حول حركات الشبابية الأخيرة (*)
المرحلة الراهنة والوضع الشبيبة
في بلد كتركيا شبه مستعمرة حيث تعيش العلاقات الرأسمالية غير نامية والاقطاعية، من حقائق المعروفة من قبل جميع الاشتراكيين العلميين أن النضال من اجل التحرير البلاد سيتم من خلال مرحلتين ثوريتين. الذي يتصور تركيا مستقلة تماماً وديمقراطية حقيقية لا بد من ديمقراطية التي تشكلها جميع الطبقات الثورية تحت قيادة وإشراف البروليتاريا: ان نضال تأسيس تركيا مستقلة تماماً وديمقراطية حقيقية لا بد من أن بمراحل متعددة منقسمة إلى فترات زمنية محددة. وستتطلب كل مرحلة تحالفات معينة. وبنفس الوقت ستستفيد جبهة الثورة- المضادة كذلك من قوات المختلفة.
المرحلة الراهنة هي مرحلة ليست البروليتاريا في وضع طبقي لنفسها ولا يوجد فيها حزب اشتراكي بروليتاري. في هذه المرحلة كلما زادت أهمية الأقلية الفعالة المناهضة للإمبريالية في النضال زادت أهمية الشباب المناهض للإمبريالية.
في المرحلة الراهنة على الاشتراكيين البروليتاريا خوض نضال مزدوج: فمن ناحية، الوقوف إلى جانب جميع الطبقات والشرائح الوطنية في النضال ضد الإمبريالية، وتسريع النضال المناهض – للإمبريالية والمناهض – للإقطاعية، من ناحية أخرى، إعطاء البروليتاريا وعيا سياسيا وضمان تنظيمها.هذا الصراع المزدوج مندمج ولا يجوز تفكير بأنهما منفصلا عن بعضه البعض. إن إهمال أي جانب من جوانب هذا الصراع المزدوج يدفع الاشتراكيين إلى حضن الانتهازية.
كما نعلم بأن الشباب ليست بطبقة. بشكل العام ينتمي الشباب الطلبة إلى البرجوازية الصغيرة وهم بوضع مستهلك. كونهم مستهلكون يسمح لهم هذا الوضع بأن يكونوا مهتمين عن كثب بمسائل البلاد والعالم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشباب بطبيعتهم نشيطين ومتحمسين وشجعانيين. بعيدين كل البعد عن جميع أنواع المصالح والنوايا السيئة. وهم يشكلون الطبقة الأقل فساداً في المجتمع. بطبيعة الحال مع هذه الخصائص فإن الشباب مناهضوالامبريالية ويؤيدون الاستقلال. الشباب هو فتيل ديناميت يحشد الطبقات والطوائف الثورية من المجتمع في النضال من أجل الاستقلال في بلد شبه – مستعمَر حيث لم تصل الجماهير الثورية إلى الوعي السياسي.
الحركات الطلبة الديمقراطية والحزب الشعب الجمهوري (C.H.P) والاتحاد النوادي الفكرية (F.K.F)
وكما هو معروف، بدأت الحركات الطلابية الديمقراطية أولا من مطالب الحقوق المهنية الداخلية لكل كلية، وبعد فترة تجاوزت مطالبتها بالحقوق وتحولت إلى عدد من المظاهر السياسية ضد السلطة الموالية للولايات المتحدة وحتى النظام نفسه.
الحزب الشعب الجمهوري (CHP) التي دعمت في البداية الحركات الطلابية، من بعد الفترة وقفت ضد هذه الحركات. يمكننا تلخيص أسباب ذلك على النحو التالي:
1- الحزب الشعب الجمهوري (CHP) حزب يتأرجح بين البرجوازية الصغيرة المذبذبة. ومن طبيعة هذا الحزب لا يمكنه السير مع أي حركة ثورية حتى النهاية. إن حقيقة عدم وجود حزب اشتراكي بروليتاري من شأنه أن يؤثر على الحزب الشعب الجمهوري بالشعارات والإجراءات الصحيحة التي سيتخذها في النضال من أجل الثورة الوطنية الديمقراطية في الوقت الراهن. على الرغم من وجود قوى معادية للإمبريالية فيها، إلا أن وجود العملاء وهم السائدون في الوقت الحالي. تلعب دوراً فعالاً جداً في هذا التذبذب والموقف الرجعي لحزب الشعب الجمهوري.
2- جميع الطبقات المتحالفة في مناهضة الامبريالية تناضل من اجل شن الحرب تحت قيادتها. وينطبق هذا على جميع المراحل النضال الاجتماعي. لهذا السبب، ومتأثرا بالعادة الأبوية القديمة، يريد حزب الشعب الجمهوري (CHP) إبقاء الشباب تحت سيطرته في جميع الأوقات.في الحركات الشبابية الأخيرة ظهرت هذا بشكل جلي. الشباب اليوم ليسوا شباب ما قبل 1960، التي كانت توجهها الحزب الشعب الجمهوري كما يحلو لها. تدفق الكثير من المياه تحت الجسر، والآن وصل الشباب إلى قاع الواقع.اليوم، يتابع شباب تركيا الاشتراكيين العلميين في القطاع الطلابي من الشباب الذين يهتفون بالشعارات الصحيحة في النضال المناهض للإمبريالية والإقطاعية.لدرجة أنه في الحركات الشبابية الأخيرة، اتخذت جميع القاعدة لـ “اتحاد الجمعيات الاشتراكية الديمقراطية” موقفها الثوري حول شعارات “تركيا مستقلة تماما وديمقراطية حقا”، تاركة وحدها قادة اتحاد الجمعيات الاشتراكية الديمقراطية الذين تلقوا أوامر من الحزب الشعب الجمهوري (CHP) لتقويض الحركة. لقد رأينا كيف وقفت ضد الحركات الطلابية الديمقراطية التي وجهتها الاتحاد الاندية الفكرية (FKF) من المطالب المهنية إلى هدف مناهض للإمبريالية. كان هدفه عزل الاتحاد الاندية الفكرية ضمن الحركة وتركه وحيداً وعاجزاً. كان لهذا الموقف الرجعي لحزب الشعب الجمهوري (CHP) نتيجة معاكسة. أصبح الاتحاد الاندية الفكرية (FKF)أقوى في هذه الحركات الطلابية الديمقراطية واكتسب تأييد كبير من الجماهير الطلابية.وهكذا من بعد حركات الفلاحية الديمقراطية تمكّن الاتحاد الأندية الفكرية (FKF) كسب حركات الطلابية بنجاح وبـبياض الوجه. لقد اثبت القادة الحاليون لأتحاد الأندية الفكرية(FKF) في الممارسة العملية بأنهم اشتراكيون بروليتار يون سواء من خلال نضالهم الدؤوب ضد الانتهازية في الداخل أو من خلال توجيه الحركات الفلاحية الديمقراطية والحركات الطلابية في الخارج من أجل هدف سياسيي استناداً إلى مطالبهم الحقوقية الخاصة.
يقوم بروليتاريون اشتراكيون بتوجيه الجماهير من خلال تفسير الظروف الذاتية لمختلف الفئات المجتمع على ضوء النظرية الاشتراكية العلمية. إن وضع الجماهير في خدمة النضال لا يعني البقاء غير مبالين لمطالب الحقوقية لهذه الجماهير. بالعكس من ذلك، يمكننا تنظيم وتعبئة الجماهير التي ستناضل من أجل مصالحها الخاصة ضمن هذا النضال وتوجيهها. في كل حقل هناك مشاكل يتوجب حلها. أن دور اشتراكيون العلميين هو البحث عن هذه العناصر المشتركة وإعطائها طابعاً سياسياً من أجل تحويل المشاكل الاجتماعية إلى فتائل ديناميت. نوصل الجماهير إلى موقع كي تشارك الجماهير بشكل مباشر في النضال.
موقف الانتهازية في الحركات الشبابية الأخيرة
في الحركات الشبابية الأخيرة، رأينا مرة أخرى الوجه الحقيقي للانتهازية. لقد حاولت الانتهازيين في القطاع الطلابي بالتعليمات التي تلقوها من مرشديهمتقويض حركات الاحتجاج الطلابية، وهي حركات مقاومة ديمقراطية ضد السلطة غير الدستورية الموالية للولايات المتحدة، بكل الطرق. لدرجة،من داخل الحركة قالوا بأن “هذه الحركات تجلب الفاشية. الشعب ضد هذه الحركات وهذه الحركات مفيدة لحكومة الحزب العدالة(ِAP)”، وتعاونوا بشكل وثيق مع قادة اتحاد جمعيات الاشتراكية الديمقراطية الذين فسروا بنفس النمط رغم اعتراض قاعدتهم.
إن مقولة “هذه الحركات تجلب الفاشية” بعيدة كل البعد عن أن تكون جادة ومضحكة. لمعرفة الظروف التي ستأتي فيها ديكتاتورية الرأسمالية، دعنا من النظرية الاشتراكية العلمية، يكفي أن نعرف قليلاً من علم الاجتماع.
الادعاء بأن “الشعب ضد الحركات الطلابية الديمقراطية، وهذه الحركات تفيد حكومة حزب العدالة” هو أيضا ادعاء مجرد وغير واضح وخاطئ. أي قسم من الشعب يعارض ماذا، ولماذا؟
الشعب ليس مفهوما مجردا. الشعب هي الطبقات والشرائح التي مصالحها في الثورة في مرحلة الثورة التي تتواجد فيها البلاد.
. في تركيا، التي هي في مرحلة الثورة الديمقراطية الوطنية، الشعب هو البروليتاريا المدينة والريف، والبرجوازية الصغيرة المدينة والريف – الفلاح المتوسط، والحرفيين، والمهنيين، وموظفين – والبرجوازية الوطنية التي هي في حالة النواة.أي قسم من الشعب لا يفهم معنى وطبيعة الحركات الطلابية الديمقراطية التي ترفع فيها شعارات مناهضة للإمبريالية والإقطاعية ويتخذ موقفا ضدها؟? الفلاح الفقير، الفلاح الذي لا يملك أرضا، هو نفسه منخرط في الاستيلاء على الأراضي وبذلك يكشف الحقيقة الكامنة وراء مقاطعة الطلاب واستيلائهم.. في أجزاء مختلفة من الأناضول، يحاول الشعب فهم ويقوم بالبحث والتعلم حول طبيعة الحركات الطلابية.على سبيل المثال، تعلمنا من أصدقاء من سوكة أن القرويين في سوكة قالوا إنهم يفهمون معنى الحركات الطلابية ويدعمونها، وأن نضالهم هو نفسه.
لقد اشعلت الحركات الطلابية بقيادة الاتحاد الاندية الفكرية (FKF) فتيل الديناميت الاجتماعي.
تسارعت الانفجارات الاجتماعية التي كانت موجودة في مختلف شرائح المجتمع وبدأت حركات الاستيلاء الأراضي الفلاحية التي لا تملك ارضاً وإضرابات العمال واستيلاء على المصانع تنبت في كل مكان. الآن، من الضروري أن نسأل أولئك الذين يقولون، “هذه الحركات تعمل لصالح حكومة حزب العدالة(AP)”هل أن الحركات الطلابية الديمقراطية التي تخلق تحركات معادية للإمبريالية والإقطاعية في مختلف قطاعات المجتمع ضد الإمبريالية الأمريكية وسلطة البرجوازية العميلة والإقطاعية تفيد الإمبريالية الأمريكية وقوتها؟ وفي الحركات الشبابية الأخيرة، أصبحت هذه الحقيقة واضحة الآن. في تركيا، الانتهازيون (كلامنا لا يشمل اخواننا الذين يسيرونعلى الطريق الخطأ بسبب القصور النظري)، أصبحوا يسبحون بنشاط في مستنقع الخيانة. “إذا سألتمونا، فإن مكانكم الاصلي هو المستنقع. ونحن على استعداد تاملتقديم كل أنواع المساعدة لكي تصلوا إلى هناك “) [1]
طالما أنكم عالقون في تلك المستنقع وطالما تم تطهير الاتحاد الاندية الفكرية والحركة الاشتراكية والحركة الطلابية في تركيا منكم فأن الحركة الاشتراكية في تركيا سوف تكسب قوة. واتحاد الاندية الفكرية ستقوى وستصبح تنظيماً شبابياً اشتراكياً أكثر اتساقاً.
*تم النشر هذه الكتابة لأول مرة في 6 أيار 1969 في مجلة اليسار التركي في عدد 77
ترجمة من تركي ألى عربي محمد كمال