من الموقف المشترك في الأوساط المثقفةللبرجوازية-الصغيرة، لتطبيق مبدأ “الصداقة والنضال” واعتبارهم حلفاء.إن اعتبار جميع المثقفين البرجوازيين-الصغار الذين لديهم أفكار تطورية؛ كماليين، والقول؛ “أوه، لقد انفصلنا عن الأوساط الديمقراطية، لقد توجهنا إلى اليسار”، من خلال النظر إلى مواقفهم السلبية تجاه أفعالنا اليوم، هو عدم فهم روح الكمالية أبداً.واليوم؛ يقف المثقفين العسكريين-المدنيين بشكل خاص، والجناح اليميني للبرجوازية-الصغيرة بشكل عام، بثباتٍ إلى جانب الأوليغارشية.من ناحية أخرى؛ ألقى جناحها الأوسط بنفسه إلى اليسار قبل 12 مارس/آذار، ولاحظ تغييراً جذرياً في السلطة من “برج المراقبة”.الآن؛ يقترب بـخفاء من اليمين.في حين أن الجناح اليساري، بطبيعته (بسبب تقاليده الانقلابية الثورية)، كان يحلم بأنه سيتحالف مع الجناح اليميني للزمرة المثقفة العسكرية-المدنية ويصل إلى السلطة، فـسقط انقلاب 12 آذار/مارس مثل مطرقة ثقيلة فوق رأسه، والجناح التطوري للزمرة المثقفة العسكرية-المدنية الذي كان حليفاً له قبل 12 آذار/مارس؛ ترك نفسه وحيداً ودخل في أحضان الأوليغارشية وذهب في شهر العسل بعد مارس/آذار، كان مؤثراً مثل مطرقة الأوليغارشية.واليوم يحاول التراجع والتعافي في هذا الجو المحبط.
لا يمكن لحلفاء THKP-C الذين هم في مرحلة الحرب الطليعية، في الأوساط المقفةللبرجوازية-الصغيرة؛ أن يكونوا سوى كماليين.في علاقاتنا معهم؛ يجب أن نوضح مع الأسباب أن الجناح اليميني هو الحليف المطلق للأوليغارشية، وأنه يمكن دائماً خيانة الصفوف الثورية في لحظة حركة تاريخية.ستكون الجبهة المشتركة ممكنة عندما يفهم هذا الجناح أن الانقلاب ليس هو المخرج ولم يعد يرى الجناح اليميني صديقاً له.
(11) إن إزالة الطبقة الطليعية للثورة من المحتوى الاجتماعي للثورة يتعارض مع المادية الديالكتيكية.
(12) بالتوازي مع هذا التطور؛ بدأت الإمبريالية بإيجاد مؤيدين في البيروقراطية.على سبيل المثال؛ “في غضون ذلك، تلقت عمولات مقابل العمل، ومحيط إحسان بك، الرئيس السابق لمحكمة الاستقلال وعضو المجلس الإداري لبنك إيش، غُمرت بالرشاوى من قبل احتكارات الأسلحة الأجنبية للقوات البحرية”. (انظر الدفاع)
(13) وهذا يعني تحطيم قوة القوميين الثوريين، وإنهاء التوازن النسبي.
(14) ليس فقط العمليات المسلحة لـTHKP-C؛بل أيضاً العمليات المسلحة لـTHKO(جيش تحرير شعب تركيا) كانت فعالة في هذا الصدد.
(15) الترجمة التركية للمستسلمين لوضع القضية في بلادنا التي تقع تحت احتلال الإمبريالية، هي أن يقولوا: “أولاً؛ دعونا ننظم الجماهير وأنفسنا من خلال القيام بعمل تحريفي، وبعد ذلك سنبدأ النضال الثوري”. علماً؛أنّ المنظمة القائمة على الأساليب السلمية للنضال لا يمكن أن تنتقل أبداً إلى مرحلة القتال. إن مثال اليونان واضح.
(16) مظهره في الممارسة هو بين الطليعة الثورية للشعب والأوليغارشية.
ترجمة من تركي ألى عربي محمد كمال