ماهير جايان : حول طابع الانتهازية الجديدة

0 52
image_pdf

حول طابع الانتهازية الجديدة  *

وكما هو معروف؛ فقد ذُكر أن الرأي المعروض في مقال بعنوان “حول نظام تركيا” المنشور في العدد 12 من مجلة أيدينليك الاشتراكية، هو وجهة نظر انتهازية يمينية، وهذه الانتهازية اليمينية المشار إليها في هذا المقال بشكل عام ظهرت باسم الحركة القومية الديمقراطية وقد انتقدناه ُفي العدد 15 من مجلة أيدينليك الاشتراكية بمقال تحت عنوان “الانحراف اليميني، والممارسة الثورية والنظرية”. كان مقالنا هذا هدفاً لانتقاد الانتهازية الجديدة في العدد 16 من ” أيدينليك البروليتارية الثورية ” في مقالات “العالم وتركيا في أيدينليك” وفي العدد 17 من مقالات شاهين ألباي “الطبقة العاملة والثورة القومية الديمقراطية”. (على الرغم من أن كاتب ” أيدينليك البروليتارية الثورية ” لا يذكر اسمنا، إلا أن القارئ الأكثر إهمالاً سيفهم أنه استند في مقالته إلى نقد كتاباتنا).

كما سيفهم على الفور أي قارئ مطلع على الأمور، فإن هذه المقالات مليئة بالتناقضات والارتباك في المفاهيم والاقتباسات العشوائية بحيث لايمكن أن تكون حتى موضوعاً للنقد. بل يمكن القول إن اعتبار مثل هذه المقالة كموضوع للنقد يُعدُ هدراً غير ضرورياً للوقت. لكننا تحملنا هذه المهمة المملة حقاً، معتقدين أن هذه المقالات ستزيد من إرباك عدد قليل من الرفاق الذين كانوا لحسن الحظ في صفوف الانتهازية الجديدة، فقد كانوا ذو نوايا حسنة وطيبة، لكنهم يفتقرون إلى التنوير الأيديولوجي. العامل الآخر الذي يجبرنا على القيام بذلك هو حقيقة أن خبيرو الاشتراكية العلمية يناضلون  بجدية ضد جميع أنواع الانحرافات، “حتى تلك التي هي نتاج الجهل”، وأننا نتعلم من هذا الموقف الثوري. في بلدنا الذي تحتله الإمبريالية اليانكية، سيتعزز النضال الثوري للبروليتاريا بنضالات شاقة/مريرة ضد الإمبريالية وجميع أشكال الانتهازية التي هي امتداد لها. إن المشاكل التي سنتعامل معها عندما نأخذ هذين المقالين في أيدينليك ” البروليتارية الثورية ” كأساس وننتقد الانتهازية الجديدة بشكل عام، فإن المشاكل التي سنتناولها ستكون متعلقة بالأساس. (1) كما في مقالتنا السابقة، سنتخذ هذه الأخطاء التي “تدخل في نطاق علم الإجرام” ولن نتطرق إلى أخطاء الدرجة الثانية. خلاف ذلك؛ سيكون من الضروري تكريس أيدينليك بالكامل لهذه الانتقادات.

قبل الشروع في نقدنا، دعونا نتناول بإيجاز السمات العامة للانتهازية. الانتهازية مثل الحرباء. تظهر في الحركة الاشتراكية بأشكال مختلفة. إن لباس الانتهازية يحدده الهيكل الاقتصادي والاجتماعي لذلك البلد، ومستوى الوعي السياسي وتنظيم الطبقة العاملة، وباختصار طبيعة المرحلة الثورية التي تمرُّ بها البلاد. لكن كل أنواع الانتهازية تقوم على عدم الإيمان بالإمكانيات الثورية للبروليتاريا. بشكل عام؛ تقوم الانتهازية اليمينية على أساس الجبن واللاعزيمة وعدم الإيمان بالانتصار الثوري للبروليتاريا. للتستر على هذه الجوانب يجب أن تبدو أكثر “حدة”. في الواقع، إنها تظهر استسلامها من خلال التزام العبودية بخنوع بألفاظ الماركسية، على حد تعبير ستالين. وبعبارة أخرى؛ فإن الاستسلامية هي بنفس الوقت دوغمائية. إن انتهازية الأممية الثانية التي “تخشى الثورة كما تخشى الطاعون”، هي أكثرالأمثلة ملموسة على ذلك. لم يفهموا قط ماهو مؤكد في الماركسية، أي الديالكتيكية التي هي العمود الفقري للماركسية. وما يشتركون فيه جميعاً، من الكاوتسكيين إلى بليخانوفيين، هو تحذلقهم وصياغتهم في تحويل الافتراضات الماركسية إلى دوغمائية فارغة من خلال إخفاء جبنهم بأكثر الألفاظ زخرفةً وثوريةً.

لا يوجد شيء اسمه استقرار المبدأ في الانتهازية. عندما أصبحت طبيعة المبادئ التي دافعت عنها حتى الأمس واضحة في أعين الجماهير، فإنها تقوم بالتشهير بهذه المبادئ بأخطر التهم. بالنسبة لها هناك شيء واحد مهم فقط: “كيف يمكنني تهدئة الحركة الثورية للبروليتاريا على الرغم من كل شيء؟” في هذا العمل، تُعتبرالمبادئ الماركسية هي مجرد أدوات بسيطة. إن كتابات وكلمات المتحدثين باسم الانتهازية الجديدة في بلدنا هي أكثر الأمثلة الملموسة على ذلك. من خلال عرضها في هذه المقالة، سوف نظهر لهم ونكشف عن نوع “مبدأ الوحدة” الذي يمثله هذا الفصيل.

حول المنهج الماركسي

أي نوع من التحليل الانتهازي يضع المنهج الماركسي جانباً. دعونا نوضح: في مقال “الانحراف اليميني، والممارسة الثورية والنظرية ” لخصنا هذه الآراء بإيجاز شديد من خلال الإشارة إلى وجود نقاش في الأوساط الماركسية حول انتقال البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة إلى الاشتراكية من خلال تحقيق استقلالها. وقلنا: “إن مستوى التنمية الاقتصادية في تركيا يجعل دور الطبقة العاملة على المسرح السياسي ثانوياً،” مشيراً إلى أن الانتهازية الجديدة التي تدافع عن السلطة الثورية البرجوازية الصغيرة حتى تصل الطبقة العاملة إلى قوة معينة، لا تدافع في الواقع عن نظرية الثورة القومية الديمقراطية، بل عن النظرة الأولى للأطروحة التحريفية للمسار غير الرأسمالي، مضيفاً أنه “إنه حلم فارغ أن نرى الانتقال إلى الاشتراكية ممكناً بدون ريادة الطبقة العاملة، يمكن تطبيق هذه النظرة (وجهة نظر الانتهازية الجديدة) في ظل ظروف خاصة جداً حتى تتمتع الطبقة العاملة بقوة معينة ولكن شريطة ألا يكون الانتقال إلى الاشتراكية ممكناً في البلدان الأفريقية مثل الكاميرون وبروندي وباسوتولان، حيث الطبقة العاملة ضعيفة جداً وهزيلة بحيث يمكن احتسابها غير موجودة” (2). إن متحدثاً باسم الانتهازية الجديدة، من الحكمة أن يستنتج من كلماتنا هذه أننا ندافع عن المسار غير الرأسمالي لهذه البلدان، يقول إن هذا أمرمثير للسخرية من خلال الادعاء بأننا نقبل الثورة القومية الديمقراطية باعتبارها الخط الثوري الوحيد وندافع عن المسار غير الرأسمالي. (انظر شاهين ألباي، “الطبقة العاملة والثورة القومية الديمقراطية”، PDA(أيدينليك البروليتارية الثورية)، العدد: 7، ص: 366)

إن هذا النقد الموجه من هذا الكاتب الذي يبدو أنه غير مدرك للمنهج الماركسي ويدافع عن الأطروحة التحريفية للمسارغير الرأسمالي تحت اسم الحركة  القومية الديمقراطية، هو في الحقيقة ترفيهي/مُسلِّي للغاية. معنى عبارة “ربما” التي كتبناها بخط مائل واضحة. والمقصود هنا هو أن أطروحة الحركة القومية الديمقراطية للانتهازية الجديدة يمكن طرحها، أو بالأحرى مناقشتها، ليس في بلد مثل تركيا التي لديها ما يقارب أربعة ملايين عامل، ولكن فقط في بعض البلدان الأفريقية التي تحمل آثاراً عميقة للعلاقات القبلية التي يمكن احتساب الطبقة العاملة فيها غير موجودة. هل يمكن أن نستنتج من ذلك أن المسار غير الرأسمالي يسود في هذه البلدان؟ بالتأكيد كلا. لقد قلنا مراراً وتكراراً أن الخط الثوري الوحيد لجميع البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة هو خط الثورة القومية الديمقراطية، وفي ذلك المقال أيضاً قلنا بوضوح أن هناك خطاً تحريفياً، أي أن الرأي الذي يدافع عن المسار غيرالرأسمالي، يستند إلى نظرية “الأسلحة تحدد كل شيء”، وهو ما يتعارض مع المادية التاريخية. عندما قلنا أنه بالنسبة لبعض البلدان الأفريقية يمكن مناقشة أطروحة الحركة القومية الديمقراطية هذه، فقد أخذنا بعين الاعتبار حقيقة أنه في بعض البلدان التي لم يكن فيها وعي الأمة متطوراً للغاية والتي تحمل آثاراً عميقة للحياة القبلية حيث يمكن احتساب الطبقة العاملة غير موجودة، دع من عدم وجود حزب ماركسي، لا يوجد حتى فصيل ماركسي حقيقي باستثناء عدد قليل من المثقفين. (3)

إن إمكانية أن تكون أطروحة ذات طبيعة تحريفية حول المسار الذي يجب اتباعه على نطاقٍ عالمي موضوعاً للنقاش مع التقييد المشروط لـ “ربما” في البلدان التي تمر بظروف خاصة واستثنائية معينة هي ضرورة يتطلبها أسلوب التحليل الماركسي، أي التحليل الملموس للحالات الملموسة. في تحليلات أساتذة الماركسية العظماء نرى هذا القيد المشروط، ونرى هذا الاحتمال. على سبيل المثال؛ في تحليلات ماركس وإنكلس ولينين…

ماركس وإنكلس اللذان انتقدا لاسال وبرودون بأقسى العبارات، بحجة أنه يمكن أن تكون هناك ثورة اجتماعية سلمية، مشيرين إلى أن السبيل الوحيد للثورة الاجتماعية هو العنف، وأن الطريق السلمي يعود إلى الإصلاحيين، قالا أنه يمكن لثورة محتملة أن تتبع مساراً سلمياً في إنجلترا وأمريكا التي كانت لها ظروف خاصة جداً. لينين الذي يتهم أحزاب الأممية الثانية بالخيانة بقوله إن هذا التقييد المشروط لماركس وإنكلس لم يعد صالحاً في المرحلة الرأسمالية الاحتكارية ويقترح أنه من الممكن الانتقال سلمياً إلى الاشتراكية، ويقول إن ظروفاً خاصة واستثنائية للغاية ظهرت في روسيا في مايو/أيار 1917، لذلك يمكن تحقيق انتقال سلمي إلى الاشتراكية. (4)

وفقاً لمنطق كاتب أيدينليك ” البروليتارية الثورية “، ماركس وإنكلس ولينين الذين وصفوا الانتقال السلمي بالخيانة، ناقضوا أنفسهم، لأنهم قالوا “إ نه ممكن” ضمن القيد المشروط! المضحكون حقاً هم أولئك الذين يعترضون على قولنا بأن الأطروحة التي قدموها يمكن مناقشتها ضمن قيود مشروطة. خاصة في “الثورة (يقصد بالثورة القومية الديمقراطية- ماهيرجايان) سواء كانت البرجوازية الصغيرة هي الطليعة أو البروليتاريا هي الطليعة، فإن الهدف أمام البلدان المستعمرة هو الديمقراطية القومية، وليس الاشتراكية”. (انظر.شاهين ألباي، أيدينليك، العدد:12، ص: 471) قلنا إن انتقاد كاتب أيامي لـ م. بيللي الذي يقول يمكن أن يقود الثورة القومية الديمقراطية للبرجوازية-الصغيرة، وأن ” القيادة ليست موضوع تفاوض”، ثم يتهمه بالانتهازية اليمينية، لا يُؤخذ على محمل الجد على الإطلاق لأنه لايعلم ماذا يقول! (5)

في مقال ” الانحراف اليميني، الممارسة الثورية والنظرية ” لقد قلنا أن انتهازية أماك التي زعمت أن البقايا الإقطاعية 5٪ والتي توصلت إلى استنتاج مفادهُ أن التناقض الرئيسي في تركيا هو بين البروليتاريا والبرجوازية، ذكرنا أن هذا الاستنتاج خاطئاً وأنه حتى لو لم يكن الإقطاع كعلاقة إنتاج 5٪ بل 05٪ في بلدٍ مثل بلدنا تحت احتلال الإمبريالية، فالهدف الأول هو بالضرورة الثورة القومية الديمقراطية. و فيما يتعلق بحقيقة أنه لا يمكن استنتاج التناقض الرئيسي من علاقات الإنتاج، فقد أظهرنا على سبيل المثال في فرنسا الرأسمالية الإمبريالية 1941- 1944 أن التناقض الرئيسي (وليس التناقض الأساسي الحاسم النهائي) ليس بين البروليتاريا-البرجوازية، بل بين الإمبريالية الألمانية الغازية والبرجوازية الفيشية الرجعية والأمة الفرنسية بأسرها، بما في ذلك كامل الفصيل القومي للبرجوازية. (انظر مجلة أيدينليك الاشتراكية ، العدد: 15 ، ص: 208)

هذا الكاتب المحرف لـ أيدينليك “البروليتارية الثورية” قد استنتج أننا ندّعي من خلال منطق أرسطو أن الثورة القومية الديمقراطية حدثت في فرنسا الإمبريالية عام 1944 (!). هذا ما يطلق عليه رمي بلاهدف! في فرنسا، حيث قامت واحدة من أولى الثورات الديمقراطية البرجوازية في العالم، لم يدَّعِ أحد أبداً أن الثورة الديمقراطية قد حدثت مرة أخرى، ولن يدّعِ. خاصةً في الجدل الأيديولوجي الذي يجب أن يكون له مستوى معين، لا يوجد ادعاء بأن “الطرف الآخر قال هذا”. لكن ليس هناك ما يثير الدهشة بالنسبة لنا في ذلك.

يمكنك أن تقول بقدر ما تريد من بداية هذا المقال أن الثورة القومية الديمقراطية هي الخطوة الثورية الضرورية أمام البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة التي توجد فيها بقايا إقطاعية، هذا الكاتب بالتأكيد سوف يقوم بهذا التحريف! لأن التحريف والأكاذيب هي الأدوات السياسية لهذا الكاتب الأيامي.

بعد إجراء هذا التحريف، انظروا إلى ما يقوله الكاتب نفسه: “في بلد إمبريالي رأسمالي مثل فرنسا، سواء كانت محتلة أم لا، فإن الشعار الثوري هو الثورة الاشتراكية”. (انظر شاهين ألباي، PDA”أيدينليك البروليتارية الثورية”، العدد: 17، ص: 366) الذي يقول إنه يشمل مناهضة-الإمبريالية حيث لا يوجد فرق جوهري بين هذا الرأي ورأي انتهازية آرن-بوران التي تدَّعي أن شعار الثورة الاشتراكية يخاطب القوى القومية الأخرى غير الاشتراكيين. (6) علماً لا يمكن دائماً تحديد المرحلة والشعار الثوري وفقاً لعلاقات الإنتاج. إن التناقض الرئيسي في بلد رأسمالي هو بين البروليتاريا والبرجوازية. لكن التدخل الخارجي يدفع هذا التناقض مؤقتاً إلى الخطة الثانية، وفي تلك اللحظة يتشكل التناقض الرئيسي وفقاً لهذا التدخل الخارجي، ولهذا الاستيلاء. ووفقاً لهذا التناقض الجديد، يعدل حزب البروليتاريا تكتيكاته وشعاره الثوري. إن حرب إعادة التقسيم الثانية في فرنسا الرأسمالية، يصبح التناقض الرئيسي للبروليتاريا-البرجوازية مؤقتاً ثانوياً مع الاحتلال الألماني، ويصبح التناقض بين الإمبريالية الألمانية + البرجوازية الرجعية الفيشية والأمة الفرنسية بأكملها، بما في ذلك الفصيل القومي للبرجوازية المناهضة-للإمبريالية الألمانية، لفترة من الوقت تناقضاً رئيسياً. إن المهمة الرئيسية للماركسيين الفرنسيين في هذه المرحلة هي حل هذا التناقض. إن حل التناقضات ذات الطبيعة المختلفة بأساليب مختلفة هي ضرورة يتطلبها الديالكتيك الماركسي. كما أن التناقض بين العدو المحتل والأمة لا يحل عن طريق الثورة الاشتراكية، بل عن طريق الحرب الثورية القومية. لذلك في هذه المرحلة إن جدول أعمال FKP(الحزب الشيوعي الفرنسي) ليس فرنسا الاشتراكية، بل “فرنسا المستقلة”. لأن طريق فرنسا الاشتراكية يمر عبر فرنسا المستقلة. وقد حسمَ FKP (الحزب الشيوعي الفرنسي) هذا التناقض من خلال تشكيل جبهة قومية واسعة من خلال حشد جميع الوطنيين الفرنسيين حول الشعار الثوري “فرنسا المستقلة”. انتقد بعض “اليساريين” الحزب الشيوعي الفرنسي، مثل هذا الكاتب الانتهازي، بالقول إن الشعار الثوري هو “السلطة الاشتراكية”، مهما كانت الظروف. (7) دعونا نترك الكلام لأعضاء الحزب الشيوعي الفرنسي: “… يعتقد بعض الناس بصدق أن البروليتاريا الفرنسية بقيادة الحزب الشيوعي في عام 1944، كانت قوية بما يكفي لتولي السلطة، وقد تأخرت عن الحافلة بفشلها من خلال عدم القيام بذلك. للوهلة الأولى؛ إنه تقييم جذاب، لكنه خاطئ… أولاً هناك مفهوم خاطئ حول الغرض من المقاومة وطابعها. لم يكن هدف المقاومة الثورة البروليتارية، بل تحرير البلاد من الاحتلال وتدمير الفاشية. لقد جمع هذا الغرض كل أنواع المواطنين الفرنسيين. أصبحت المقاومة سلوكاً قومياً عظيماً. هذا هو خطه السائد. كانت قيمة الشيوعيين الفرنسيين أنهم فهموا الوضع برمته. لهذا السبب حاولوا تشكيل جبهة قومية واسعة في النضال ضد هتلر والمتواطئين معه ولم يسمحوا لحركة المقاومة بالانحراف إلى طائفة منفصلة عن الجماهير العميقة لشعبنا. هكذا أصبحت الانتفاضة الوطنية عام  1944 ممكنة ضد العدو المعزول بشكل متزايد. ماذا كان سيحدث لو حاولت الطبقة العاملة في ذلك الوقت القيام بثورة وتأسيس الاشتراكية؟ (…) سيجدون أن الطبقة العاملة قد قطعت علاقاتها مع المواطنين الفرنسيين من جميع الطبقات الذين كانوا مصممين على تحرير البلاد ولكنهم لم يكونوا مستعدين على الإطلاق لدعم حركة ثورية. وسوف يحتفل به الهتلريون والمتواطئون معهم والبرجوازية الفيشية الرجعية”. (8) وبعد طرد الألمان، وصلت إلى السلطة قوة قومية بما في ذلك الحزب الشيوعي الفرنسي. كما يُرى؛ على عكس ادعاءات العقول الميكانيكية ضيقة الأفق، فإن الشعار الثوري في بلد رأسمالي إمبريالي ليس دائماً سلطة اشتراكية!

“الماركسية عقيدة شائكة للغاية ذات عمق هائل”. أولئك الذين يبحثون عن وصفات جاهزة تحلُّ جميع مشاكل  الماركسية بوسائل حل نموذجية قليلة، وهم ضيقو الأفق ومعروفون بشكل مثير للشفقة! للاطلاع على الافتراءات الفكرية المتعجرفة ذات العقلية الميكانيكية داخل الحدود الضيقة لبعض الصيغ النموذجية، انظر ما يقوله ماو: “أكثر الناس سخافة في العالم والذين هم على دراية كبيرة ببعض المعلومات الخام من الإشاعات؛ يعتقدون أنهم <علمائي جيهان/العالم العالمي>. وهذا يدل على أن هؤلاء الناس لم يعرفوا مقياس طولهم جيداً. إن مسألة المعرفة هي مسألة علمية، وليس هناك مجال للنفاق أو التباهي في هذه المسألة. ما نحتاجه حقاً، على العكس من ذلك، هو الإخلاص والتواضع”. (9)

فيدل- غيفارا وموقفنا من التجربة الكوبية

إن الانتهازية الجديدة مثل البطة المرتبكة في مواجهة تجربة الثورة الكوبية. يرى البعض أن كوبا ليست دولة اشتراكية. لم تكن هناك ثورة في كوبا. ووفقًا للبعض “نعم، حدثت ثورة في كوبا، لكن هذه كانت نتيجة عرضية لفهم تجريبي ضيق”. (انظر خ. باركتاي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 16 ، ص: 327) ووفقاً لهم؛ لو كانت الإمبريالية الأمريكية يقظة، لما حدثت هذه الثورة! “لقد نجحت التجربة الكوبية في ظل الظروف التي نتجت عن سبات/نوم كل من الطبقات الحاكمة الكوبية والإمبريالية الأمريكية”.(خ. باركتاي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 16، ص:326) وبعبارة أخرى؛ وفقاً لهم؛ فإن الثورة الكوبية هي ظاهرة معجزوية. ها هو الفكرالاشتراكي العلمي المعروض (!)، أو بالأحرى الدياليكتيكية الماركسية المقتولة!

يشرح الميتافيزيقي الثورات من حيث المصادفات والمعجزات. من أجل ذلك على سبيل المثال؛ الثورة البرجوازية الفرنسية هي مصادفة. يفسر الميتافيزيقي الثورة الفرنسية كون لويس السادس عشر كان رجلاً ضعيفاً ومرناً. ويقول: “لو كان رجلاً قوياً، لما كانت هناك ثورة”. في الواقع وفقاً له “لو أنهى لويس السادس عشر طعامه بفترة قصيرة في فارينس، لما تم القبض عليه وكان مسار التاريخ سيتغير”. (10) علماً أن الحقيقة هي أنه لا يوجد مجال لتفسيرات المعجزات والمصادفات في الفهم الاشتراكي العلمي. المعجزة والصدفة على حد تعبير لينين؛ لاتوجد “لا في الطبيعة ولا في التاريخ”. إن الغاية النظرية لأولئك الذين يخلطون بين الشكل والجوهر، والذين يحاولون مراقبة الحركة الثورية العالمية كـ شرطة المرورمن خلال البحث عن مبادئ محددة في الشكل بدلاً من الجوهر، هي السباحة في مستنقع الميتافيزيقيا!

إن النظرة العلمية الاشتراكية للعالم لا تفسر الثورة الكوبية بإهمال مؤقت للإمبريالية الأمريكية والطبقات الحاكمة الكوبية. ولكن يرتبط نجاح التجربة الكوبية بالوضع الراهن للرأسمالية العالمية.

يقترح لينين الشروط الثلاثة التالية لدولة مستعمرة مثل كوبا لكسب الحرب ضد-الإمبريالية، وهي المرحلة الأولى للانتقال إلى الاشتراكية من خلال سلسلة من الثورات الداخلية: “تنسيق جهود جزء كبير من سكان هذه الأمم المضطهدة… أو أن الوضع الدولي مواتياً بشكلٍ خاص (مثل إضعاف تدخل الإمبرياليين، وشللهم بسبب الحرب بينهم وبين تناقضاتهم، إلخ.) أو يجب على بروليتاريا إحدى الدول العظمى أن تعارض البرجوازية في نفس الوقت”. (11) السمة المميزة لفترة الكساد العام الثالث للإمبريالية الحالية هي مزيج من كل هذه العوامل التي اجتمعت معاً. 1/3(ثلث)من العالم اشتراكي. إن الأمم المضطهدة توجه قبضات قاتلة للإمبريالية يوماً بعد يوم. العالم في اضطرابات مستمرة. الرأسمالية العالمية تلفظ أنفاسها الأخيرة الآن. لم تكن الثورة الكوبية نتيجة عرضية لمفهوم تجريبي ضيق ولا حدثاً معجزوياً. الثورة الكوبية هي نتيجة ضرورية للإمبريالية المحتضرة!

إن رؤية بأنه من الممكن للإمبريالية الأمريكية منع الثورة الكوبية، موضحًا أنه “لو تصرفت الإمبريالية الأمريكية بيقظة، لما حدثت هذه الثورة” هو التحريفية بحد ذاتها. (12) وهذا يعني أن الإمبريالية “قادرة على كل شيء، وبالتالي لا تؤمن بانتصار النضالات الثورية لشعوب العالم، وخاصةً شعوب أمريكا اللاتينية، من خلال تضخيمها (للإمبريالية) في الخطة الإستراتيجية! هذه هي الاستسلامية و أيديولوجية الاستسلام!

المصادفات والمعجزات، وكذلك الانتهازيون اليساريون، لا يعمّقون خزينة الماركسية-اللينينية. علماً أن التجربة الكوبية وقادتها جعلوا خزينة الماركسية-اللينينية أكثر تعمقاً وثراءً! وفقاً للانتهازية الجديدة التي تطرح المعضلة السخيفة بقولها “هل أنت مع الحرب الشعبية أم حرب الكريلا؟”، لم تكن هناك حرب شعبية في كوبا. علماً أن حرب الكريلا هي الشكل الأساسي للنضال في المرحلتين الأوليتين من الحرب الشعبية.

نقول إن الشعب الكوبي البطل خاض حرباً شعبيةً وقام بالثورة القومية الديمقراطية وانتقل إلى الاشتراكية. ووجهات نظرنا حول التجربة الكوبية وفيدل كاسترو وتشي غيفارا واضحة: الآن بالإضافة إلى تجربة ثورة أكتوبر، هناك تجارب ثورية في الصين، في الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية، في كوريا وفيتنام وكوبا. لقد أثرى الثوار المنتصرون في هذه الدول وطوروا الماركسية-اللينينية وثورة أكتوبر. كل هذه الثورات، من الصين إلى كوبا، تم كسبها دون استثناء من خلال الكفاح المسلح والنضال ضد عدوانها وتدخلها الإمبريالي المسلح. بدأت الانتفاضة المسلحة للشعب الكوبي في عام 1953. شنت الإمبريالية الأمريكية ودُميتها باتيستا في كوبا حرباً شعبية ثورية لأكثر من عامين قبل الإطاحة بحكمهم. (الصين في الثورة والتاريخ والوثائق والتحليل، تمّ تحريره بواسطة فيراسيمونس، ص: 404-5،  تعليق = SBKPالحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي )على الرسالة المفتوحة لللجنة المركزية KP  (الحزب الشيوعي الصيني )الصادر في 31 مارس/آذار 1964)

نعم؛ إن الثورة الكوبية هي مساهمة كبيرة في خزينة الماركسية-اللينينية. ولدى الماركسيين في البلدان شبه-المستعمرة مثلنا ليتعلموه الكثير من الثوريين البروليتاريين المنتصرين في الثورة الكوبية، فيدل كاسترو وتشي غيفارا ورفاقهم. لأننا لا نقرأ ونتعلم الماركسية من أجل الثرثرة الفكرية وضبط حركة المرور للحركة الثورية العالمية. نحن نتعلم الماركسية لتغيير العالم، والقيام بثورة في تركيا العالم!

إن تسمية الثوريين البروليتاريين المنتصرين في الثورة الاشتراكية الكوبية بـ “ثوريي البرجوازية الصغيرة” و “الانتهازيين اليساريين” هو خيانة وانتهازية بحد ذاتها. ويجب على جميع الثوريين البروليتاريين في تركيا أن يُشككوا في شخصيات أولئك الذين يسعون إلى نشر هذا الرأي بين صفوفنا.

ينتقد الكاتب الأيامي لـ أيدينليك ” البروليتارية الثورية” إشارتنا إلى فيدل كاسترو في مقالتنا “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية “. (انظر.شاهين ألباي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 17، ص:366) لقد أشرنا دائماً وسنشير دائماً إلى الثوريين البروليتاريين المنتصرين الذين ساهموا في خزينة الماركسية-اللينينية. (13) وهنا يكمن الفرق الصغير (!) بيننا وبين الانتهازية الجديدة! إن مجمع “الماويين” يشيرون إلى بما يسمى بالثوريين في أمريكا، أما نحن نشير إلى الثوريين المنتصرين الذين طوروا خزينة الماركسية-اللينينية!

قبل أن نختتم هذا القسم، دعونا نوضح سؤالاً بالغ الأهمية عن الخط الثوري البروليتاري في أمريكا اللاتينية. لا ينبغي الخلط بين النقطتين التاليتين على وجه التحديد:

أولاً؛ يجب الفصل بين ما أشار فيدل كاسترو ورفاقه إلى أن جميع بلدان أمريكا اللاتينية لديها سمات مشتركة تتمثل في “تخلف الصناعة والطابع الإقطاعي للزراعة”، وقالوا: “في النضال ضد الإمبريالية يجب أن نوحد الغالبية العظمى من الشعب والطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين والبرجوازية الصغيرة والفئات الأكثر تقدمية في البرجوازية الوطنية على برنامج تحرر وفقاً مصالحهم”. (من إعلان هافانا الثاني)، وقالوا إن الخطوة الثورية أمام جميع دول أمريكا اللاتينية هي الثورة القومية الديمقراطية، وبين الذين ربطوا صحة استراتيجية الثورة القومية الديمقراطية بوجود الإقطاع كعلاقة إنتاج، واقترحوا استراتيجية الثورة الاشتراكية لبلدان أمريكا اللاتينية بالقول إن “الرأسمالية المتخلفة تهيمن على الزراعة ولا توجد برجوازية وطنية” في بلدان أمريكا اللاتينية، أمثال الكُتّاب أ.ج. فرانك، أ. شاه، إلخ.

وينبغي عدم الخلط بين وجهات نظر فيدل كاسترو وتشي غيفارا وبين المقترحات الدوغمائية لديبراي على وجه الخصوص، ثانياً؛ حتى و.ج. بوميروي، الذي يعارض حقيقة أن الحرب الشعبية المسلحة هي السبيل الوحيد للتحرر من نير الإمبريالية، ويرى أنه من الممكن أن تتمكن الثورة من تحقيق النصر حتى بطريقة سلمية، يعترف صراحة بهذه الحقيقة. انظروا إلى ما يقوله بوميروي: “يجب تمييز تصريحات القادة الكوبيين أنفسهم عن صياغات ديبراي الدوغمائية إلى حد ما الذي يعتقد في كثير من الأحيان أنه يتحدث باسمهم. خاصة القول بأن “كتاب ديبراي <الثورة في الثورة> هو وجهة النظر الرسمية للحزب الشيوعي الكوبي. لقد طبع هذا الكتاب وتم توزيع 2.5 مليون في كوبا ” ليس سوى تحريف لا أخلاقي. لأن هذا الكتاب تعرَّض لانتقادات شديدة من قبل سيمون توريس وخولو أريندي، اللذان عبرا عن آراء الحزب الشيوعي الكوبي  في عدد حزيران 1968 من  المجلة  الشهرية (مونزلي ريفو)مع مقال بعنوان “ديبراي والتجربة الكوبية”. الخطوط الرئيسية لهذا النقد هي؛

1. اقتراح ديبراي بأن “القيادة العسكرية يجب أن تكون العنصر الرئيسي” خاطئ. بل على العكس من ذلك، فإن العمل السياسي أساسي. ويجب أن يخضع الجانب العسكري للقيادة السياسية.

2. إن تأكيد ديبراي على تمييزه بين “المدينة البرجوازية- والريف البروليتاري” و “ليانا-سييرا” كصراع طبقي ليس تحليلاً لينينياً.

في القسم الذي يحمل عنوان “مَن خلقَ مَن”، ذكر أن ادعاء ديبراي بأن “الفوكو خلق الحزب في كوبا” خاطئ، وأن الحزب شرطاً للثورة. سيمون توريس وخوليو أريندي، في إشارة إلى كتاب لينين “ما العمل”، استنتجوا أن ديبراي كان لديه نظرة اقتصادية.

لكن المستسلمين في جميع البلدان يتجاهلون هذه الاختلافات ويحاولون مساواة صياغات ديبراي الدوغمائية بالخط الثوري البروليتاري في أمريكا اللاتينية. على سبيل المثال؛ يجمع ما يسمى بالحزب “الماوي” الأمريكي المسمى حزب العمل التقدمي كل هذه الأيديولوجيات المختلفة تحت عنوان الديبرايسم ويتهم فيدل كاسترو وتشي غيفارا ورفاقهم بالانتهازية اليسارية (!). (14) وفي بلدنا أيضاً يحاول المتحدثون باسم الانتهازية الجديدة التي هي فرع “الماوية” في المجمع، مثل مُنظّريهم الأمريكيين، انتقاد ف.كاسترو-تشي غيفارا بالإشارة إلى كتاب ديبراي، والخلط بين هذه الأيديولوجيات المختلفة (أي خلط الخطوط الانتهازية لـ أ.ج. فرانك و ديبراي مع الخط اللينيني للثوريين البروليتاريين الكوبيين المنتصرين). يعتقد المتحدثون باسم الانتهازية الجديدة أنهم سيجدون غطاءً أيديولوجياً لجبنهم وخيانتهم من خلال إدانة الثوريين البروليتاريين المنتصرين في أمريكا اللاتينية، الذين اقترحوا الاستيلاء على المدن من الريف، ومن خلال إدانتهم بصيغ ديبراي الدوغمائية، قائلين إنهم خارج الخط اللينيني، وبتفسير الثوري البروليتاري العظيم ماو تسي تونغ باللغة الأمريكية!

في هذه المرحلة من الأزمة العامة الثالثة، عندما تقترب ساعات موت الإمبريالية، لا تهتم الحركة الماركسية-اللينينية بالنضال ضد خط كاسترو-غيفارا، كما تدعي الانتهازية الجديدة، بل بالنضال ضد الخطوط “اليسارية” للتحريفية الحديثة التي تعطي الأولوية للمدن، وتعطي أهمية ثانوية للريف، الذي يقلل من شأن الإمكانات الثورية للفلاحين والشعوب “الفلاحية” بشكل متزايد، واليمين الذي يدعو إلى التعايش السلمي خارج الطبقة العاملة، ويرى الانتقال إلى الاشتراكية خارج الطبقة العاملة ممكناً؛ من التروتسكية الجديدة، والبلانكيست الجديدة… باختصار؛ سوف تتعزز من خلال النضالات ضد جميع أنواع الانحرافات اليمينية و”اليسارية” وسوف تدمر الإمبريالية. إن الأفواه التي تعلن أن كاسترو-غيفارا وجميع الثوريين البروليتاريين في أمريكا اللاتينية “انتهازيون يساريون” هم المستسلمون من جميع البلدان!

مساهمات ماو في الخزينة اللينينية والانتهازية الجديدة

إن مسألة مساهمات ماو تسي تونغ في خزينة الماركسية-اللينينية هي مسألة مهمة للغاية تجري مناقشتها في الأوساط الماركسية اليوم. يمكننا تلخيص ما أضافه ماو تسي تونغ إلى خزينة اللينينية تحت عنوانين رئيسيين:

1. نظرية الثورة القومية الديمقراطية،

2. ثورة الثقافة البروليتارية.

نرى الجوهر والعناصر الأساسية لهاتين المساهمتين لماو في لينين أيضاً. لكن هذين المبدأين الأكثر أهمية للماركسية-اللينينية اتخذا أفضل شكل لهما في ممارسة ماو السياسية. لذلك؛ في شرح هذين المبدأين المهمين لللينينية، يجب أن ننطلق من الممارسة الصينية الملموسة ونتعامل معها في إطار ممارسة ماو السياسية.

نظرية الثورة القومية الديمقراطية

في مقالتنا الأخيرة ذكرنا أن نظرية الثورة القومية الديمقراطية هي تطبيق النظرية الماركسية-اللينينية للثورة المتواصلة على البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة. دعونا نذكر مرة أخرى أن ماو تسي تونغ قام بتعميق وإثراء النظرية اللينينية للثورة المتواصلة من خلال تطبيقها على هذه الممارسة الملموسة في الصين شبه-المستعمرة وشبه-الإقطاعية والتي كانت في فترات الأزمة العامة للإمبريالية الأولى والثانية حيث الطبقة العاملة ضعيفة كمَّياً وكانت لها روابط طبيعية مع الفلاحين. وهكذا أظهر ماو للثوار في جميع البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة الطريق لكسر نير الإمبريالية والانتقال إلى الاشتراكية. مع هذه المساهمة من ماو تسي تونغ (نظرية الاستيلاء على المدن من الريف من قِبل الجيش الثوري، الذي قوته الأساسية في هيمنة الطبقة العاملة هي جماهير الفلاحين)، أصبحت النظرية اللينينية للثورة المتواصلة أكثر تطوراً وإثراءً في مواجهة حقائق الحياة الجديدة. مع ماو تم فتح عصر الحروب الشعبية التي كانت محطة ضرورية في انتقال البلدان شبه-المستعمرة والمستعمرة إلى الاشتراكية. على هذا المسار تتخذ فيتنام وكوبا خطوات حازمة نحو مجتمع لا طبقي من خلال كسر نيرالإمبريالية.

1.العناصر الرئيسية لنظرية ماو تسي تونغ للثورة الديمقراطية الجديدة هي:

2. جوهر الثورة القومية الديمقراطية هو ثورة الفلاحين.

3. الحرب الشعبية هي محطة ضرورية في الثورة القومية الديمقراطية.

4. الريادة الأيديولوجية أساسية.

إن نظرية الثورة القومية الديمقراطية تحمل في طياتها هيمنة البروليتاريا.

جوهر الثورة االقومية الديمقراطية هو ثورة الفلاحين

إن برنامج الثورة الديمقراطية هو البرنامج الأكثر راديكالية الذي يستجيب للمطالب الموضوعية للفلاحين. وكما قال لينين: “فقط الثورة التي انتصرت بالكامل هي التي يمكن أن تحقق جميع الإصلاحات الزراعية التي يتوق إليها، والتي تجعل أحلامه حقيقة… هذا ليس كل شيء. الفلاحون يعتمدون على الثورة، ليس فقط من أجل الإصلاح الزراعي الأساسي، ولكن أيضاً من أجل مصالحهم العامة والدائمة“. (تكتيكان) فإن الثورة القومية الديمقراطية هي في الأساس ثورة فلاحين، خاصةً في بلد شبه-إقطاعي حيث يشكل الفلاحون الغالبية العظمى من السكان. “لهذا السبب؛ إن تنشيط الشعب بأسره يعادل تنشيط جماهير الفلاحين“.(جياب: الجيش الشعبي الحرب الشعبية) هل يمكن لهذه الثورة التي هي في الواقع ثورة فلاحية، أن تحقق النصر تحت قيادة طبقة أو زمرة أخرى خارج البروليتاريا؟ كلا، لا يمكن أن تحقق النصر. لأنه في عصر الثورات البروليتارية، عندما تكون البرجوازية قد استنفذت بارودها الثورية، فإن البروليتاريا هي الطبقة الثورية الوحيدة التي يمكنها أن تحمل أي ثورة حتى النهاية، حتى لو كانت ذات طابع برجوازي ديمقراطي في الأساس. يشير كل من ماو تسي تونغ ولين بياو وجياب تحديداً إلى حقيقة أن الثورة القومية الديمقراطية هي في الواقع ثورة فلاحية. (15) لأن حقيقة أن الثورة القومية الديمقراطية هي في الأساس ثورة فلاحية هي عنصر مهم للغاية يحدد خطنا الاستراتيجي والسياسي والتكتيكي. (سنتناولها مرة أخرى في الصفحات التالية) إن النتيجة الطبيعية لحقيقة أن الثورة القومية الديمقراطية هي في جوهرها ثورة فلاحية، فإن الفلاحين يشكلون القوة الأساسية للثورة في التمركز الطبقي. إن البروليتاريا التي كانت قاطرة التاريخ في الفترة الإمبريالية، هي قائدة الثورة. في الثورات الديمقراطية الروسية 1905-1917، كانت البروليتاريا القوة الأساسية والقيادية للثورة. ( الفلاحون احتياطيون مباشرين)

لماذا البروليتاريا في روسيا هي القوة الأساسية للثورات الديمقراطية، في حين أن القوة الأساسية للثورات الديمقراطية في الصين وفيتنام هي الفلاحون وليس البروليتاريا؟ الإجابة على هذا السؤال مرتبط بالتحليل الملموس للحالات الملموسة. لأنه في روسيا كانت القوة الأساسية للجيش الثوري تعيش بشكل عام في المدن الكبرى. كانت هناك بروليتاريا صناعية روسية على مستوى لا يضاهي (من حيث الكمية والنوعية) لا يمكن مقارنتها مع دول مثل الصين وفيتنام. لذلك اتبعت الثورة طريق الاستيلاء على الريف من المدن.

علماً في البلدان شبه-المستعمرة والمستعمرة، 1) تكون الطبقة العاملة ضعيفة من حيث الكمية والنوعية مقارنةً بالبلدان الرأسمالية المتقدمة. 2) لسببين رئيسيين، مثل السيطرة القوية جداً للإمبريالية في المدن، فإن الطريق الذي يجب أن تتبعه الثورة القومية الديمقراطية هو طريق الاستيلاء على المدن من الريف.

الحرب الشعبية هي محطة ضرورية للثورة القومية الديمقراطية

النضال ضد الإمبريالية هو نضال من أجل بناء الأمة. و”مسألة القومية هي في الواقع مسألة فلاحين”. (ستالين) لذلك؛ إن الحرب الشعبية التي تُخاض ضد الإمبريالية العدوانية هي أيضاً حرب فلاحين. حقيقة أن الحرب الشعبية هي حرب فلاحين تجعل النضال في الريف في المقدمة. وبعبارة أخرى؛ فإن التركيز الرئيسي للنضال من أجل الثورة القومية الديمقراطية هوالريف. كما أنه ضرورة عسكرية لنجاح حرب التحريرالقومية هذه. (لأنه “عندما يشن الإمبرياليون هجمات ضد البلدان (البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة – ماهير جايان)، فإنهم غالباً ما يبدأون بالاستيلاء على المدن الكبرى وخطوط الاتصال الرئيسية. لكن الأمر يتجاوز قدرتهم على إخضاع الريف الشاسع لسيطرتهم الكاملة. المناطق الشاسعة التي يمكن للثوار المناورة فيها بحرية هي فقط في الريف. إن القواعد الثورية التي يمكن للثوار أن يتقدموا من خلالها إلى النصر الحاسم، قد تُقام فقط في المناطق الريفية”.(16)

في الريف؛ حيث سيطرة الإمبريالية ضعيفة للغاية، تمرُّ الحرب الشعبية بأربع مراحل رئيسية:

أ) حرب الكريلا؛ مرحلة الحفاظ على ما هو متاح،

ب) إنشاء قواعد الكريلا؛ مرحلة الحفاظ على ماهو متاح،

ت) الانتقال إلى الجيش النظامي؛ مرحلة التوازن،

ث) حرب الجيش النظامي؛ مرحلة الانتقال إلى الهجوم المضاد (الحصول على النتائج).

هذه هي نظرية الحرب الشعبية باختصار. كما يُرى، فإن دور المدن في الحرب الشعبية ثانوي. بالطبع؛ هذا لا يعني عدم خوض نضال في المدن. لا شك أن الإضرابات العمالية العامة والحركات الطلابية والجماهيرية، إلخ، هي عوامل مهمة جداً في نجاح حرب الاستقلال القومي. في الحرب الشعبية التي هي حرب الفلاحين، يمكن أن تكون الهيمنة للثوريين البروليتاريين وكذلك لثوريي البرجوازية-الصغيرة. وبعبارة أخرى؛ فإن القيادة في الحرب الشعبية ليست مسألة تفاوض. يعتمد ذلك على توازن القوى ودرجة تنظيم الأطراف، وما إلى ذلك. كل من يقيم علاقات عضوية أفضل مع الجماهير، والذي يجعل نفسه مقبولاً من قبل الجماهير من خلال القتال البطولي والثابت في حرب التحرير القومية، سيكون قائداً في الحرب الشعبية. لكن نجاحات الحروب الشعبية التي لم يتم كسبها في ظل هيمنة الطبقة العاملة، أو بالأحرى في ظل مفرزة طليعة الطبقة العاملة، محدودة. إن السلطة البرجوازية-الصغيرة التي ستنشأ بعد الإنتصار لا يمكنها تنفيذ برنامج الثورة القومية الديمقراطية حتى النهاية. على سبيل المثال؛ الجزائر. يقول لين بياو مايلي عن قيادة الحرب الشعبية: “مثلما قد تختلف الطبقات التي ستقود حروب هؤلاء الشعوب، قد يختلف أيضاً اتساع وعمق الحركات الجماهيرية ودرجة النصر”. (عاش انتصار الحرب الشعبية)

دعونا نعلن على الفور؛ أن ما دفع جميع الأحزاب العمالية التي كانت تدّعي أنها  تدافع عن الثورة القومية الديمقراطية في أمريكا اللاتينية إلى مستنقع الانتهازية، بأنها اعتبرت العمال كقوة أساسية واتخذت المدن أساساً لها، ووضعت جانباً حقيقة أن الحرب الشعبية هي محطة ضرورية لهذه الثورة.

الطليعة الأيديولوجية أساسية

إن النتيجة الطبيعية لحقيقة أن المدن لها أهمية ثانوية في النضال من أجل الثورة القومية الديمقراطية وبالتالي فإن القوة الأساسية للثورة ليست العمال بل الفلاحين، هي أن قيادة الطبقة العاملة في الثورة القومية الديمقراطية هي طليعة أيديولوجية. القيادة الأيديولوجية للطبقة العاملة هي أن التنظيم الذاتي للطبقة العاملة التي يتكون معظمها من الفلاحين الفقراء، هو قائد ثورة الفلاحين. في مثل هذه البلدان، إلى جانب حقيقة أن الطبقة العاملة ضعيفة ولها صلات مع الفلاحين، فإن حقيقة أن محور النضال الثوري هو الأرياف، مما يؤدي إلى حقيقة أن أغلبية الكمية في الحزب الاشتراكي تتكون من الفلاحين الفقراء. وحتى في أعلى مراحل النضال الثوري في الصين، لم تنخفض نسبة الفلاحين الفقراء في التنظيم الذاتي للبروليتاريا عن 65٪. (وكذلك على مستويات إدارة الحزب) يتم تفسير هذا وانتقاده من قبل التحريفيين المعاصرين والبعض على أنه انتهاك لمبدأ التنظيم اللينيني. في مبادئ اللينينية، يقول ستالين أن التنظيم الذاتي للبروليتاريا ينبثق من داخل الطبقة العاملة ويحتضن أفضل عناصر الطبقة العاملة. وعلى حد تعبير لينين؛ يجب أن يشكل العمال في هذا التنظيم الأغلبية، بما في ذلك المستويات الإدارية. خلال ثورة 1905، قال لينين: “… من المرغوب فيه أن يكون هناك الآن بضع مئات من العمال الاشتراكيين الديمقراطيين في تنظيمات الحزب مقابل كل مثقف يلتزم بالاشتراكية الديمقراطية”. (17)

هل هذا التكوين للتنظيم الذاتي للبروليتاريا في الصين هو حقاً انتهاك لمبدأ التنظيم اللينيني؟ كلا على الإطلاق. أي هذه ضرورة تولدها الظروف الملموسة للحياة لهذه البلدان. هذا هو تطور المفهوم اللينيني للحزب في اتجاه اللينينية. بالطبع؛ إذا لم يتم أخذ مفهومي الزمان والمكان، وهما العنصران الأساسيان في الديالكتيك، فهذا يعني أن مبدأ الحزب اللينيني منحرف.

الأطروحة الاستراتيجية للثورة القومية الديمقراطية تحمل في طياتها هيمنة البروليتاريا (18)

في استراتيجية الثورة القومية الديمقراطية التي هي تطبيق النظرية اللينينية للثورة المتواصلة على البلدان شبه-المستعمرة وشبه-الإقطاعية، فإن الشروط الموضوعية لقيادة البروليتاريا موجودة بلا جدال.

هذه هي الخطوط الرئيسية لنظرية ماو تسي تونغ عن الثورة الديمقراطية الجديدة. في نظرية الثورة الديمقراطية الجديدة، حقيقة أن الفلاحين، وليس العمال، هم القوة الأساسية  للثورة، وأن الأرياف هي محور الحرب الشعبية، فإن ريادة الطبقة العاملة هي الريادة الأيديولوجية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببعضها البعض. وكلٌ منهما نتيجة ضرورية للآخر. هذه العناصر الأربعة الرئيسية التي أوجزناها أعلاه، مهمة للغاية. لأن هذه العناصر الأربعة الرئيسية تحدد سور الصين بين التحريفية الحديثة والخط الماركسي-اللينيني. فلنوضح:

هل سيتحدد انتصارالحركة البروليتارية العالمية بالنضال في المدن أم في الأرياف؟ بعبارة أخرى؛ هل الأرياف أساسية، أم المدن؟. وفقاً لماو تسي تونغ إن التناقض الأساسي لعصرنا هي بين الأمم المضطهدة والامبريالية. لذلك؛ الأرياف أساسية. وفقاً لنظرية الحرب الشعبية التي طورها ماو تسي تونغ ولين بياو، سيتم تحقيق النصر من خلال تطويق المدن من الأرياف. “إذا أخذنا الأرض كلها، وإذا كان من الممكن تسمية أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية بمدن العالم، فعندئذ آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تشكل المناطق الريفية في العالم… بمعنى ما؛ تعطي الثورة العالمية المعاصرة مظهر تطويق المدن من الأرياف “. (19) ستتحدد النتيجة من خلال النضالات الثورية للأمم المضطهدة في المناطق الريفية من العالم. النضال في مدن العالم له أهمية ثانوية من حيث تحديد النتيجة. لأن الغرب هو “موقد ثوري منطفئ”. إن الشعوب “الفلاحية” هي أكتاف مساندة للكتلة الاشتراكية العالمية والطبقات العاملة في البلدان الرأسمالية في هذه الحروب الثورية للشعوب “الفلاحية” ضد الإمبريالية اليانكية وحلفائها الذين تولوا دور الدرك في الكتلة الإمبريالية.

وفقاً للتحريفية الحديثة، إن النضالات في الأرياف تتعامل بقبضات قاتلة حقاً مع الإمبريالية. لكن المنطقة المحددة الحقيقية ليست أرياف العالم بل مدنها. أي هم الكتلة الاشتراكية والطبقات العاملة في الدول الرأسمالية الغربية. التناقض الحاسم هو بين قوى الاشتراكية والرأسمالية. يتم تمثيل الحركة الأممية للطبقة العاملة من قبل النظام الاشتراكي العالمي والطبقات العاملة في البلدان الرأسمالية. نتيجة للإيقاعات العالية للتطور الاقتصادي للبلدان الاشتراكية، ستفرض الاشتراكية تفوقها الاقتصادي على البلدان الرأسمالية، وسيكون لهذا التفوق الاقتصادي والاجتماعي تأثير على الطبقة العاملة الغربية وتحفزها. هذا التفوق الاقتصادي والاجتماعي والسياسة السلمية المتبعة ستجعل الدعاية الإمبريالية الديماغوجية المعادية-للشيوعية غير فعالة. نتيجة كل هذا ستصل الطبقة العاملة الأوروبية إلى السلطة من خلال المسار البرلماني بدعم من الشعب بأسره. باختصار؛ هذه هي استراتيجية الثورة العالمية للتحريفية الحديثة.

كما يُرى، فإن الخط التحريفي الحديث يقترح الاستيلاء على الأرياف من المدن. أي أن هذا الخط (مهما كانت الاختلافات الدقيقة بينهما) يقلل من شأن النضالات الثورية للشعوب “الفلاحية” بسبب نضالاتها في المناطق الريفية من العالم. بل إنه يذهب إلى حد القول بأن الثورات البروليتارية في البلدان غير الغربية هي ثورات من الدرجة الثانية. لأن هذه الثورات لا تعتمد على البروليتاريا الصناعية. (20) تعتبر أقلية العمال في الحزب الشيوعي الصيني من خلال هذا الرأي انتهاكاً لمفهوم الحزب اللينيني. تكوين الحزب الشيوعي الصيني؛ “65٪ من أعضاء الحزب هم من الفلاحين، و 15٪ من الفنيين الحضريين، و 10٪ من المثقفين، و 10٪ عسكريين”. (21)

بالنسبة للخط التحريفي الحديث الذي يعتبر حتى الثورات البروليتارية في البلدان المستعمرة ثورات من الدرجة الثانية، ليس من المهم أن تقود حروب التحرير القومية في البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة أحزاباً اشتراكية أو تنظيمات برجوازية-صغيرة. المهم هو وصول قوة قومية إلى السلطة غير منخرطة بشكل كامل في الإمبريالية وتتبع سياسة خارجية تبدو محايدة. بالطبع؛ هذا الرأي له فروق دقيقة والتي لها مقترحات وأطروحات مختلفة حول مسائل متنوعة. لكن كل هذه الفروق الدقيقة يمكن تلخيصها في التحليل النهائي على أنها ” تَفوق المدن على الأرياف“.

في جميع ما يسمى بالأحزاب “الماركسية” التي تبنت هذا الرأي في البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة، تعتبر مركز ثقل النضال الثوري هو المدن. بالنسبة لهم؛ البروليتاريا هي القوة الأساسية في صنع الثورة المناهضة-للإمبريالية والمناهضة-للإقطاعية، لأن المدن أساسية. وتكمن هذه الحقيقة وراء مطالب الإصلاح لمثل هذه الأحزاب “العمالية” في أمريكا اللاتينية، والتي تهدف إلى تصنيع البلاد وبالتالي تقوية الطبقة العاملة، وضم قواها البرلمانية إلى الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية. على الرغم من أنه مكتوب في برامجهم أن جميع أساليب النضال السلمي والمسلح ستستخدم وفقًا لمكانها، وبما أن المدن أساسية (الانتفاضة العامة في المدن تؤخذ كأساس)، أي أن الطبقة العاملة تُعتبر القوة الأساسية للثورة، إلا أنه لا يمكن أن تنضج الشروط الموضوعية والذاتية للطبقة العاملة للقيام بثورة! (بما أن المدن أساسية فمن المستحيل لهذه الشروط أن تنضج أبداً دون انهيار الإمبريالية). وبالتالي فإن مبدأ الكفاح المسلح في البرنامج؛ يظل مُغبَرّاً على الرّف. وبما أن المسار العسكري الثوري الأساسي خاطئ، أي لأن حركة الطبقة العاملة في المدن مقبولة كنضالٍ حاسم، فإن الإمبريالية تنمو في الخطة الاستراتيجية بنظر هذه الأحزاب “الماركسية” كنتيجة طبيعية للسيطرة المُحكمة للإمبريالية المشددة في المدن. وهذا يؤدي إلى غرق هذه الأحزاب في الاستسلامية البرلمانية للديمقراطية على النمط الفلبيني حتى الخصر.

هذه النظرة القائمة على المدن تسيء أيضاً فهم المبدأ اللينيني القائل بأن “العمل العسكري يجب أن يعتمد على القيادة السياسية”. وفقاً لهم سيُركّز الحزب بشكل عام على الحركات والإجراءات العلنية وأفعال الطبقة العاملة في المدن وسيقود أيضاً نضال حرب الكريلا في الأرياف من المدينة! (سيكون مقر غالبية الإداريين أيضاً في المدن) ولكن كما أشار ماو تسي تونغ، إذا أراد حزب الطبقة العاملة قيادة الحرب الشعبية، فيجب أن يكون في النضال بشكل كامل. (أكثر من 90٪ من أعضاء الحزب الشيوعي في الحرب الشعبية الصينية يأتون من الجيش الأحمر) لا يمكن قيادة السفينة بتعليمات من الشاطئ! (22)

وكما يُرى، فإن أهم سبب يدفع كل هذه الأحزاب “الماركسية” إلى مستنقع الانتهازية هو استخفافهم من شأن الإمكاينات الثورية للفلاحين. وبعبارة أخرى؛ لم يروا في فترة الأزمة الثالثة للإمبريالية، أن الطريق إلى انتصار الثورة الديمقراطية في البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة هي من خلال حرب الفلاحين التي يشنها جيش الفلاحين ضد الإمبريالية.

يبين لنا تاريخ الاشتراكية أن جميع أنواع الانتهازية تقوم في التحليل النهائي على التقليل من الإمكاينات الثورية للفلاحين. هذا هو أساس انتهازية لاسال التي اعتبرت جميع الطبقات رجعية باستثناء الطبقة العاملة في فترة ما قبل الاحتكار. في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية؛ نرى نفس الحقيقة في جذور كل الانحرافات اليمينية و”اليسارية” ضد اللينينية. وكل الانحرافات اليمينية و”اليسارية” أيضاً في النضال الثوري الصيني التي حاربها ماو؛ تستند أساساً إلى التقليل من شأن الإمكانيات الثورية للفلاحين.

دافع التروتسكيون الذين اقترحوا النضال المناهض-للرأسمالية من خلال التشبث بنمط الإنتاج الآسيوي بقولهم أنه “لا يوجد إقطاعية في الصين، وبالتالي فإن النضال ضد-الإقطاعية غير ضروري” ، دافعوا عن الاستسلام قائلين: إن الاحتلال الياباني سوف يطور الرأسمالية في الصين، لأنهم كانوا يعتمدون على نمط الانتفاضة السوفييتية في المدن. من ناحية أخرى؛ جادل لي-ليسان؛ على الرغم من أنه ذكر ضرورة الثورة المناهضة-للإمبريالية والمناهضة-للإقطاعية، فإن النتيجة يمكن تحقيقها من خلال الإضرابات والهجمات العمالية المستمرة لأنه رأى المدن كنقطة محورية للنضال الذي من شأنه أن يؤدي إلى النصر. (كان لي-ليسان أحد أكثر إداريي الحزب الشيوعي الصيني نفوذاًمن عام 1927 إلى عام 1935). نفس الرأي دفع تشين تو هسيو إلى أحضان الانتهازية اليمينية. وبما أن تشين تو هسيو لم يعتبر قوة الطبقة العاملة الصينية كافية لانتفاضة سوفييتية، فقد ترك قيادة النضال المناهض-لليابان إلى الكومينتانغ، حتى يتحقق مستوى معين من التطورفي الصين. (23) وكما يُرى؛ فإن أساس هذه الانتهازيات الثلاث التي تختلف تماماً عن بعضها البعض في مظهرها، هو التقليل من شأن الإمكانيات الثورية للفلاحين والفشل في فهم الطليعة الأيديولوجية للطبقة العاملة. نوعاً ما؛ تشكَّلت نظرية ماو للثورة الديمقراطية الجديدة في النضال ضد هذه الانتهازيات الثلاث.

في الختام يقتبس ماو تسي تونغ هذين المبدأين الأساسيين لللينينية:

“1 – في الفترة الإمبريالية توجد شروط موضوعية للثورة الديمقراطية في جميع البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة، مهما كانت درجة التطور.

2. قاطرة جميع الثورات في الفترة الإمبريالية هي البروليتاريا. البروليتاريا هي الطبقة الوحيدة القادرة على قيادة الثورة الديمقراطية البرجوازية إلى النصر الدائم”. بناءً على هذين المبدأين:

3. قد صاغ نظرية الثورة الديمقراطية الجديدة من خلال تطبيقها على ممارسة الصين شبه-الاستعمارية وشبه-الإقطاعية التي كان مستوى تطورها الاقتصادي منخفض جداً وبالتالي فإن البروليتاريا ضعيفة وهزيلة.

بعد تلخيص السمات الرئيسية لنظرية ماو للثورة الديمقراطية الجديدة، دعونا ننتقل إلى مجمعنا “الماويين”! ودعونا نكشف الوجه الحقيقي للانتهازية الجديدة المسماة الحركة القومية الديمقراطية، الفرع التركي من التحريفية الحديثة. إن المتحدث باسم الانتهازية الجديدة يكشف بطريقة ما وبكل وضوح مفهومهم للثورة القومية الديمقراطية: “لا يمكن لحركة لا تكمن قوتها الأساسية في الطبقة العاملة أن تكمل الثورة القومية الديمقراطية… إنه الدليل النهائي على أن البروليتاريا لديها القدرة على أن تكون القوة الأساسية لحركة الثورة القومية الديمقراطية وطليعتها“. (دوغو بيرينجيك، اليسار التركي، العدد: 91، ص: 12-13) (الخط الغامق عائد لنا) وفقاً لهذا المفهوم فإن القوة الأساسية للثورة القومية الديمقراطية ليست الفلاحين بل الطبقة العاملة. وهذا الرأي بحد ذاته يعارض باستمرار حقيقة أن جوهر الثورة القومية الديمقراطية هو ثورة الفلاحين. (24) من ناحية أخرى لا يفهم متحدث آخر باسم الانتهازية الجديدة ما يعنيه التمييز بين “القوة القيادية والقوة الأساسية”، ويقترح نمو الصناعة في تركيا من أجل أن تتوفر هذه الشروط لدى لطبقة العاملة في الثورة بقوله: “لا توجد شروط موضوعية لهيمنة الطبقة العاملة”. (انظر شاهين ألباي، حول نظام تركيا، أيدينليك، 12) على الرغم من الاختلافات في الأقوال فإن النقطة التي يتحد عندها المتحدثون باسم الانتهازية؛ إنكارهم لحقيقة أن جوهر الثورة القومية الديمقراطية هو ثورة الفلاحين وأن الحرب الشعبية التي كانت الاستيلاء على المدن من الريف في هذه الثورة هي محطة ضرورية. هذه النظرة التي تتنبأ بـ نمو الصناعة في البلاد لقيادة الطبقة العاملة، ليست قائمة على الريف والفلاحين، بل على المدن والبروليتاريا. طبعاً من المستحيل على هذا الرأي الذي يفهم نظرية الثورة القومية الديمقراطية بهذه الطريقة أن يفهم الطليعة الأيديولوجية أيضاً! الطليعة الأيديولوجية هي هذه؛ في بلد شبه-مستعمر وشبه-إقطاعي حيث الطبقة العاملة ضعيفة جداً، تتمتع البروليتاريا في تنظيمها الخاص بالأغلبية من الفلاحين الفقراء وهذه المنظمة تؤسس الهيمنة في الثورة القومية الديمقراطية باسم الطبقة العاملة. وبالطبع إن الانتهازية الجديدة القائمة على المدن مع التقليل من شأن الإمكانات الثورية للفلاحين سوف تستنتج من هذا، أي من الطليعة الأيديولوجية للطبقة العاملة، أنه يتم الدفاع عن “طليعة مثقفي البرجوازية الصغيرة”. وهل هي “الطليعة الأيديولوجية للطبقة العاملة، أم القيادة الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية؟” التي ليست أكثر من تعبير موجز ولكنه أحمق في الأساس عن الاستسلامية؟ (انظر، ش. ألباي، الطبقة العاملة والثورة القومية الديمقراطية، أيدينليك ” البروليتارية الثورية” ، العدد 17) حيث تثار معضلة كاذبة. دعونا نعلن على الفور أن هذه المعضلة التي تقفل الاستسلامية في حد ذاتها، لم تطرحها الانتهازية الجديدة في تركيا في سبعينيات القرن العشرين. إن الأساس التاريخي لهذه المعضلة يرتكز على انتهازية الأممية الثانية. لأول مرة في روسيا عام 1902 واجه المناشفة بهذه المعضلة التنظيم اللينيني بسؤالهم: “هل هي الطليعة الحقيقية للطبقة العاملة، أم طليعة حفنة من اليعقويين؟” وكما يُرى؛ فإن هذا الاقتراح الكلاسيكي للاستسلامية لا يزال مطروحاً اليوم من قبل الانتهازية الجديدة. إن الانتهازية الجديدة القائمة على المدن التي تقبل الطبقة العاملة كقوة أساسية في جيش الثورة القومية الديمقراطية، تقول باستمرار أنه في التنظيم الذاتي للطبقة العاملة من الضروري أن يكون العمال أيضاً أغلبية من حيث العدد؛ “إنه يولي الاهتمام إلى حقيقة أن الطبقة العاملة تتمتع بأغلبية قوية بين أعضاء الأحزاب العمالية الاشتراكية التي تبنت أيديولوجية الطبقة  العاملة  وأن الثوريين الواعين المدربين في صفوف البروليتاريا يشكلون العنصر المهيمن في الحزب”.  (دوغو بيرينجيك، أيدينليك ، العدد: 3 ، ص: 225) والنتيجة الطبيعية لهذا الرأي هي أنه في هذه المرحلة لا يمكن تشكيل حزب بهذه الشروط، لأن الطبقة العاملة ضعيفة وهزيلة (لأن الظروف الموضوعية لقيادتها ليست ناضجة)!

نرى هذه الحقيقة بوضوح في البيانات الشفوية والمكتوبة للمتحدثين باسم الانتهازية الجديدة: “لا توجد إمكانية لإنشاء حزب عمالي خاص في بلدنا اليوم”. (بيان من عمر أوزارتورغوت لصحيفة الثورة) “… وفي تلك تركيا المستقلة والديمقراطية سيشرق التنظيم الذاتي للبروليتاريا مثل الشمس!” (دوغو بيرينجيك، خطاب فرع منطقة جانكايا لـ  TİP، مجلة أيدينليك الاشتراكية، العدد: 16، ص: 242)

لنفترض أن بيان ع. أوزارتورغوت أحد المتحدثين باسم الانتهازية الجديدة، كان خطأً إملائياً في صحيفة الثورة(!) ؛ ومرة أخرى؛ لنفترض أن لسان دوغو بيرينجيك انزلق أثناء الخطاب (!). لكن نفس الرأي، كثوري بروليتاري (!)، يفرض على جماهير العمال والفلاحين كمنظمة في هذه الفترة، أي في هذه الفترة من “الحركة القومية الديمقراطية”، كما تسميها الانتهازية الجديدة: “حزبنا هو جبهة التحرر القومي. قائد حزبنا هو مصطفى كمال. أعضاء حزبنا هم أمة بأكملها لا تشارك مع المستغلين الأمريكيين”. (دوغو بيرينجيك، صحيفة العمال-الفلاحين ، العدد: 7، ص: 4)

وكما يمكن فهمه على الفور، فإن حزب الجبهة القومية هذا هو الحزب الثوري للكمالي دوغان أفجي أوغلو الذي “يأتي من ضمن الشعب ويحمل نبض الشعب بين يديه” ويشكل الجبهة القومية داخله. (انظر د. أفجي أوغلو، نظام تركيا) ها هي الانتهازية اليمينية التي لا ترى فرقاً بينها وبين راديكاليي البرجوازية الصغيرة وتقول: “الصداقة دائماً، لا نضال”! إن حزبنا ليس حزب الجبهة القومية، ولا قيادة حزبنا تعود إلى راديكاليي البرجوازية الصغيرة. إن حزبنا نحن الاشتراكيين هو حزب ماركسي، ودليل عمل حزبنا ليس الكمالية، بل الاشتراكية العلمية! وفي اللحظة التي يصبح فيها هذا الحزب قائداً للجبهة القومية والجيش الشعبي، ستتحقق هيمنة الطبقة العاملة فعلياً. هذه هي الهيمنة الأيديولوجية-السياسية-التنظيمية والعسكرية للطبقة العاملة (لسبب ما لا تحب الانتهازية الجديدة هذه العبارة كثيراً من ماو (!)!

هذه النظرة الانتهازية القائمة على المدن ترى أن حركات الطغمة العسكرية التقدمية للضباط القوميين في بلدان مثل ليبيا هي حرب شعبية. (انظر شاهين ألباي، أيدينليك “البروليتارية الثورية” ، العدد: 17، ص: 368)، نحن لا نصف حركات الجنود القوميين والتقدميين بأنها حركات فاشية، مثل انتهازية آرن-بوران. لكننا لا نعلن بطريقة لا يمكن تصورها، أي أعمال يتم تنفيذها باستخدام الآلية التي هي في التحليل الأخير القوة العسكرية للطبقات الحاكمة أن الحركات هي حرب شعبية. إن تسمية هذه الحركات بالحرب الشعبية؛ يتعارض بالتأكيد مع نظرية الحرب الشعبية التي طورها ماو ولين بياو. الحرب الشعبية هي حرب الاستيلاء على المدن من الريف من قبل جيش الفلاحين.

بهذا الشكل تضيء طبيعة المعضلة الغريبة للمتحدثين باسم الانتهازية الجديدة: “هل تدعو إلى الحرب الشعبية أم حرب الكريلا؟  اتضح أن الحرب الشعبية كما نفهمها و”الحرب الشعبية” التي تفهمها الانتهازية الجديدة مفهومان مختلفان! وفقاً لهم كانت الانقلابات العسكرية التقدمية أيضاً حروب شعبية!

باختصار؛ هذا هو مفهوم الانتهازية الجديدة للثورة القومية الديمقراطية.

وفقاً لنظرية ماو للثورة الديمقراطية الجديدة:

1- جوهر الثورة القومية الديمقراطية هو ثورة فلاحين.

2- القوة الأساسية للجيش الثوري هي الفلاحين.

3- الميدان الحاسم هو الريف.

4- الحرب الشعبية هي حرب جيش الفلاحين للاستيلاء على المدن من الريف.

5- إن الشروط الموضوعية لقيادة الطبقة العاملة متاحة في الثورة القومية الديمقراطية ككلٍّ لا يتجزأ.

6- في البلدان شبه-المستعمرة وشبه-الإقطاعية؛ ليس من الضروري وليس شرطاً أن يكون العمال هم الأغلبية في التنظيم الذاتي للبروليتاريا. في الواقع عادة ما يكون الفلاحون الفقراء هم الأغلبية.

وفقاً لنظرية “الثورة القومية الديمقراطية” للانتهازية الجديدة:

1- جوهر الثورة القومية الديمقراطية ليست ثورة فلاحين.

2- إن القوة الأساسية للثورة ليست الفلاحين، بل العمال.

3- الميدان الحاسم ليس الريف بل المدن.

4- الحرب الشعبية وحركات الطغمة العسكرية هي نفس الشيء.

5- كلا؛ إن مستوى تطور القوى المنتجة هو الذي يحدد قيادة الطبقة العاملة.

6- في التنظيم الذاتي للبروليتاريا يجب أن يتمتع العمال بأغلبية مطلقة.

ها هم الذين يسمون بـ “الماويين” (!)، يدافعون عن الماركسية-اللينينية وخط ماو تسي تونغ، وكذلك “المسار غير الرأسمالي” تحت تسمية الحركة القومية الديمقراطية. وكما يُرى، فإن “الماوية” في الانتهازية الجديدة هي مجرد ألفاظ، في الواقع هذه الانتهازية لا علاقة لها بالماوية. إذا كانت هناك “ماوية”، فإنها تكمن في التقييم الصحيح للإمكانات الثورية للفلاحين. لكن هذه الانتهازية ليست في الأساس سوى تعميق لخط الانتهازي اليميني تشن تو هسيو، الذي يقلل من شأن الإمكانات الثورية للفلاحين!

ها هي الماركسية-اللينينية وفكر ماو تسي تونغ وأيضاً خط مجمع “الماويين” للانتهازية الجديدة! وإذا كانت الأحزاب “الماركسية” اليمينية الانتهازية والاستسلامية والخائنة التي تدافع عن الأطروحة الاستراتيجية للثورة القومية الديمقراطية في أمريكا-اللاتينية هي أحزاب “ماوية”، فإن الفصيل الانتهازي الجديد هو “ماوي” بنفس القدر! لا يمكن أن تكون هناك إهانة أكبر للثوري البروليتاري العظيم ماو تسي تونغ وأفكاره في اتجاه اللينينية، من أن يحاول مثل هذا الفصيل الاستسلامي أن يضع أفكار ماو كعلامة على نفسه! لكن هذه طريقة كلاسيكية للغاية للتحريفية. التحريفية في الظاهر؛ تتبنى دائماً الخط الثوري البروليتاري. وتبدو ظاهرياً أنها تنتقد دائماً بأقسى طريقة جميع التحريفيين الذين تم تسجيل تحريفيتهم وخطوطهم. لكنها في الأساس تواصل نفس الخط التحريفي بكلمات ثورية أكثر ذكاءً. على سبيل المثال؛ كاوتسكي. كاوتسكي الذي وجه أقسى الانتقادات لتحريفية برنشتاين، لم يفعل شيئاً سوى العمل بشكل أساسي كدفاع ذكي عن التحريفية. لذلك يتعين على الانتهازية الجديدة أن تنتقد ظاهرياً التحريفية الحديثة وتعلن أن “المسار غير الرأسمالي” تحريفي!

ثورة الثقافة البروليتارية

“ما إذا كانت الرأسمالية أو الاشتراكية ستنتصر؛ سيستغرق حقبة تاريخية كاملة نتيجة صراع طويل ومتعرج”.

نرى هذا الاقتراح الهام لماو في ماركس، وخاصة في لينين. يقول ماركس في كتابه “نقد برنامج غوتا” إن الانتقال من الرأسمالية إلى المجتمع اللاطبقي ممكن فقط في ظل دكتاتورية البروليتاريا. من ناحية أخرى؛ يقول لينين بوضوح هذه الضرورة: “يمثل الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية حقبة تاريخية كاملة. حتى ينتهي هذا العصر، فإن المستغلين يعتزون حتماً بأمل التصحيح ويتحول هذا الأمل إلى محاولات تصحيح (…) البرجوازية التي زادت مقاومتها عشرة أضعاف بسبب الإطاحة بها (حتى في بلد واحد)، والتي لا تستند قوتها فقط على قوة رأس المال الدولي، ولكن أيضاً على قوة العادة، على قوة الإنتاج الصغير. لأنه للأسف لا يزال الإنتاج الصغير شائعاً جداً في العالم، ويشكل الإنتاج الصغير نفسه يوماً بعد يوم، ساعة بعد ساعة، بشكل عفوي وجماهيري إلى حد كبير دون توقف”. (من تقرير لين بياو في المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني)

بناء على اقتراحات ماركس وخاصة لينين، قام ماو تسي تونغ بثورة اشتراكية في إحدى البلدان؛

1) طالما الإمبريالية موجودة في العالم،

2) طالما أن هناك ملكية جماعية، حيث يستمر الإنتاج الصغير الذي يمكن اعتباره “ملكية فلاحية” في جوهره، (الملكية الاشتراكية في المجتمع الاشتراكي معروفة في شكل ملكية جماعية وعامة)،

3) مشيراً إلى أنه من الممكن دائماً تصحيح الرأسمالية بعد الثورة الاشتراكية بتأثير بقايا وعادات المجتمعات الطبقية التي يبلغ عمرها ألف عام، طرح شعار “ثورة الثقافة البروليتارية” بالقول إن الصراع الطبقي سيستمر في ظل دكتاتورية البروليتاريا، وبالتالي فإن الثورة السياسية في المجال الأيديولوجي والثقافي في البنية الفوقية، ضرورية. وعلى حد تعبير ليو شاوتشي: “إن مسألة ما إذا كانت الرأسمالية أو الاشتراكية ستنتصر، قد حُسِمَتْ الآن. مع تطور الاقتصاد الاشتراكي، طالما تطورت القوى المنتجة، لا يمكن أن يكون هناك عودة إلى الوراء”، على النقيض من أطروحته التحريفية هذه، صاغ أطروحته الشهيرة للثورة السياسية في المجال الأيديولوجي والثقافي في البنية الفوقية القائلة بأنه في المجتمع الاشتراكي من المستحيل التنبؤ بمن سيفوز حتى النصر النهائي “ليس من الواضح ما إذا كانت الاشتراكية أو الرأسمالية ستنتصر”، (لا تنتقد هذه الأطروحة ليو شاوتشي فحسب، بل تنتقد أيضاً تحريفية خروتشوف الذي يقول إن الصراع الطبقي في السوفييتات قد انتهى الآن، وأن الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي أصبح بالتالي حزب الشعب بأسره، وليس فقط البروليتاريا).

هذه هي المساهمة العظيمة الثانية لماو في خزينة الماركسية-اللينينية.

كما هو معروف في الثورات البرجوازية؛ جعلت البرجوازية أيديولوجيتها مهيمنة بمجرد قيامها بالثورة. “سجلت البرجوازية المنتصرة حق البرجوازية في الملكية في إعلانها لحقوق الإنسان، وأنشأت مجالس برلمانية برجوازية، وجعلت أخلاقها متفوقة، وخلقت تعليماً جديداً طردت من خلاله فلسفة العصور الوسطى”. في البداية قاومت الأيديولوجيات الإقطاعية لفترة من الوقت ولم تفقد نفوذها على الفور.

ولكن مع تطور التناقضات الموضوعية ومع تطور قوى إنتاجية جديدة، فقدت فعاليتها وأصبحت العودة إلى الماضي مستحيلة على نحو متزايد. في المجتمع الاشتراكي لا يوجد تناقض موضوعي بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج. إن الطابع الاجتماعي للإنتاج والملكية الاشتراكية في تطابق تام. إنها لا تشكل عقبة أمام تطور القوى المنتجة، بل على العكس من ذلك، تطورها.

لماذا يمكن تصحيح الرأسمالية في مجتمع اشتراكي عندما لا يوجد تناقض موضوعي يمنع تطور القوى المنتجة، ولكن لماذا لا يتم تصحيح الإقطاع في المجتمع الرأسمالي على سبيل المثال؟ فلنوضح:

1) أولاً؛ ظهرت الرأسمالية (الرأسمالية الصناعية) والاشتراكية بعد الثورة الصناعية وهما نتاج التكنولوجيا المتقدمة. إنها الأنظمة الاجتماعية لعصر الآلة. بهذا المعنى؛ مع تطور القوى المنتجة ومع هيمنة التكنولوجيا على الاقتصاد، تتراجع البقايا الإقطاعية والأيديولوجيات تدريجياً وتفسح المجال لأيديولوجية النظام الجديد “النظام الرأسمالي”. من المستحيل الآن العودة إلى الوراء.

2) ما يهم حقاً هو لماذا يتعلق الأمر بخصائص كلتا الثورتين. في جميع الأنظمة إلى حد المجتمع الاشتراكي؛ أدى الصراع الطبقي إلى استبدال طبقة مستغلة بأخرى. في الأساس لم تتغير الملكية الخاصة في وسائل الإنتاج، بل فقط تغير الشكل والمهيمن. ثانياً في جميع الثورات إلى حد الثورة الاشتراكية، كان الاستيلاء على السلطة هو المشكلة الوحيدة. على سبيل المثال تطور الاقتصاد البرجوازي وازدهر في حضن الإقطاع.

عندما نضج النظام الاقتصادي البرجوازي بشكل أو بآخر، حدثت ثورة. لذلك كانت المهمة الرئيسية للثورة البرجوازية هي الاستيلاء على السلطة وتوحيدها مع الاقتصاد البرجوازي القائم. علماً في الثورة الاشتراكية، إن الاستيلاء على السلطة ليس سوى البداية. وتتمثل مهمتها في تنفيذ الإنتاج على نطاق واسع وخلق اقتصاد اشتراكي وتغيير “طبيعة” الإنسان الذي تعرض حتى الآن لـ “اغتراب” في المجتمعات الطبقية. لذلك؛ إن الثورة الاشتراكية لا تنتهي فقط في تغيير شكل الملكية، وفي خلق الاقتصاد الاشتراكي فقط. يجب أن تستمر كثورة سياسية في البنية الفوقية حتى اختفاء البروليتاريا كطبقة. إذا تم إهمال ذلك أو تجاهله، أي إذا لم يتم تنفيذ الصراع الأيديولوجي والثقافي جنباً إلى جنب مع تطور القوى المنتجة، فسيتم تصحيح الرأسمالية.

كما يُرى؛ فإن الأطروحة القائلة بأنه “مع تطور القوى المنتجة، ستفسح الأيديولوجية القديمة المجال للأيديولوجية الجديدة ولن يكون هناك عودة إلى الوراء”، وهي تحليل ديالكتيكي ماركسي صحيح للأنظمة الاجتماعية ما قبل الاشتراكية، تصبح أطروحة تحريفية بسبب الاختلاف في النوعية بين المجتمع الاشتراكي ونظامه وبين الثورة والنظام ما قبل الاشتراكي عندما يشمل المجتمع الاشتراكي!

ينتقد أحد المتحدثين باسم الانتهازية الجديدة عبارة “يجب أن تتراجع الأيديولوجية التي كانت نتاج نظام الإنتاج السابق إلى الحد الذي تتطور فيه التناقضات الموضوعية، فيصبح من المستحيل العودة إلى الماضي” في مقال “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية ” بالقول: “من الممكن كتابة صفحات وصفحات عن الرائحة الحادة للتحريفية الحديثة في هذه السطور. تعارض الاشتراكية العلمية الأطروحة القائلة بأنه لا يوجد طريق للعودة. إن الأطروحة القائلة بأنه مع تطور القوى المنتجة، إن الأيديولوجية القديمة ستفسح المجال تلقائياً للجديد هي الخط المضاد-للثورة لـ ليو شاو شي ولتحريفية خروتشوف”. (ش. ألباي، PDA “أيدينليك البروليتارية الثورية”، العدد: 17، ص: 375، الخط المائل عائد لنا)

هذا هو جهل انتهازي برجوازي-صغير يبحث عن عجل تحت ثور بينما هو يبقى تحت الثور! وكما أشار لينين؛ من المستحيل أن نجد على الأرض متحذلقاً ومغروراً وجاهلاً مثل هذا الفساد الفكري البرجوازي الصغير. وفق رأي هذا السيد الانتهازي؛

1) إما أن يكون هناك تناقض موضوعي في المجتمع الاشتراكي بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج (هذا التناقض الموضوعي لا يوجد في المجتمع الاشتراكي، بل في ذهن هذا السيد الانتهازي!)؛

2) أو أن الأطروحة القائلة بأن “التراجع ممكن” لا تنطبق فقط على النظام الاشتراكي، بل أيضاً على مجتمعات ما قبل الاشتراكية. بعبارة أخرى هناك ماو تسي تونغ قاتل المادية التاريخية في ذهن هذا السيد (!)

الشروط الموضوعية هي العامل الأساسي

معنى وأهمية الشروط الموضوعية:

في مقال “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية “، تناولنا في أربعة فصول منفصلة الاقتراح القائل بأنه “لا توجد شروط موضوعية لهيمنة البروليتاريا التركية في الثورة”. (بما أن المسألة مهمة للغاية)

وخلافاً لادعاءات الانتهازية الجديدة، فإن هذه المسألة في غاية الأهمية. المسألة ليست مسألة تكتيكات من الدرجة الثانية، بل مسألة قوة وإمكانات حركتنا الثورية البروليتارية. وهي العامل الأساسي في تحديد خط عملنا الأيديولوجي والسياسي. هي العامل الرئيسي الذي سيحدد شكل سياستنا وطبيعة شعاراتنا التكتيكية حول الجبهة القومية. لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد الادعاء بأن مناقشة هذه المسألة الحاسمة التي تحدد الخط الرئيسي لحركتنا الثورية، هي ثرثرة فكرية. إنه لأمر مضحك ومثير للسخرية تماماً أن تقول هذه النكهات الفكرية البرجوازية-الصغيرة الفاسدة، التي تحاول البحث عن رائحة “التحريفية” بتشجيع من الجهل من خلال طرح مشاكل البلدان التي قامت بالثورة الاشتراكية على منصة المناقشة! التي لها أهمية ثانوية بالنسبة لماركسيي بلدان مثل بلدنا والتي هي في مرحلة الثورة القومية الديمقراطية.

من الطبيعي جداً أن انتهازيي البرجوازية-الصغيرة هؤلاء يريدون التستر على هذا النقاش الجوهري. لأن وجود أو عدم وجود شروط موضوعية للطليعة هو اليوم أضمن مقياس للثورة البروليتارية. من بين هؤلاء السادة الانتهازيين الذين يحاولون التنكر تحت عبارات ماركسية، فإن هذا النقاش هو نوع من الحمض. مثلما يظهر اللون الحقيقي لورقة عباد الشمس عند تمريرها بالحمض، يظهر لونهم الوردي على الفور في مناقشة الشروط الموضوعية. بغض النظر مراوغات وذبذبات هؤلاء السادة، فإنهم يُطوَّقون ويُحاصَرون على الفور في مناقشة الشروط الموضوعية!

دعونا نكشف مرة أخرى عن معنى العبارة “لا توجد شروط موضوعية لهيمنة البروليتاريا التركية في الثورة”. المعنى واضح؛ “إن المستوى الحالي للتنمية الاقتصادية في تركيا لا يسمح للبروليتاريا بأن تكون رائدة في النضال من أجل الاستقلال القومي”. في هذه الفترة لا يمكن للبروليتاريا أن تناضل من أجل السلطة. إنها إذاً القوة الاحتياطية للبرجوازية-الصغيرة، أي أن “المرحلة التي نحن فيها ليست مرحلة الثورة القومية الديمقراطية، بل مرحلة الصراع من أجل السلطة التي تخوضها البرجوازية-الصغيرة ضد الإمبريالية، فترة الحركة القومية الديمقراطية”.

إن اللآلئ “البرجوازية-الصغيرة الراديكالية هي القائد في هذه الفترة”، “لذلك من واجبنا دعمها”، “سياسة جبهتنا القومية هي سياسة الصداقة-الدعم-النقد في هذه المرحلة”، “لا يمكن تأسيس التنظيم الذاتي للبروليتاريا في هذه المرحلة”، “حزبنا هو الجبهة القومية” تنبثق دائماً من المحور الرئيسي “لا توجد شروط موضوعية لهيمنة البروليتاريا التركية في الثورة”. إن انعكاس ذلك على خطنا السياسي والعملي وكذلك على الشعارات التكتيكية تم توضيحها من قبل الرفيق يوسف كوبلي، الرئيس السابق لاتحاد الأندية الفكرية: “… في معظم الأعمال المشتركة لاتحاد الأندية الفكرية مع البرجوازية-الصغيرة الحضرية، قام أعضاء هذه الزمرة (في إشارة إلى الانتهازية الجديدة – ماهير جايان) بتقديم نصائح دعهم يهتفون بالشعارات، وأنتم تسيرون وراءهم… الخ… خلال مسيرة مصطفى كمال، دعموا قدري كابلان الذي طرح فقط بعض الشعارات المجردة ضد السلطة السياسية دون المساس بأمريكا، وحاولوا أن ينصحوا المناضلين بأنه إذا فعلنا ذلك في الوقت الحالي، فلن يكون هناك ضرر وأننا سنذهب خطوة بخطوة ونصرخ بشعارات ضد أمريكا في المستقبل. نصحونا بالسير بهدوء وراء ممثلي البرجوازية-الصغيرة في مسيرة المحكمة العليا”. (إلى الأمام ، الخط المائل عائد لنا- ماهير جايان)

كما يُرى؛ فإن الطريقة التي يطرح بها هذا السؤال تمثل سور الصين بين الخط الثوري البروليتاري والانتهازية الجديدة التي هي صدى الإصلاحية البرجوازية-الصغيرة في صفوفنا. وبطبيعة الحال ينبغي معالجة هذه المشكلة الهامة بتناولها باستمرار. في الواقع لقد تم تناولها. الثوري البروليتاري هو الذي بين سَلَطات الكلمات المزينة بالكثير من الكلمات الماركسية-اللينينية، يجد الاقتراح الانتهازي الأساسي القادر على تشويه الخط وتحريفه، وهو يفضحه ويدحضه. هذا هو الموقف الثوري!

وجود شروط موضوعية للهيمنة أمر لا جدال فيه!

في المرحلة الإمبريالية لا يمكن الجدال في الشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا. لقد وضعت اللينينية هذا النقاش في مزبلة التاريخ إلى جانب نظرية كاوتسكي عن القوى المنتجة. حتى التحريفية الحديثة التي تقترح “المسار غير الرأسمالي” كمسار ثوري للبلدان المتخلفة، لا تعارض هذا المبدأ الأساسي لللينينية، على الأقل في المظهر. لأن معارضة هذا المبدأ الأساسي هو إعلان نفسه تحريفياً منذ البداية. لكن أساليب التحريفية أكثر دهاءً وذكاءً (بما أنها تعلن الثورات البروليتارية في البلدان المستعمرة، ثورات من الدرجة الثانية على أساس أنها لا تستند إلى البروليتاريا الصناعية، فمن غير المهم بالنسبة لهم أن دولة الديمقراطية القومية قد تأسست تحت قيادة راديكاليي البرجوازية-الصغيرة أو الثوريين البروليتاريين) الانتهازية الجديدة في بلادنا؛ لأنها لم تكن رقيقة ورشيقة وبما أن نظرية القوى المنتجة لكاوتسكي رفعتها اللينينية إلى متحف الأممية الثانية، فحاولت خلق أنه “من المستحيل على الطبقة العاملة أن تناضل من أجل السلطة في هذه المرحلة. لأن مستوى تطور القوى المنتجة غير كاف”. وهكذا تم الكشف عن طابعها في البداية.

كما هو معروف؛ كسرت الرأسمالية المحتضرة الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وحولت الاقتصادات القومية الخاصة إلى حلقات سلسلة تسمى الاقتصاد العالمي. لذلك؛ أصبح الآن مبدأ  لا جدال فيه في وجود الشروط الموضوعية للثورات البروليتارية للبلدان الرأسمالية، وهيمنة البروليتاريا في الثورات الديمقراطية للبلدان شبه-المستعمرة والمستعمرة. لقد اختفى الآن تدقيق مستوى القوى المنتجة في كل بلد على حدة، والذي يجد تعبيراً عنه في نظرية كاوتسكي عن القوى المنتجة. الآن في كل بلد وبغض النظر عن مستوى القوى المنتجة، هناك شروط موضوعية لهيمنة البروليتاريا في الثورة. في ضوء هذا المبدأ الأساسي لللينينية، قلنا ونقول إن “الشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا التركية في الثورة، ناضجة”.

في مسائل اللينينية؛ يوضح ستالين أن هيمنة البروليتاريا في البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة لا يمكن مناقشتها موضوعياً، مما لا يترك مجالاً للجدل: “المسألة القومية هي جزء من المسألة العامة للثورة البروليتارية… لقد اكتمل العصر الذي يمكن فيه استغلال المستعمرات والبلدان التابعة وقمعها إلى أقصى حد”.

“لقد حان عصر ثورات التحرير في المستعمرات والبلدان التابعة، عصر صحوة البروليتاريا في هذه البلدان وعصر هيمنتها الثورية“. (25)

إن الانتهازية الجديدة التي ترى أن طابعها يتم التعرف عليه بسرعة كبيرة من قبل الجماهير الثورية، تحاول إنقاذ الظواهر من خلال خلق خلط في المفاهيم. فلنوضح؛ يدعي متحدث باسم الانتهازية الجديدة أن “الشروط الموضوعية للثورة والشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا” مفهومان مختلفان، وأن “الشروط الموضوعية للأزمة الثورية والثورة” هي نفس المفاهيم. (انظر شاهين ألباي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العد: 17، ص: 377)

إن الشروط الموضوعية للثورة والشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا ليست مفهومين منفصلين، بل تعبيران عن نفس الحقيقة المستخدمة بنفس المعنى. وبما أن البروليتاريا هي قاطرة التاريخ في المرحلة الإمبريالية، فهي وحدها القادرة على قيادة جميع ثورات هذه الفترة إلى النصر، بغض النظر عن طبيعتها. هذا هو السبب في أن الشروط الموضوعية للثورة (الثورة القومية الديمقراطية) والشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا ليست هي نفسها. إن القول بأن هذه مفاهيم منفصلة ذات معاني مختلفة يعني أن أي ثورة في المرحلة الإمبريالية يمكن أن تقوم بها طبقة أخرى خارج البروليتاريا، وهو ما يتعارض مع اللينينية! الشروط الموضوعية للثورة والوضع الثوري (الأزمة الثورية) مفاهيم تختلف معانيها. الأزمة الثورية كما أوضحنا في “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية”، هي شرارة؛ على حد تعبير لينين، إنها لحظة وجيزة في النضال الثوري. حتى لو كانت الشروط الذاتية للبروليتاريا ناضجة جنباً إلى جنب مع الشروط الموضوعية للطليعة القائمة للبروليتاريا، فلا يمكن أن تكون هناك ثورة إن لم تكن هناك أزمة ثورية. لذلك هذا هو الشرط المسبق لحدوث ثورة. (في مقالتنا “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية “، سميناها الشرط الموضوعي للثورة حتى لا تختلط مع الشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا، وأشرنا بين قوسين إلى ما نستخدمه).

إن مفهوم الأزمة الثورية كما أشار لينين، لا ينطبق فقط على الثورات البروليتارية أو ثورات القرن العشرين، بل على جميع الثورات في التاريخ (على سبيل المثال الثورة الفرنسية). والأزمة الثورية لا تعتمد في المقام الأول على مستوى التنمية الاقتصادية للبلاد. علاوة على ذلك؛ لا تؤدي كل أزمة ثورية إلى ثورة. في الوقت نفسه يجب أن تكون الشروط الذاتية ناضجة. للتلخيص بإيجاز؛ من أجل حدوث ثورة في أي بلد من بلدان العالم:

1) يجب أن يكون مستوى التطور الاقتصادي للبلد كافياً. (يجب أن تكون الشروط الموضوعية للثورة ناضجة)

2) يجب أن يكون مستوى وعي البروليتاريا وتنظيمها كافياً.

3) يجب أن تكون هناك أيضاً أزمة عامة على نطاق واسع في البلد .

كما هو معروف؛ فإن الشرط الأول موجود في كل بلد في المرحلة الإمبريالية. لذلك؛ فإن العاملين الثاني والثالث هما اللذان يحددان ما إذا كانت الطبقة العاملة ستصل إلى السلطة في بلد ما.

المرحلة التي يوجد فيها هذين العنصرين تسمى مرحلة الثورة. يسمي ح. كفيلجملي هذه المرحلة بمرحلة الثورة. كيفيلجملي: “… التنمية الاجتماعية تحدث في مرحلتين. 1) مرحلة التطور 2) مرحلة الثورة. تستغرق مرحلة التطور في المجتمع الطبقي وقتاً طويلاً. السلطة الطبقية الاجتماعية في إطار علاقات إنتاج محددة، توفق وتراكم التناقضات. عندما يصل التراكم إلى حده النهائي، يتشقق إطار علاقات الإنتاج. تبدأ مرحلة الثورة التي تستمر لفترة قصيرة. السلطة خلال هذه الاضطرابات؛ تنتقل من طبقة اجتماعية إلى أخرى. الثورة الاجتماعية الحقيقية تكتمل بالثورة السياسية” ويقول إن المرحلة التي نحن فيها هي مرحلة التطور. في الواقع إن المرحلة التي لا تملك فيها البروليتاريا تنظيماً ذاتياً ولا تظهر فيها الكوادر المناضلة الثورية من العمال والفلاحين هي مرحلة التطور. هذه هي السمة المميزة للفترة التي نحن فيها. لغة الثوريين البروليتاريين في هذه المرحلة هي الألمانية؛ حتى لو كان هناك وضع ثوري، فإن الخطاب الألماني لن يتغير. فقط بعد تأسيس التنظيم الذاتي للبروليتاريا وإحراز تقدم معين في رفع وعي الجماهير، يمكن أن تكون لغة الثوريين البروليتاريين فرنسية في أي فترة من الأزمات الثورية. (كما هو معروف؛ في الأدب الماركسي يتم استخدام الألمانية بمعنى التراجع والتنظيم والتوعية، وفي الفرنسية بمعنى الهجوم)

بالطبع؛ في عالم ينقلب فيه كل شيء رأساً على عقب باستمرار، لا يمكننا سرد كل هذه المراحل بطريقة ميكانيكية. ولكن يمكن القول على وجه اليقين؛ على أي حال لا يمكن للمرء أن يتكلم الفرنسية أو أن يكون في مرحلة الثورة دون تراكم ذاتي معين! (26)

يحاول هذا الناطق الأيامي باسم الانتهازية الجديدة إثبات اقتراحه الانتهازي باللجوء إلى الطريقة الكلاسيكية التي أشار إليها جميع الانتهازيين في عصرنا، أي بالإشارة إلى لينين. وكما كتب لينين في كتابه “تكتيكان” أن “مستوى التطور الاقتصادي الذي حققته روسيا، ودرجة الوعي والتنظيم التي وصلت إليها جماهير البروليتاريا العريضة… يجعل تحرر الطبقة العاملة بشكل كامل في الوقت الراهن مستحيلاً” ويحاول تأكيد الأطروحة المناهضة-لللينينية القائلة بأن “الشروط الموضوعية والذاتية لقيادة البروليتاريا في الثورة لم تنضج تماماً”. (انظر ش. أالباي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 17، ص: 373) كما هو معروف؛ عندما قال لينين إن “مستوى التنمية الاقتصادية لروسيا غير كافٍ للثورة”، فكان يعني الثورة الاشتراكية وليس الثورة الديمقراطية. في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية، إنّ المبدأ اللينيني “الشروط الموضوعية للثورة موجودة في جميع أنحاء العالم” يعني بأن “الشروط الموضوعية موجودة” ليس للثورة الاشتراكية في البلدان التي لم تقم بـ الثورة البرجوازية مثل روسيا في عام 1905، بل للثورة الديمقراطية. ويتحدث لينين عن ذلك في معارضة بارفوس وتروتسكي، اللذان اقترحا التأسيس الفوري لحكومة عمالية على المرحلة الديمقراطية البرجوازية. كما يُرى؛ يحاول كاتب ” أيدينليك البروليتارية الثورية” إنقاذ الظواهري من خلال الطريقة المعروفة التي تستخدمها جميع أنواع الانتهازية، أي من خلال اقتباساته دون مراعاة مفاهيم المكان والزمان.

ومن الغريب والمضحك أن من بين هذه الاقتباسات العرضية التي قدمتها طريقة الانتهازية المعروفة الاقتباس التالي من مجلة بكين الذي يدحض أطروحته المنشفية، “ليس المستوى الذي وصلت إليه القوى المنتجة هو الذي يحدد ما إذا كانت الطبقة العاملة قادرة على الوصول إلى السلطة أم لا. يتم تحديد ذلك موضوعياً من خلال ما إذا كان الوضع الثوري موجوداً، وذاتياً، ما إذا كان هناك حزب ثوري مجهز بالاشتراكية العلمية يقود الجماهير الثورية العريضة في صراع شجاع من أجل السلطة السياسية”. مع مقال الكاتب الذي ينص على أن “القوى المنتجة يجب أن تتطور من أجل أن تنضج الشروط الموضوعية لقيادة البروليتاريا التركية في الثورة” (انظر أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد18 ، ص 381 ، المائل عائد لنا- ماهير جايان) كما يُرى؛ وخلافاً لادعاء الانتهازية الجديدة، ليس مستوى التطور الاقتصادي لذلك البلد هو الذي يحدد هيمنة الطبقة العاملة في الثورة كما قلنا. لأن الشروط الموضوعية لهيمنتها موجودة في جميع البلدان في الفترة الإمبريالية. العوامل الحاسمة هي ماهية الدرجة التي أصبحت بها جماهير العمال والفلاحين الفقراء واعية ومنظمة، وما إذا كانت هناك أزمة أم لا.

هذه هي الطريقة التي تتخيل بها الانتهازية أنها يمكن أن تلتف على نفسها من خلال خلق ارتباك في المعنى والمفاهيم مع عمليات نقل تدحض الذات. طبعاً؛ هو فقط يعتقد ذلك!

انظر أيضاً ماذا يقول الكاتب نفسه: ” لم نطرح شروطاً مثل وصول الرأسمالية إلى مستوى متقدم من التطور والبروليتاريا تشكل الأغلبية، لم نقلها في أي مكان كشرط موضوعي ( يقصد الشروط- ماهير جايان) لقيادة البروليتاريا. أولئك الذين يحاولون إيجاد أساس لاتهاماتهم بمبادئ اللينينية يتعرضون للسخرية حقاً”. (ش. ألباي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 17، ص: 379)

حتى لو خرج كاوتسكي من القبر؛ لن يقول هذه الأشياء عن بلد شبه-مستعمر مثل تركيا في هذه الفترة من العالم، مثل كاتب أيدينليك البروليتارية الثورية الإلهي. (كان كاوتسكي والمناشفة يقولون هذا عن الثورة الاشتراكية في أزمة الإمبريالية الأولى ونجاح الاشتراكية في ذلك البلد). إن قول الشيء نفسه في بلد شبه-مستعمر-وشبه إقطاعي مثل تركيا في الأزمة العامة الثالثة للإمبريالية هو انتحار سياسي. حتى الأغبياء لا يطرحون هذه الأطروحة بهذا الشكل! نعم؛ أنتم لم تقولون ذلك. أنتم تقولون فقط إن “درجة التطور الاقتصادي لتركيا ليست كافية لهيمنة البروليتاريا في الثورة القومية الديمقراطية”، “فإن الطليعة هي راديكاليي البرجوازية-الصغيرة بسبب عدم ملاءمة المستوى الحالي للقوى المنتجة في هذه الفترة”. أنتم لا تقترحون نفس نظرية كاوتسكي عن القوى المنتجة. أنتم تطبق هذه النظرية فقط على الممارسة الملموسة لبلد شبه-مستعمر وشبه-إقطاعي. كل شي بهذا القدر!

هذه هي انتهازية الأممية الثانية المنبعثة التي قصدناها في مقالتنا الأخيرة. المنشفية هي هذا! (27)

من الممكن رؤية هذه المنشفية في كل جزء من مقال هذا الكاتب. دعنا نعطي بعض الأمثلة المسلية. منتقداً مقال “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية”، انظروا ماذا يقول: “بعد أن ذكر بإيجاز شديد في جزء واحد من المقال أنه من الانتهازية القول بأن الشروط الذاتية لقيادة الطبقة العاملة في الثورة غير موجودة، وأن الطبقة العاملة في هذا الصدد هي اليوم قائد الثورة (يجب أن تكون فعلية – ماهير جايان)، يتحدث المقال بأكمله عن القيادة المحتملة، وعن مدى نضج الشروط الموضوعية”. (ش. ألباي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 17، ص: 374 ، الخط المائل عائد لنا)

وكما يُرى من التصريح بأن “الشروط الموضوعية لقيادة الطبقة العاملة في الثورة ناضجة”، قال هذا السيد: “إن مستوى القوى المنتجة في تركيا مرتفع جداً، والإنتاج الصناعي على نطاق واسع هو المهيمن في تركيا؛ إن روابط العمال مع الفلاحين والملكية الخاصة قد قُطِعت إلى حد كبير، إلخ. إنه يدرك كل هذه الأمور. إن المنشفية متجذرة بعمق في هذا الكاتب لدرجة أننا “لم نكتب لأول مرة عن ضعف وهزل الطبقة العاملة، وأيضاً عن مسألة وجود روابط العمال مع الفلاحين (كما لو كان هذا يتم انتقاده)، ويُظهِر م. بيللي حالة الطبقة العاملة أسوأ بكثير مما أظهرناه”. بأقواله هذه لم يدرك ما هو النقد الموجه إليه. (28) لم يفهم العقل المنشفي هذا أبداً: أن الطبقة العاملة في بلد ما ضعيفة وهزيلة، وأن تكون هناك للغالبية العظمى من العمال صلات بالفلاحين شيء، وأن تكون للشروط الموضوعية لهيمنة الطبقة العاملة في الثورة شيء آخر!

دعنا نصل إلى الجزء الأكثر تسلية.  يقول كاتب أيدينليك “البروليتارية الثورية” هذا؛ ” أن الشروط الموضوعية تسبق الشروط الذاتية، صحيح. من وجهة النظر هذه، يمكن القول إن الشروط الموضوعية التي تؤخر الوعي والتنظيم مهمة في شرح الماضي، ولكن اليوم هناك شروط موضوعية للقيادة. ( ش. ألباي، أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد: 17، ص: 373، الخط الغامق عائد لنا- ماهير جايان) ولكن انظروا إلى ما يقوله الكاتب نفسه في العدد 12 من أيدينليك “إن قيادة البروليتاريا ليست شيئاً يعتمد على النوايا والرغبات الذاتية للأفراد. الشخص الذي يستبدل نواياه ورغباته بشروط وحقائق ملموسة هو مثالي وليس ثوري. تنطلق الثورة من تحليل ملموس للحالات الملموسة… إن البروليتاريا في تركيا اليوم لا تمتلك بالكامل الشروط الموضوعية والذاتية لكي تقود الثورة. الشروط الموضوعية التي يجب أن تتوفر لدى البروليتاريا من أجل الحصول على قيادة في الثورة هي كما يلي: أولاً يجب أن توجد البروليتاريا كطبقة، أي ككتلة من البروليتاريين الذين ليس لديهم ما يبيعونه سوى قوة عملهم. يجب أن تتركز بشكل أساسي في المجال الصناعي حيث يتم تنفيذ الإنتاج الرأسمالي على نطاق واسع. عندها فقط ستكون قادرة على الحصول على الشروط اللازمة للتنظيم والانضباط. يجب قطع كل اتصال مع الفلاحين، مع الملكية الخاصة، تماماً. أما اليوم؛ فإن البروليتاريا في تركيا هي في معظمها شبه-بروليتارية”. (حول نظام تركيا، أيدينليك، العدد: 12، ص: 464)

الكاتب المنشفي هذا؛ الذي يفهم نضج الشروط الموضوعية في بياننا “إن الشروط الموضوعية لهيمنة البروليتاريا في الثورة ناضجة في تركيا” على أنها “مستوى تطور القوى المنتجة مرتفع جداً”، يتخلى عن اقتراحاته في العدد 12 من أيدينليك ويقول إن “هذا الوضع قد يكون من الماضي” وأن “الشروط الموضوعية للطليعة” يمكن طرحها للريادة الآن. لذلك في هذا الموضوع وفقاً للسيد المنشفي هذا؛ يمكن التوفيق بينها! وفقاً للكاتب المنشفي هذه؛ عملت تركيا العجائب في 4-5 أشهر؛ تحت سلطة: الإمبريالية الأمريكية + البرجوازية العميلة + الإقطاعية المستبدة، اتخذت تركيا خطوة عملاقة في هذه الفترة القصيرة جداً من الزمن لم يسبق لها مثيل في العالم، تم الاستبدال على نطاق واسع من إنتاج ضيق النطاق إلى إنتاج واسع النطاق، وتم فصل الطبقة العاملة إلى حد كبير عن الفلاحين، والآن لدى البروليتاريا الشروط الموضوعية لريادة الثورة (!).

هذا هو السبب في أن الانتهازية تتحول بسرعة من اليمين إلى اليسار، وتلتف مثل الثعبان بين الأطروحات المتناقضة! حتى انتهازية أماك التي تقول إن “مستوى التنمية الاقتصادية في تركيا جاهز للثورة الاشتراكية”، لا تقيم تركيا بهذه الطريقة. هذا التقييم هو تقييم خاطئ مبالغ فيه، يتجاوز حتى التقييم المبالغ فيه والخاطئ لانتهازية أماك. (في الواقع كان أساس هذا التغيير الذي حدث في غضون خمسة أشهر، يكمن في حقيقة أن ك. بوراتاف الخبير الكبير لانتهازية أماك حول “علاقات الإنتاج”؛ أصبح إيديولوكاً للانتهازية الجديدة في الأشهر الـ 5 الماضية!) (!)

نحن; نقول إن البروليتاريا في تركيا ضعيفة وهزيلة مقارنة بالطبقات العاملة في البلدان الرأسمالية، وإن طبقتنا العاملة لها علاقات مع الفلاحين. ونحن نعارض كل وجهات النظر الانتهازية التي تحاول المبالغة في تقدير قوة الطبقة العاملة!

1) خلق التباس المفهوم

2) كل من يجرؤ على تحريف لينين

3) أولئك الذين يحاولون إنقاذ الموقف من خلال طرح أطروحات تدحض بعضها البعض وعمل مونتاج تحريف

4) انظروا إلى ما يقوله لينين عن طبيعة هذا السيد وغيره من أمثاله، الذين يقولون بفهم انتقائي إنه “ممكن” لكلا الرأيين المتعارضين تماماً: “إن الانتهازي بطبيعته سيمتنع دائماً عن تبني موقف واضح وحازم، وسيسعى دائماً إلى الطريق الوسط، وسوف يتلوى دائماً مثل الثعبان بين وجهتي نظر متعارضتين، وسيحاول الاتحاد مع كلا الرأيين، والحد من الاختلافات في الرأي من خلال تغييرات صغيرة، والشكوك، والمشورة البريئة والمحترمة”. (خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء)

الوعي السياسي الاشتراكي والنضال السياسي البروليتاري الثوري

إن رفع مستوى وعي وتنظيم الجماهير هو أحد أهم مهام الثوريين البروليتاريين. مهما كانت المرحلة التي نحن فيها، فإن مهمتنا الرئيسية هي رفع هذا الوعي العفوي للطبقة العاملة التي يمكن أن يكون لها أكبر وعي نقابي بمفردها، إلى مستوى الوعي السياسي الاشتراكي. إن ميدان عمل الثوريين البروليتاريين من أجل جلب الوعي السياسي الاشتراكي إلى الطبقة العاملة، ليس فقط الطبقة العاملة، بل مجال جميع الطبقات القومية. من خلال الانخراط في النضالات الاقتصادية للطبقة العاملة، وتنظيم جماهير العمال حول إطار هذا النضال من أجل الحقوق والمطالب الاقتصادية، ومحاولة استغلال هذه النضالات الاقتصادية بشعارات سياسية، من خلال الشروع في حملة لتوضيح مجموعة واسعة من الحقائق السياسية التي تجذب جميع الطبقات القومية، يجب علينا رفع الوعي العفوي الحالي لطبقتنا العاملة إلى مستوى الوعي السياسي الاشتراكي. سنجلب الوعي السياسي الاشتراكي للطبقة العاملة من خلال إظهار أصدقائها وأعدائها في هذه المرحلة، بالقول إن تحررها الكامل سيكون ممكناً من خلال الثورة الاشتراكية، لكن الطريق إلى الثورة الاشتراكية هو القومية الديمقراطية. (29) هذا هو إيصال الوعي السياسي الاشتراكي للطبقة العاملة!

في هذه المرحلة يعارض بعض الناس المبدأ اللينيني المتمثل في إيصال الوعي السياسي الاشتراكي إلى الطبقة العاملة والوعي القومي إلى الطبقات القومية الأخرى (أقصى وعي طبقي) لأنهم يعتقدون أن جلب الوعي السياسي الاشتراكي هو الصراخ “تركيا الاشتراكية”. إليكم ما يقوله المتحدثان باسم الانتهازية الجديدة حول هذا الموضوع: “… أثناء إيصال الوعي الاشتراكي للطبقة العاملة، من الضروري إيصال الوعي القومي إلى الطبقات القومية الأخرى… يقودنا مفهومها القاطع إلى الأفكار التي خلفتها انتهازية آرن، مثل أن الطبقة العاملة لا تناضل من أجل الاستقلال، بل تركيا الاشتراكية في المصانع، وتركيا المستقلة بين الطلاب. إن النضال ضد-الإمبريالية هو قبل كل شيء قضية الطبقة العاملة. إن تطور الحركات المناهضة-للإمبريالية وطرح الشعارات القومية يخدمان أكثر ما يخدم وعي الطبقة العاملة. وفي هذا الصدد؛ لا يمكن إيصال الوعي المنفصل إلى الطبقة العاملة والوعي المنفصل الآخر إلى الطبقات القومية الأخرى”. (غون زيلالي، أورال تشاليشلار، “الجبهة القومية هي سياستنا الأساسية “، اليسار التركي، العدد: 119، ص: 12)

لسوء الحظ أيها السادة؛ سنجلب للطبقة العاملة (بما في ذلك الفلاحون الفقراء) وعياً منفصلاً، أي وعياً سياسياً اشتراكياً، وللطبقات القومية الأخرى وعياً مختلفاً (وليس الوعي السياسي الاشتراكي)! الاشتراكية العلمية تأمرنا بأن نحمل للطبقة العاملة ليس الوعي التدريجي، بل الوعي السياسي الاشتراكي، بغض النظر عن المرحلة التي نحن فيها. هذا هو السبب في أننا نحن الاشتراكيين نوصل الوعي السياسي الاشتراكي للطبقة العاملة ونوضح بالقول ما هو الهدف الحقيقي وأن الثورة القومية الديمقراطية هي محطة ضرورية لتحقيق هذا الهدف، وأن حزبنا حزباً اشتراكياً. في هذه المرحلة؛ أنتم الذين لا ترون فرقاً بين البرجوازية القومية والبرجوازية-الصغيرة (وخاصة زمرة المثقفين العسكريين-المدنيين) وبين البروليتاريا وتدعون إلى إيصال نفس الوعي لكليهما، تظهرون نفس المنظمة من خلال تسمية كل من الطبقة العاملة والبرجوازية-الصغيرة والقومية بـ “حزبنا هو الجبهة القومية”! (30)

وهنا يكمن الفرق الصغير بيننا أي الفرق الضئيل (!) بين الاشتراكي الحقيقي والانتهازي البرجوازي-الصغير. هذا هو معنى مرحلة الحركة القومية الديمقراطية في الداخل؛ هذه هي المنشفية التي تريد تحويل البروليتاريا الثورية إلى قوة احتياطية لراديكاليي البرجوازية-الصغيرة! وكما يمكن أن نرى على الفور، فإن هذا المفهوم الانتهازي اليميني يفهم إيصال الوعي السياسي الاشتراكي للطبقة العاملة على أنه شعار “تركيا الاشتراكية”. إن ترديد شعار “تركيا الاشتراكية” في هذه المرحلة لا يعني إيصال الوعي السياسي الاشتراكي إلى الطبقة العاملة. على العكس من ذلك؛ فإن الخلط بين صديق وعدو الطبقة العاملة هو تحريف الهدف. باختصار؛ لا يوجد فرق جوهري أساساً بين المفهوم الخاطئ لأخذ الوعي ومفهوم الانتهازية القديم لأخذ الوعي. يعتقد كلا الفصيلين الانتهازيين أنه عندما يُهتف شعار “تركيا الاشتراكية”، سيتم أخذ الوعي الاشتراكي، وعندما يُهتف “تركيا المستقلة”، سيتم أخذ الوعي القومي (??!)!

إن نضال الطبقة العاملة الذي يستهدف حقوقها ومطالبها الاقتصادية والديمقراطية، ليس بالطبع نضالاً سياسياً بروليتارياً ثورياً. (31) لكي يكون هناك نضال سياسي بروليتاري ثوري، يجب أن يتوقف النضال عن كونه نضالاً ضد أرباب العمل فرداً فرداً. (هذا ممكن من خلال نضال الجماهير العاملة بقيادة كوادر مناضلة من العمال ذوي الوعي السياسي الاشتراكي، تحت إشراف وتوجيه حزب اشتراكي) إن النضال السياسي البروليتاري الثوري للطبقة العاملة هو من أجل الاشتراكية في أي مرحلة كانت. ولكن إن هذا النضال مناهض-للإمبريالية ومناهض-للإقطاعية في مرحلة الثورة القومية الديمقراطية.

وبما أن النضال من أجل الحقوق والمطالب الاقتصادية للطبقة العاملة هو نضال ديمقراطي، فهو معادي-للإمبريالية ومعادي-للإقطاعية من حيث قيمته الموضوعية ونطاقه. لكن بما أن هذا النضال المناهض-للإمبريالية والمناهض-للإقطاعية في جوهره يخوض بوعي نقابي ضد أرباب العمل فرداً فرداً، سواء ضد العميل أو البرجوازية القومية، فهو ليس نضالاً سياسياً بروليتارياً ثورياً للعمال ذوي الوعي السياسي الاشتراكي الذين يهدفون إلى تأسيس سلطتهم  ضد الإمبريالية الأمريكية وعملائها. باختصار؛ إن النضال الاقتصادي والديمقراطي الحالي للطبقة العاملة ليس نضالاً سياسياً بروليتارياً ثورياً، على الرغم من طابعه المناهض-للإمبريالية والمناهض-للإقطاعية بطبيعته، وعلى الرغم من احتلال المصانع في بعض الأحيان، والصدامات الفعلية مع الشرطة الاجتماعية لسلطة: الإمبريالية الأمريكية + البرجوازية العميلة + الإقطاعية المستبدة، أي طابعها السياسي. إن النضال السياسي البروليتاري الثوري للطبقة العاملة تقوم به مفرزة طليعية للطبقة العاملة. إن الهدف النهائي لنضال العمال ذو الوعي  السياسي الاشتراكي هو سلطة الطبقة العاملة.

إن حقيقة أنهم يناضلون من أجل تركيا مستقلة تماماً وديمقراطية حقيقية والتي هي محطة ضرورية لهذا الهدف، لا تعني أن العمال الاشتراكيين السياسيين قد نسوا أو تخلوا عن هدفهم النهائي. جميع الاشتراكيين بشكل عام، وهم بشكل خاص، يناضلون من أجل الثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية دون “تمجيد الثورة الديمقراطية في العيون وتمجيدها في القلوب”، على حد تعبير لينين!

في “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية”، نعطي أمثلة على أهم حركات الطبقة العاملة في الأشهر الستة أو السبعة الماضية (اخترنا إضراب إيرغلي لمدة تسعة أشهر، واحتلال دمير دكم وسينغر؛ ليس لأنهما كانا عملاء أو ضد أرباب العمل الأمريكيين. ذلك لأنهما الأكثر أهمية من حيث النطاق وانعكاس الرأي العام بين الحركات العمالية. ربما لم نكن لنسرد جميع الحركات العمالية في مقالتنا كتقارير صحفية) كتبنا أنه لا يمكن التقليل من دور الاشتراكيين العاملين في تلك المناطق في حركات الطبقة العاملة هذه، قائلين إن هناك “مواقف” تجاه الإمبريالية الأمريكية، وأن الحركات العمالية التي استمرت منذ أشهر، وأن طبقتنا العاملة كانت لديها علامات على التحول من طبقة إلى طبقة لذاتها، وإن كان ذلك بشكل محدود. (انظر ، مجلة أيدينليك الاشتراكية، العدد: 15، ص: 205) لقد فسر كاتب أيدينليك “البروليتارية الثورية” كلماتنا هذه؛ بالطريقة التي أرادها من خلال تجريد جملة من الأطروحة الرئيسية مع عمليات نقل التحريف التي يسميها البريطانيون القراءة بين السطور! الشيء الأكثر تسلية هو أن هذا السيد المحترم يدعي أننا قلنا إن النضال الحالي للطبقة العاملة هو نضال سياسي بروليتاري ثوري، على الرغم من أننا كتبنا بوضوح في ذلك المقال طبيعة النضال الحالي للطبقة العاملة!

في ذلك المقال كتبنا أن النضال الاقتصادي الحالي للطبقة العاملة قد تحول إلى طابع سياسي مع احتلال المصانع من وقت لآخر، وأن جوهر هذه الحركات هو النضال ضد الإمبريالية الأمريكية. لقد أشرنا أيضاً إلى أنه نتيجةً لتراكم ستين عاماً من الحركة الاشتراكية التركية وتأثير حركتنا البروليتارية الثورية على الرغم من عدم تنظيمها، هناك رفاق بين العمال ذوي الوعي السياسي الاشتراكي وأن هؤلاء الرفاق لعبوا دوراً أساسياً في النضالات الاقتصادية والديمقراطية للطبقة العاملة في الترويج لشعارات سياسية مثل “تسقط أمريكا” و “تركيا المستقلة”، إلخ. في الواقع؛ في هذا النضال من أجل الحقوق والمطالب الاقتصادية للعمال، لا يتم طرح بعض الشعارات السياسية “عشوائياً” أو “عرضياً”، كما يعتقد بعض الناس. على سبيل المثال؛ إذا تم طرح شعارات سياسية مثل “تسقط أمريكا” و “تركيا المستقلة” خلال إضراب إيرغلي الذي استمر تسعة أشهر، فـ يدل على مستوى وعي سياسي اشتراكي للرفاق العمال بثبات وصدق، على الرغم من كل الجهود التي بذلتها ماتال-إيش لوضعها في النوم. (32) مستوى وعي هؤلاء الرفاق أعلى بكثير من مستوى وعي الانهزاميين الانتهازيين في أنقرة واسطنبول الذين يحاولون إعطاء توجيهات من خلال أجهزة الإعلام. هذا هو المثال الأكثر واقعية على أن الخط البروليتاري الثوري لا تمثله الحركات الشبابية فقط، خلافاً لادعاء الانتهازية الجديدة. أدارت الانتهازية الجديدة ظهرها لهذه الحقيقة، متناسية أن هناك أطياف مختلفة بين اللونين الأبيض والأسود، قائلة إن الحركة الاشتراكية لا يمثلها سوى الشباب الثوري. وتستنتج أن البرجوازية-الصغيرة كانت “الطليعة” في هذه الفترة. اليوم بالطبع لا تتمتع الجماهير العريضة من طبقتنا العاملة حتى بوعي نقابي كامل. ولكن دعونا نتذكر على الفور أن المفهوم الاشتراكي العلمي يقول أن هناك أطياف رمادية مختلفة بالأبيض والأسود. لذلك فإن علامات التحول واضحة للغاية بحيث لا تترك مجالاً لأي غموض للاشتراكيين، ما تعنيه عبارة “إنها تتحول من الطبقة من تلقاء نفسها إلى الوضع الطبقي لذاتها”! (بالنسبة للاشتراكيين بالطبع!)

بعد قولنا في “الانحراف اليميني والممارسة الثورية والنظرية” أن الجماهير العريضة من طبقتنا العاملة هي طبقات في حد ذاتها، ينطلق كاتبنا هذا من عبارة “إذا تركنا جانباً الحركات العمالية التي يقودها الثوريون البروليتاريون واحتلال الفلاحين الفقراء للأرض، فأي طبقة وزمرة مثل طبقتنا العاملة تتخذ علناً موقفاً محدداً ضد الإمبريالية وحلفائها وتطرح أفعالاً؟” يحكم علينا على أننا نخلط بين النضال السياسي البروليتاري الثوري للطبقة العاملة ونضالها الاقتصادي (!)! ومع ذلك، بما أننا ذكرنا المستوى الحالي لوعي الطبقة العاملة في بداية ذلك المقال، فمن الواضح أن المقصود هنا ليس النضال السياسي البروليتاري الثوري للطبقة العاملة. أليس موقفاً ضد الإمبريالية الأمريكية وسلطتها أن تتحول أحياناً النضالات الاقتصادية والديمقراطية للعمال المناهضين-للإمبريالية والمناهضين-للإقطاعية في قيمتها ونطاقها الموضوعيين إلى احتلال المصانع والصدامات مع الشرطة الاجتماعية للسلطة العميلة؟ عدا الفلاح الفقير والشباب الثوري؛ ما هي الطبقة أو الزمرة الأخرى التي تقوم بأعمال تؤدي بهذه الطريقة إلى صراع مع القوى الفاشية للسلطة العميلة؟

تمت الإجابة على هذا السؤال في كتاباتنا تلك على النحو التالي: “اليوم؛ الصراع الأساسي في جميع أنحاء البلاد هو بين العملاء والكماليين. إن الثوريين البروليتاريين يشاركون الآن في البرنامج السياسي القائم على الحركات الشبابية”، موجهاً إلى هذا الكاتب الانتهازي الذي قال إن راديكاليي البرجوازية-الصغيرة هم الطليعة في هذه المرحلة. بدلاً من الإجابة على هذا السؤال، فضّل السيد الأيامي هذا؛ الجدل حول أسئلة من الدرجة الثانية!

دعونا نذكر المشكلة التي ذكرناها على وجه التحديد في تلك المقالة هنا. إن الصراع الأساسي على الصعيد الوطني ليس بين الكماليين والعملاء، بل بين الثوريين البروليتاريين والإمبريالية الأمريكية. (في حرب التحرير القومي الثانية، من الخطأ عزل الإمبريالية الأمريكية من خلال تصوير العملاء على أنهم البديل الوحيد المضاد-للثورة. لكن هذا الكاتب الذي يعلن حزب الشعب الجمهوري بـ “الكمالي اليميني”، هو هنا يعزل الإمبريالية عمداً!) الهدف الأول للإمبريالية ليس أجاويد وحزب الشعب الجمهوري الذي “يضم معظم الكوادر الكمالية”، بل الثوريين البروليتاريين. أولئك الذين هم في السجن واستشهدوا في هذه المرحلة من حرب التحرير القومي الثانية ليسوا كماليين “يمينيين-يساريين”، بل ثوار بروليتاريين. لكن هذا السيد على حق بطريقته الخاصة. لأنهم وفقاً لهم؛ أولئك الذين سُجنوا واستشهدوا ليسوا ثوريين بروليتاريين، بل “فوضويين” و “مغامرين” و “حفنة من اليساريين”. إن الثوريين البروليتاريين “الحقيقيين” لا يصبحون شهداء ولا ينتهي بهم المطاف في السجون؛ فهم يعلمون بصفتهم فصيل “ماوي” مدلل، أن الطريقة الثورية لرفع وعي هذه الجماهير هي من خلال كتابة المجلات، وبهذه الطريقة يحاولون إيقاظ جماهير العمال والفلاحين! وهكذا وفقاً لهؤلاء السادة؛ لا توجد في هذه الفترة شروط موضوعية لقيادة البروليتاريا أو لتشكيل تنظيمها. هذه المرحلة ليست سوى فترة تدوين المجلات وإيصال الوعي القومي إلى البروليتاريا! وبشكل غريب وهزلي ومثير للشفقة، انظروا إلى ما يقوله هذا الكاتب الانتهازي نفسه الذي يحاول اتهام بياننا بأن نضال الطبقة العاملة من حيث نطاقه الموضوعي، هو بطبيعته مناهض-للإمبريالية ومناهض-للإقطاعية وبأنه منشفي؛ “إن نضال الطبقة العاملة في تركيا اليوم هو نضال ضد-الإمبريالية وضد-الإقطاعية”. (شاهين ألباي، أيدينليك، العدد: 12، ص: 409) انظروا ماذا عن الانتهازية الجديدة التي تقول حتى العدد الخامس عشر أن مقالات مجلة أيدينليك الاشتراكية بعنوان “العالم وتركيا في أيدينليك” تحدد خطها السياسي. “عمال سينغر؛ مباشرة بعد حرق سيارة هونشو كومر من قبل طلاب جامعة الشرق الأوسط التقنية؛ اتخاذهم إجراء مناهضاً-لأمريكا أضاف قوة إلى حرب التحرير القومي الثانية. . لقد بدأت الطبقة العاملة في تركيا الآن في التحول من النضال الاقتصادي إلى النضال السياسي“. (لانتباه القارئ؛ قلنا فقط هناك علامات التوجه. ماهير جايان)

هنا نهاية محاولة الانتقاد من أجل الانتقاد عن طريق التحريف. نهاية فتح صندوق باندورا! من الطبيعي جداً بالنسبة لنا أن سيدنا هذا الذي قال بالأمس أبيض فيقول اليوم أسود. هذا هو السبب في أننا لا ندعوه إلى القيام بالنقد الذاتي أمام الجماهير. آلية النقد الذاتي تعود فقط إلى الثوريين البروليتاريين الذين يرتكبون أخطاء! إنّ شبكة “الوحدة المبدئية” هي اللااستقرار في المبدأ واللاأخلاق الفكرية التي ليس لها وحدة مبدئية في آرائها حيث جميع أطروحاتها المتناقضة، يمكن تلخيصها في الكلمة الواحدة التالية: جبن!. أيديولوجيتهم هي أيديولوجية الجبن والاستسلام. هذه الحقيقة التي تكمن وراء كل الهراء النظري المتناقض، يلخصها بشكل جيد للغاية متحدث باسم الانتهازية الجديدة؛ ” الشباب يناضلون ضد أولئك الذين يريدون إدخال الفوضوية والإرهاب في عملية الشباب، وكذلك ضد المعرقلين لتحالفهم. عملية الشباب؛ في مواجهة أناركيي البرجوازية-الصغيرة الذين يريدون تجاوز حدود شرعية دستور 27 مايو/أيار، يتصرف الشباب كـ ثوريين يقظين (??). إنهم لا يعطون وجهاً لمؤامرات التفجير وعروض الاغتيال القادمة من الشرطة”. (دغو برينجيك، أيدينليك، العدد: 7، ص: 21، الخط المائل عائد لنا- ماهير جايان)

هذا تعبير مختلف عن الاشتراكية المُجازة لـ بهيجة بوران. وفقاً لهذا المفهوم؛ إن الحركات خارج شرعية دستور 27 مايو/أيار هي إما 1) حركات إرهابية أو فوضوية، 2) أو استفزازات الشرطة. هل كان الفوضويون أم العملاء هم الذين داهموا ودمروا توسلوغ ومركز الأخبار الأمريكي في أنقرة وبان أمريكان في اسطنبول؟

ما رأيكم في الفلول الفكرية البرجوازية الصغيرة التي تحاول لعب الاشتراكية في حدود الشرعية؟

ماهير جايان

يونيو/حزيران 1970

الحواشي السفلية

(*) نشر هذا المقال لأول مرة في يونيو/حزيران 1970 في العدد 20 من مجلة أيدينليك الاشتراكية.

(1) “العالم وتركيا في أيدينليك” في العدد 16 من أيدينليك البروليتارية الثورية هو ملخص موجز لمقال “الطبقة العاملة والثورة القومية الديمقراطية” في العدد 17. لهذا السبب؛ سنشير فقط إلى المقال الذي وقعه ش. ألباي من هذين المقالين، والذي من الواضح أنه من قلم نفس الكاتب أثناء الانتقاد.

(2) كانت هناك أخطاء طباعة كبيرة في العدد 15. (على سبيل المثال؛ “سنحول تركيا إلى فيتنام”، “لن نحول”؛ ظهر ج. موش و”ج.موش” و”النضال السياسي الاشتراكي” على أنه “نضال اشتراكي”). وفي الوقت نفسه؛ يصطف باسوتولان أيضاً على شكل باسرتولون. كانت باسوتولان (لوسيثو) مستعمرة بريطانية يبلغ عدد سكانها مليون نسمة في جنوب إفريقيا وعاصمتها ماسيرو. إن الانطلاق من خطأ مطبعي والقول بأنه “لا نعرف مثل هذا البلد في العالم” ليس سوى غطرسة فكرية. لتقليل النقاش الأيديولوجي إلى هذا المستوى هو بيزنطية نفسها. في مقالتنا ذكرنا أيضاً B.A.C. باسمها القديم. في الواقع؛ لقد فوجئنا جداً بأن الشخص الذي قال ما سبق لم يقل “لا يوجد بلد في العالم يسمى مصر”. (!).

(3) لم نجادل كما تدعي الانتهازية الجديدة، بأن البلدان ينبغي أن تسترشد بمستوى تنميتها الاقتصادية. بالنسبة لجميع البلدان المستعمرة وشبه-المستعمرة التي توجد فيها بقايا إقطاعية، اقترحنا ونقترح استراتيجية الثورة القومية الديمقراطية باعتبارها المسار الثوري الوحيد القابل للحياة. أردنا فقط لفت الانتباه إلى آثار مستويات التطور الاقتصادي على الحركات الماركسية في البلدان – الإيجابية والسلبية – وإظهار حقيقة أن هناك ميلاً كبيراً داخل الحركة الماركسية في المناطق ذات المستويات المنخفضة جداً من التطور الاقتصادي للاعتماد على راديكاليي البرجوازية الصغيرة. هذا ليس أكثر من تحديد موضوعي علمي للحقيقة. عندما ندرس الحركة الاشتراكية في البلدان الأفريقية حيث يمكن احتساب الطبقة العاملة غير موجودة، نرى هذه الحقيقة الموضوعية بوضوح. من الواضح أنه حتى في غالبية البلدان الأفريقية التي لديها منظمات للطبقة العاملة، فإن أطروحة “المسار غير الرأسمالي” التي تعطي ريادة مؤقتة أو دائمة لراديكاليي البرجوازية-الصغيرة هي الخط الاستراتيجي لهذه المنظمات. هناك عدد قليل جداً من أحزاب الطبقة العاملة في أفريقيا التي تدافع عن الأطروحة الاستراتيجية للثورة القومية الديمقراطية. (انظر نكروما، الاستعمار الجديد، الأحزاب السياسية في البلدان الأفريقية).

وقد أدرجناها في مقالتنا لأننا رأينا أن رأي م. بيللي في العدد 5 من اليسار التركي هو التحديد الصحيح لهذه الحقيقة الموضوعية. كما يوضح م. بيللي في ذلك المقال؛ في بلدان مثل غانا والصومال (حيث لا يوجد حزب اشتراكي. قد يكون هذا لأن الطبقة العاملة كانت ضئيلة) وأنه بعد الاستقلال كان التطور غير الرأسمالي هو السبيل الوحيد لوطنيي البلاد) (الذين كان يقصد بهم راديكاليو البرجوازية-الصغيرة) لتجنب الوقوع في حضن الإمبريالية مرة أخرى. وبهذه الطريقة يمكن لسلسلة من الثورات من قبل الطبقة العاملة التي أصبحت أقوى، أن تؤدي إلى الاشتراكية ويمكن تحرير البلاد بالكامل. خلاف ذلك؛ كان لا مفر من الوقوع تحت نير الإمبريالية مرة أخرى. (م. بيللي: “الاشتراكية هي قضية الطبقة العاملة” يقول بوضوح أنه لا يمكن أن يكون هناك انتقال إلى الاشتراكية تحت ريادة البرجوازية-الصغيرة).

على الرغم من عدم طرح تأسيس الاشتراكية في البرنامج الديمقراطي العام، فبعد استقلال بلدان مثل غانا والصومال، تم طرح اقتراح تأسيس الاشتراكية داخل الاقتصاد القومي في الجزائر، التي تتمتع بمستوى معين من الصناعة والطبقة العاملة والحزب الاشتراكي ، من قبل (PAGS-ORP حزب الطليعة الاشتراكي) في إعلانه المكون من 5 نقاط. وإلا فإن بن بلة أو بومَدْيَن لم يهدفوا إلى الأنظمة الاشتراكية (!). حزب الطليعة الاشتراكي هو حزب احتضن العمال والفلاحين والمثقفين الاشتراكيين الذين تعرضوا لمجزرة نظام بومدين عام 1968. وهو الحزب الذي اقترح للجزائر في عام 1968 تشكيل جبهة قومية واسعة ضد الرجعية والإمبريالية، ولا يزال يقترح أن الخطوة الثورية أمام الجزائر هي الثورة القومية الديمقراطية. (لم يتم تقديم اقتراح تأسيس الاشتراكية من قبل حزب الطليعة الاشتراكي فحسب، بل أيضاً من قبل أعضاء الحزب الشيوعي الجزائري).

قلنا إن حزب الطليعة الاشتراكي هو حزب اشتراكي. في الواقع؛ طبيعة حزب الطليعة الاشتراكي غير مهمة. لأن هدفنا هنا واضح: في بلدان مثل غانا والصومال، حيث يمكن احتساب الطبقة العاملة غير موجودة ومستوى التنمية الاقتصادية متخلف جداً، لا يمكن أبداً ذكر تأسيس الاشتراكية، بينما في البلدان ذات المستوى المعين من التنمية الاقتصادية، مثل الجزائر، عادة ما يكون هناك حزب للطبقة العاملة، ويمكن ذكر التأسيس الاشتراكي في هذه البلدان.

من خلال تشويه هذا الموضوع بأكثر الطرق إثارة للاشمئزاز، تقع الانتهازية الجديدة في سخافة الادعاء بأن م. بيللي وهو من أوائل الذين قالوا إن الثورة القومية الديمقراطية في تركيا كانت خطوة ضرورية، كان يدعو إلى الثورة الاشتراكية في تركيا. هذا هو المثال الأكثر واقعية على كيف يمكن للانتهازية أن تزيف كل شيء بسهولة بأي ثمن لغرضها. وخلافاً لادعاء الانتهازية الجديدة، فإن تأسيس الاشتراكية ستحدث بالتأكيد في اقتصاد الثورة القومية الديمقراطية. وسوف تترك بصماتها على الاقتصاد!

(4) هذا لا يعني التوافق مع أفكار ك. سومر الذي جادل بأنه في فترة الصراع المميت الثالث للإمبريالية كان من الممكن المرور عبر الاشتراكية بطريقة سلمية، والذي فسر أيضاً شعارات لينين في عام 1917 لإعداد الشروط الذاتية للثورة على النحو التالي: “أصر لينين حتى النهاية على المرور السلمي، ولكن عندما تم إغلاق هذا الطريق، لجأ إلى الثورة “.

(5) يقتبس الكاتب نفسه من م. بيللي قوله: “أنت أنت وأنا أنا. أنت تمثل قوة ثورية في المجتمع التركي، وأنا أمثل قوة أخرى، مدعياً أن عبارة “لا يمكنك الاستغناء عني، ولا يمكنني السير بدونك، دعنا نسير جنباً إلى جنب في الثورة القومية الديمقراطية” تظهر “راديكاليي البرجوازية-الصغيرة كقادة لجماهير البرجوازية-الصغيرة”. (انظر أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد 17، ص 391). ولكن انظر إلى ما يقوله الكاتب الأيامي نفسه: “إن أعداء وأهداف الكمالية اليسارية التي هي الخط السياسي لزمرة المثقفين العسكريين والمدنيين، أي البرجوازية الصغيرة، هي نفسها أساساً (مع الثوريين البروليتاريين). وتحقيق الأهداف القومية الديمقراطية مستحيل ما لم يتم تأسيس وحدة ثورية للقوى بين هاتين القوتين وبين الطبقات التي يمثلونها”. (انظر ش. ألباي، أيدينليك، العدد: 12، ص:462، الخط المائل عائد لنا- ماهير جايان)

(6) هذه هي؛ الانتهازية تشوه نفسها عندما تنتقد من أجل الانتقاد! إن مهمة هذا السيد الانتهازي ليست سوى إرباك العقول.

بالنسبة للحزب الماركسي أن يكون على جدول أعماله مناهض-للرأسمالية، شيء. في تلك المرحلة إن الشعار الثوري هو السلطة الاشتراكية، شيء آخر.

(7) انتقد الأناركيون النقابيون الحزب الشيوعي الفرنسي لموقفه في 1941-44، قائلين: ” لا علاقة لك بالأمة، مهمتك هي القيام بثورة”.

(8) جورج بوليتزر، المبادئ الأساسية للفلسفة.

(9) ماو تسي تونغ، النظرية والممارسة.

(10) جورج بوليتزر، المبادئ الأولية للفلسفة.

(11) (A. Propos de la Brochure de Junius Vol.1) أرزومانيان، أزمة الرأسمالية العالمية اليوم.

(12) من أجل جذب انتباه المعادين للثورة، يتم تقديم مثل هذه التعليقات من قبل مؤلفي الكتيبات المعادية-للشيوعية التي تطبعها الغرف التجارية.

(13) ينتقد متحدث باسم الانتهازية الجديدة إشارتنا إلى ف. كاسترو. لنفترض أن كاسترو هو “انتهازي يساري”(!). هل الاقتباس من “انتهازي يساري” خطأ فادح سيكون موضوع نقد؟ كلا. لينين في “ما العمل؟” كما يشير إلى لاسال المناهض-للماركسية الذي اتهمه ماركس وإنكلس بالخيانة. وفقاً لمنطق هذا السيد، يشترك لينين في نفس الخط الانتهازي مع لاسال لأنه يشير إلى لاسال الذي اتهمه ماركس بالخيانة.

(14) في العمل التقدمي، تم وصف نقد الديبرية بإسهاب. حتى في مقال بقلم جون كيلي، اتُهم “تشي” جيفارا بالكذب.

(15) انظر م. تسي تونغ. “قيادة البروليتاريا… عجّلتْ ثورة الفلاحين… بعد عام 1927، شن الحزب الشيوعي مرة أخرى بشجاعة حرب الثورة الزراعية وأنشأ جيوش وقواعد ثورية”. (النظرية والتطبيق، ص 47، الخط المائل عائد لنا). انظر أيضاً الديمقراطية الجديدة وجياب في: الحرب الشعبية الجيش الشعبي و لين بياو عاش انتصار الحرب الشعبية.

(16) لين بياو: عاش انتصار الحرب الشعبية.

(17) توني كليف، روزا لوكسمبورغ.

(18) دعونا نعلن على الفور أن التمييز بين “الثورة القومية الديمقراطية” والحركة القومية الديمقراطية ، كما يدعي أنصار “ماو” لدينا ، لا ينتمي إلى ماو تسي تونغ! حيث يقول ماو ذلك ببساطة. “بدون قيادة الطبقة العاملة، ستهزم الثورة”. بالنسبة لماو؛ فإن الضمان الوحيد للانتصار الدائم للثورة هو قيادة الطبقة العاملة. في ماو لا يوجد تمييز بين حرب شعبية منتصرة تحت قيادة البرجوازية-الصغيرة وبين حركة قومية ديمقراطية وحرب شعبية منتصرة تحت قيادة البروليتاريا الثورة القومية الديمقراطية. على سبيل المثال؛ رد الحزب الشيوعي الصيني على رسالة الحزب الشيوعي السوفييتي المفتوحة إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في عام 1964 ينص بالضبط على ما يلي: “إن الكفاح المسلح الثوري له أهمية قصوى ليس فقط للثورات البروليتارية،بل أيضاً للثورات القومية الديمقراطية للأمم المضطهدة. لقد أعطت حرب التحرير القومية الجزائرية مثال جيد في هذا الصدد”. (الثورة البروليتارية وتحريفية خروتشوف). هذا التمييز هو “المساهمة الرسمية” لمجمع “الماويين” لدينا للماركسية! في حين أن بعضها يميز بين “الحركة القومية الديمقراطية والثورة”، يدعي آخرون أن الثورة القومية الديمقراطية والحركة القومية الثورية هما نفس المفهومين. على سبيل المثال؛ “يسمي لينين هذه الاستراتيجية (استراتيجية الثورة القومية الديمقراطية) بالحركة القومية الثورية”. غون زيلالي، أيدينليك، العدد: 8، ص: 149. الخط المائل عائد لنا)

هذا مجرد مثال صغير على كيف أن هذه “وحدة المبدأ”!

(19) لين بياو، عاش انتصار الحرب الشعبية

(20) أفضل تعبير عن هذا الرأي هو أوتو كوسينن. انظر كتاب كوسينن “طابع الدكتاتورية الصينية”، فرنسا الجديدة، العدد 974، الصفحتان 18 و 19. يقول كوسينن؛ “يجب أن ندرك أن الطبقة العاملة الصينية في الواقع ليس لها المكانة التي خصصتها لها الماركسية-اللينينية في ممارسة السلطة (…) إن المبالغة في تقدير دور الفلاحين في الثورة الاشتراكية وإنكار القيمة الواجبة للطبقة العاملة، التي تعتبر بالنسبة للماركسيين الطبقة الاجتماعية التي ظلت ثورية حتى النهاية، هي سمات واضحة للأفكار البرجوازية-الصغيرة السائدة في الصين. حتى في الفترة التي سبقت الاستيلاء على السلطة، لم يعطي قادة الحزب الشيوعي الصيني الأهمية الواجبة على العناصر البروليتارية داخل الحزب ولم يعملوا إلا قليلاً داخل البروليتاريا في المدن. في وقت لاحق؛ مرة أخرى؛ اشتكى الحكام الصينيون من أن الكومينتانغ كان له تأثير أكبر من الحزب الشيوعي في مركز عمالي مهم، مثل “تشانغهاي”، وحملوا العمال مسؤولية ذلك”.

(21) يقول ماو (محادثة بين إدغار سنو وماو)، اشتراكي، العدد: 4، ص:4

(22) كان السبب الرئيسي لنجاح الحرب الشعبية في الجزائر تحت قيادة راديكاليي البرجوازية-الصغيرة هو هذا الفهم الاستراتيجي الخاطئ للحزب الشيوعي الجزائري. مقترحات جيفارا وكاسترو موجهة أيضاً ضد المفهوم الانتهازي. وإلا فإن كاسترو وجيفارا لا يدعون إلى إعطاء الأولوية للقيادة العسكرية، كما تدعي الصياغات الدوغمائية لديبري والانتهازية الجديدة التي تسعى إلى تشويه سمعة الثوريين البروليتاريين في أمريكا اللاتينية. إليكم ما يقوله ف. كاسترو حول هذا: “يتم تنظيم حرب الكريلا من قبل منظمة سياسية. ما نعتقد أنه لا يتوافق مع المفهوم الصحيح لحرب الكريلا هو فكرة قيادة الكريلا من المدن”. (خطاب مؤتمر أولاس)

(23) منذ أن قبل تشن تو هسيو الطبقة العاملة كقوة أساسية للثورة، فقد تصور إنشاء حزب فلاحي تحت رعاية الحزب الشيوعي الصيني.

(24) في الجلسة المفتوحة التي عقدت في كلية العلوم السياسية في يناير/كانون الثاني 1970 “حول الاختلافات الأيديولوجية” خطابات ش. ألباي ود. بيرينجيك.

(25) ج. بوليتزر، المبادئ الأساسية للفلسفة.

(26) في الأوساط الماركسية؛ أصبحت نظرية لينين عن “الوضع الثوري” الآن موضوع نقاش في البلدان شبه-المستعمرة. يجادل البعض بأن هذا لا ينطبق على البلدان التي يتعين عليها شن حرب شعبية، بل على البلدان الرأسمالية. على سبيل المثال؛ الأمين العام للحزب الشيوعي الجزائري بشير حاجي علي. يقول ب. ح. علي؛ “أحد الأسباب التي تتبادر إلى الذهن على الفور لعدم قدرتنا على تقييم الوضع بشكل صحيح هو… أنه سطحية تقييماتنا لتطور الوضع الثوري. ما اعتقده الحزب الشيوعي هو أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 1954 لم تكن الشروط قد نضجت بما يكفي لشن حرب تحرير قومي. لأن الشروط التي وضعها لينين لم تتحقق بعد. لكننا كنا ننسى أن هذه الشروط التي وضعها لينين كانت مرتبطة بالبلدان الرأسمالية وأن هناك فرقاً بين الأعمال العسكرية والانتفاضة العامة”. (“بعض الدروس المستفادة من النضال التحرري الجزائري”. حرب الكريلا والماركسية ، ص 320)

(27) وخلافاً لما تقوله الانتهازية الجديدة؛ (كما توحي الانتهازية الجديدة) قال المناشفة إن النضال من أجل رفع وعي وتنظيم العمال يجب أن يتم في كل فترة. أي أن المناشفة لم يؤجلوا هذا الصراع. قالوا فقط إن البروليتاريا الروسية في روسيا بين 1900-17 لن تستطع النضال من أجل السلطة. (الانتهازية الجديدة تقترح ذلك لهذه الفترة في تركيا).

(28) انظر أيدينليك البروليتارية الثورية، العدد 17، ص 376-377

(29) في عام 1905؛ اقترح لينين أنه لا ينبغي إخبار البروليتاريا الحضرية فحسب، بل حتى البروليتاريا الريفية والفلاحين الفقراء، بضرورة الثورة الاشتراكية. “من واجب حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي الروسي أن يخبر الفلاحين… أن حزب البروليتاريا الطبقي يناضل بلا كلل من أجل تنظيم البروليتاريا الفلاحية كطبقة مستقلة، يجب أن يشرح دون أن ينسى للحظة أن للبروليتاريا الزراعية تناقضاً بين مصالحها ومصالح البرجوازية الفلاحية، وأن النضال المشترك للفلاحين والبروليتاريا الحضرية ضد المجتمع البرجوازي بأسره هو وحده القادر على إنقاذ كل جماهير الفلاحين الفقراء من الفقر والاستغلال، وانتصار الثورة الاشتراكية الثورة الوحيدة التي يمكن أن تنقذ حقاً كل جماهير الفلاحين الفقراء من الفقر والاستغلال”. (تحالف العمال والفلاحين، ص 13، الخط المائل عائد لنا – ماهير جايان)

(30) ستقولون إن التنظيم الذاتي للطبقة العاملة الذي هو الخطوة الأولى للجبهة القومية، لا يمكن أن يؤسس في هذه الفترة، وفي الوقت نفسه ستقولون إن نضالنا الأول في هذه المرحلة هو إقامة الجبهة القومية. مستحيل، لا يمكن إنشاء جبهة قومية دون تأسيس التنظيم الذاتي للبروليتاريا!

(31) إن قول نضال الطبقة العاملة التي لديها وعي سياسي اشتراكي هو النضال السياسي فقط، ليست مقولة واضحة. لأن طبيعة احتلال المصانع للعمال الذين ليس لديهم وعي سياسي اشتراكي، ليست اقتصادية بل سياسية. وصف لينين نضال العمال ذوي الوعي السياسي الاشتراكي بأنه نضال سياسي اشتراكي ديمقراطي. نحن نستخدم مصطلح النضال السياسي البروليتاري الثوري بهذا المعنى.

(32) تم فصل بعض هؤلاء الرفاق من عملهم كمحرضين في هذا الإضراب الذي استمر 9 أشهر. ننصح السيد المثقف الذي قال: “هل سبق لكم أن رأيتم عاملاً بوعي اشتراكي؟” بأن يتوجه إلى إيريغلي!


ترجمة من تركي ألى عربي محمد كمال

image_pdf
Bunları da beğenebilirsin

Cevap bırakın

E-posta hesabınız yayımlanmayacak.